الجديدة : التعليم الخصوصي يحتكر و يتحكم في سوق الكتب والمقررات
الجديدة : التعليم الخصوصي يحتكر و يتحكم في سوق الكتب والمقررات

يعتبر التعليم الخصوصي بالمغرب شريكا تربويا و فاعلا في تطوير منظومة التربية والتعليم العمومي، وقد عرف قفزة نوعية وتطورا وانتشارا واسعا، في السنوات الأخيرة، الى درجة أنه اصبح هاجس معظم الأسر المغربية، بفضل جودته العالية في تقديم العملية التعليمية التعلمية، نتيجة حدة المنافسة بين المستثمرين في هذا المجال. لكن هذه المنافسة تجاوزت ما هو تعليمي تربوي، الى ما هو تجاري مادي 

وقد غدا التعليم الخصوصي يتحكم في منظومة تربوية خاصة به، ذلك أن كل مؤسسة تعليمية خصوصية تضع برامج تعليمية خاصة بها، وتهتم بها أكثر، مقارنة مع ما تتبعه من برامج تعليمية معتمدة في القطاع العمومي، ولعل هذه الميزة قد حولت التعليم الخصوصي، في جميع المدن ومنها مدينة الجديدة، الى عبء ثقيل على الأسر المغربية ذات الدخل المحدود، والتي وجدت نفسها مجبرة على تسجل فلذات أكبادها  في مؤسساته،ثم الى مصدر قلق ومعاناة يومية، طوال السنة الدراسية، تلك المعاناة التي تبدأ بمشاكل شراء الكتب والمقررات المدرسية، حين تضع كل مؤسسة لائحة من الكتب الخاصة بها، و تتضاعف المعاناة، عندما لا يجد الآباء تلك المقررات، في جميع مكتبات المدينة.

يقول أحد الآباء، الذين التقتهم الجديدة24 في ساحة بيع المقررات والكتب المستعملة بالقرب من بوشريط :" لقد تعبت في البحث عن لائحة من مقررات التعليم الخصوصي، فلم أجدها إلا في مكتبة واحدة، وكأن هذه المكتبة في ملكية صاحب المؤسسة التعليمة الخصوصية صاحبة هذه اللائحة"، يقاطعها ابنه فيقول:  "صديقي في نفس المؤسسة  وجهه المدير الى نفس المكتبة".

كل هذا يؤكد أن بعض المدارس الخصوصية بالجديدة، توجه التلاميذ او اولياء امورهم ، الى مكتبات محددة، و كأن هناك علاقة تربوية تجارية بينهما، ثم إن مؤسسات التعليم الخصوصي تعتمد على مقررات أجنبية مستوردة، لا يعلم المغاربة هل هي  خاضعة لمراقبة الوزارة الوصية، ومستوردة بشكل قانوني أم  لا ؟

ومن خبايا هذه المؤسسات المخصوصية بمراحلها الأربعة ( روض، ابتدائي، اعدادي وثانوي تأهيلي) أنها تقوم بتغيير مقرراتها كل سنتين، في غالب الأحيان، حتى لا تدع فرصة تبادل التلاميذ لهذه المقررات فيما بينهم، وحتى تقضي في نفس الوقت على ظاهرة بيع وشراء الكتب المستعملة، التي يكون عليها اقبال كبير بسبب انخفاض اثمنتها بنسبة خمسين في المائة، عند باعتها الموسميين، وتلك معاناة اخرى لباعة الكتب المستعملة، اذ يتعرضون لخسائر مادية فادحة، كلما تقادمت عندهم كتب لأزيد من سنتين، وهو ما يدفعهم ، قبل انتهاء مدة استعمالها، الى بيعها بالخسارة.

 يقول عبد اللطيف-ع وهو بائع متمرس للكتب المستعملة : " لقد خسرت هذه السنة عددا كبيرا من الكتب والمقررات المدرسية الخصوصية، لأن المؤسسات التعليمية الخصوصية قامت بتغييرها ، وكأن مخزونها الخاص بمكتباتها قد نفد من المقررات القديمة، فتقرر بدأ صفقة تجارية جديدة، تحت مظلة التجديد".

 والإشكالية أنه الى جانب المقررات الأجنبية المستوردة، التي تعتمد عليها المؤسسات التعليمية الخصوصية، تعتمد في نفس الوقت ، على كتب ومقررات متبعة في التعليم العمومي المغربي، وتخصص لها حيزا زمنيا كبيرا، لأن تلامذة التعليم الخصوصي، مطالبون، في نهاية الأمر، باجتياز امتحانات في مواد و مقررات التعليم العمومي، لنيل الشواهد و الديبلومات، المعترف بها من طرف الوزارة الوصية، بدءا من الشهادة الابتدائية، وشهادة التاسعة اعدادي ثم شهادة البكالوريا.

وهنا المفارقة الغريبة في التعليم الخصوصي، حيث يعتمد  على تعدد المقررات الأجنبية المرتفعة الثمن، وتخصص لتدريسها حصص زمنية قليلة، ولا يمتحن فيها التلاميذ لنيل الشواهد المعترف بها، من طرف الوزارة الوصية، بمعنى أنها مقررات تكميلية للرفع من المستوى، ومقابل ذلك يكون التعليم الخصوصي مجبرا على اعتماد مقررات التعليم العمومي ، ذات الاثمنة المناسبة، والقيمة الكبيرة، كون التلاميذ يمتحنون فيها لنيل الشواهد التعليمية.

تلك بعض من مشاكل التعليم الخصوصي، أما ما خفي فأعظم.

 ترى الى متى ستستمر هذه العشوائية والفوضى العارمة في برامج التعليم الخصوصي، حيث اختلاف المقررات في المدينة الواحدة، بين مجموعة من المؤسسات، إذ لكل مؤسسة مقرراتها الخاصة بها؟

وهل تحول قطاع التعليم الخصوصي ، الى قطاع تجاري يدر أرباحا ضخمة،في غفلة من المسؤولين، أو في ظل سياسة غض الطرف، وعفى الله عما سلف، ولا داعي للأسف، و هيا للعزف ...

والى متى ستستمر ظاهرة استراد الكتب والمقررات الأجنبية، لاعتمادها في تعليم  خصوصي، اصبح يتحكم في سوق ترويجها، يغيرها ويقرر ما يناسبهمنها متى شاء ، بدون حسيب و لا رقيب؟.

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة