قائد مركز الدرك الملكي بأزمور في ''منظار'' تجار المخدرات
 قائد مركز الدرك الملكي بأزمور في ''منظار'' تجار المخدرات

غير بعيد عن مدينة أزمور، وتحديدا في غابة "سيدي وعدود"، الكائنة، من جهة الشمال، على الضفة الأخرى من نهر أم الربيع، والمقتسمة (الغابة) ترابيا بين نفوذ مفوضية الشرطة بأزمور، والفرقة الترابية للدرك الملكي بأزمور، تنشط عصابات تجار المخدرات، التي يثقل أفرادها، دون حسيب ولا رقيب، مدينة الولي الصالح "مولاي بوشعيب الرداد"، بشتى أنواع المخدرات والمحظورات، سيما مخدر الشيرا و"القرقوبي"، ومسكر ماء الحياة (الماحيا).

هذا، فإن تجار المخدرات بمدينة أزمور، معروفون لدى الجميع، وتحركاتهم مضبوطة ليل–نهار، ومعاقلهم الآمنة والأماكن التي ينشطون فيها، لا تخفى على أحد. وحتى أن بعضهم يقطنون في مدينة أزمور، وعناوين سكناهم قارة ومعروفة، مثل الملقب ب"الراية"، الذي يقيم في "المدينة القديمة"، على مقربة من مقر الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور. لكن السبيل إلى إيقافهم، يظل موضوع علامات استفهام وتعجب.

وعلى خلاف ذلك، فقد أوقفت مؤخرا الفرقة الترابية  للدرك الملكي بأزمور، تاجر مخدرات، وصف ب"الصيد الثمين"، من داخل غابة "سيدي وعدود"، بعد ضبطه متلبسا بحيازة كمية من مخدر الشيرا و"القرقوبي". فيما تمكن باقي أفراد العصابة التي ينتسب إليها، من الفرار والتبخر في الطبيعة.

ويعتبر تاجر المخدرات الموقوف، المساعد الأول والساعد الأيمن لتاجر المخدرات الملقب ب"الراية"، والذي مازال يصول ويجول طولا وعرضا، حرا وطليقا. وبدوره كان المروج الموقوف يقيم، قبل اعتقاله، مع أسرته، في مدينة أزمور، حيث كان يتحرك  بأريحية، رغم أن البحث كان جاريا في حقه، بعد أن أصدرت في حقه المحكمة، شهر يوليوز 2016، حكما غيابيا، قضى ب5 سنوات حبسا نافذا. فسكنى الأخير بمعية والده، بمدينة أزمور، الكائنة بمحاذاة محطة البنزين، ثابتة، حسب محضر التفتيش المضمن في المسطرة المرجعية، التي  أنجزتها بمقتضى حالة التلبس، الضابطة القضائية لدى درك أزمور.

هذا، وعقب إيقاف المروج المطلوب للعدالة، خضع قائد مركز الدرك الملكي بأزمور، للإغراء، حتى يعمد إلى  تغيير وقائع النازلة، تمهيدا لإعادة تكييفها القانوني، من جنحة الاتجار في المخدرات، ثقيلة العقوبة، إلى جنحة الاستهلاك، التي يفرج عنه جراءها، فور إحالته على النيابة العامة المختصة. الأمر الذي لم يرضخ له المسؤول الدركي، رغم مساومته، ورغم تدخل  جهات تدعي النضال الحقوقي والعمل الجمعوي.

إلى ذلك، فإن ثمة، حسب ما تتداوله الألسن، تحركات يقوم بها قريب المروج الموقوف، مؤازرا في الخفاء من قبل جهات ذات مصلحة، قصد إنجاز عريضة جماعية وإشهادات مصادق عليها، مذيلة بتوقيعات شهود من "طينة خاصة"، و"معارف تحت الطلب". كما أن هناك، حسب ما يشاع، تلويحا بخوض وقفة احتجاجية أمام مقر الفرقة الترابية للدرك الملكي بأزمور.

هذا، فإن الضغط بهذه الطريقة، وبتحامل ممن يدعون العمل الحقوقي والجمعوي، وتجار "السموم"،  يعتبر سابقة خطيرة، يحب الانتباه إليها وإلى خطورة تبعاتها، لأن في ذلك تقويض لهبة وعمل الضابطة القضائية، وبالتالي، تقويض لعمل القضاء، الذي يستند إلى الأبحاث والتحريات التي تنجزها الضابطة القضائية، وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية.

ومن جهة أخرى، يتعين على الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، التصدي بحزم للمخدرات ولتجارها، وعدم الاكتفاء بحجز كميات ضئيلة (تافهة)، أو إيقاف أشخاص من أجل الاستهلاك، أو الإشارة في المساطر القضائية المرجعية، إلى كبار مروجي وتجار المخدرات الذين يوجدون في حالة فرار، سواء بأوصافهم  أو ملامحهم  أو ألقابهم، أو حتى بهوياتهم الحقيقية، أو إصدار مذكرات بحث وتوقيف في حقهم، أو تبرير عدم إيقتفهم، بكونهم ينشطون في منطقة نفوذ الدرك الملكي.. بل العمل، في إطار اختصاصاتها وصلاحياتها الترابية الموسعة، على إيقافهم من الشارع العام، ومن الأماكن العمومية، ومن داخل بيوتهم ومنازلهم في مدينة أزمور، والتي يترددون عليها ليل–نهار، وحتى من وسط غابة "سيدي وعدود".. مع الاستعانة، في حال تعذر المامورية، بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة.

للإشارة، ومن باب التذكير، فإن مروجين للمخدرات يقطنون في عناوين قارة بأزمور، ويتحركون بأريحية في هذه المدينة، ويجلسون ويجالسون بعضهم البعض في المقاهي والأماكن العمومية. ولعل حالة الملقب ب"الراية"، الذي يتنقل بين ضفتي أم الربيع، على متن قارب.. وحالة مساعده وساعده الأيمن، الموقوف مؤخرا من قبل درك أزمور، خير دليل مادي وبالواضح والملموس على التهاون والتقصير غير المبرر  في التعامل مع تجار "السموم". فهل يتوقف تجفيف  منابع المخدرات بأزمور، وفي غابة "سيدي وعدود"، على تدخل المديرية العامة للأمن الوطني، وعلى إيفاد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي أبدت نجاعة ونزاهة في الحرب بلا هوادة على مروجي "السموم"..؟!

إلى ذلك، فلعل عجز الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لسبب من الأسباب، هو ما جعل مصالح أمنية لاممركزة، تتعقب تجار المخدرات، حتى إلى تراب مدينة أزمور. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أوقفت، الأحد 15 شتنبر 2016، بمدينة أزمور،  سيدة من مواليد سنة 1995 ( إيمان. ع)، متلبسة بحيازة 20 ألف قرص طبي مخدر من نوع "ريفوتريل". كما أن  فريقا أمنيا من المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء، كان حل،  السبت 19 شتنبر 2015، في سرية تامة، بمدينة أزمور، بعيدا عن أعين المصالح الأمنية بالجديدة وأزمور. حيث أوقف شخصين من مواليد 1972 و1977، على متن سيارة "بيرلنغو"، متلبسين بحيازة 8000 قرص طبي مخدر من نوع "ريفوتريل"،  وصفيحة من مخدر الشيرا، ورزمة من مادة الكيف، ومبالغ مالية وهواتف نقالة.

هذا، وتماشيا مع الاستراتيجية المديرية الجديدة، التي اعتمدها المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي، بغاية تخليق المرفق الأمني، وعمل الضابطة القضائية، والرقي بجودة الخدمات الأمنية، أجرت مؤخرا المديرية العامة للأمن الوطني،   تنقيلات في بعض المصالح الشرطية اللأممركزة، سيما مصالح الشرطة القضائية، همت موظفين أمنيين يكونون قضوا أزيد من 5 سنوات من الخدمة لدى المصلحة ذاتها. ولعل هذا ما ينتظر أن تقوم  بتفعيله المديرية العامة للأمن الوطني بمصالح الأمن الإقليمي بالجديدة، وتحديدا الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، والتي كانت بالمناسبة، وعلى غرار أمن الجديدة، موضوع زيارات لجن تفتيش مركزية، أسفرت نتائج تقاريرها عن الكشف عن اختلالات.

وبالمناسبة، حلت، الخميس–الجمعة 5– 6 ماي 2016، لجنة تفتيش مركزية بالأمن الإقليمي للجديدة، محملة بملفات ساخنة، ذات طابع استعجالي. حيث باشرت أبحاثها لدى الفرقة المحلية للشرطة القضائية والدائرة الأمنية بمفوضية أزمور. ورفعت تقريرا مضمنا لنتائج بحثها، إلى المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي، الذي اتخذ على إثره عقوبات إدارية في حق موظفين أمنيين بالجديدة وأزمور، رافقتها تنقيلات تأديبية لضابطين  من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية، إلى الدائرتين الأمنيتين الثانية والرابعة بالجديدة، وتنقيل ضابط من الدائرة الأمنية بأزمور، إلى المصلحة الإدارية الإقليمية بأمن الجديدة، وتعيينه في المصلحة الإقليمية للمحفوظات (الأرشيف). فيما تلقى رئيس الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، عقوبة تأديبية.

إلى ذلك، فإن العقوبات التأديبية، وحدها غير كافية.. إذ يتعين إعادة الانتشار وإجراء تنقيلات تهم جل العاملين لدى الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، سيما في صفوف من تجاوزا 5 سنوات من الخدمة في المصلحة ذاتها، وذلك على غرار  التنقيلات والتغييرات التي أجرتها المديرية العامة للأمن الوطني، بالمصالح الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن الدارالبيضاء.

 

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة