وضعت القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة،
الأربعاء 01 فبراير 2017، عنصرين من الفرقة الترابية للدرك الملكي بخميس متوح،
التابعة لسرية الجديدة، في الحبس الإداري، للاشتباه في مخالفا الضوابط العسكرية،
وتلقيهما رشاوي من مستعملي الطريق، حسب "فيديو" تداولته مواقع التواصل
الاجتماعي (صفحات فيسبوكية – مواقع إلكترونية..)، بعد أن عمد بعضهم إلى تحميله على
ال"يوتوب"، على شكل مقاطع، أحدها تحت عنوان: "فضيحة رجال حسني
بنسليمان يبتزون المواطنين"، ومقطعان آخران يحملان في عنوانيهما هوية كاملة
لدركي يدعى (ح. م.).
وحسب تحليل فني (تقني)، فإن الفيديو يكون
التقطه بعضهم نهارا (أكثر من فاعل، وعلى الأرجح فاعلان)، بهاتف نقال، من داخل
وسيلة نقل ذات محرك، يرجح أنها سيارة خفيفة، من المقعد الخلفي، عبر زجاجها الواقي
الخلفي، بالنظر إل خطين متوازيين يظهران في
ال(باربريز) الخلفي، وذلك عندما
كانت مستوقفة على جنبات طريق معبدة، من الجهة اليمنى، في مكان مترب (بيست).
وحسب زاوية التقاطه، فإن الفيديو يظهر سيارة
مميزة للدرك الملكي (دجيب)، مستوقفة على بعد حوالي 150 مترا، وبجانبها دركيين، أحدهما يشير بين الفينة
والأخرى، بالوقوف لسائقي شاحنات وعربات فلاحية. حيث يتقدم الدركي إلى السائقين،
قبل أن يسمح لهم بمتابعة طريقهم.
مقاطع الفيديو التي تم أخذها، كانت بجودة
رديئة. ومرد ذلك إلى نوعية الهاتف النقال
الرخيص، والذي يتوفر على طاقة هزيلة تخص صفاء الصورة (la
résolution de l'image)، التي تحسب بال"ميكابكسيل".
ما جعل الفيديو الذي تم التقاطه، ذي جودة
تصويرية هزيلة. هزالة ازدادت بفعل بعد الهدف الذي جرى تصويره بكاميرا الهاتف
المحمول، عن مسافة تناهز 150 مترا. ومن ثمة، يستحيل تقنيا الجزم، استنادا إلى الفيديو،
رديء الجودة، والذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، بمعرفة هوية الدركيين اللذين
كانا يؤمنان وقتها مهام شرطة المرورعلى الطريق المعبدة، والتي قد تكون الطريق
الجهوية رقم: 316، الرابطة بين المنطقة الصناعية "الجرف الأصفر"
والجماعة القروية "بولعوان"، في حدودها الخاضعة لمنطقة نفوذ الفرقة
الترابية للدرك الملكي ب"خميس متوح"، التابعة لسرية الجديدة. كما قد
يكون تاريخ التصوير تزامن مع انعقاد السوق القروي الأسبوعي "خميس متوح"،
حسب ما يستشف من حركة السير والمرور الدءوبة، وكذا، من نوعية وطبيعة الشاحنات
والعربات الفلاحية، المحملة بالبهائم.
وهذا ما يستحيل معه كذلك الجزم أو حتى التكهن بأن الدركي كان يتلقى رشاوي من
مستعملي الطريق. حيث إن الأمر قد يكون مخالفا لهذه الاستنتاجات المتسرعة..
فلماذا لا يمكن الاستنتاج بأن الدركي كان يقوم، عند اقترابه من السائقين، بالتحقق من
ملامحهم، عسى أن يكون بينهم من قد يشكلون
موضوع مذكرات بحث وتوقيف.
وبالمناسبة، ليس ثمة، من جهة أخرى، ما يفيد من
الوجهة الواقعية، سواء تاريخ تصوير الفيديو الذي تداولته مؤخرا مواقع التواصل
الاجتماعي، أو ما يفيد بكون الأمر يتعلق فعلا بالدركيين اللذين وضعتهما القيادة
الجهوية للدرك الملكي بالجديدة رهن الحبس الإداري، وهي عقوبة عسكرية تتراوح مدتها
ما بين 8 أيام، و15 يوما، و25 يوما.
هذا،
فإن توجيه تهم أو اتهامات خطيرة إلى الدركيين، من قبيل خرق الضوابط
العسكرية أو تلقي رشاوي، يجب أن يكون ثمة ما يثبتها على أرض الواقع، من أدلة
ووسائل مادية، من قبيل حالة التلبس، أو شهود عيان، أو وجود طرف مشتكي، أو الاعتراف، أو على الأقل،
إخضاع الفيديو المثير للجدل، للتحليل
التقني لدى مختبر القيادة العامة للدرك الملكي، وكذا، استدعاء مستعملي الطريق،
الذين قد يمكن تحديد هوياتهم، انطلاقا من
لوحات ترقيم لوحات عرباتهم
المعدنية، رغم أن الأمر يبدو مستحيلا وضربا من الخيال، بالنظر لرداءة جودة
الفيديو، والضبابية التي تكتنفه.. والاستماع بالتالي إلى إفاداتهم في محاضر
قانونية، في ما يتعلق بنازلة تلقي الدركيين الرشاوي "المفترضة"، إن كان
الأمر يتعلق فعلا بالدركيين الموقوفين.
إلى ذلك، فإن الأمر لا يعدو
أن يكون انتقاما وتصفية حسابات مع أحد الدركيين، والذي ضمن بتحامل مكشوف، من التقط
الفيديو ذي الجودة الرديئة، في ظرفية وظروف معينة، هويته الكاملة (ح. م.)، في
مقطعين من مقاطعه. فدافع الانتقام وتصفية الحسابات، هناك ما يبرره، وحسب
الارتسامات التي استقتها الجريدة. فالدركي الذي تم التحامل عليه، معروف بعدم
تساهله في تطبيق القانون، والتصدي بحزم لتجليات الجريمة، في منطقة "أحد أولاد
افرج" و"خميس متوح"، والتي تعرف صراعات، بسبب الانتخابات والمصالح
الشخصية، التي يختبئ وراءها بعض السياسيين، وحتى بعض من يدعون الدفاع عن حقوق
الإنسان، والعمل الجمعوي.. صراعات لم يسلم من ويلاتها حتى رجال الجنرال حسني بنسليمان، بعد أن هاجموهم، شهر أكتوبر
2014، حتى في عقر مقر الفرقة الترابية
للدرك الملكي بمركز "أحد أولاد افرج". حيث أحدث المهاجمون الفوضويون
أعمال شغب، ألحقت إصابات جسمانية جسيمة بثلاثة دركيين، وأضرارا مادية جسيمة تجهيزاتهم ومعداتهم،
وبالممتلكات العمومية والخاصة. ما استدعى وقتها إيفاد تعزيزات دركية من القيادة
الجهوية وسرية الجديدة، على متن دوريات محمولة، كان على رأسها الكولونيل، المسؤول
الأول على المصالح الدركية بإقليمي الجديدة وسيدي بنور.
وعليه، فإن من الإجحاف الزج بدركيين بريئين في
الحبس الإداري بالقيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، والأكثر من ذلك الزج بهما،
في حال إحالتهما على المحكمة العسكرية، في السجن، ومن ثمة، الإلقاء بأسرتيهما
وزوجتيهما وأبنائهما في الشارع، إلى براثين التشرد.. بسبب "فيديو كيدي"،
مشكوك في صحته ومصداقيته، كانت الغاية منه انتقامية وتصفية حسابات. وهذا قد ما
تهديه القيادة العامة للدرك الملكي في طبق من ذهب، إلى من سعوا إلى تحقيق هذه
الغاية القدرة، من خلال نشرهم على "اليوتوب" الفيديو الذي
تداولته بالمناسبة مواقع التواصل الاجتماعي، والذي سرعان ما سارعت إلى حذفه وحذف
ما دونت بشأنه على صفحاتها، من ادعاءات تشكل جرائم الصحافة والنشر، لما تضمنته من
قذف وتشهير ومس بالاعتبار.. مستهدفة بالواضح والملموس هيئة الدرك الملكي والدركيين
البريئين اللذين زجت بهما في الحبس
الإداري، القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة. وللجريدة عودة للموضوع.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة