خطير.. البوليس بأزمور ينسب لمواطنين في مسطرتين منفصلتين ''الاتجار في المخدرات'' والقضاء يحكم ببراءتهما‎
خطير.. البوليس بأزمور ينسب لمواطنين في مسطرتين منفصلتين ''الاتجار في المخدرات'' والقضاء يحكم ببراءتهما‎

أحالت الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، مواطنين "نظيفين"، في حالة اعتقال، في إطار البحث التمهيدي، على وكيل الملك بابتدائية الجديدة، على خلفية تهمة من العيار الثقيل، "الاتجار في المخدرات". حيث تابعتهم النيابة العامة، حسب الثابت من قراراتها النيابية، من أجل "الاتجار في المخدرات"، وفق الفصلين 1 و2 من ظهير 21 ماي 1974، "في حالة اعتقال نظرا لخطورة الفعل"، و"في حالة اعتقال نظرا لخطورة الفعل وانعدام الضمانات" (..).. إلا أن الغرفة الجنحية أصدرت أحكاما قضت ببراءتهم من الأفعال المنسوبة إليهم.

مأساة في كلمات:

فبعد المواطن (المصطفى)، الذي أوقفته الشرطة القضائية بأزمو، شهر ماي 2016،  من أجل الاتجار في المخدرات، برأته منها المحكمة، بعد أن قضى حوالي 3 أسابيع خلف القضبان، أوقفت المصلحة الأمنية ذاتها المواطن (ھ.)، على خلفية التهمة نفسها.

 فقضية المواطن (ھ.) أو مأساته، يمكن تلخيصها في كون الشرطة القضائية بأزمور، أوقفته استنادا إلى رقمي بطاقتي تعريف وطنيتين لا علاقة له بهما، وشريحة هاتف نقال ذات رقم نداء، لا تخصه البتة، وكذا، استنادا إلى مذكرة بحث محلية وبرقية وطنية، تضمنتا بيانات شخصية، جاءت متضاربة ومخالفة للبيانات الشخصية الحقيقية، التي تخض المسمى (ھ.).

وقد قضت الغرفة الجنحية لدى ابتدائية الجديدة، ببراءة (ھ.) من الأفعال الثقيلة المنسوبة إليه، بعد أن قضى 15 يوما خلف القضبان، تحت تدابير الحراسة النظرية ورهن الاعتقال الاحتياطي.

إيقاف المواطن (هشام):

حسب "محضر الإيقاف والاستشارة القانونية والوضع تحت تدابير الحراسة النظرية"، المضمن في المسطرة عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، فإن عناصر فرقة الأبحاث والتدخلات الميدانية، أحالت على مصلحة المداومة بمفوضية أزمور، على الساعة 22 و40 دقيقة من ليلة الأربعاء 14 دجنبر 2016، شخصا يحمل اسم (ھ.)، أوقفوه من طريق سيدي وعدود. وعمل مفتش  الشرطة ممتاز، نور الدين النجاري (عامل بالدائرة الأمنية/الأمن العمومي)، رئيس مصلحة المداومة، ضابط الشرطة القضائية، مساعد وكيل الملك، على تنقيط الشخص الموقوف على الناظمة الإلكترونية، وتبين أنه يشكل موضوع برقية بحث وطنية، من أجل قضية تتعلق بالاتجار في المخدرات عدد: 25592/6898، وملف انتظاري عدد: 113709/2016. كما عمل على تنقيطه بقسم المحفوظات المحلية، وتبين  أنه يشكل بالفعل موضوع مذكرة بحث، صادرة في حقه من قبل الشرطة القضائية بأزمور، بموجب مسطرة عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، كانت المصلحة الأمنية ذاتها (الشرطة القضائية) أحالت بموجبها المسمى (محمد ز.)، المعروف بلقب (العزوة)، على النيابة العامة المختصة، من أجل الاتجار في المخدرات.

الوضع تحت الحراسة النظرية:

وفق المسطرة المرجعية، ربطت الضابطة القضائية الاتصال بوكيل الملك لدى ابتدائية الجديدة، في شخص نائبه محمد العوني، فأصدر تعليماته النيابية بوضع (ھ.) تحت تدابير الحراسة النظرية، من أجل البحث والتقديم، مع إجراء تفتيش في مقر إقامته. وهو الإجراء (الحراسة النظرية) الذي قامت بتفعيله، ابتداء من الساعة 23 و30 دقيقة من ليلة الأربعاء 14 دجنبر 2016، بعد أن أشعرت المعني بالأمر بدواعي إيقافه والمنسوب إليه، وبالحقوق التي يخولها له القانون، وفق مقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية.

إجراءات البحث القضائي:

أحال رئيس مصلحة المداومة الإجراء المسطري الجزئي، المتضمن ل"محضر الإيقاف والاستشارة القانونية والوضع تحت تدابير الحراسة النظرية"، على الفرقة المحلية للشرطة القضائية، لتعميق البحث. وباشر مفتش الشرطة ممتاز، محمد رشيد رسامي، ضابط الشرطة القضائية، مساعد وكيل الملك، إجراءات الانتقال والتفتيش (السلبي)، والانتقال والبحث والتحري، والاستماع في محضر قانوني، والتقديم، على النحو التالي:

الانتقال والتفتيش (السلبي):

تعميقا للبحث، انتقل على الساعة 13 و30 دقيقة م ظهر الخميس 15 دجنبر 2016،  ضابط الشرطة القضائية (محمد رشيد رسامي)، بمعية مساعده، الذي لم يدرج في "محضر الانتقال والتفتيش" لا هويته ولا رتبته، مصطحبين بالشخص الموقوف (ھ.). حيث جرى عند باب القصبة، إنزال الأخير مصفد اليدين، أمام حشود المواطنين والسكان والجيران، من على متن سيارة النجدة، تابعة للهيئة الحضرية.. ليتم إجراء تفتيش في سكنه، الذي لا يبعد إلا بحوالي 200 متر عن مقري الشرطة القضائية والدائرة الأمنية. إجراء لم يسفر عن أية نتيجته تفيد البحث.

بيانات (هشام) الشخصية:

حسب البيانات الشخصية، المضمنة في المسطرة القضائية عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، فإن (ھ.)، الذي أوقفته الشرطة القضائية من أجل الاتجار في المخدرات، حسب الأفعال التي نسبتها إليه، مغربي الجنسية، مزداد بأزمور (41 سنة)، من والدين تم تعريفهما بنسبهما. وهو متزوج منذ سنة حوالي 16 سنة، وأب لثلاثة أبناء، ويعمل مستخدما منذ ما يناهز 10 سنوات،  لدى منتجع سياحي. ويقطن في درب "معلوم" بحي القصبة بأزمور، ويحمل بطاقة تعريف وطنية منجزة، حسب حرفيها الاستدلاليين (M.A.)، لدى مفوضية أزمور، وليست له سوابق عدلية.

الانتقال والبحث والتحري:

استنادا إلى التعليمات النيابية، انتقل ضابط الشرطة القضائية، مساعد وكيل الملك، رفقة مساعده من المصلحة الشرطية، عبد الله عبضلاوي (دون الإشارة إلى رتبته في المحضر المرجعي)، على الساعة 14 و10 دقائق من ظهر الخميس 15 دجنبر 2017، إلى حي القصبة بأزمور، حيث يقيم الشخص الموقوف (ھ.)، وأجريا بحثا ميدانيا، بغاية التوصل إلى ما يفيد البحث القضائي. واستفسرت الضابطة القضائية  المسميين (عمر د.) و(رشيد س.) و(عبد القادر ن.)، من ساكنة حي القصبة، ويعرفون حق المعرفة (ھ.)، وأفادوا، حسب "محضر الانتقال والبحث والتحري"، بأنه رب أسرة، ويشتغل مستخدما لدى منتجع سياحي، ومعروف بسلوكه القويم، ولا يتعاطى استهلاك المخدرات.

الاستماع في محضر قانوني:

صرح (ھ.) في محضر استماعه، كونه لا يتعاطى استهلاك المخدرات. ونفى جملة وتفصيلا الأفعال المنسوبة إليه، وكونه لا يعرف مروجي المخدرات، الملقب ب(العزوة) و(المستر كريزي)، اللذين ورد اسماهما في المسطرة القضائية عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، في موضوع: "تكوين عصابة إجرامية متخصصة في ترويج المخدرات الصلبة (الكوكايين)، والأقراص المهلوسة ومخدر الشيرا، وحيازة عشب الكيف والتبغ المهرب، والسلاح الأبيض دون سند قانوني". كما نفى ما ضمنته الضابطة القضائية في المسطرة عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، من كونه كان يتوسط لمروج المخدرات (محمد ز.)، في اقتناء المخدرات من أماكن مختلفة، وجلبها مقابل عمولات مالية، تتراوح ما بين 600 و800 درهم، وقطعة مخدر الشيرا.

وعند مواجهة (ھ.)، خلال البحث التمهيدي، بشريحة الهاتف ذي رقم النداء: 0630xxxx31، نفى  سواء  ملكيتها، أو كونه شغلها في هاتفه النقال، أو  كونه له أية علاقة بالمكالمات الهاتفية، الصادرة  أو  الواردة على هذه الشريحة، من الهاتف النقال في ملكية  مروج المخدرات (محمد ز.)، ذي  الشريحة ذات رقم النداء: 0681xxxx76.

وأكد (ھ.) أمام الضابطة القضائية، أنه يتوفر على هاتف نقال عادي من نوع  "سامسونغ"، يشغل فيه شريحة واحدة، ذات رقم نداء: 0613xxxx94، كان حصل عليها، سنة 2009. وقبلها، كان يتوفر على شريحة ذات رقم نداء: 0667xxxx60، كان شغلها بين سنة 2000 وسنة 2009، في هاتفه النقال، وكان حصل عليها بموجب عقد شراء من شركة "اتصالات المغرب"، بعد إدلائه ببطاقة تعريفه الوطنية عدد: M.A.368x1. ونفى أن تكون تخصه بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.125x21، التي أطلعته عليها الضابطة القضائية، والتي تخصه، حسب ما جاء في الصفحة الثانية من "محضر تحليل انتداب ونتيجة خبرة تقنية"، بتاريخ: 23  نونبر 2016، المضمن في المسطرة عدد: عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016.

وأبدى (ھ.) في محضر استماعه القانوني، تشبثه ببراءته واستعداده بإجراء مواجهة مع (محمد ز.)،  الذي يقضي عقوبة سالبة للحرية بالسجن المحلي بالجديدة، من أجل الاتجار في المخدرات.

التقديم والمتابعة:

أحالت الضابطة القضائية (ھ.)، في حالة اعتقال، في إطار البحث التمهيدي، الجمعة 16 دجنبر 2016، على وكيل الملك بابتدائية الجديدة. وأنكر الأفعال المنسوبة إليه، أمام النيابة العامة، على غرار إنكاره أمام الضابطة القضائية. وقد تابعه وكيل الملك، حسب الثابت من القرار النيابي، وفق الفصلين 1 و2 من ظهير 21 ماي 1974، من أجل "ترويج المخدرات، في حالة اعتقال نظرا لخطورة الفعل، وانعدام الضمانات".

المسطرة المرجعية تحت المجهر:

الإيقاف بين المحضر والواقع:

حسب "محضر الإيقاف والاستشارة القانونية والوضع تحت تدابير الحراسة النظرية"، فإن مفتش الشرطة ممتاز، نور الدين النجاري (عامل بالدائرة الأمنية/الأمن العمومي)، رئيس مصلحة المداومة بمفوضية أزمور، ضابط الشرطة القضائية، مساعد وكيل الملك، وبينما كان يباشر، الأربعاء 14 دجنبر 2016، سير الأعمال بمصلحة الديمومة، قدمت أمامه عناصر فرقة الأبحاث والتدخلات الميدانية، على الساعة 22 و40 دقيقة،  المسمى (ھ.)، الذي أوقفته على طريق سيدي وعدود بأزمور.

هذا، وعلمت الجريدة من مصادرها الخاصة أن ضابط الشرطة القضائية ورئيسه بالفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، عمدا إلى إيقاف (ھ.)، للاشتباه فيه، عندما كان يمر، ليلة الأربعاء 14 دجنبر 2016، أمام مقر الشرطة القضائية، عبر شارع علال بن عبد الله، في طريقه إلى عمله بمحطة سياحية. وهذا ما يخالف من الوجهة الواقعية ظروف وملابسات الإيقاف، المضمنة في المسطرة المرجعية (محضر الإيقاف).

بيانات شخصية متضاربة:

حسب الثابت من "محضر الإيقاف والاستشارة القانونية والوضع تحت تدابير الحراسة النظرية"، فإن مفتش  الشرطة ممتاز، نور الدين النجاري، رئيس مصلحة المداومة، قام بتنقيط (ھ.) على الناظمة الإلكترونية، وتبين أنه يشكل موضوع برقية بحث وطنية، من أجل قضية تتعلق بالاتجار في المخدرات عدد: 25592/6898، وملف انتظاري عدد: 113709/2016. كما قام بتنقيطه بقسم المحفوظات المحلية، وتبين أنه يشكل بالفعل موضوع مذكرة بحث، صادرة من قبل الشرطة القضائية بأزمور، بموجب المسطرة عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016.

وتبعا للمسطرة عدد:  908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، سيما الصفحة الأولى، و"ورقة الإرشادات"، بتاريخ: 15 دجنبر 2016  (التنقيط على مستوى المحفوظات المحلية)، فإن الضابطة القضائية ضمنتها بيانات شخصية، تهم (ھ.)، ضمنها حالته الاجتماعية (متزوج وأب لثلاثة أبناء)، وعمله (مستخدم)، دون تحديد مقر عمله (المنتجع  السياحي)، وعنوان سكناه (حي القصبة بأزمور، مع تحديد الدرب)، وبطاقة تعريفه الوطنية (عدد: M.A.368x1).

لكن، وبالرجوع إلى المسطرة المرجعية عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، يتضح أن البيانات الشخصية التي تخص (ھ.)، قد جاءت مخالفة لتلك المضمنة في المسطرة عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016.

فقد جاء في "محضر التنقيط والانتقال والبحث غير المجدي"، بناء على التنقيط الذي أجراه مفتش الشرطة ممتاز، عادل البلوي (عامل لدى الشرطة القضائية بأزمور)، بتاريخ: 23 نونبر 2016، أن المسمى (ھ.)، عازب، وعاطل عن العمل، ويقطن في عنوان (درب سي عبد الكبير)، وهو درب مخالف للدرب المبين في المسطرة  908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016.. ويحمل بطاقة تعريف وطنية عدد: M.A.366x9. بطاقة تعريف مخالفة بالمناسبة لبطاقة تعريفه الحقيقية (عدد: M.A.368x1).

(هشام) ب3 بطاقات تعريف:

نسبت الضابطة القضائية في المسطرة عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016 (الصفحة الثانية من محضر استماع ھ.)، إلى الأخير، بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.125x21.

وقبل ذلك، نسب هشام العماري، عميد الشرطة، رئيس الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، في "محضر تحليل انتداب ونتيجة خبرة تقنية"، الذي أنجزه بتاريخ: 23 نونبر 2016، والمضمن في المسطرة عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، (نسب) إلى (ھ.) بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.125x41.

وتجدر الإشارة إلى أن "محضر التنقيط والانتقال والبحث غير المجدي" يحمل بصمة عادل البلوي، مفتش الشرطة ممتاز (عامل لدى الشرطة القضائية). حيث عمد إلى استبدال رقم بطاقة التعريف الأصلي، الذي كتبه بواسطة الناظمة الإلكترونية، برقم آخر (366x9دونه بخط اليد، باستعمال قلم "بيك"، أسود اللون، كما يتضح من النسخة الأصلية للمحضر المرجعي (محضر التنقيط والانتقال والبحث غير المجدي)، المضمن في المسطرة القضائية التي تمت إحالتها على النيابة العامة، بتاريخ: 16 دجنبر 2016.

هذا، ونفى (ھ.) أن يكون يحمل بطاقتي التعريف الوطنيتين عدد: (M.A.125x21) وعدد: (M.A.366x9)، اللتين نسبتهما إليه الشرطة القضائية بأزمور، بحكم  كونه يتوفر على بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.368x1، التي تم بالمناسبة إنجازها تباعا لدى مصالح مفوضية أزمور (مصلحة الوثائق التعريفية)، والمديرية العامة للأمن الوطني (مديرية نظم المعلوميات والاتصال والتشخيص/DSITI).

(هشام) بعنوانين مختلفين:

ضمنت الضابطة القضائية في المسطرة عدد: 847/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، بيانات شخصية، نسبتها إلى (ھ.)، تبين أنها غير حقيقية وغير واقعية، ضمنها عنوان سكنى مغلوط، تم تحديده، حسب ما جاء في "محضر التنقيط والانتقال والبحث غير المجدي"، بتاريخ: 23 نونبر 2016، كالتالي: درب سي عبد الكبير– حي القصبة – الرقم:x   – أزمور.

وهذا ما جعل عملية الانتقال والبحث عن (ھ.)، بسبب تلك البيانات المغلوطة، بما فيها عنوان سكنه، غير مجدية، كما جاء  بإقرار واضح وصريح، ضمنته الضابطة القضائية في محضرها  المرجعي (محضر التنقيط والانتقال والبحث غير المجدي).

إن العنوان الذي نسبته الشرطة القضائية إلى (ھ.)، يخالف عنوانه المضمن في المسطرة عدد:  908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016. فعنوانه الحقيقي، أخدت علما به الضابطة القضائية، بعد أن أطلعها شخصيا  (هشام) على بطاقة تعريفه الوطنية عدد: M.A.368x1.

لإشارة، فإن (ھ.) يقطن في درب "معلوم" بحي القصبة في المدينة العتيقة بأزمور، لا يبعد إلا بأقل من 200 متر عن مقري الدائرة الأمنية والشرطة القضائية، المتواجدين في طابقين سفلي وعلوي أول، ببناية واحدة. وهو يتردد صباح–مساء، على مركز مدينة أزمور، وعلى نقطة انطلاقة عربة نقل المستخدمين (ميني بيس)، لالتحاق بالمنتجع السياحي، حيث يتوفر على عمل قار، منذ حوالي 10 سنوات، وذلك مرورا عبر شارع علال بن عبد الله، مباشرة من أمام مقري الشرطة القضائية والدائرة الأمنية. وهذا ما يفند من الوجهة الواقعية كون (ھ.) كان في حالة فرار، أو حتى على علم بكون البحث كان جاريا في حقه.

أفعال إجرامية متضاربة:

حسب ورقة الإرشادات التي أنجزها المكلف بالتنقيط على مستوى المحفوظات المحلية بمفوضية أزمور، والمضمنة في المسطرة عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، فإن (ھ.) مبحوث عنه بموجب مسطرة عدد: 847/ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، من أجل: "تكوين عصابة إجرامية متخصصة في ترويج المخدرات الصلبة: الكوكايين والأقراص المهلوسة، ومخدر الشيرا، وحيازة عشبة الكيف، وحيازة السلاح الأبيض دون مبرر قانوني".

وهذا ما يتناقض جملة وتفصيلا مع موضوع البحث، المضمن في المسطرة القضائية عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، التي أوقفت وأحالت الضابطة القضائية بموجبها (ھ.)،على وكيل الملك، من أجل:  "شخص متورط في قضية تتعلق بالاتجار في المخدرات، وتسهيل تعاطيها على الغير".

الاختصاص النوعي:

حسب المسطرة عدد: 847/ش. ق.، بتاريخ: 24 نونبر 2016، فإن (ھ.) كان مبحوثا عنه، كما تمت الإشارة إلى ذلك سلفا، من أجل: "تكوين عصابة إجرامية.. وحيازة السلاح الأبيض دون مبرر قانوني". وهي أفعال إجرامية خطيرة، ترقى إلى جناية، يكون فها الاختصاص النوعي للوكيل العام للملك، ولقاضي التحقيق الجنائي، وللغرفة الجنائية الابتدائية، وليس أفعالا جنحية يكون الاختصاص فيها لوكيل الملك، ولقاضي التحقيق الجنحي، وللغرفة الجنحية، كما يستشف من موضوع المسطرة  عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، والذي كان، من باب التذكير، كالتالي: "شخص متورط في قضية تتعلق بالاتجار في المخدرات، وتسهيل تعاطيها على الغير".

مذكرة وبرقية البحث:

باستثناء بعض الإشارات والمراجع التي وردت في "محضر الإيقاف والاستشارة القانونية والوضع تحت تدابير الحراسة النظرية"، وفي "ورقة الإرشادات"، فإن الضابطة القضائية لم ترفق المسطرة عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، بأية مذكرة بحث محلية أو برقية وطنية، صادرة في حق المسمى (ھ.).

كما أن الضابطة القضائية لم ترفق المسطرة المرجعية بمذكرة إيقاف البحث (cessation de recherche)، من المفترض والمفروض أن ترسلها إلى قسم المحفوظات المحلية بمفوضية أزمور، والنيابة العامة بابتدائية الجديدة، والمديرية العامة للأمن الوطني (مديرية الشرطة القضائية/النشر). وبالتالي، فإن تلك المذكرة والبرقية تظلان، حتى إشعار آخر، ساريتي المفعول، رغم إيقاف المعني (ھ.)، وإحالته على النيابة العامة، وصدور حكم قضائي في حقه.

نتيجة الخبرة التقنية:

جاء في تقرير الخبرة التقنية التي أجرتها مديرية الشرطة القضائية (DPJ)، جوابا على الانتداب عدد: 146، الذي تقدمت به الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، أن الهاتف النقال الذي شغل رقم النداء: 0681xxxx76، والذي كانت حجزته بتاريخ: 19 يناير 2016  (تحت اسم: 3Deé3333)، من داخل منزل مروج المخدرات (محمد ز.)، كان الأخير استعمله، خلال الفترة الممتدة من 23 دجنبر 2015، وإلى غاية 19 يناير 2016، في 106 مكالمة، أجراها مع رقم النداء: 0630xxxx31، الذي يخص، حسب المحضر المرجعي، (ھ.) ذي بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.125x41. 106، منها 61  مكالمة صادرة عن (محمد ز.)، في اتجاه  (ھ.)، و45 مكالمة واردة من الثاني على الأول. وجل المكالمات تم تحديدها جغرافيا في حي الأمل بمدينة أزمور.  

إلى ذلك،  فقد نفى (ھ.)  نفيا قاطعا، خلال البحث التمهيدي وأمام النيابة العامة، سواء ملكيته لشريحة الهاتف ذي رقم النداء: 0630xxxx31، أو كونه شغلها في هاتفه النقال، أو كونه على معرفة بمروج المخدرات (محمد ز.)، الملقب ب(العزوة)، الذي يملك رقم النداء: 0681xxxx76، والذي جاء في تقرير الخبرة التقنية، أنه (رقم النداء: 0630xxxx31) يخص المسمى (ھ.)، ذي بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.125x41، دائما وفق تقرير الخبرة ذاته. (هشام) الذي نسبت إليه أيضا الضابطة القضائية بطاقة التعريف الوطنية عدد: M.A.366x9. في حين أن بطاقة التعريف الوطنية التي يتوفر عليها، مرقمة تحت: M.A.368x1.

غياب إجراء المواجهة:

اقترن إنكار (ھ.)، خلال البحث التمهيدي، للأفعال المنسوبة إليه، بتشبثه ببراءته، واستعداده لإجراء مواجهة مع مروج المخدرات (محمد ز.)، الذي يقضي عقوبة سالبة للحرية. وهو الأمر الذي كان من المفترض والمفروض أن تجريه الضابطة القضائية، طبقا وتطبيقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية.. بعد التنسيق مع النيابة العامة، واستصدار أمر أو إذن نيابي في الموضوع، تنتقل بموجبه، مؤازرة بعناصر من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، إلى السجن المحلي بالجديدة، لإجراء مواجهة قانونية بين الطرفين، لفائدة البحث.

الحراسة النظرية والمتابعة الجنائية:

أنكر (ھ.) جملة وتفصيلا، خلال البحث التمهيدي، وعند التقديم أمام وكيل الملك، الأفعال المنسوبة إليه، سيما في غياب حالة التلبس، ووسائل الإثبات المادية، وشهود عيان، وعدم وجود ولو قرينة قوية.

وتجدر الإشارة إلى أن (ھ.) يتوفر على جميع الضمانات الفعلية والقانونية، بحكم وضعيته الاجتماعية والأسرية، وتوفره على عمل قار، وعنوان ثابت، وكونه عديم السوابق العدلية، وذي  أخلاق حميدة وسلوك قويم، حسب الثابت من المسطرة المرجعية، التي أحالته بمقتضاها الضابطة القضائية على النيابة العامة.

وقد تابعه وكيل الملك، حسب القرار النيابي، وفق الفصلين 1 و2 من ظهير 21 ماي 1974، من أجل: "ترويج المخدرات، في حالة اعتقال نظرا لخطورة الفعل، وانعدام الضمانات".

الحكم ببراءة المتهم:

 أدرجت الغرفة الجنحية بابتدائية الجديدة، القضية، الملف الجنحي التلبسي عدد: 1247/16 ج. ت.، بجلستين، كان آخرها بتاريخ: 28 دجنبر 2016. وقد أصدرت الهيئة القضائية التي كان التي كان يرأسها الأستاذ محمد لكراوي، حكمها عدد: 1354، في مواجهة المتهم (ھ.)، الذي كان يؤازره الأستاذ محمد رضى حركات، المحامي بهيئة الجديدة، والذي قضى بعدم مؤاخذة المتهم، من أجل المنسوب إليه، والحكم ببراءته، مع تحميل الخزينة العامة الصائر.

وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة القضائية أحضرت أمامها، في جلسة المحاكمة، مروج المخدرات المسمى (محمد ز.)، وأفاد باعتباره مصرحا، بعد أدائه اليمين القانونية، بأن لا علاقة تربطه بالمتهم (ھ.)، وأنه لم يسبق أن اتصل به بتاتا. وعن سابق تصريحاته المضمنة في المسطرة عدد: عدد: 908/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 16 دجنبر 2016، أفاد بأنه لم يطلع عليها، بحكم كونه  لا يعرف القراءة والكتابة، وبأن الضابطة القضائية أجبرته على البصم على محضر استماعه.

هذا، وجاء حكم الغرفة الجنحية، بعد دراستها للقضية، واطلاعها على تصريحات الأطراف، من خلال ما راج أمامها. حيث لم تعثر، حسب تعليل الحكم، على أي دليل أو قرينة قوية على قيام المتهم بجنحة ترويج المخدرات، أو تفيد أنه ارتكب المنسوب إليه. وحيث إن الأحكام تبنى من الوجهة الواقعية على الحجج واليقين، لا مجرد الظن والتخمين، وحيث إن البراءة هي الأصل، ما لم يثبت ما يخالفها، فإن المحكمة  لم يثبت لها من ثمة خلاف الأصل المذكور. مما اقتنعت معه ببراءة المتهم من المنسوب إليه.

حكم قضائي ببراءة متهم آخر:

قضت الغرفة الجنحية بابتدائية الجديدة، في جلسة الثلاثاء 24 ماي 2016، ببراءة متهم آخر، وهو مواطن "نظيف" (clean)،  يدعى (المصطفى ح.)، كانت الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، أحالته، في حالة اعتقال، في إطار البحث التمهيدي، على النيابة العامة، بمقتضى المسطرة عدد: 372/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 10 ماي 2016، بتهمة "الاتجار في مخدري الكيف والشيرا والتبغ المهرب".

وفي غياب حالة التلبس، ووسائل الإثبات المادية، وعدم توفر ولو قرينة قوية، وإنكار (المصطفى ح.)  جملة وتفضيلا للأفعال المنسوبة إليه، خلال البحث التمهيدي، وعند التقديم، تابعه وكيل الملك وفق الفصلين 1 و2 من ظهير 21 ماي 1974، معللا قراره النيابي ب: "من أجل ترويج المخدرات في حالة اعتقال نظرا لخطورة الفعل".  

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة