أمر قاضي التحقيق
الجنحي لدى ابتدائية الجديدة، بإيداع مواطن يحمل الجنسية المصرية، رهن الاعتقال
الاحتياطي، بعد أن أحالته الضابطة القضائية، الثلاثاء 7 مارس 2017، في حالة سراح
على وكيل الملك، على خلفية حادثة سير مميتة، تسبب فيها بتهوره وعدم التحكم في
السيارة التي كان يقودها بسرعة جنونية، داخل المدار الحضري، والأخطر أمام مؤسسة
تربوية، وفي وقت دخول التلاميذ إليها.
وبالرجوع إلى وقائع
النازلة المأساوية، التي أججت نيران
الغضب، وأخرجت التلاميذ وآبائهم وأوليائهم للتظاهر والاحتجاج في الشارع العام،
وقطع الطريق في وجه العربات وحركة السير والمرور، سيما بعد أن ظل السائق، مصري
الجنسية، حرا–طليقا، جراء تسببه في حادثة السير، التي وقعت فصولها الدموية، في
حدود الساعة الثامنة و30 دقيقة من صباح الأربعاء 1 مارس 2017، على مقربة من مؤسسة
تربوية في عاصمة دكالة.
وكانت صغيرة في ربيعها الخامس، ترجلت من على متن
سيارة خفيفة، استوقفتها والدتها في أقصى
اليمين من شارع جبران خليل جبران ذي الاتجاهين، في انتظار أن تلحق بها خادمة البيت
التي كانت بمعيتهما، لاصطحابها إلى مؤسسة "أكاديمي سكول" التربوية،
الكائنة في الجهة الأخرى من الشارع. لكن
سيارة خفيفة من نوع "فياط دوبلو"، كانت قادمة لتوها من الاتجاه ذاته،
يقودها بسرعة جنونية مواطن يحمل الجنسية المصرية، لم يمهل التلميذة في عمر الزهور،
فرصة قطع الطريق بأمن وسلام. حيث دهسها بقوة بمقدمة عربته، بعد أن فقد التحكم
فيها. وألقى بجسد الصغيرة على بعد حوالي 30 مترا، قبل أن تسقط على الأرض جثة هامدة. ولم تتوقف رحلة السائق الجهنمية إلا على
بعد حوالي 20 مترا، بعد أن عرجت عربته المجنونة شمالا، واصطدمت بعمود كهربائي،
مثبت في الشريط الفاصل بين اتجاهي شارع جبران خليل جبران.
وقد لاذ السائق
المصري الذي تسبب في الحادثة القاتلة، وهو بالمناسبة مقيم، منذ سنوات في المغرب،
ويتوفر على رخصة سياقة حصل عليها في بلد الإقامة، المغرب، (قد لاذ) بالفرار، بعد
أن تخلى عن عربته في مسرح النازلة
المأساوية.
وقد خلف مصرع
التلميذة بشكل مأساوي، أسى وحزنا عميقين لدى زملائها التلاميذ وآبائهم وأوليائهم،
الذين خرجوا في تظاهرة احتجاجية عارمة، إلى شارع جبران خليل جبران، مباشرة أمام المؤسسة
التعليمية "أكاديمي سكول".
حيث قطعوا، بحشودهم الغفيرة، وبسياراتهم التي استوقفوها طولا وعرضا في
الاتجاهين، حركات السير والمرور. وقد أعربوا بصوت واحد وبمشاعر الغضب، عن تنديدهم
بحادثة السير القاتلة.
والجدير بالذكر أن
وكيل الملك بابتدائية الجديدة، لم يصدر تعليماته إلى الضابطة القضائية لدى مصلحة
حوادث السير بأمن الجديدة، بوضع السائق
المصري، الذي تسبب بتهوره وبالسرعة الجنونية التي كان يسير بها، وبعدم
تحكمه في القيادة، تحت تدابير الحراسة النظرية، في إطار البحث التمهيدي الذي أجرته
علاقة بالنازلة المأساوية، التي أزهقت روح صغيرة في عمر الزهور، وأخرجت التلاميذ وآباؤهم وأولياؤهم للتظاهر
والاحتجاج في الشارع العام.
وبالمناسبة، فإن حالة
حادثة السير التي تسبب فيها المواطن المصري، كانت واضحة المعالم والأسباب والظروف
والملابسات، والمسؤوليات القانونية فيها محددة، التي ضمنتها الضابطة القضائية في
المسطرة القضائية المرجعية، وفي الإجراءات التي باشرتها وفق قانون المسطرة
الجنائية، وتحت إشراف النيابة العامة المختصة
(محاضر الانتقال والمعاينة والتحري والاستماع..).. سيما أن السبب في ارتكاب
الحادثة القاتلة كان بالأساس، وبغض النظر
عن كون الضحية قاصرة، أو كانت بمعية مرافق أو دونه، ه التهور واللامبالاة، وعدم
التحكم في العربة التي كان يقودها بسرعة
جنونية في المدار الحضري، والخطير في الأمر أمام مؤسسة تربوية، وتزامنا مع وقت
دخول التلاميذ، والتحاقهم بفصولهم الدراسية.
إلى ذلك، فقد أحالت الضابطة القضائية، الثلاثاء 7 مارس
2017، على وكيل الملك، المسطرة القضائية المرجعية، والمصري المتسبب في حادثة السير
القاتلة. وقد أحالت النيابة العامة الفاعل على قاضي التحقيق الجنحي، الذي أمر
بإيداعه رهن الاعتقال الاحتياطي.
وبالمناسبة، فإن
القتيلة، تلميذة في عمر الزهور، هي مواطنة تحمل الجنسية المغربية، ومن رعايا صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، وكانت تعيش على أرض موطنها المغرب.. المغرب حيث الجميع، مغاربة وأجانب ومقيمون فوق
ترابه، يجب أن يخضعوا دون ميز أو تمييز،
للقانون ولأحكامه ومقتضياته، باعتبار أن
المغرب بلد ذي سيادة وطنية، ودولة الحق. دولة الحق التي يبقى قيامها رهينا ومرهونا
بمدى احترام وتطبيق وسيادة القانون، على اعتبار أن "القاعدة القانونية عامة
ومجردة".
ومن ثمة، فإن الأجانب
من مختلف جنسيات دول العالم، ولو كانوا يحملون حتى الجنسية الأمريكية، القوة
العظمى الأولى في العالم، يجب أن يخضعوا بدورهم لقوانين المملكة المغربية، شأنهم
في ذلك شأن مغاربة المهجر، الذين تطبق
عليهم قوانين بلدان الإقامة والاستقبال. فالمواطن المغربي عمر الرداد، طبقت عليه
فرنسا قانونها الجنائي، رغم براءته من قتل مشغلته الفرنسية. والحال ينطبق على الفنان
الشهير، صاحب أغنية "أنا ما شي ساهل".
إلى ذلك، فيرى
الفقهاء ورجال القانون أن التحقيق من قبل مؤسسة قاضي التحقيق لم يعد إجباريا في
القضايا الجنحية التي تتعلق بحوادث السير المميتة.. إلا في حالات يكتنف الغموض
ظروف وملابسات ارتكابها، وتحديد المسؤوليات.. من أجل الوصول إلى الحقيقة، وترتيب
ما يلزم قانونا. واعتبر المشرع أن التحقيق في مثل هذه الحالات، اختياريا، ويندرج في إطار السلطة التقديرية
للنيابة العامة المختصة.
هذا، فقد كان يتحتم،
على غرار الجاري به العمل في حوادث السير المميتة، التي يتسبب فيها مواطنون مغاربة،
وضع الفاعل، السائق المصري، تحت تدابير الحراسة النظرية، وإخضاعه للبحث القضائي،
في إطار مسطرة جنحية تلبسية، وإحالته في إطارها على وكيل الملك، الذي يتخذ، في
غياب إجبارية التحقيق، سيما في وجود الأدلة المادية ووسائل الإثبات، والإقرار
بالأفعال المرتكبة، بغض النظر عن كون الضحية قاصرة، أو كانت بمعية مرافق أو
دونه، (الذي يتخذ) القرار المناسب، إما
الأمر بإيداعه رهن الاعتقال الاحتياطي، أو متابعته في حالة سراح.. وليس عكس ما
جرى، أي أن الفاعل تبقي عليه الضابطة القضائية في حالة سراح، وتحيله على النيابة العامة..
ليأمر قاضي التحقيق باعتقاله، طبقا وتطبيقا للقانون .
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة