انطلقت اليوم الجمعة بمدينة الجديدة أشغال الندوة الختامية للدورة الواحدة
والعشرين لجامعة مولاي علي الشريف، التي تنظمها وزارة الثقافة في موضوع “الحسن
الثاني..الإنسان والمثقف المفكر”.
وبهذه المناسبة، أكد وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج، في كلمة له
خلال افتتاح أشغال هذه الندوة الختامية، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب
الجلالة الملك محمد السادس، أن الندوة تشكل “لحظة متميزة نستحضر فيها عبقرية
المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني وحكمته باعتباره عنوانا للنبوغ المغربي،
بشهادة العالم أجمع”، مضيفا أنها “تستحضر، كذلك، عهد جلالة المغفور له الملك الحسن
الثاني، قدس الله روحه، بعدما انعقدت الندوة الافتتاحية لهذه الدورة بتافيلالت،
خلال شهر نونبر من سنة 2016”.
وأبرز الوزير أن جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، كان “صاحب
منهج ونظرية في الحكم، استند فيها إلى قيم الوحدة والاستقرار والبناء والإصلاح
سعيا إلى التقدم والازدهار”، مسجلا أن “درس المغفور له الحسن الثاني، كما تلخصه
خطبه وحواراته، لا يزال من أكبر دروس الآداب السلطانية والعلوم السياسية إلى اليوم”.
وفي سياق حديثه عن أهمية جامعة مولاي علي الشريف على المستويين التاريخي
والأكاديمي ، أشار السيد الأعرج إلى أن هذه الجامعة، التي أصبحت منتدى علميا
ومعرفيا يسلط أضواء الدراسة والتحقيق على تاريخ وحضارة المغرب في عهد الدولة
العلوية الشريفة، استطاعت مع تعاقب الدورات، أن تخلف تراكما معرفيا وتوثيقيا،
وتؤكد مكانتها كجامعة عريقة.
وذكر، في هذا الإطار، بأن الجامعة تم إحداثها بمدينة الريصاني بمبادرة من
وزارة الثقافة في الثمانينات من القرن الماضي، وحظيت بالمباركة السامية لصاحب
الجلالة المغفور له الحسن الثاني، حيث أسند رئاستها الشرفية إلى صاحب السمو الملكي
الأمير مولاي رشيد، وعين على رأسها لجنة علمية مكونة من نخبة من المؤرخين
والمفكرين المغاربة، وانطلقت أولى دوراتها في شتاء 1989.
وقال الوزير إن عمل هذه الجامعة يندرج في إطار تعزيز الجهود الأكاديمية
الجامعية الرامية إلى العناية بالتاريخ المغربي وإثرائه بالدراسات والأبحاث،
والمساهمة في تسليط الضوء على الدور الحاسم للأسرة العلوية في تأسيس وبناء الدولة
المغربية الحديثة.
وأوضح، من جهة أخرى، أن اختيار مدينة الجديدة لاحتضان أشغال هذه الندوة
الختامية “يحمل معاني ودلالات كثيرة، منها على الخصوص، أن هذه المدينة قد عرفت
نهضة عمرانية ومشاريع ثقافية وصناعية واقتصادية كبرى، في عهد جلالة المغفور له
الملك الحسن الثاني، الذي أعاد لها اسمها وهويتها الوطنية والحضارية”.
ومن جهته، أبرز مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي وريئس
اللجنة العلمية للجامعة السيد عبد الحق المريني أهمية هذه الندوة الختامية، التي
ستتناول، من خلال العروض القيمة المبرمجة في هذه الدورة، شخصية جلالة المغفور له
الحسن الثاني، طيب الله ثراه، بمختلف أبعادها الفكرية والثقافية والعلمية، بعدما
خصصت دورتها السابقة للمصادر والكتب والأبحاث التي رصدت الإنجازات التي تحققت على
عهده .
وقال السيد المريني إن “جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني كان عالما
موسوعيا، أبهر الناس بعلومه الكثيرة والتي كان يتقنها غاية الإتقان”، مستشهدا بعلم
التاريخ “الذي كان بارعا فيه، حيث كان المغفور له ملما بالتاريخ العربي والإسلامي
والتاريخ الأوروبي، كما كان محيطا بالقانون إحاطة تامة، خاصة القانون العام
والقوانين الشرعية الإسلامية، ودليل ذلك الدروس التي كان يلقيها خلال الدروس
الحسنية الرمضانية مستدلا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي كان يحفظها عن
ظهر قلب”، مبرزا أن المغفور له الملك الحسن الثاني كانت له أيضا “عناية خاصة
بمختلف فنون القول من شعر وأدب، إذ كان متقنا لفنون القول، فقد كان خطيبا فصيحا
وأديبا وكاتبا وشاعرا”.
ونوه مؤرخ المملكة إلى الدور الذي كان يضطلع به جلالة المغفور له الحسن
الثاني، طيب الله ثراه، في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية العادلة
والمشروعة، وفي مقدمتها قضية القدس الشريف، مذكرا بأن جلالة المغفور له هو من بادر
خلال انعقاد قمة المؤتمر الإسلامي بالدار البيضاء سنة 1968، وعقب حدث إحراق المسجد
الأقصى، إلى إحداث لجنة القدس لحماية هذه المدينة المباركة.
ومن جانبه، توقف عامل اقليم الجديدة السيد معاذ الجامعي عند الاهتمام
والعناية التي كان يوليهما جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، لهذا
الإقليم وساكنته، معربا عن شعوره بالفخر للإنجازات التي تحققت لعموم الشعب المغربي
إبان عهده بفضل سياساته الرشيدة وحكمته المتبصرة واختياراته الاستراتيجية.
وتابع أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس اختار أن يسير على نهج والده
جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، حيث أطلق جلالته عدة أوراش تنموية وإصلاحات
كبيرة، تحققت معها عدة إنجازات اقتصادية واجتماعية وسياسية، جعلت المغرب يخطو
خطوات متقدمة على مسار التنمية المستدامة والشاملة.
ويتضمن برنامج الندوة، التي ستختتم أشغالها يوم غد السبت، تقديم عروض تشمل
“الحسن الثاني وبناء الدولة المغربية: من سياسة السدود إلى استكمال الوحدة
الترابية”، و”الحسن الثاني جسر بين التقليد والحداثة، وجسر بين العالمي والمحلي”،
و”الحسن الثاني وإسبانيا: ثقافة الحوار والجوار”، و”بعض مظاهر إسهامات الحسن
الثاني في الفكر السياسي”.
إضافة إلى عروض أخرى تهم “الحسن الثاني، الملك المثقف”، و”من تجليات مثقف
استثنائي”، و”عبقرية الاعتدال أو الإسلام في مواجهة تحديات العصر عند المغفور له
الحسن الثاني “، و”حجاجية الخطاب عند جلالة المغفور له الحسن الثاني: مقاربة
جمالية وبلاغية”.
كما سيتم تقديم قراءة في كتاب “أنا والأمير”، وتنظيم زيارة لمعرض الصور
التاريخية لجلالة المغفور له الحسن الثاني ومعرض الأوراق البنكية والمسكوكات
النقدية، إلى جانب عرض شريط وثائقي تحت عنوان “محطات من حياة ملك عظيم”.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة