بعد نهاية حصاد الموسم الفلاحي و في أول يوم جمعة من شهر غشت يشتد اهتمام المولوعين بالتبوريدة و الحفلات بموسم مولاي عبد الله أمغار، الذي فاق زواره هذه السنة 500 ألف زائر من داخل و خارج المملكة و عدد الخيالة فاق 1800 من 126 "سربة" حسب الإحصائيات الأولية، خاصة أن هذا الموسم له مجموعة من الطقوس و الدلالات التراثية العميقة كترويض الصقور و التبوريدة كدلالات تراثية عميقة للموروث الثقافي العربي.
و يرجع فن الفروسية التقليدية أو "التّبُوريدَة" بالمغرب إلى القرن الخامس عشر الميلادي، و ترجع تسمية التبوريدة إلى البارود الذي تعمر و تطلقه البنادق أثناء التبوريدة، و لممارسة التبوريدة أصول وقواعد عريقة ذات الطابع البدوي.
و لفن "التبوريدة" وصلات رمزية مختزلة في طقوس اللباس و الرَّكْبة عند كل جهة من جهات المملكة، كما لها ضوابط يتحكم فيها كل من المقَدَّم و العلام و شيخ السَّربة. و لأصحاب "التبوريدة" طقوسا عريقة و وراثية مرتبطة بتقاليد وعادات تجمع بين المقدس والدنيوي، تصاحبها مجموعة من الأذكار و المواويل والصيحات التي تصور مواقف البطولية و المعارك و تمجد الفارس و الفرس خصوصا عندما ينتهي العرض بطلقة موحدة.
ويؤدي فن "التبوريدة" فرسان، حدد عددهم هذه السنة في أكثر من 15 فارس في السربة، ينظمهم شيخ مسن و رئيس فرقة يدعى "العلام" و مقدم السربة يردد عبارات تذكر بالمعركة أو "حَرْكة الجهاد"، تابعين في ذلك إشارة "العلاّم". و فن "التبوريدة" يحتاج إلى تدريب كبير ومستمر من أجل ترويض الجواد على دخول الحلبة في مواجهة العدو. ويكون "العلام" هو المسؤول عن تنظيم السربة من خط البداية إلى إعطاء إشارة الانطلاق و إشارة السيطرة على الجواد، ثم إشارات أخرى ' الهَزّة ـ الحَطّة ـ الخرطة ـ الضَّربة ' بلغة الخيالة، و تكون الإشارة النهائية هي إطلاق الطلقة الموحدة أمام الجمهور.
و يؤكد د. عبدالإله بلفاضلة عن سربة أولاد غانم بأنه ورث "فن التبوريدة" عن شقيقه الاكبر العلام رشيد بلفاضلة الذي ورثها عن والدهم الحاج عزوز بلفاضلة.
وكما هو الشأن بالنسبة لابن اخيه مصطفى بلفاضلة التي ورث ''فن الفروسية'' من والده العلام رشيد بلفاضلة فانه، يضيف عبد الاله، بصدد تلقين إبنه فهد الذي يقارب عمره الثلاث سنوات نفس الموروث الثقافي و ذلك حفاظا على هذا الرأسمال اللامادي الذي توارثوه عن أجدادهم.
و في سؤالنا عن عادات الخيالة في الموسم للحاج عزوز الذي عمره اليوم يناهز التسعين أجاب عبد الاله بأن أول تبوريدة له كانت سنة 1960، و أن في زمنه كان احترام الفرس و عادات الفارس و و أوامر المقدم و تعليمات العلام واجبة ليس كما هو عليه الحال الآن.
و استرسل قائلا بأنه كان في الصباح أول ما يقوم به هو الوضوء و الصلاة و تناول فطور خاص، ثم غسل الفرس و إعطاؤه الماء و العلف ثم مراقبة صفائحه و حالته، ثم تهييء الملابس ' اتماك أو البلغة ـسروال قندريسي ـ فراجية ـ تشامير ـ جلابية ـ سلهام أو الحايك ـ عصابة ـ ــدليل الخيرات ـ الخنجر '. و للإشارة فلون لباس الفارس عادة يكون أبيض كلون الكفن، لأنه يقال بأن الفارس و قت التبوريدة قبره مفتوح.
تكريم العامل زلو لمصطفى بلفاضلة في سنة 2005 بعد فوزه بميدالية ذهبية بدار السلام
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة