مخطئ من يعتقد أن ملف مقهى ومطعم "القرش
الأزرق" بمنتجع سيدي بوزيد، قد طوي إلى
غير رجعة، بعد أن حسم فيه معاذ الجامعي، عامل إقليم الجديدة السابق، بتركه جانبا،
وعدم التأشير عليه، ظنا منه أن المصادقة على
مقرر جماعة
مولاي عبد الله رقم: 11، المتعلق ب"صفقة الصلح" المثيرة للجدل، تخضع تلقائيا وأوتوماتيكيا لمقتضيات وأحكام المادة
118 من القانون
التنظيمي رقم: 113.14، المتعلق بالجماعات المحلية، في فقرتها الأخيرة، التي هذا
نصها: "يعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من المقررات المذكورة بعد انصرام
الأجل المنصوص عليه أعلاه بمثابة تأشيرة".. غير مستحضر أن ثمة أمرا قضائيا بالتنفيذ،
استند إلى حكم نهائي، صادر باسم جلالة
الملك، وأن حماية الممتلكات الجماعية هي من أولويات الأولويات، طبقا لما جاء في
مضامين خطاب العرش الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الشعب المغربي وإلى المسؤولين
الحكوميين والقائمين على تدبير الشأن العام، والذي ربط المسؤولية بالمساءلة
والمحاسبة.
"صيحات في واد":
كانت الجريدة نشرت على أعمدة موقعها الإلكتروني، تحقيقات
مزلزلة حول "صفقة القرش الأزرق"، المثيرة للجدل. لكن جميع الكتابات ظلت "صيحات في واد"، أو ك"من يتعبد في الصحراء"، حسب المثل الفرنسي، بعد أن لم تلق آذانا صاغية من العامل السابق، معاذ الجامعي، هذا المسؤول الترابي الذي كم من حاجة قضاها بتركها جانبا، وكم من ملف
من العيار الثقيل و"فيه ما فيه"، حسم فيه بالاحتفاظ به في
رفوف "الأرشيف". ملفات حان الأوان أن
ينفض عليها الغبار محمد اكروج، عامل إقليم الجديدة الجديد، وضمنها ملف "لوروكان بلو"، والتي من المفترض والمفروض أن يكون اطلع عليها، عند
تبادل السلط مع سلفه، الدي ترك له "إرثا ثقيلا".
"الإدارة.. استمرارية":
إن على المسؤول الترابي الجديد، أن يدبر "التركة
الشرعية" التي خلفها العامل السابق، بحكمة وتبصر، وطبقا وتطبيقا للقانون، باعتباره
يمثل جهازا من أجهزة الدولة، وبحكم أن "الإدارة هي استمرارية" (l’Administration
est une continuité).
إلى ذلك، فلعل أنجع الخيارات
للحسم في هذا الملف، إما أن يعمل العامل الجديد، بعيدا عن الموقف
الذي قد ينعت ب"الحياد السلبي"، على تطبيق القانون، في إطار تفعيل
اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، وإما أن يحيل الملف على المفتشية العامة
لدى وزارة الداخلية، أو على المجلس الأعلى للحسابات.. ويجد بالتالي مخرجا من الباب الواسع.
وحتى يتدخل ويدخل على الخط من يهمهم الأمر،
وفي مقدمتهم عامل إقليم الجديدة الجديد، محمد الكروج، الذي وضع فيه الملك محمد
السادس ثقته السامية، لتدبير شؤون رعايا جلالته، فإن الجريدة تعرض تفصيليا قضية "القرش الأزرق"، التي تحظى باهتمام الرأي
العام، وفعاليات وحساسيات المجتمع المدني، والمتتبعين للشأن العام.
أحكام قصر العدالة بالجديدة:
أقام المجلس الجماعي لمولاي عبد الله، سنة 2008، في عهد
ولاية رئيسه السابق، حسن يشكر المعاشي، دعوى قضائية بالإفراغ، في مواجهة
شركة "إلينيو"، مكترية "القرش الأزرق". وكانت محكمتا
الدرجتين الأولى والثانية بقصر العدالة بالجديدة، أصدرتا تباعا حكما ابتدائيا
وقرارا استئنافيا في غير صالح الجماعة القروية. ما حدا بالجماعة المحكوم ضدها، إلى
الطعن عن طريق دفاعها الأستاذ سامي سلمان، المحامي بهيئة الجديدة، بالنقض في قرار استئنافية
الجديدة، الذي قضى بأحقية عقد الكراء، والحكم لفائدة شركة
"إلينيو". وهو الطلب الذي استجابت له محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا). حيث أحالت القضية على محكمة الاستئناف بالجديدة، للبث فيها من جديد،
بناء على سداده، من طرف هيئة قضائية أخرى.هذه الأخيرة قررت بدورها أحقية عقد الكراء، والحكم
لفائدة الشركة المكترية.
قرار استئنافية سطات "التاريخي":
عمد مجلس جماعة مولاي عبد الله إلى النقض من جديد، عن طريق دفاعه، في
الحكم الذي أصدرته استئنافية الجديدة، ملتمسة في حال قبوله، إحالة ملف الدعوى على
محكمة مستقلة، تكون خارج دائرة النفوذ الترابي والقضائي لمحكمة الاستئناف
بالجديدة.
وبالفعل، قضت محكمة النقض بقبول طلب المجلس الجماعي، وأحالت من ثمة ملف القضية على الغرفة المدنية بمحكمة
الاستئناف بسطات، والتي بثت في الدعوى
المدنية، وأصدرت قرارا استئنافيا عدد: 336
– 2015 – 1201، قضى بإلغاء عقد الكراء الذي كان يربط طرفي الدعوى، والحكم على
المكترية، شركة "إلينيو"،
بإفراغ "القرش الأزرق"،
بتعليل أن عقد الكراء غير قانوني وغير سليم، لكونه لم تتم المصادقة عليه من طرف "سلطة الوصاية".
وقد أحالت استئنافية سطات
القرار الاستئنافي الذي أصدرته، قصد تنفيذه، على المحكمة الابتدائية
بالجديدة، والتي فتحت له ملف التنفيذ عدد: 11– 2016.
التنفيذ في دوامة التأجيلات:
إن الحكم القضائي، موضوع ملف التنفيذ المرجعي،
كان مقررا تنفيذه في ال04 فبراير 2016.. إلا أن الشركة المحكوم ضدها، لجأت إلى المحكمة التي أمهلتها شهرين، من أجل تسوية وضعية المستخدمين
العاملين لديها، وتدبير معدات وتجهيزات "إالقرش
الأزرق".
وقد حددت المحكمة، بتاريخ: 24 أكتوبر 2016، الفاتح من مارس 2017، موعدا لتنفيذ الحكم، وأمهلت من ثمة الطرف
المكتري والمستفيد، مهلة إضافية تزيد عن 4 أشهر.
خيبة أمل
وانتكاسة:
هي خيبة أمل وانتكاسة مني بها مرة أخرى الجميع.. في
الوقت الذي كانوا ينتظرون على أحر من الجمر، ساعة الفرج واسترجاع "القرش
الأزرق"، إلى حظيرة ممتلكات جماعة مولاي عبد الله، بحلول الأربعاء فاتح مارس
2017.. الموعد الحاسم الذي كان مقررا أن
يشهد تنفيذ القرار الاستئنافي، الصادر في مواجهة شركة "إلينيو"، بعد أن طال انتظار
تنفيذه، منذ أن انتزعت جماعة مولاي عبد الله، في عهد رئيسها السابق، حسن يشكر
المعاشي، بتاريخ: 24 نونبر 2015، حكما قضائيا
من محكمة الدرجة الثانية بسطات. حيث قررت المحكمة مجددا تأجيل التنفيذ، إلى
غاية ال17 أبريل 2017.
في حلقة لا تنتهي:
في حلقة يبدو أنها قد لا تنتهي، بعد أن أصبح في كل مرة
تعمد السلطات المختصة إلى تنفيذ القرار
الاستئنافي عدد: 336
– 2015 – 1201، موضوع ملف التنفيذ عدد: 11–2016، والقاضي بإلغاء عقد الكراء الذي كان يربط طرفي الدعوى، والحكم على المكترية، شركة "إلينيو"،
بإفراغ "القرش الأزرق".. يصطدم بصخرة التأجيل، ثم التأجيل، ولا شيء غير التأجيل،
تحت تبريرات وأعذار وأسباب لم تعد البتة مستساغة أو مقبولة.
فالتأجيلات في هذه القضية التي تتعلق بتحرير واسترجاع
ملك جماعي، ومن خلاله، حماية المال العام والممتلكات والعقارات الجماعية، مافتئت
تعيد عقارب الساعة إلى نقطة الانطلاقة.
دورة فبراير ومقرر الصلح:
لقد أتاح تأجيل تنفيذ الحكم
القضائي بالإفراغ.. لمجلس جماعة لمولاي عبد الله، عقد دورته العادية برسم فبراير
2017، المحددة في موعدها، وفق مقتضيات القانون التنظيمي رقم: 113.14، المتعلق
بالجماعات المحلية، وإدراج نقطة تحمل رقم: 11، متعلقة بمشروع الصلح بين الجماعة
القروية وشركة "إلينيو"، مكترية "القرش الأزرق"،
ضمن جدول أشغال الدورة العادية، بتاريخ: 2 فبراير 2017. وهي النقطة التي تمت المصادقة
عليها.
وبالرجوع إلى تنفيذ الحكم بالإفراغ، الذي كان تم تأجيله، بتاريخ: 24
أكتوبر 2016، إلى ما بعد دورة فبراير العادية، أي ما بعد المصادقة على مشروع
الصلح، فقد بقي الأهم هو إحالة محاضر ومقررات
الدورة الثلاثة والثلاثين (33)، وضمنها أساسا المقرر رقم: 11، على سلطة المراقبة الإدارية والمالية،
عامل إقليم الجديدة السابق، معاذ الجامعي، للتأشير عليه من عدمه، سيما أن موعد
تنفيذ الحكم كان مقررا في الفاتح مارس
2017، قبل أن يتم تأجيله مجددا إلى ال17 أبريل 2017.
وتجدر الإشارة إلى أن المقرر رقم: 11، قد اصطدم بصخرة
المعارضة بجماعة مولاي عبد الله، التي وجهت رسالة تعرض إلى عامل إقليم الجديدة
السابق، باعتباره يمارس، طبقا لمقتضيات
الفقرة الثانية من الفصل 145 من الدستور، والمواد 115 – 187 – 188 – 189 من القانون التنظيمي للجماعات
المحلية، مهام المراقبة الإدارية على شرعية
قرارات رئيس المجلس، ومقررات مجلس الجماعة، والمراقبة المالية على ميزانية الجماعة
والمقررات ذات الوقع المالي على المداخيل والنفقات الجماعية.
وقد أثار بالمناسبة مشروع الصلح جدلا واسعا، جعل حساسيات المجتمع
المدني تدخل على الخط. ولم يكن أمام السلطة الإقليمية الأولى، العامل السابق، بعد
أن كان في "المنظار"، وتم توجيه
انتقادات لاذعة ومحرجة إليه، من مخرج، على الأقل مؤقتا وعلى ضوء الظرفية، سوى
تأجيل التوصل بمحاضر ومقررات الدورة العادية لمجلس جماعة مولاي عبد الله، إلى ما
بعد الفاتح مارس 2017، أي إلى ما بعد الموعد الذي كان مقررا لتنفيذ الحكم بالإفراغ.
ثغرات في القانون رقم: 14 - 113:
حدد القانون التنظيمي للجماعات المحلية، في مادته 116، أجل 15 يوما من أيام العمل الموالية لتاريخ
اختتام الدورة، أو لتاريخ اتخاذ قرارات الدورة، كالمدة القانونية لتبليغ
نسخ من محاضر الدورات ومقررات مجلس الجماعة، وكذا، نسخ من قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة
التنظيمية، إلى عامل العمالة أو الإقليم
أو من ينوب عته.
لكن المشرع لم ينص لا صراحة ولا ضمنيا عما يترتب عن عدم تقيد رئيس مجلس
الجماعة، بالمدة الزمنية المحددة، وعما إذا كان عدم الالتزام بالأجل القانوني،
سببا لبطلان المحاضر والمقررات والقرارات الجماعية.
ولعل الثغرات التي شابت القانون رقم، 14 - 113، جعلت العامل السابق، باعتباره سلطة المراقبة
الإدارية والمالية، على ضوء الظرفية ومؤقتا ولو إلى حين، وعلى غرار الرأي العام
وحساسيات المجتمع المدني والمتتبعين للشأن العام، في وضعية قانونية مريحة، وفي وضع
المتفرج والمنتظر.. والمترقب لقرار رئيس
ابتدائية الجديدة، جلسة الأربعاء 1 مارس 2017، في موضوع الدعوى الاستعجالية التي
رفعتها شركة "إلينيو"،
عن طريق دفاعها. وهي الجلسة التي تزامن عقدها، من باب الصدفة، مع تنفيذ الحكم بالإفراغ، المقرر في اليوم
ذاته.
التأجيلات.. لعنة (سيزيف):
لقد أصبح تأجيل تنفيذ الحكم القضائي، لأسباب ومبررات وأعذار
غير مستوعبة وغير مستساغة، يدور في حلقة مفرغة، نقطة الانطلاقة فيها هي نقطة
الوصول.. كما في الميثولوجيا الإغريقية،
حيث حكم كبير الآلهة (زيوس) على (سيزيف) أو (سيسيفوس)، بعد أن أغضبه، جراء خداعه إله الموت ( ثاناتوس)، من أجل معاقبته، بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه. فإذا وصل القمة، تدحرجت الصخرة إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا، تطارده حتى
الأبد لعنة الآلهة.
وخلاصة القول، فإن تأجيل تنفيذ الحكم القضائي بالإفراغ، الصادر باسم جلالة الملك، بعد 7 سنوات من التقاضي، ومساطر معقدة، والذي أصبح نهائيا وغير قابل للطعن، بعد استيفائه جميع درجات التقاضي، وبعد أن لم يكن بالهين أمر انتزاعه، في عهد رئيس جماعة مولاي عبد الله السابق، حسن يشكر المعاشي، وخاصة من محكمة خارج النفوذ الترابي والقضائي لاستئنافية الجديدة، (فإن تأجيله
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة