بنفس طويل، يخوض المغاربة من طنجة إلى لكويرة، منذ 4 أسابيع، حملة
المقاطعة التي أبهرت بشكلها الحضاري والسلمي، دول العالم المتحضر، بشهادة إعلامه المتحرر، وكبريات قنواته
التلفزية. حراك شعبي يعول فيه المقاطعون
المغاربة، أو بالأحرى المغاربة المقاطعون، بفضل نضجهم ووعيهم، على أنفسهم، وعلى ما جاد به العالم الأزرق من مواقع للتواصل الاجتماعي، بعد أن خذلتهم
الأحزاب، والنقابات، والمجتمع المدني، وحتى منابر إعلامية، ظهرت على حقيقتها، وانكشف القناع "الجميل"
الذي كانت تختبئ وتخفي وراءه وجهها الحقيقي.
هذا، وكان 40 مليون مغربي ينتظرون أن يتدخل رئيس الحكومة، ويدخل على الخط، إثر حملة مقاطعة
منتوجات استهلاكية، اكتووا بلهيب أسعارها، وأن يصطف وحكومته إلى جانب الشعب
المغربي الذي أوصلهم إلى قمة هرم السلطة في البلاد. لكنهم خيبوا آماله.
ولمن يهمه أو يهمهم الأمر، أخذ العبرة مما فعله من
أجل شعبه (فلادمير بوتين)، عندما كان وزيرا أولا في الحكومة الروسية، التي كان
يترأسها (دميتري آناتوليفيتش ميدفيديف)، والرجوع إلى "الفيديو" رفقته، الذي
تنشره الجريدة نقلا عن القناة الفرنسية (فرانس5).
لقد انقلبت الآية. فبعد أن خرجت عن صمتها، نصبت
الحكومة نفسها وكيلا على الشركات المحتكرة، التي تتحكم في السوق والأسعار. حيث اعتمدت في خرجتها اليتيمة "الاستفزازية"،
لهجة التهديد بالمتابعة القضائية في حق المغاربة المقاطعين، الذين لم يتجمهروا في
الشوارع ولا في الساحات العمومية، ولم يخرجوا في مسيرات حاشدة.. ولم يعرقلوا حركات
السير والمرور، أو عمل السلطات العمومية، ولم يقوموا بأية أفعال فوضوية، تخلف
قانون الحريات العامة، أو يجرمها القانون الجنائي.
فالمغاربة واعون بحقوقهم وواجباتهم، وبما لهم
وما عليهم، في احترام للقانون والأخلاق. فهم قد اختاروا المقاطعة كشكل من أشكال
التعبير عن تدمرهم من ارتفاع الأسعار، إثر الاحتكار في أبشع تجلياته، والدفاع، باعتبارهم "مستهلكين لمنتوجات
وطنية"، عن حقوقهم الاقتصادية، بعيدا عن "المزايدات السياسوية"،
التي أراد بعضهم أن يلبسها بهذا الحراك الجماهيري، بحملة القاطعة، التي هي من
الشعب، وإلى الشعب، ومرورا بالشعب، والتي كانت انطلاقتها من العالم الأزرق، الذي بالمناسبة
لا يخضع لأية وصاية، أو تبعية، أو هيمنة، من قبل أية جهة من الجهات.
هذا، وقد كان على الحكومة أن تتبنى على
الأقل، عوض صمتها الرسمي لثلاثة أسابيع، ثم حيادها المفضوح
ل"الباطرونا"، موقف الوسيط بين الشركات الثلاثة الكبرى، التي تتحكم في
السوق وفي الأسعار، وبين الشعب الذي اختار تبعا لذلك المقاطعة، وأن تعمل على إيجاد
حل للأزمة الخانقة، لا أن تصطف إلى جانب تلك الشركات الاحتكارية، وتدافع عن
مصالحها جهرا. حيث ظهر ناطقها الرسمي، مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالعلاقات مع
البرلمان والمجتمع المدني، في خرجته الإعلامية المستفزة، مدافعا عن شركة "سنطرال–دانون"،
ومهددا المغاربة بالمتابعة القضائية، على حد تصريحاته التي تعكس الموقف الرسمي
للحكومة، والتي هذا نصها: "(..) أن الترويج لادعاءات وأخبار زائفة وغير
صحيحة، مخالف للقانون، لا علاقة له بحرية التعبير. سندرس مراجعة القانون الحالي
(..)".
فعن أي "مراجعة" يتحدث إذن سعادة
الوزير مصطفى الخلفي، الذي شغل منصب
"وزير الاتصال، والناطق الرسمي باسم الحكومة"، في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، المنبثقة في نسختها
الأولى، عن حزب "البيجيدي"، وهو من ساهم في إخراج قانون الصحافة والنشر
عدد: 13 – 88، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم: 1.16.122،
بتاريخ: 10 غشت 2016، إلى حيز الوجود.. (فعن أية "مراجعة" يتحدث)، وهو الذي ينتقي العبارات،
ويحسن استعمالها وتوظيفها في سياقها النحوي واللغوي، ويعرف معانيها ودلالاتها ؟!
فهل سعادته لا يعلم أن القانون الجنائي وقانون الصحافة والنشر، الذي هو من صناعه،
يتضمنان نصوصا قانونية صريحة وواضحة، تعاقب على جرائم الوشاية الكاذبة، ونشر أخبار
زائفة وغير صحيحة، وعلى جرائم القذف والسب
والتشهير (الفصول 447 – 443 – 444 من ق. ج.، و72 – 83 – 84 – 87 من قانون الصحافة والنشر).. ؟!
وهما القانونان اللذان يتابع بهما، كما أورد موقع إخباري، وكما لا يخفى على سعادة الوزير الخلفي، الناطق
الرسمي باسم الحكومة، زميله السابق في الحكومة الحالية، نبيل بن عبد الله، الذي شغل منصب وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة
المدينة (يتابع بهما) عزيز الدروش، أمام ابتدائية الرباط
(المرجع: شكاية مباشرة تتعلق بقضايا الصحافة/الملف عدد: 22/2901/2018).
أم أن
سعادته كان يقصد بتلك الرسمية: "سندرس مراجعة القانون
الحالي"، أن الحكومة ستراجع رسميا القانون الجنائي أو قانون الصحافة، أو هما
معا، من أجل تشديد العقوبات الزجرية. وهذا ما فهمه المغاربة "المداويخ"
(écervelés)، الذين استفاقوا من دوختهم (فاقو من الدوخة والتدويخة ديالهم)، والذين
يوجد بينهم رجالات الفقه والقانون.. ووو.. أن الحكومة تعتزم، بإعلانها الرسمي عن "مراجعة
القانون الحالي"، وباستغلال حملة المقاطعة، ، وبعد جس نبض المغاربة، ومعرفة
ردود فعلهم، (تعتزم) ليس
توسيع دائرة حرية الرأي والتعبير،
وإنما مزيدا من التضييق عليهما في المغرب. المغرب الذي يتباهى بكونه دولة
ديمقراطية، تحترم حقوق الإنسان، والحريات العامة والفردية. ولعل هذا ما تنبأت إليه
بالمناسبة قناة "كفاح"، عندما قال منشطها في حلقة بثتها على
"يوتوب"، أن الدولة قد تسن، في حال فشل حملة المقاطعة، قوانين زجرية
(..). الدولة التي كانت سنت من قبل، المادة الثانية من القانون رقم: 39.08، المتعلق بالحقوق العينية، وهي المادة المشئومة، التي كان على الناطق
الرسمي باسم الحكومة، أن يعلن للمغاربة أن حكومة سعد الدين العثماني، ستعمل على مراجعتها
تشريعيا، وإلغاء مقتضياتها، بعد أن شجعت وتشجع مافيا العقارات على الاستيلاء على
عقارات المغاربة، المقيمين في الداخل والخارج، والإفلات من العقاب.
لقد كان الموقف الرسمي المستفز، الذي عبر عنه
الوزير الخلفي، مسمارا دقه في نعش الحكومة، بعد الزلات المتكررة، والأخطاء الفادحة
التي صدرت بشكل مسترسل ومتوال عن وزراء في حكومة العثماني.
وهكذا، تكون الحكومة قد اختارت التصعيد وصب
الزيت على النار، بنهجها سياسة التعنت وشد الحبل مع المغاربة المقاطعين، الذين هم وجهان لعملة واحدة، فهم
الشعب المغربي، والشعب المغربي هو المقاطعون.
هذا، ولم تتأخر ردود فعل نشطاء العالم الأزرق، والمغاربة "المداويخ"،
من خلال طوفان من التدوينات والتعليقات و"الكاريكاتيرات" الفايسبوكية،
والتي كان من أبرزها، في ظل التهديد بالمتابعة القضائية للمقاطعين، أنه يتعين إيجاد
حبس ل40 مليون مغربي.. في إشارة صريحة وواضحة إلى كون المغاربة أجمعين، من طنجة
إلى لكويرة، باستثناء أعضاء الحكومة، جميعهم منخرطون في حملة المقاطعة، التي
تستهدف الشركات التي تفرض الاحتكار، وتتحكم في السوق والأسعار في المغرب.
كما ولد الموقف الرسمي للحكومة، سخطا عارما
لدى المغاربة، الذين طالبوا بإسقاط حكومة العثماني، وسحب الثقة منها ولو "افتراضيا".
وقد انتشر بسرعة البرق على مواقع التواصل هشتاغ: #هذه الحكومة لا تمثلني.
إلى ذلك، فإن كانت
الحكومة على حق وصواب فيما يخص التصدي لترويج أخبار زائفة وغير صحيحة، ومحاسبة كل
من يروجها، فعليها أن تبادر إلى إعطاء
عربون عن حسن نيتها، وعن تطبيق القانون، الذي "يجب أن يعلو ولا يعلا
عليه"، وأن تتقيد في ذلك بمبدأ "القاعدة القانونية عامة ومجردة"، وعربون عن كونها لا تستهدف الشعب المغربي (..)، وذلك
بأن تبدأ ب"تنظيف بيتها الداخلي"، وبأن تسلك من ثمة المساطر والإجراءات
القانونية في حق سعادة الوزير المحترم، الذي خرج على الشعب المغربي، ومن داخل قبة
البرلمان، وبحضور أعضاء الحكومة والمستشارين البرلمانيين، بأخبار زائفة وغير صحيحة،
مفادها أن الشركة الفرنسية "سنطرال– دانون"، قد توقف نشاطها التجاري في
المغرب.. وهو ما كذبه في حينه مسؤولو الشركة الفرنسية.
وفي السياق ذاته، لماذا لزمت الحكومة الصمت
حيال المقال الصحفي–القنبلة تحت عنوان: "الحكومة تضغط لعدم تخفيض
الأسعار"، الذي نشره موقع: "lesiteinfo"،
لصاحبه منصف بلخياط، وزير الشباب و الرياضة السابق.. ؟! حيث أكد كاتب المقال أن شركة "سنطرال" كانت عازمة
على تخفيض سعر الحليب، قبل أن تتدخل الحكومة، وتضغط عليها، وتمنعها من ذلك، مبررة
هذا الإجراء بأن "المغاربة غيضسرو عليهم".
ألا
يمكن من الوجهة الواقعية تفسير واعتبار صمت الحكومة، وعدم تكذيبها لما نشره
بالواضح والملموس موقع "lesiteinfo"
ذو المصداقية، أو عدم اللجوء إلى القضاء لتحريك المسطرة القضائية على خلفية نشر
أخبار زائفة وغير صحيحة.. يتعدى مجرد الادعاءات
والاتهامات، إلى الإقرار الصريح بوقائع وحقائق، لا تشكل البتة، في عدم وجود ما
يخالف ذلك، جرائم من الجرائم التي ينص ويعاقب عليها القانون الجنائي، وقانون الصحافة والنشر؟!
وبالمناسبة، فقد كان على الحكومة المنبثقة في
نسختها الثانية، عن حزب العدالة والتنمية، أن
تفعل مبدأ: "من أين لك هذا؟!"،
وأن تسائل مسؤولين سياسيين ينتسبان إلى الحزب ذاته، عن مصدر الثروة التي راكمها كل واحد منهما، حسب
ما أوردته المجلة الدولية: "toprichests.com"، ذات المصداقية، والمتخصصة في
الشخصيات السياسية، وتصنيفها السنوي لأغنى الشخصيات السياسية في العالم .. حسب ما تضمنه
تقريرها السنوي حول أغنى 10 سياسيين في
المغرب، برسم سنة 2018. فالأول من الزميلين في الحزب، وفي موقع المسؤولية
السياسية، يحتل المرتبة الخامسة، ب600
مليون دولار أمريكي، فيما يحتل زميله الثاني المرتبة السادسة، ب565 مليون دولار أمريكي.
فلماذا لزمت إذن الحكومة الصمت حيال ما نشره هذا
التقرير، الذي تضمن مفاجآت صادمة.. ؟! ولماذا لم تكذب أو تعمد إلى مقاضاة ذلك
الموقع الدولي "toprichests.com"، من أجل "نشر أخبار زائفة وغير
صحيحة"، في حال ما إذا كانت هذه الأخبار "زائفة"..؟!
ومن جهة أخرى، لماذا لم تقاض الحكومة سعادة الوزير الذي نعت
المغاربة ب"المداويخ"، ومدير شركة "سنطرال-دانون"، الذي وصفهم
ب"خونة الوطن". المغاربة الذين أبانت التجارب والمناسبات، والأزمات والأوقات العصيبة، أنهم مواطنون ووطنيون
مسالمون، يتحدون ويتوحدون حول ثوابت ومقدسات الوطن، التي يختزلها شعار المملكة
الخالد: "الله – الوطن – الملك". أوليس بالاحترام والمحبة المتبادلين،
اللذين يكنهما الملك محمد السادس لرعاياه الأوفياء، خدام الأعتاب الشريفة، عندما
يستهل جلالته خطاباته السامية، بعد حمد
الله والصلاة والسلام على خاتم الرسل والأنبياء، بمخاطبتهم: "شعبي العزيز"؟!
المكتسبات.. فعن أية "مكتسبات"
يتحدثون؟!
على ذكر "المكتسبات" التي كثر الحديث
عنها، فأية حكومة عرفها المغرب، منذ فجر الاستقلال، حاولت أن تجهز على حق الإضراب، الذي خوله دستور المملكة؟!
أليست حكومة عبد الإله بنكيران (أستاذ سابقا)، من أجرت
اقتطاعات بملايين الدراهم، من أجور الأساتذة الذين مارسوا حقهم المشروع في
الإضراب..؟! وللعلم، فإن هذه المبالغ المالية المقتطعة من أرزاق نساء ورجال
العليم، لم تعدها الحكومة إليهم، رغم أن
المحكمة الإدارية قضت بعدم مشروعية تلك الاقتطاعات.
أليس بسبب الفقر.. ماتت نساء دهسا تحت
الأقدام.. وأقبر شباب أحياءا في مناجم
الموت، وابتلع البحر حالمين على قوارب الموت،
بالهجرة إلى "إلدورادو" ما وراء البحار..؟!
فمن أفرغ صناديق الدولة.. ومن رفع دعم صندوق
المقاصة للمحروقات.. ومن يسعى إلى رفع الدعم عن "البوطاكاز"... وإلى
إلغاء مجانية التعليم.. ومن.. ومن.. ومن..؟!
ولماذا عصف "الزلزال الملكي" بمسؤولين
وزاريين وحكوميين، في عهد الحكومة المنبثقة عن حزب "البيجيدي"، وهم: محمد حصاد، وزير التربية
الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في
الحكومة السابقة، ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير
والإسكان وسياسة المدينة، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة،
والحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرا للصحة في الحكومة السابقة، إلى
جانب العربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين
المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتكوين المهني، بصفته مديرا عاما
لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقا، وعلي الفاسي الفهري، بصفته مديرا
عاما للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (..).؟!
ولماذا اعتمدت الدولة "تعويم الدرهم" (le
flot du dirham)، الذي
لم يكتمل دخوله حيز التنفيذ، سنته الأولى
في المغرب..؟! "تعويم الدرهم" الذي لم يجر في مرحلته الأولى، إلا بنسبة مائوية
ضئيلة، والذي أثار تخوفات مشروعة من تبعاته على الاقتصاد المحلي، وعلى القدرة
الشرائية للمواطنين.. رغم أن الجهات المسؤولة والرسمية كانت روجت، لتبرير اعتماد
تعويم العملة المغربية، على غرار دول عربية محدودة (مصر مثلا)، بأنه يرتكز على
الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة، بغية تعزيز تنافسية اقتصاد المغرب،
وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.
وسيساعد
"تعويم الدرهم" بعض القطاعات على الانتعاش من جديد، كالقطاع السياحي.
حيث سيصبح المغرب "أرخص" بالنسبة للسياح من خارج أرض الوطن. كما سيقود
تحرير العملة إلى انتعاش قطاع التصدير في المغرب،
لكون السلع المنتجة محليا، سيكون عليها إقبال في الأسواق الدولية، لانخفاض
سعرها (..)، وذلك مقابل ارتفاع أسعار الواردات، التي ستكون من النتائج المباشرة
ل"تعويم الدرهم". الأمر الذي
سيلمس المغاربة تأثيره على جيوبهم. فأسعار السلع المستورة، ستصبح مرتفعة، نظرا
لارتفاع قيمة العملة الأجنبية، مقارنة مع القيمة المنخفضة للعملة المغربية
(الدرهم).
وبالمناسبة، ألم يزد "تعويم الجنيه" في مصر، التي كانت
سباقة إلى ذلك، قبل المغرب، إلا في فقر وتفقير المصريين، وتقهقر قدرتهم الشرائية،
التي باتت في الحضيض..؟!
ولماذا لا يشجع مسؤولولنا الاقتصاد الوطني،
باقتناء سيارات المصلحة أو الخدمة، تكون محلية الصنع (من إنتاج وطني)، وبأثمنة
مناسبة، لا تثقل كاهل ميزانية الدولة، مثل سيارة "داسيا"، عوض السيارات
الفاهرة..؟! أ
لا يعتبر ذلك بمثابة "مقاطعة" للمنتوج
الصناعي الوطني، وإهدارا وتبذيرا للمال العام، ما يتنافى وترشيد النفقات
العمومية؟!
ولماذا يتابع أبناؤهم دراساتهم في المدارس
والمؤسسات الخصوصية، وفي دول "ما وراء البحار"..؟!
أليس في
ذلك إقرار بفشل المدرسة العمومية، المدرسة المغربية.. ؟!
أولا
يعتبر ذلك بمثابة "مقاطعة" للمنظومة التربوية في المغرب..؟!
ولماذا لا يشجعون السياحة الداخلية (الوطنية)..
عوض السفر بمعية أسرهم، إلى كبريات عواصم
العالم، لقضاء إجازاتهم السنوية، وعطل نهاية الأسبوع، في أفخم الفنادق والإقامات..
؟!
ألا يعتبر ذلك بمثابة "مقاطعة" للمنتوج
السياحي الوطني؟!
ألا يعتبر الجمع بين
السلطة والثروة "احتكارا"، كما الشأن بالنسبة للملياردير عزيز أخنوش، الذي جمع بين الثروة،
والعلاقات في الدوائر العليا، والسلطة، والموقع السياسي، والقيادة الحزبية (..). أخنوش
الذي خرج من عتمة الأعمال إلى نور الحياة الحزبية، حيث أصبح أمينا عاما لحزب
التجمع الوطني للأحرار. أخنوش الذي يشغل في حكومة سعد الدين العثمانين، وزيرا على
قطاعات حكومية حساسة واستراتيجية، وهي: الفلاحة، والصيد البحري، والتنمية القروية،
والمياه والغابات. وكان شغل في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، وزيرا للفلاحة والصيد
البحري.
فعزيز أخنوش يجمع بين العمل الحزبي المباشر، ومراكمة الثروات، وامتلاك الشركات ذات الارتباط
المباشر بالقطاعات الحكومية التي يشرف عليها، وبالاستهلاك اليومي للمواطن. أليس في ذلك "حالة
تنافي"؟!
ولماذا لا تسن الحكومة قوانين تنص على توفر بعض الشروط
الضرورية للترشح والمشاركة في الاستحقاقات
الجماعية والتشريعية، من ضمنها أساسا التنصيص على أن يكون المترشح حاملا فقط للجنسية
المغربية، دون سواها، أي أن لا يكون ذي جنسية مزدوجة، كأن يحمل مثلا "الجنسية الفرنسية"، إلى جانب الجنسية الأصلية والطبيعية (الجنسية
المغربية)..؟!
ولماذا لا يتخلى الوزراء والبرلمانيون والمسؤولون
الحكوميون، الذين أفرزتهم صناديق الاقتراع، عن رواتبهم ومعاشاتهم، مع الاحتفاظ فقط
ببعض الامتيازات، ماداموا يقومون بأعمال "تطوعية".. ؟!
الاحتكام إلى أعلى سلطة غي البلاد:
إلى ذلك، وفي ضوء شد الحبل بين الحكومة، والمغاربة
المقاطعين، الذين اختاروا المقاطعة سبيلا للتعبير عن تذمرهم من غلاء المواد الاستهلاكية، وتقهقر
قدرتهم الشرائية، وللدفاع عن حقوقهم الاقتصادية، بعيدا عن المزايدات السياسيوية، والمغالطات
التي يتم الترويج لها بنية مبيتة، لنسف هذا الحراك الشعبي، فتبقى الجهة الوحيدة
التي يعول عليها المغاربة، الاحتكام إلى أعلى سلطة في البلاد، مع استحضار الخطاب
السامي، الذي وجهه الملك محمد السادس إلى
شعبه العزيز، بمناسبة الذكرى 18 لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين، والذي
مما جاء فيه:
"(...) إن اختياراتنا
التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي
القدرة على التنفيذ والإبداع.
فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل
الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية
للمغاربة.
فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون،
إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة.
أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع
كل الأمور إليه.
(..) وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود
المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء
والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟
فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين،
تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن
المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين
أفسدوا السياسة ، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.
وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة ?
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة