كلية الآداب بالجديدة.. التسيير الارتجالي والتلاعب بمصير الطلاب
كلية الآداب بالجديدة.. التسيير الارتجالي  والتلاعب بمصير الطلاب


لن يكون منطلق هذه السطور التي تراهن على إزالة الغشاوة عن عيون كل المعنيين بالشأن الجامعي داخل فضاءات الجامعة وخارجها، هو التداول في "كاريكاتور الحوار" الذي عرفته كلية الآداب بالجديدة صباح السبت 18 يناير 2020 بين أعضاء لجنة النموذج التنموي وعينة من الطلاب منتقاة "على المقاس" حتى يروق مزاج "فريق بنموسى" دون أن يأتي "طالب مشاغب" يجر النقاش نحو السكة التي يجب أن تسير عليه؛ فقد كان حريا بالسيد إدريس جطو وهو الذي شرف فضاءات الكلية صباح هذا اليوم أن يخرج من جلباب عضو اللجنة ليدخل في ثوب رئيس "المجلس الأعلى للحسابات" ولو عبر جولة بسيطة داخل إدارة الكلية ليلمس شيئا من تنافي منطق الحكامة مع منطق التسيير الذي تعرفه المؤسسة.
سيجرنا الحديث إلى ما وقع بعد امتحانات الدورة العادية للفترة الخريفية برسم الموسم الجامعي 2019/2020 من "لعب العيال" كما يقول أشقائنا المصريون وبشكل خاص بعد بداية نشر النتائج في انتظار الدخول صوب الشطر الثاني متجليا في الدورة الاستدراكية؛ في اعتقادي الذي يتشبت بمبدأ النسبية عكس تسيير إدارة كلية الآداب بالجديدة الذي يقوم على مبدأ "الديمقراطية على المقاس" إن وجدت نفحة ديمقراطية أصلا، فإجراء الامتحانات كونه مرحلة مفصلية في سيرورة كلموسم جامعي ليس بمثابة امتحان لمعارف وإدراكات الطلاب فحسب، بل هو امتحان يخضع له كافة الفاعلين داخل الفضاء الجامعي من الطالب إلى الأستاذ/ة الجامعي/ة والإدارة، واليوم يجب أن نعترف بكل جرأة خصوصا بعد معركتين طلابيتين موسمي 2016/2017 وموسم 2018/2019 لا تقتصران في حدود الحق في تأجيل الامتحان بل هي انعكاس طبيعي للعشوائية التي تساوق تسيير إدارة الكلية للعملية التعليمية، بأن أول من نال ولا زال ينال NV (Non validé) هو الإدارة نفسها.
إن الحديث في هذا السياق سيجرنا إلى مثالين واحد متخفي غير بادي للعيان وجب إخراجه من الظلمات إلى النور بينما الثاني هو موضوع تنديد وقد يفتح السنة الجامعية فيما تبقى منها على كل الاحتمالات الواردة، المثال الأول ورغم موقفنا الثابت من ما يسمى ب"مجلس الكلية" لعدة اعتبارات؛ إﻻ أن القوانين والتشريعات المنظمة لسير مؤسسات التعليم العالي وعلى رأسها القانون 01-00 المنظم للتعليم العالي خاصة المادة 22 التي حددت تركيبة مجلس الكلية وأوكلت لها اختصاصات تتصل بسير المؤسسة الجامعة من أبرزها "وضع برمجة الامتحانات"، لكن المفاجأة التي وجب إخضاعها لتحقيق موضوعي وصارم هو أنه بعد نشر شعبة الجغرافيا للنتائج أصدرت رئاسة الشعبة "خارج نص القانون ومجلس الكلية" قرارا تحدد من خلاله تاريخا لامتحانات الدورة الاستدراكية ابتداءا من الأسبوع الأول في شهر فبراير، وهنا تحضرني ذكرى الحوارات التي أجريت مع عمادة الكلية موازاة مع معارك تأجيل الامتحانات حيث أن جوابها كان هو "مجلس الكلية هو المخول له أن يقرر في التأجيل والبرمجة فيما يخص الامتحانات من عدمها"، والآن نتوجه بالسؤال لنفس الجهة متسائلين : من خول لرئاسة شعبة الجغرافيا أن تقرر في تاريخ الدورة الاستدراكية والذي سيكون لدواعي تنظيمية ملزما بشكل غير مباشر لباقي الشعب، خارج المساطر القانونية والأجهزة المخول لها بقوة القانون التقرير في هذه النقطة الحساسة على رأسها مجلس الكلية ؟، وإذا افترضنا - من باب الافتراض - أن الإجابة العملية تتعدى إدارة الكلية فما محل رئاسة جامعة شعيب الدكالي كونها الساهرة على السير العادي والسليم للمؤسسات الجامعية التابعة لها من الاعراب ؟.
المثال الثاني وهو يتصل بواقعة صفعت الجميع، وهي الواقعة التي يتم مواجهتها بالتنديد في صفوف الطلبة وقد تفتح ما هو قادم من السنة الجامعية على عدة احتمالات، وهي تفاجئ كم هائل من الطلاب بنقطة الصفر خصوصا في الفصل الأول من شعبة اللغة الانجليزية في وحدة grammar، هذا مع العلم أن نقطة الصفر كما هو وارد في الإجراءات المتصلة بالامتحانات توضع في حالة الغياب وعدم اجتياز الامتحان، لكن هذا المرة تطال حتى الطلبة الذين اجتازوا الامتحان كما نسجل ظاهرة أخطر مما يكون، فالمطلع على دليل الطالب/ة الذي تقدمه إدارة الكلية بداية كل موسم جامعي للطلبة الجدد لمعرفة ما لهم وما عليهم وكونه رمزيا بمثابة تعاقد أخلاقي ومدني يستوجب احترامه من لدن كافة الأطراف، يعطي للطلاب الحق في طلب إعادة تصحيح ورقة الامتحان خلال 48 ساعة من نشر الامتحان، إلا أنه يتفاجئ الطلاب بإجابة بعض رئاسات الشعب من خلال الرفض وكأن النقط الواردة "نص مقدس" لا تشوبه شائبة، واليوم ها هي مصائر عدة طلاب تلاقي الضياع وتوضع على حافة الانهيار في ظل استمرار إدارة الكلية على نهج "الأذن الصماء" وكأنها تتلذذ بما يتعرض له الطلاب من معاناة وويلات.
إن هذه الأمثلة نوردها في هذه السطور ليس للاستعراض والسرد فحسب، بل هي تفتحنا على عدة أسئلة وإشكالات تتطلب إجابات عملية على الميدان، هذا إذا كان هاجس إدارة كلية الآداب بالجديدة فعلا هو تطوير آداءها التدبيري بما هو ضمانة لحسن سير العملية التعليمية، مع العلم أن تراكم التسيير العشوائي تفتقت عنه انفجارات تمثلت في معارك طلابية ومقالات لبعض الأساتذة الباحثين تنذر بعطب وجب اصلاحه قبل أن تلاقي السفينة غرق كافة ركابها فقط لأن الربان يترك صوت الحكمة منصتا لأصوات أخرى قد تجر إلى بر غير بر اﻷمان، وأعلم بأن ما دونته من السطور قد يجر علي الويلات التي قد تعصف حتى بمساري الدراسي في القادم من مراحل بعد الاجازة، لكن التضحية اليوم هي ضمان لراحة أجيال الغد.

عبد الله المستعين، طالب بمسلك
السوسيولوجيا، كلية اﻵداب والعلوم الانسانية بالجديدة

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة