عبد النباوي يراسل ممثلي القضاء الواقف بالمغرب في موضوع سن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية
عبد النباوي يراسل ممثلي القضاء الواقف بالمغرب في موضوع سن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية


وجه محمد عبد النباوي، الوكيل العام لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة بالرباط، إلى المحامي العام الأول، والمحامين العاملين بمحكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ومحاكم الاستئناف التجارية ونوابهم، ووكلاء الملك لدى المحاكم الإبتدائية والمحاكم التجارية ونوابه، دورية تحت رقم: 13 س، بتاريخ: 24/03/2020، في موضوع: "حالة الطوارئ الصحية"، هذا نصها:
نُشِر يومه الثلاثاء 24 مارس 2020 ، بالجريدة الرسمية عدد: 6867 مكرر، مرسومٌ بقانون يحمل رقم: 2.20.292، صادر بتاريخ: 23 مارس 2020، يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.
ووفقاً للمرسوم بقانون المشار إليه، فإن حالة الطوارئ الصحية يُعلَن عنها بمقتضى مرسومٍ يُتَّخذ باقتراح من السلطتين الحكومتين المكلفتين بالداخلية والصحة؛ ويحدد هذا المرسوم النطاق الزماني والمكاني لتطبيقها، والإجراءات الواجب اتخاذها خلالها.
ويخوِّل المرسوم بقانون للحكومة، أن تتخذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها الحالة، بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات. ويمكن  أن تكون هذه التدابير مخالِفةً للأحكام  التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. ولكنها لا تحول دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.
وترمي التدابير المتخذة من طرف الحكومة في حالة الطوارئ الصحية، إلى التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوقائية للمرض؛ وكذلك لتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم.
وينص القانون كذلك على الإمكانية الاستثنائية المتاحة للحكومة، لاتخاذ أي إجراء ذي طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي، يكتسي  صبغة الاستعجال، وتقتضيه الضرورة القصوى، إذا كان من شأنه الإسهام، بكيفية مباشرة، في مواجهة الآثار  السلبية المترتبة على إعلان حالة الطوارئ الصحية. 
ونص المرسوم بقانون كذلك على إلزام كل شخص يوجد في منطقة أُعلِنتْ فيها حالة الطوارئ الصحية، بالتقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية.
 ومن جهة أخرى، فقد جرَّم المرسوم بقانون الأفعال التالية:
مخالفة كل قرار من قرارات السلطات العمومية أو أوامرها، المتخذة في نطاق تدابير حالة الطوارئ الصحية؛
عرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة بمقتضى حالة الطوارئ الصحية، بواسطة العنف أو التهديد أو التدليس أو الإكراه؛
 تحريض الغير على مخالفة قرارات السلطات العمومية المتخذة بشأن حالة الطوارئ الصحية، سواء كان التحريض بواسطة الخطب او الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية،  وأي وسيلة أخرى تَستَعمِلُ لهذا الغرضِ دعامةً إلكترونية.
ويعاقَبُ على هذه الأفعال بصفتها جنحاً،  بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر، وبغرامة تتراوح بين 300 و 1300 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.
ونص المرسوم بقانون أخيراً على إيقاف سريان جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها. ويستأنف احتساب هذه الآجال ابتداء من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ. غير أن هذا التوقيف لا يشمل آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المعتقلين، ومدد الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.
 ويعني توقيف الآجال أن احتساب مدتها تخصم منه الفترة المعلن خلالها على حالة الطوارئ الصحية. وهي في الحالة الراهنة، الفترة المتراوحة بين 20 مارس و20  أبريل 2020. فمثلاً إذا تعلق الأمر بأجل استئناف حكم في قضية زجرية، صدر يوم 16 مارس  (أي قبل إعلان حالة الطوارئ، التي أعلن عنها يوم 20)، وهو عشرة أيام كاملة، كان يفترض أن تنتهي يوم 27 مارس؛ يتم احتساب أيام 17  و18 و19، ثم يتوقف احتساب المدة طيلة مدة الحجر الصحي  (من 20 مارس إلى 20 أبريل)، ليُستأنف يوم 21 أبريل. وفي هذه الحالة يتم احتساب سبعة أيام المتبقية كاملة، لينتهي الأجل يوم 28 أبريل. وبطبيعة الحال، فإن الآجال التي تحل خلال فترة الطوارئ الصحية كاملة، سيبتدئ عدها ابتداء من يوم 21 أبريل 2020.   ومن جهة أخرى، فالأمر يتعلق بجميع الآجال المنصوص عليها في كافة التشريعات القانونية والتنظيمية على السواء، ولا يستثنى منها سوى آجال الطعن الاستئناف بالنسبة لقضايا المعتقلين، التي لا يسري عليها مفعول التوقيف، بالإضافة إلى الآجال المتعلقة بالحراسة النظرية، وكذلك مدد الاعتقال الاحتياطي التي لا يشملها الاستثناء، ويتعين التعامل معها بالكيفيات العادية سواء في احترام آجالها، أو تجديدها.
ومن جهة أخرى، فقد نُشر بنفس الجريدة الرسمية المرسوم رقم: 2.20.293 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني، لمواجهة تفشي فيروس كورونا،  كوفيد 19، والذي أعلنت بمقتضاه حالة الطوارئ الصحية بكامل التراب الوطني، ابتداء من يوم 20 مارس 2020 إلى يوم 20 أبريل 2020، في الساعة السادسة مساءا.
وينص المرسوم على التدابير التي تتخذها الحكومة لمنع الأشخاص من مغادرة مساكنهم والمحلات الاستثنائية، التي يُسمَح لهم فيها بذلك. كما ينص على منع التجمهر أو التجمع أو اجتماع مجموعة من الأشخاص لأغراض غير مهنية، وعلى إغلاق المحلات التجارية  والمؤسسات التي تستقبل العموم.    ويخوِّل المرسوم للسادة الولاة والعمال، بموجب الصلاحيات الممنوحة لهم قانوناً، اتخاذ التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ المعلنة.
ولأجله، أدعوكم إلى العمل على التطبيق الصارم والحازم للمرسوم بقانون، فيما يخص المقتضيات الراجعة إلى اختصاصكم،  ولاسيما عدم التردد في إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية بشأن المخالفات التي تصل إلى علمكم بشأن تطبيق التدابير التي تتخذها السلطات العمومية، في إطار حالة الطوارئ الصحية؛ سواء تم اتخاذها بموجب مراسيم أو مقررات أو مناشير أو بلاغات، مثيراً انتباهكم إلى أهمية مساندة تلك التدابير الوقائية والحمائية  والعلاجية التي تتخذها أو تأمر بها السلطات العامة، لفائدة حماية المواطنين في حياتهم وصحتهم ومعاشهم. 
وإذا كنا على يقين من وعي المواطنين بخطورة الوباء،  وإدراكهم لأهمية احترام التدابير المقررة للوقاية والعلاج، كما يتجلى ذلك من انخراطهم الواعي في تطبيقها، وشجبهم لبعض التصرفات المخالفة لها التي ارتكبها بعض الأشخاص،  فإن استعمال التدابير الزجرية المنصوص عليها في المرسوم بقانون، يعتبر ضرورياً لردع المخالفين الذين يستهينون بحياة المواطنين وبسلامتهم، ويعرضونهم للخطر. ولذلك يتعين تطبيقها بالحزم اللازم والصرامة الواجبة  *على جميع الأفعال المرتكبة ابتداء من يومه 24 مارس، وهو تاريخ نشر  المرسوم بقانون، وإلى غاية الساعة السادسة من يوم 20 أبريل 2020.* مع العلم أن هذا الأجل بمكن تمديده بمقتضى مرسوم، عملاً  بأحكام الفقرة الثانية من المادة  الثانية من المرسوم بقانون السالف الذكر.
وأخيراً، إذ أشكر جميع قضاة وموظفي النيابات العامة بمحاكم المملكة، من أجل جهودهم الجبارة، للمساهمة في خدمة أمن بلدنا وسلامة مواطنينا، وفقا لتوجيهات جلالة الملك الرشيدة، وبالتعاون مع باقي سلطات الدولة، فإنني أدعوكم إلى مواصلة التعبئة حتى تتمكن بلادنا من تجاوز هذه المرحلة الصعبة بسلام، إن شاء الله؛ وأطلب منكم إشعاري بجميع التدخلات التي تباشرونها في إطار تطبيق القانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية؛ والرجوع إلي بشأن كل الصعوبات التي تعترصكم في تطبيقه. والسلام


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة