عيد الأضحى.. مناسبة دينية واقتصادية تحيي حرفا و مهنا موسمية تنعش شريحة كبيرة من المواطنين
عيد الأضحى.. مناسبة دينية واقتصادية تحيي حرفا و مهنا موسمية تنعش شريحة كبيرة من المواطنين


في هذا الروبورطاج تنقلكم جريدة «  الجديدة 24 » إلى الظروف التي يأتي فيها عيد الأضحى هذه السنة، تزامنا مع انتشار جائحة كورونا، كما تنقلكم إلى اقتصاد عيد الأضحى للوقوف على عشرات الحرف والمهن الموسية، التي ترتبط   بكبش الأضحية،  وتنعش شريحة كبيرة من المواطنين، و سرعان ما تختفي عن الأنظار صباح يوم العيد، لتضرب لنا موعدا لاحقا في العام المقبل.
يأتي عيد الأضحى لهذه السنة في ظروف عالمية استثنائية بسبب جائحة كورونا،  وما خلفته من تداعيات و انعكاسات سلبية مست جميع المجالات،  وأثارت جدالات ونقاشات همت عدة ميادين و مناسبات، ومنها مناسبة عيد الأضحى، حيث  طرح نقاش حول إمكاني إلغاء شعيرة ذبح الأكباش بهذه المناسبة، وبعد أخذ و رد و تردد رئيس الحكومة نفسه في الحسم، خرج وزير الفلاحة و الصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عن صمته مؤكدا للمواطنين أن حائجة كورونا لن تمنعنا من الاحتفال بعيد الأضحى بما في ذلك إقامة شعيرة الذبح، موضحا بالأرقام أن عدد رؤوس الأغنام المخصصة لهذه المناسبة كافي و أن مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتوجات الغذائية قامت بعملية ترقيم الأكباش الموجهة للذبح في هذه المناسبة،  و حسم الأمر في عدم إلغاء شعيرة الذبح  ،يوم الأربعاء 8 يوليوز 2020، على إثر إصدار وزارتي الداخلية، والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بلاغا مشتركا، وذلك في إطار الاستعدادات للاحتفال بعيد الأضحى المبارك، أخبرت من خلاله جميع المهنيين والفاعلين المعنيين، بالتدابير اللازمة التي يجب اتخاذها لضمان الظروف الصحية المناسبة في سياق جائحة كوفيد -19 ، ومنها تدابير رصد وتتبع الحالة الصحية للماشية وشروط الصحة والنظافة،  و اتخاذ إجراءات تهم إصدار دليل الإجراءات الصحية الوقائية ضد كوفيد- 19 الواجب تطبيقها يوم العيد، وخاصة من طرف الجزارين والتدابير التنظيمية التي يجب تنفيذها في أسواق الماشية المخصصة لعيد الأضحى، وكذا إحداث أسواق مؤقتة إضافية لتعزيز الأسواق الموجودة خلال فترة عيد الأضحى، و تعزيز تدابير المراقبة على نقل الماشية المخصصة للعيد في جميع أنحاء التراب الوطني، علاوة على توسيع نطاق الإجراءات الصحية، لتشمل المهن الموسمية المرتبطة بعيد الأضحى وذلك حفاظا على فرص الشغل المحدثة بهذه المناسبة.
هذا وكانت  عملية إعادة فتح الأسواق الأسبوعية بشكل تدريجي ،مع بداية المرحلة الثالثة لتمديد حالة الطوارئ الصحية، ابتداء من 11 يونيو 2020، قد  أعادت الحياة إلى تجارة الأغنام ، حيث شرع الفلاحون والكسابة في ترويج هذه التجارة استعدادا لعيد الأضحى، الذي يعتبر مناسبة غالية و ذات مكانة غالية و عظيمة في نفسية الناس، إلى درجة أنه يحلو للعديد منه تسميته ب" العيد الكبير "، كيف لا يكون مناسبة كبيرة ، ينتظرها العديد من المواطنين بدءا من الأطفال، الفلاحين، الكسابة، التجار، الباعة المتجولين، أصحاب الحرف و المهن الموسمية المرتبطة بهذه المناسبة، التي تحيي عشرات المهن المؤقتة، التي تنعش شريحة كبيرة من المواطنين.
فمع اقتراب  عيد الأضحى تنتشر، ابتداء من  فاتح ذي الحجة من كل سنة هجرية، حرف و مهن موسمية مرتبطة بكبش الأضحية ، فتنتعش وتزدهر على طول الأيام العشر التي تسبق يوم العيد،
 و تختفي عن الأنظار في صباح يوم العيد،  لتضرب لنا موعدا في العام المقبل بحول الله. 
و ارتباطا بذلك تشهد  مناسبة عيد الأضحى ، حكرة تجارية دؤوبة، تبدأ بتجارة الأغنام المخصصة للأضحية، التي تنطلق قبل العيد بحوالي شهر، بالأسواق الأسبوعية الشعبية، وتزدهر ، مع بداية فاتح ذي الحجة، حيث تعرف ارتفاعا في العرض كما في الطلب، مباشرة بعد فتح رحبات الأغنام بالمدن و الأسواق التجارية، التي تصبح قبلة للسكان، إذ لا حديث إلا عن كبش الأضحية، أناس يسألون عن الأثمنة هل هي منخفضة أم مرتفعة أم مناسبة ؟ و آخرون يسألون عن الجودة و ضخامة الأكباش، و فئة أخرى ذات الراتب الشهري المحدود تتساءل، هل تم صرف رواتب الموظفين أم لا ؟ أما الفئة المقهورة الكادحة المتأزمة ماديا ، نتيجة توقفها عن العمل لأزيد من ثلاثة أشهر بسبب جائحة كورونا، وبعد أن فقدت الأمل في إمكانية إلغاء شعيرة الذبح بهذه المناسبة، تتساءل كيف ستدبر ثمن الكبش، و ماذا ستبيع من آتات منزلها أو من أين ستقترض، لكي تشتري خرفا كيفما كان نوعه، تحت  ضغط الأطفال الصغار، الذين يتطلعون بشوق كبير إلى  رؤية الكبش، غير مبالين بالظروف المادية لوالدهم أو والدتهم، أما اليتامى والأرامل ثم الفقراء ، فهم جميعا يعلقون الأمل على محسن أو جمعية قد تجود عليهم بخروف صغيرة ، يعيد  البسمة إلى أطفالهم الذين كانوا يتساءلون عن الكبش، دون أن يتلقوا جوابا من آبائهم أو أمهاتهم اللواتي كن في وضعية لا يحسدن عليها.
 وترتبط بعملية بيع وشراء أكباش الأضحية، حرفة موسمية تعرف ب " الشناقة " وهم تجار موسميون يجلبون الأكباش عادة من الأسواق الأسبوعية الشعبية، إلى رحبات الأغنام التي تفتتح في المدن، إذا هم في  الأصل ليسوا كسابة أو فلاحين ،وإنما تجار موسمين يتشرون و يبيعون أكباش الأضحية ، لكسب هامش من الربح ، بعد أن يقومون ببعض التحسينات و التغييرات على شكلها، حيث يلجؤون إلى قص صوفها معتمدين على المقص الذي لا يفارق أياديهم ، وبعد ذلك يجددون تسويقها ، بأثمنة مغايرة لثمن شرائها بزيادة أحيانا تكون مناسبة ، كهامش للربح المعقول و المقبول، وأحيانا تكون زيادة مرتفعة  ومبالغ فيها، تغير أسعار سوق الأغنام،  لذلك  " فالشناقة " هم الذين  يتحكمون في أثمنة الأكباش، إلى درجة أنهم أحيانا يشكلون نقابة بينهم ، يخفضون الثمن في بداية السوق ، يعني أثناء عملية الشراء، وسرعان ما يرفعون الأثمنة عندما يبدِون في تجديد بيع ما اشتروه من الأكباش، وهو ما يؤثر على المواطنين المتبضعين خصوصا اللذين ليست لهم دراية بسوق بيع و شراء الأغنام، وإن كانت وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلعب دورا مهما في توعية الناس و إعطائهم فكرة أولية عن أثمنة الأضاحي.
"  الجديدة  24" التقت أحد هؤلاء  " الشناقة "  ولما عرفنا بهويتنا، راح يدافع عن مهنته ، يقول في هذا الإطار(  أسيدي الشناقة  كيتمحنو  بزاف بش يقربو الحولي من الناس، وكيقلبوه مزيان من العيوب و الأمراض، ومن حقهم  يتخلصو على هذ الشي ويربحو شوية ما فيها باس ) 
غير أن الفلاحين يرون أن هؤلاء " الشناقة " قد يربحون أكثر من الفلاح و الكسابة الذي أدى ثمن ارتفاع تكلفة الأعلاف  و ربى ثم اعتنى وأعد الأكباش طيلة السنة الفلاحية، لذلك يفضلون بيعها مباشرة للناس أو ما يسمينه ب " العيادة " و يقصدون بذلك المواطنين الذين يشترون الكبش للعيد ، وليس لتجديد بيعه كما يفعل " الشناقة ".
وبجانب " الشناقة " نجد السماسرة الذين لا يشترون ولا يبيعون ، ولكنهم  يلعبون دور الوسيط بين بائع الأضحية والزبون، من حيث تقريب أوجه الاختلاف في الأثمنة و ضمان جودة الكبش بعد عملية فحصه من العيون ، على أساس أن البائع و الشاري معا يقدمان لهم بعض الدريهمات تتراوح بين 10 و 20 درهما، وهي ظاهرة تبقى مقبولة، و يحبها كثير من المتبضعين خصوصا الذين ليست لهم دراية ببيع و شراء الأغنام، ولا بطرق فحصها هل هي مليحة أم غير ذلك ؟.
بالإضافة إلى تجارة الأغنام المخصصة لهذ المناسبة العظيمة عند المسلمين، تزدهر تجارات أخرى، تتطلب تكليف مادية إضافية، و بالتالي فإن تكلفة العيد لا تحسب بثمن اقتناء الخروف فقط، بل يضاف إليه ثمن مقتنيات أخرى ، منها شراء الأواني، التي يتفنن أصحابها في عرضها  بطريقة مرتبة ومثيرة  مستفيدين من تقنيات التسويق، مما يغري النساء على الخصوص، ويدفعهن إلى اقتناء الحاجيات الضرورية وغير الضرورية أيضا،  حيث  تشهد هذه التجارة  إقبالا واسعا وتنتعش أياما قليلة قبل العيد، إذ  نجد الشباب يقومون  باقتنائها عن طريق الجملة ، على أساس بيعها بالتقسيط في الأسواق الشعبية و بالشوارع و أزقة الأحياء الشعبية ، حيث تكثر ما يسمى ب " الفراشات " التي تعرض مثل هذا السلع، إذ لا يكاد يخلو حي أو سوق من وجود  الآلات الحادة ولوازم الذبح، السلخ، الشواء ، المسننات  والأرومة الخشبية التي تقطع عليها الذبيحة، و السكاكين ثم السواطير من مختلف الأحجام، حتى يخيل للناظر أن جل أنواع الأسلحة البيضاء معروضة للبيع، دون أخذ الحيطة و الحذر، من مغبة استعمالها، من قبل شخص طائش أو معتوه، قد يعتدي بها على المارة . 
 و قد لاحظت " الجديدة 24 " أنه بالرغم من أن فيروس كورونا لازال بيننا، وإن كانت مدينة الجديدة لم تسجل أية حالة إصابة جديدة منذ الأسابيع الماضية ، وأنه أيضا  بالرغم من موجة الحرارة التي يعرفها المغرب هذه الأيام، إلا أن ذلك كله لم يمنع من  خروج الناس و خاصة النسوة  قصد التبضع و التسوق ، مع اتخاذ احتياطات الوقاية من فيروس كورونا منها اتداء الكمامة، وتجنب الازدحام، واحترام التباعد الاجتماعي.  و يعتبر التسوق بهذه المناسبة واجبا للنساء، حرصا منهن على اقتناء كل مستلزمات والحاجيات، حيث تظهر تجليات فرحة العيد بذلك،  إذ  نلاحظ النساء على الخصوص، يخرجن، قبل أيام العيد ، للتبضع و التسوق و هن  يتهافتن لاقتناء الأواني البلاستيكية ،مستلزمات الشواء، السكانين الصغيرة ، مواقد الفحم والتوابل الطازجة، التي عادة ما تتكلف بها النساء، وتعملن على طحنها بحضورهن أمام البقال، حيث تحصر النساء على جودة التوابل، كونها هي التي تعطي لأطباق  العيد نكهة خاصة.
وإلى جانب ذلك تبرز حرف و منهن موسمية مرتبطة أشد الارتباط بكبش الأضحية، تنطلق هذه الحرف من الأحياء الشعبية ، وسرعان ما تنتشر تدريجيا في جميع شوارع وأزقة ودروب مختلف أحياء المدن المغربية، حيث يصبح الخروف المحرك الأساسي لاقتصاد العيد، فتشهد معظم الأسواق المغربية انتعاشة كبيرة، وتعود الروح لكثير من المهن والحرف  المؤقتة، التي غالبا ما يمارسها شباب عاطلون عن العمل ، تدفعهم الظروف المادية و الاجتماعية إلى البحث عن الحلول، للتخلص و لو مؤقتا من عطالتهم ،حيث ينتظرون هذه المناسبة، لينخرطوا في أجواء و طقوس العيد،  وهم يتاجرون  متجولين تحت ألسنة الشمس الحارة، أو قابعين على أرصفة الشوارع و الأزقة، وعلى  بجنبات الأسواق التي تخصص لبيع  و شراء كبش الأضحية، ينصبون الخيام البلاستيكية ، مما حول المنظر بجانب رحبة الأغنام بمدينة الجديدة ، على غرار باقي المدن، إلى مخيم للاجئين، إذ عاينت " بيان اليوم "  خياما مختلفة الألوان متباعدة فيما بينها كإجراء للوقاية من فيروس كورونا ،و قد تحولت تلك الخيم بسرعة إلى محلات تعرض سلعها للبيع، التي تنوعت بين الفحم ،التبن، الفصة، والبصل،  و " فراشات " لبيع مواقد الفحم و الأحباب و لوازم الذبح، وقد حثت السلطات المحلية ، هؤلاء الشباب البائعين المتجولين المؤقتين، على ضرورة الالتزام بقواعد النظافة و الوقاية من فيروس كورونا.
 وتحت هذه الخيم نجد شبابا يفترشون الحصير أو الكرطون،  وهم  يزاولون أنشطة تجارية موسمية  متعدد ، منها تجارة  الفحم ( الفاخر )  بالتقسيط ، نظرا للإقبال الكبير الذي تعرفه، كونها مادة ضرورية  ضمن لوازم العيد ، و بدونها لا تكتمل طقوسه، إذ لا يحلو لحم الأضحية أو ما يعرف عند المغاربة عموما  ب " بولفاف " إلا على نيران هادئة مصدرها مادة ( الفاخر )، و لهذا نجد  شبابا بوجوه طلاها لون الفحم الأسود، وحتى الكمامة الواقية من فيروس كورونا، لم تسلم من ذلك، في منظر يبعث على الشفقة و التضامن ، نجد هؤلاء الشباب التجار المؤقتين  يقومون بملء الأكياس الصغيرة ب( الفاخر)  وقد بحت حناجرهم إعلانا بأثمنة سلعتهم و أساليب إشهارها، مثل ( أزيد مبقاش الثمن مناسب و رخيس بسبب كورونا ) ( متنسايش المهم في العيد، الفاخر ألالى و مولاتي ) .
 وبجانب ذلك نجد تجارة أخرى بالتقسيط و هي تجار التبن أو الفصة المجففة، التي يحتاجها الناس لإطعام خروف العيد بأقل تكلفة، و هي حرفة يمارسها شباب تحولوا إلى تجار و موجهين بيطريين، في نفس الوقت، يبيعون أكياس الفصة أو التبن، وينصحون  المتبضعين بأوقات إطعام الخروف و الكمية التي يحتاجها في كل وجبة، التي يحددونها في ثلاث وجبات، مضيفين للمتبضعين أنه بعد تقديم التبن أو الفصة للخروف يجب إعطاؤه الماء الصالح للشرب، لأن  مادة التبن و الفصة جافة وبعد تناولها يحتاج الخروف إلى الماء، وإلا سيتأثر و ينعكس ذلك على وزنه ،هكذا يوجه هؤلاء الشباب بائعي التبن و الفصة المتبضعين يقول أحدهم بصوت عالي ( أسيدي الحولي دب راه سمين ، هذ الفصة غير بش يبقى محافظ على وزنه، إعطيها ليه ثلاث مرات في اليوم ومتنساش تعطيه الماء) و يقاطعه مساعد في البيع بصوت المتربع( هذه نصيحة من عدنا فابور ) .
بالقرب من رحبات الأغنام بالمدن كما بالأسواق الأسبوعية وأيضا بجانب محلات البيع، تنتشر حرفة الحمالة الذين يتكلفون بنقل الأكباش من مكان البيع إلى بيوت أصحابها ، سواء عبر سيارات لنقل البضائع من الحجم الصغير، الدراجات النارية الثلاثية العجلات، عربات مجرورة بالدواب أو التي يدفعوها شباب ببنية جسمية قوية ، نظرا لما تتطلبه من مجهود بدني وسرعة في الأداء لكسب أكبر ربح ، و يتم تحديد ثمن النقل حسب المسافة الفاصلة بين مكان نقل الكبش و عنوان سكن صاحبها، وقد يرتفع الثمن  حين يطلب من  الحمال بإيصال الخروف  إلى سطح عمارة.
كما تنتشر حرفة شحذ السكاكين ، التي تأتت الشوارع و الأزقة ثم جنبات رحبات الأغنام، وهي من بين الحرف الأكثر ارتباطا بعيد الأضحى، بل  واحدة من المهن التي تظهر بشكل استثنائي قبل عيد الأضحى، ففي الوقت الذي يلجأ البعض لاقتناء سكاكين جديدة كموضة عندهم ، يفضل، آخرون شحذ سكاكينهم القديمة، تحضيرا لاستعمالها من جديد في عملية ذبح الأضحية، التي من شروط ها الدينية أن يكون السكين حادا ، من أجل تسهيل عملية الذبح ، وبدون  إتعاب الخروف.
و من الحرف التي أخذت أيضا في الانتشار بمناسبة عيد الأضحى،  توفير محل أو كراج لاستقبال واستضافة  أكباش الناس و العناية بهم ثم حراستهم إلى غاية ليلة أو صباح العيد، حيث أصبحنا نلاحظ أن أغلب الأسر، خصوصا التي ليس لها متسع بالمنزل أو الشقة ، تضع فيه خرف  العيد، تلجأ إلى حارس الخرفان، مقابل ثمن لليوم الواحد ، يتراوح يبن 20 و 50 درهم، بمدينة الجديدة، و الملاحظ أن أصحاب الخرفان يزرون يوميا رفقة أطفالهم المحل الذي وضع به كبش الأضحية، للاطلاع على أحوال خرفانهم، ومنهم من يجلس مع الحارس لعدة ساعات يراقب تحركات خرفه، ولن يغادره حتى يطمئن عليه.
هذا ومن المنتظر ، كما جرت العادة دائما، في الساعات الأولى من صباح يوم العيد، أن ينتشر الجزارون المهنيون وأيضا الهواة الموسميون ،في شوارع أ و الأزقة، وهم يحملون على أكتافهم معدات عملية الذبح في إشارة واضحة لعرض هذه الخدمة على المواطنين الراغبين في ذلك، و من الجزارين من له زبائن معروفين ومعدودين ي، يتوجه إليهم مباشرة، ولكل واحد موعد محدد مسبقا،
 وتتم  بأثمنة مناسبة تتراوح/ مثلا في مدينة الجديدة،  في الغالب ما بين 150 و200 درهم، مع إمكانية الحصول على امتيازات أخرى كتمكينه من غشاء الأضحية أو ما يسمى ب " البطانية " وتنتهي عملية ذبح الأضحية غالبا ، قبل صلاة الظهر، ومن العائلات من يطلب من الجزار تقطيع الأضحية في نفس اليوم ، ولكن أغلب الأسر تحافظ على التقاليد التي ورثوها عن الآباء و الأجداد، حيث لا يتم تقطيع الأضحية إلا في صباح اليوم الثاني للعيد.
لينتهي المطاف ،مباشرة بعد عملية الذبح، بانتشار ظاهرة شي رؤوس الأضاحي، حيث يستعد لها أطفال الحي، بجمع قطع الأخشاب و القضبان الحديدية لبناء أفرنة خاصة تساعدهم على شي رؤوس الأغنام،  ويقسمون المهام ، بين من يتكلف بجلب الرؤوس و أطراف الخرفان من منازل الحي، و أخرون يسهرون على عملية الشي، فيما يقوم أخرون بتنظيف و غسل و إزالة آثار الحرق من هذه الأطراف، بينما تعمل مجموعة أخرى على إيصال الرؤوس و الأطراف المشوية إلى أصحابها و استخلاص واجب العملية التي  تتراوح ما بين 10 و 20 درهم، وقد يتنافس هؤلاء الشباب بينهم، حيث نجد هم، منذ فتح رحبات الأغنام، يبدؤون في تسجيل  أسماء الأسر و الزبائن التي سيتكلفون بشي رأس  أضحيتها ، بأثمنة مناسبة أملا في جمع دريهمات، عساها أن تلبي لهم بعض حاجياتهم اليومية، وهناك حالات و ظروف صعبة لبعض الأسر ، يفضل أبناء الحي الساهرين على العملية، أن لا يتسلموا منهم أي مقابل،  و ذلك من مظاهر التضامن و التعاون بهذه المناسبة .
وآخر حرفة موسمية تختتم بها  هذه المناسبة هي حرفة جمع جلود الأضاحي، حيث نلاحظ  مجموعة من الأشخاص ، في مساء يوم العيد أو اليوم الموالي له، يتجولون عبر عربات مجرورة أو مدفوعة وأحيان على متن سيارات للبضائع، و هم  يجوبون الشوارع و الأزقة، و ينادون بأعلى صوت، من أجل شراء الجلود ، رفقة مساعديهم الذي يلجؤون إلى طرق أبواب المنازل ، من أجل شراء و جمع هذه المادة الجلدية المهمة ، التي تستعمل في الصناعات الجلدية ،و التي تشكل  قيمة سوسيو- اقتصادية، لكون هذه المادة تدر أموالا ضخمة، لذلك  يجب الاعتناء بجلود الأضاحي، و تختلف أثمنتها حسب طبيعة الجلد، هل  أحسن الجزار سلخه دون تمزيقه أم لا ؟ وغالبا ما يتراوح الثمن بين 20 و 40 درهما .
بقية الإشارة إلى  أن مناسبة عيد الأضحى ، تخلف تضاعفا في النفايات و الأزبال، و عليه يجب جمع مخلفات الأضحية في أكياس مغلقة جيدا، و رميها في القمامات المخصصة لذلك، عوض وضعها على قارعة الطريق أو بجانب الأرصفة، كما يحدث أحيانا في منظر مقزز، مما يسيء إلى سمعة الحي أو المدينة عموما، ويؤثر على البيئة  وبالتالي على حياة الإنسان، لذلك وجب  التنبيه غلى هذه الظاهرة السلبية .

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة