المصحات الخاصة والاستهتار بصحة المواطنين.. الجديدة نموذجا
المصحات الخاصة والاستهتار بصحة المواطنين.. الجديدة نموذجا


حالات الإستهتار بصحة المواطنين مازالت متواصلة وهذه المرة لم تكن في المستشفيات العمومية وانما في احدى المصحات الخاصة بمدينة الجديدة،  حيث تمتل حالة سيدة حامل قصدت هذه المصحة المعروفة لإجراء عملية قيصرية، صباح اول أمس الجمعة، لإزالة جنين في بطنها ( fausse couche)تبين بعد إجراء الفحوصات السريرية أنه متوفيا ، عنوانا صارخا للجشع واستهتار المصحات الخاصة اذ بعد إجراء العملية في غرفة العمليات ، عجزت إدارة هذه المصحة الخاصة عن توفير سرير يأوي هذه السيدة، وذلك بفعل الاكتضاض الذي تعرفه هذه المصحة والتي تستقبل أعدادا من المرضى تفوق طاقتها الاستيعابية  ولمحدودية عدد الأسرة بهذه المصحة.. 

ولم يتعلق الأمر بهذه الحالة فقط بل تعداها إلى حالة أخرى في نفس اليوم بعد خضوعها لعملية انجاب ومباشرة بعد انتهاءها من وضع الجنين لم يجدوا لها غرفة في المصحة ما خلف غضبا عارما على إدارة المصحة من طرف عائلة المريضة..

هذه اختلالات  وغيرها التي تشهدها المصحات الخصوصية عموما ، من الغلاء الفاحش لأسعار ما تقدمه من خدمات طبية، وأيضا أسلوب التعامل مع المرضى وأسرهم، وغياب الفواتير والوثائق الثبوتية والشفافية المالية، ولكن مع  تفشي فيروس “كورونا” وتنامي الإقبال على هذه المصحات، عرى كل هذا الواقع، وجعل المصحات الخصوصية اليوم وحدها تجني أرباحا خيالية على حساب جيوب المرضى ومعاناتهم.
إن بعض هذه المصحات أصلا لا يتوفر على كل الشروط المطلوبة لاستحقاق ما تفرضه من أسعار، ولكن في غياب المراقبة المحكمة أو التدخل الحازم من طرف المسؤولين والأجهزة ذات الصِّلة، فهي اليوم تمارس عنتريتها  ضد المغاربة، وتجني الأرباح تلو الأرباح من دون أي إحساس بضرورة المساهمة في إنقاذ البلاد والعباد.
صحيح أن هناك مهنيون مواطنون داخل القطاع، وربما هناك أيضا مصحات خصوصية تعمل وفق القانون والضمير المهني، ولكن للمغاربة مئات الحكايات الصادمة والباعثة على الحنق والغضب، ولهذا يجب أن تتدخل أجهزة الدولة لوقف هذا العبث بصحة الناس وجيوبهم، والاغتناء الفاحش على حسابهم، كما لو أن أرباب هذه المصحات صاروا تجار أزمات وحروب، يمتصون دماء المرضى من دون مبالاة بأرواحهم.
وبين غياب المراقبة وسطوة لوبيات المصحات وأطباء القطاع الخاص في إقليم الجديدة يبقى المواطن أكبر المتضررين، ليس فقط ماديا، حيث يستغل أبشع استغلال من طرف أطباء بلا ضمير، بل معنويا، حيث تقدم الخدمات بالكثير من التكبر والعجرفة من طرف الأطباء مستهدفين إذلال المريض وذويه.
وإذا كان الإصلاح وإعادة الاعتبار لهذه المنطقة مس جملة من القطاعات، فإن مجال الصحة يبقى من القطاعات الحيوية التي يجب أن يشملها الإصلاح وتدخل السلطات الوصية المحلية والمركزية، سواء من طرف عامل صاحب الجلالة، أو من طرف وزارة الصحة . فهل سيكون التدخل مستقبلا لإصلاح أعطاب قطاع الصحة بالجديدة بداية لنوع جديد من التدخلات التي يجب أن تستهدف الحفاظ على كرامة المواطن،  ولتطبيق القانون ، فلا  يعقل أن يبرز جلالة الملك حرصه الملكي الدائم والمستمر عبر التتبع والتدخل والبحث عن الحلول واستشراف المخارج، وفِي المقابل نجد من لا يفكر سوى في استغلال الفرصة لمراكمة الثروات والأرباح على حساب صحة المواطنين وسلامتهم .

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة