بأمر من وكيل الملك لدى ابتدائية الجديدة، تم، الخميس الماضي، إيداع الإسبانيين الأربعة الموقوفين في إطار الاتجار الدولي للمخدرات، ضمنهم قاصر، رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة، مع عرضهم، في اليوم ذاته، في جلسة فورية، على الغرفة الجنحية، التي قررت تأجيل البث في القضية، من أجل تنصيب دفاع المتهمين والاطلاع على الوقائع والحيثيات المضمنة في ملف المسطرة التي أنجزتها الضابطة القضائية لدى المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بالجديدة.
هذا، فإن مصالح القيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، بكل مكوناتها البرية والبحرية، أوقفت، في حدود الساعة الرابعة من صبيحة الأربعاء 16 فبراير الجاري، 4 مهربين للمخدرات، يحملون الجنسية الإسبانية، وحجزت زورقا مطاطيا، على شاطئ سيدي بونعايم، بتراب جماعة اثنين شتوكة، حوالي 40 كيلومترا شمال مدينة الجديدة. وقد كان بالمناسبة للجريدة السبق إعلاميا في نشر وقائع هذه النازلة، التي استأثرت باهتمام الرأي العام.
إلى ذلك، فإن الإسبانيين الأربعة المتورطين في الاتجار الدولي للمخدرات، كانوا انطلقوا مؤخرا على متن زورق مطاطي سريع، من سواحل الضفة الجنوبية للقارة العجوز، في مهمة في غاية التنظيم والسرية، أوكلها لهم أباطرة المخدرات بأوربا (narcotrafiquants)، تروم استلام شحنة مخدرات من نقطة ترابية وبحرية غير محددة بالمغرب، كانوا سيتوصلون بمعلومات دقيقة حولها في آخر لحظة.. عند اقترابهم من السواحل المغربية، ومن ثمة تهريبها بحرا، عبر المياه الدولية من المحيط الأطلسي.
ورغم أن العملية كانت محكمة التنظيم، وجرى التحضير والتخطيط لها بعناية، فقد حصل ما لم يكن في الحسبان؛ حيث تعطلت وسائل الاتصال وجهاز تحديد التموقع (GPS)، المجهز بهم زورق المهربين الإسبان، الذين انقطع اتصالهم وتواصلهم مع مدبري العملية بإسبانيا، ومن ثمة، انقطع تلقيهم للمعلومات والتعليمات الازمة بشأن عملية الشحن والتهريب. ما جعلهم يتيهون مدة 4 أيام، في عرض سواحل المحيط الأطلنطي، إلى أن دخلوا المياه الإقليمية المغربية، وجنحوا بزورقهم المطاطي، ليلة الثلاثاء-الأربعاء الماضية، إلى شاطئ سيدي بونعايم، حوالي 40 كيلومترا شمال عاصمة دكالة. حيث رصدهم رادار الدرك البحري بالجرف الأصفر.. لينطلق من ثمة أضخم تدخل أمني، قادته القيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، بمختلف مكوناتها البرية والبحرية، تحت قيادة وإشراف الكولونيل ماجور سعيد بن بلا، ومساعده، وقائدي السرية البرية والبحرية للدرك، وعناصر المركز القضائي ومجموعة التدخل السريع والشرطة العلمية. حيث انتقلوا، في حدود الساعة الثالثة من صبيحة الأربعاء الماضي، إلى الشاطئ المستهدف بالتدخل الأمني.
وجراء محاصرتهم من قبل دورية بحرية، عمد المهربون الإسبان إلى الجنوح بزورقهم المطاطي، إلى اليابسة.. إلا أن المتدخلين الدركيين تمكنوا من تضييق الخناق عليهم، وإيقافهم، بعد مطاردة برية، في الغابة المجاورة للشاطئ. كما جرى حجز الزورق المطاطي، الذي كان مهيئا لتهريب المخدرات، من المغرب إلى جنوب القارة العجوز، عبر الضفة الشمالية للبحر الأبيض. حيث يتم إخضاع الزورق، إلى جانب معدات وآليات أخرى تم حجزها، للخبرة، لفائدة البحث القضائي، الذي فتحته المصالح الدركية، بتعليمات من النيابة العامة المختصة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإسبانيين الأربعة، الذين أوقفتهم المصالح الدركية بالجديدة، وأشعرت بذلك القنصلية الإسبانية بالمغرب، قد تم التعامل معهم بشكل إنساني، إذ تم عرتهم السلطات المغربية على المستشفى المحلي بمدينة أزمور، لتلقي العلاجات الضرورية، سيما أنهم كانوا منهكين، ويعانون من الجوع والعطش والبرد الشديد.. إثر فقدانهم مدة 4 أيام، في سواحل البحر.
وبالمناسبة، فإن هذه العملية الضخمة، التي تندرج في إطار محاربة الاتجار الدولي للمخدرات، تعتبر الأولى من نوعها في عهد الكولونيل ماجور سعيد بن بلا، الذي عينته مؤخرا القيادة العامة بالرباط، على رأس القيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، والتي يشمل نفوذها الترابي إقليمي الجديدة وسيدي بنور.
وكانت بالمناسبة المصالح الدركية بالجديدة، أوقفت، أواخر شهر يناير الماضي، 5 بحارة يتحدرون من إقليمي الجديدة وسيدي بنور، أمر وكيل الملك بابتدائية الجديدة إيداعهم رهن الاعتقال الاحتياطي، على خلفية الاشتباه في تورطهم في الاتجار الدولي للمخدرات.
وعلاقة بهذه القضية، فقد كان جهاز الرادار لدى الدرك البحري بالجرف الأصفر، رصد في عرض سواحل الجديدة، في منطقة أولاد غانم، قاربي صيد دخلا في اتصال، حوالي 10 دقائق، مع جسم كبير، يرجح أن يكون "زودياك"، قبل أن ينطلق الأخير في اتجاه المياه الدولية؛ فيما أخذ القاربان اتجاهين متفرقين، قبل أن يعمد المتدخلون الدركيون إلى إيقافهما، وعلى متنهما 5 بحارة، وحجزوا، إلى جانب المركبين التقليدين، هواتف نقالة كانت بحوزتهم، وأشياء أخرى، وأجروا المعاينات، بغية تسليط الضوء على جميع الظروف والملابسات المواكبة للنازلة، بعد الاستعانة بالخبرات اللازمة.
إلى ذلك، وفي سياق التصدي للاتجار الدولي للمخدرات، فإن المتدخلين الدركيين من المركز القضائي لدى سرية الجديدة، قد ضبطوا، في حدود الساعة الواحدة من صبيحة السبت الماضي، إثر كمين محكم على منافذ الطريق الرابطة بين مدارة "المصور راسو"، والمنطقة الصناعية "الجرف الأصفر"، حوالي 15 كيلومترا جنوب الجديدة، سيارة من نوع "فياط"، مخصصة لنقل السلع والبضائع، كانت محملة ب70 رزمة من مخدر الشيرا. وكانت هذه الشحنة التي قدر وزنها بطنين، معدة للتهريب بحرا عبر شواطئ الجديدة، إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، في إطار الاتجار الدولي للمخدرات.
هذا، فإن المركز القضائي التابع لسرية الدرك الملكي للجديدة، قد أبان في عدة مناسبات، عن نجاعة في فك ألغاز قضايا من العيار الثقيل، تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات، والاتجار بالبشر، وعمليات تنظيم الهجرة السرية والتهجير إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.. "إلدورادو" القارة العجوز.
.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة