حرب بالوكالة تستهدف رئيس 'BNPJ' ورئيس استئنافية الجديدة.. وراءها بارونات المخدرات
حظي الأستاذ نهيد أحمد، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف للجديدة، على إثر الهجمة الشرسة، التي استهدفت شخصه، على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بتضامن وتعاطف المحامين بإقليمي الجديدة وسيدي بنور، والقضاة المنتسبين للقضاء الجالس والواقف، وموظفي وأطر وزارة العدل، العاملين لدى مختلف المحاكم، الخاضعة للنفوذ القضائي والترابي لدائرة استئنافية الجديدة.. إلى جانب التعاطف الذي أبداه عموم المواطنين، والمتقاضين، وهيئات وجمعيات المجتمع المدني.
هذا، وقام الأستاذ النقيب، وأعضاء مجلس هيئة المحامين بالجديدة، ورئيس جمعية نادي المحامين الشباب بالجديدة، وأعضاء مكتب جمعية النادي، والبرلمانية، الأستاذة شفيقة لشرف، منتصف نهار اليوم الجمعة، بزيارة للأستاذ نهيد أحمد، المسؤول القضائي الأول لدى استئنافية الجديدة، في مكاتبه؛ زيارة تعتبر شهادة تقدير وعرفان واعتراف لما أسداه بتفان هذا المسؤول القضائي، خدمة لقضاء والمتقاضين، وللوطن والمواطنين، والذي عرف باستقامته وبياض ونظافة يديه، والذي بصم، بإجماع الشهادات التي استقتها الجريدة، بعطاءاته، خلال مساره المهني المتألق، المحاكم التي مر منها، ومناصب المسؤولية التي شغلها.
إلى ذلك، وبالموازاة مع هذه النازلة، فقد كان بعلي هشام، رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، المعروفة اختصارا ب"BNPJ"، والتابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، بدوره، عرضة، من قبل، لحملة تشهير وإساءة مسعورة، على بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وعليه، فإن السؤال العريض الذي يطرح نفسه بقوة، ويجب على المتتبعين للشأن الأمني والقضائي بالجديدة والمغرب، ومعهم الرأي العام، استحضاره، هو: لماذا استهداف رئيس الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ومباشرة من بعده، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالجديدة، وتحديدا في هذا الوقت والتوقيت، وفي هذه الظرفية والظروف بالذات، والتي تتسم بالحرب التي أعلنتها لا هوادة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والقضائية، على الفساد والمفسدين، وعلى المهربين والضالعين في الاتجار الدولي للمخدرات؟
فمنذ حوالي 8 أشهر، سقط بتراب إقليم الجديدة، 3 من كبار بارونات المخدرات، وتلاهم تباعا آخرون، في إطار ما بات يعرف ب"عصابة زينب"، والتي تتداخل وتتشابك خيوطها مع شبكة "حمدون ومن معه". وقد كان الفضل في تفكيك هذه الشبكات الإجرامية، واعتقال المتورطين فيها، إثر المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، التي وفرتها، على امتداد أشهر من الترصد والتعقب، الاستخبارات المدنية، المعروفة ب"الديستي"، للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ذات الصلاحيات الأمنية والترابية الواسعة في جميع أرجاء المغرب، والتي تقدم رئيسها بعلي هشام، بطلب إلى الوكيل العام باستئنافية الجديدة، في إطار تفعيل مسطرة وإجراءات التنصت على المكالمات الهاتفية، وعلى الهواتف المحددة أرقامها، وفقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية؛ وهو الطلب الذي كانت الاستجابة إليه، تلزم بالضرورة، من أجل قانونيته ومشروعيته، عرضه على الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالجديدة، الأستاذ نهيد أحمد، والذي أبدى موافقته عليه في حينه. ما عبد الطريق لتدخلات الأجهزة الأمنية والموازية المختصة، والتي أسقطت في شباكها تباعا بارونات المخدرات، ومن تلطخت أيديهم من الدوائر المعروفة.
لعل كل هذه المعطيات وهذه الوقائع والحقائق، تقطع بالواضح والملموس الشك باليقين، وتكشف عن الأسباب الحقيقة خلف استهداف رئيس ال"BNPJ"، ومعه، ومن بعده، الرئيس الأول للقضاء الجالس باستئنافية الجديدة.. ووراء الهجمة الشرسة والحرب الانتقامية التي يقف خلفها بارونات المخدرات و"آخرون"، الذين سخروا بعض الأقلام ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تشتغل تحت الطلب، والتي توشك الأبحاث القضائية التي تجريها المصالح الأمنية الموازية، عن تحديد هوياتهم، والاهتداء إلى من ظلوا يمدونهم بالادعاءات الكيدية، المغلوطة والمغالطة للحقيقة والواقع.
إلى ذلك، فقد أضحت سواحل الجديدة ممرات شبه آمنة للاتجار الدولي وتهريب المخدرات إلى بلدان القارة العجوز، بعد أن حول بارونات المخدرات (narcotrafiquants)، منافذ نشاطهم من الشمال، في أعقاب تضييق الحصار عليهم، جراء تشديد المراقبة والحراسة الأمنية، التي تضربها في المنطقة السلطات الأمنية ولاستخباراتية والدركية.
وبالمناسبة، فقد تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، إثر التحريات الناجعة، والمعلومات الدقيقة، التي وفرتها "الديستي"، من إحباط العديد من عمليات تهريب المخدرات، عبر مياه البحر، بتراب منطقة الجرف الأصفر وسيدي عابد واثنين اشتوكة والبئر الجديد، إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وهي العمليات التي حجز على إثرها المتدخلون أطنانا من المخدرات، واعتقال العشرات من المتورطين في الاتجار الدولي، تمت إحالتهم على ابتدائية الجديدة، التي قضت في حقهم بعقوبات سالبة للحرية، فاقت 10 سنوات حبسا نافذا، وبغرامات مالية ضخمة، وبحجز السفن والمعدات المجرمة.
وقد تكون عمليات التهريب التي تم إحباطها، في منتصف الطريق، الواجهة الظاهرة لجبل الجليد؛ حيث قد يكون ما خفي أعظم، مقارنة مع العمليات التي قد يكون نفذها المهربون بنجاعة ونجاح، في ظروف لا يعرف غيرهم طبيعتها وتفاصيلها، وكبار المتورطين فيها.
هذا، وقد كانت الأيام الأخيرة حافلة بأحداث ذات ارتباط بالمخدرات، منها إيداع 3 دركيين من مصالح القيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالجديدة؛ فيما حدد قاضي التحقيق الجنحي لدى ابتدائية الجديدة، جلسة التحقيقات والاستماعات، ل11 دركيا آخرين، في حالة سراح، للاشتباه في ارتباطهم بعلاقات مشبوهة مع ما بات يعرف بقضية "عصابة زينب"، المعروضة على أنظار المحكمة الابتدائية بالجديدة.
وحسب مصدر مطلع، فإن الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية، التابعة للقيادة العامة للدرك الملكي بالرباط، قد استمعت في حالة سراح، طيلة شهر، للدركيين ال14، ضمنهم 3 عناصر إناث، منهم من عملوا أو يعملون لدى مصالح القيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، وذلك على للاشتباه في تورطهم في تسهيل عمليات تهريب المخدرات والمشاركة، وتلقى رشاوى.
كما أودع قاضي التحقيق بابتدائية الجديدة، "كولونيل" متقاعد بالدرك الملكي، رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي بالجديدة، للاشتباه في تورطه في شبكة إجرامية تنشط في تهريب المخدرات.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة