نظم منتدى شباب الغد ندوة علمية، حول موضوع "أسباب التطليق للشقاق في ظل العمل القضائي"، أطرها الدكتور والباحث المتخصص في قضايا الأسرة و المجتمع "ذ.عادل محفوظي"، بدار الشباب حمان الفطواكي بمدينة الجديدة خلال شهر يونيو الجاري، الذي حضرها ثلة من المهتمين بالمجال القانوني والحقوقي وطلبة باحثين وفعاليات المجتمع المدني.
في البداية تم تقديم نبذة تعريفية موجزة عن السيرة الذاتية للدكتور المحاضر "ذ.عادل محفوظي" الذي يشغل حاليا منصب رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي بنور، وإسهاماته العلمية والفكرية والثقافية في المجال القانوني والحقوقي، إضافة الى تقلده عدة مهام ومناصب بمختلف المدن المغربية.
تم بعد ذلك تم تقديم السياق العام الذي تندرج فيه الندوة على ضوء التعديلات القانونية التي عرفتها المنظومة القانونية المغربية في السنوات الأخيرة والتحولات الهيكلية العميقة التي عرفها المجتمع المغربي في جميع مناحي الحياة السياسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي اقتضتها ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق والاتفاقيات الدولية المرتبطة أساسا بحقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة والطفل خاصة، والتي وقع و صادق عليها المغرب والتزم دستوريا باحترامها.
حيث تناول الدكتور "محفوظي" موضوع مسطرة التطليق للشقاق على ضوء مدونة الأسرة والعمل القضائي من خلال الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وما تكتسيه من أهمية بالغة نظرية وعملية، نظرا لكون الأسرة تشكل مؤسسة اجتماعية متجذرة في عمق التاريخ، وحقيقة واقعية لا يدرك الإنسان أهميتها إلا إذا فقدها لأي سبب من الأسباب، وباعتبارها النواة الأساسية للبناء المجتمعي والديمقراطي والتربية على المواطنة الصالحة، وتقوم بدور هام في عمليتي التربية والتنمية.
مؤكدا؛ أن المشرع فقد حرص من خلال هذه المدونة على تنظيم الروابط الأسرية وفق ما يقتضيه لأجل حمايتها وضمان استمراريتها في أداء وظيفتها داخل المجتمع، انطلاقا من ضبط وتنظيم حقوق وواجبات جميع أفرادها.
واسترسل الدكتور "عادل"؛ أن مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المدونة مسطرة تعتبر ذات بعد وقائي وعلاجي الهدف منها تسوية وتصفية النزاعات الزوجية، حيث خول المشرع من خلالها للزوجين أو أحدهما إمكانية أخذ مبادرة اللجوء إلى القضاء، لطلب حل كل نزاع قائم بينهما بناء على الأسباب المبررة لذلك، كما خول للمحكمة بمقتضى النص القانوني سلطة الإثـارة التلقائية لتطبيق مسطرة الشقـاق، كحل للخلاف القائم بين الزوجين حول مسألة التعدد.
مشيرا بذلك الى أنه عندما يلجأ الزوجين أو أحدهما إلى المحكمة لحل نزاع يخاف منه الشقاق يتعين على المحكمة المختصة السعي أقصى ما يمكن لإنقاذ العلاقة الزوجية من الانحلال، من خلال القيام بكل الإجراءات الضرورية لاستقصاء أسباب النزاع و محاولة بإصلاح ذات البين بين الزوجين المتخاصمين، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود، وانتداب حكمين، وغير ذلك مما تـرى فيه فائـدة في هذا الشـأن، انسجاما مع المنهج الإسلامـي المتكامل بخصوص تسوية النزاعـات الزوجيـة الذي يؤكد سمو التشريع الإسلامي في معالجة الشقاق بين الزوجين.
مبينا، أن من المكاسب الهامة التي جاءت بها مدونة الأسرة، هو التنصيص الذي حافظ عليه المشرع من خلالها الثوابت المؤسسة للمرجعية الإسلامية، للحفاظ على تماسك الأسرة المغربية و استقرارها، إضافة إلى إسناد تطبيقها لقضاء الأسرة الذي يعتبر جهازا قضائيا جديدا في التنظيم القضائي المغربي، جاء في إطار تكريس التوجه نحو القضاء المتخصص قصد تفعيل مدونة الأسرة.
وأضاف الدكتور "عادل المحفوظي" باقتضاب للحضور عن مجموعة من الأسباب التي ترتبط أحيانا بالزوج و أحيانا أخرى بالزوجة، و قد تتعدى ذلك إلى المحيط الخاص بأحد الطرفين سواء الزوجة أو الزوج أو كلاهما، وقد عددها الى عوامل اقتصادي و اجتماعي و خصوصا المحيط البيئي للنشئة، بالإضافة الى تم طرح بعض الحلول العملية التي من الممكن أن تحول دون وقوع هذا النوع من الطلاق...
ليتم بعد ذلك فتح باب النقاش الذي كان غني بالتساؤلات والاستفسارات من طرف الحضور، أجاب عنها الدكتور بكل سلاسة واقتضاب، بحكم المهمة التي يشغلها كـرئيس المحكمة الابتدائية بسيدي بنور.
و في اختتام هذه الندوة تم تكريم الدكتور عادل المحفوظ من طرف أعضاء المكتب المسير لمنتدى شباب الغد بالنيابة عن كل الحضور، كعربون وفاء وتقدير على إسهامه العلمي والفكري في هذه الندوة، وعلى تكبده أيضاء عناء السفر من مدينة سيدي بنور الى مدينة الجديدة.
.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة