سبب اهتمام الإسلاميون بالأنثروبولوجي محمد الطوزي
حضر محمد الطوزي كأحد أهم الشخصيات الأكاديمية في الندوة الفكرية التي نظمها حزب العدالة والتنمية لتقييم حصيلة وتجربة الحزب على المستوى السياسي، واستشراف آفاق عمله وأدواره المستقبلية، وذلك استعدادا لمؤتمره الوطني التاسع المقرر يومي السبت 26 والأحد 27 أبريل 2025، وقال أن الحزب لايزال يمتلك أيديولوجيا صلبة...
يُولي الإسلاميون اهتماماً بالغا لكل ما يقوله محمد الطوزي، إما في مواضيع سياسية عامة أو في تفسير ظاهرة الإسلام السياسي، كما يلقى حضوراً كبيراً داخل مقراتها. هذا الاهتمام غير نابع من حب الإسلاميين للعلوم الاجتماعية والإنسانية ومحاولة الاستفادة منها في الخروج من الأزمات التي يمرون بها، بل لديهم من الفقه وعلم الكلام القديم، ولديهم من المنظرين مثل محمد قطب والسيد قطب وخالص جلبي والريسوني والقرضاوي ما يكفي من أجل فهم الواقع ولو وفق تصورات قديمة.
رغم أن الطوزي لا يقدم أي تفسير جديد للحقل الإسلامي، وكل كلامه قديم لازال يردده حول ظاهرة الإسلام السياسي، كلام لا يخرج عما كتبه بارتريك هايني في كتابه "إسلام السوق"، يحاول توظيف المنهج الإثنوغرافي الذي يبحث في مظاهر اللباس لدى الأخوات والإخوان وطرية تنظيم الجلوس وطريقة تنظيم المؤتمرات ونوع الآيات القرآنية والأغاني والشعارات التي يرددها الإخوان. يقول أن الإخوان تغيروا كثيراً، إلا أنه عند ينظر في النص الديني فإنه يتراجع عن كلامه فيقول أنهم "أصوليون وجوهرانيون ومتصلبون" لا يتبدلون ولا يتغيرون. كان يكفي أن يقرأ الإسلاميون لآصف بيات أو غوشيه أو أليفيي روا أو عزمي بشارة ليستفيدوا أكثر. أيضاً الطوزي ضعيف جداً في البحث العلمي، فقط الكتابة والتدريس باللغة الفرنسية هي من أعطته هذه المكانة، كتب مرة أن عبد السلام ياسين ليس لديه أبناء، وأنه يريد من يجعل من نادية ياسين نموذج فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبة الحسن والحسين. ولا يدري الطوزي معلومة بسيطة أن الشيخ ياسين لديه أبناء ذكور أيضاً.
إن اهتمام الإسلاميين بالطوزي مرتبط بالأساس ببعض المواقف الإيجابية التي بناها عن التسع سنوات من حكم العدالة والتنمية، بالنسبة له مكنت المغرب من الخروج من مأزق لا يحمد عقباه، قدمت العدالة والتنمية خيارات مهمة للنظام كما أمدته بنخب جديدة لم تتشوه صورتها السياسية، ثم يقول عن جماعة العدل والإحسان أن لها تكوين متين ومرجعية مؤسسة، ذات انتماء مغربي محلي، ومهما كان الاختلاف مع الشيخ ياسين فهو مؤسس مرجعية إسلامية مغربية الهوية، بل إن الجماعة حليف موضوعي للنظام. أيضاً قال الطوزي في أوج أزمة البلوكاج أن بنكران يمثل قفاز الشعب بينما يمثل أخنوش قفاز السلطة.
إلا أنه إذا ما نظرنا إلى الطوزي من خلال مواقفه العامة اتجاه النظام السياسي، فإننا نجده يدعم السلطوية ولا يخرج عنها، وأنه في أوج الربيع العربي قال كلام يوضح خيانة المثقف، قال أنه يتألم جداً عندما يرى الملك يتقاسم سلطته مع الإسلاميين، ثم قال أن الإسلاميين ليس لديهم مشروع سياسي. أيضاً نجد الطوزي ضمن لجنة النموذج التنموي التي لقيت انتقادات واسعة، من هي وما صفتها؟ وما الشرعية التي أنتجتها؟ والتي وصف صاحبها بنموسى في حضرة الإسلاميين بالفرنكفوني التي لا يثقن اللغة العربية. إلا أنه انضم للجنة ولم يقدم أي ملاحظات عن النموذج التنموي. كما أنه لا يقدم أية ملاحظات أو مواقف اتجاه قضايا زواج المال والسلطة أو انتهاك حرية الصحافة وحرية التعبير وحرية التجمع. في حين نجد لزميله في المهنة عبد الله حمودي مواقف جد مشرفة حول قضايا كثيرة تهم المغرب.
تبقى وظيفة الطوزي تلك الشَعرة-شعرة معاوية- التي يحافظ من خلالها النظام السياسي على علاقته بالحركات الإسلامية. فهو الأنثروبولوجي الذي درس الإسلاميين الثمانينات حيث اشتهر بكتابه "الملكيّة والإسلام السياسي بالمغرب" الذي نشر سنة 1997. إلا أنه لم يجدد معارفه منذ تلك اللحظة ولازال يعتبر الحركة الإسلامية تنظيم صلب لا يخضع للتغيرات الاجتماعية والسياسية، فموقفها من الديمقراطية والتعددية والحرية موقف ثابت لا يتبدل ولا يتغير. يركز في ذلك على النصوص مثل ما تفعل الدراسات الاستشراقية في حين يُغيب الواقع والممارسات السياسية.
عبد الرحيم بودلال: باحث في علم الاجتماع
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة