ازمور.. الموروث التاريخي و الأسباب الأمنية و البيئة دوافع أساسية لإعادة النظر في التقسيم الترابي
خلف التقسيم الترابي لدائرة آزمور خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي تدمرا و احتقانا اجتماعيا في الوسط الآزموري مازالت تدعياته تحدق بالمدينة لحد الآن، بحيث مازالت الساكنة تستشعر الحيف الذي طال المجال الترابي لمدينتهم و خاصة فيما يتعلق بالمجال البحري رغم قربها من شاطئ البحر الذي لا يبعد سوى ب كيلومتر واحد عن وسط المدينة.
لعب شاطئ البحر بمدينة آزمور عبر مصب نهر أم الربيع، جسر التبادل التجاري بين السكان المحليين و الفنيقيين و اقوام و حضارات أجنبية أخرى، فكانت ترسوا البواخر بميناء آزمور بالقرب من أبواب المدينة القديمة بالضفة اليمنى للنهر محملة بالبضائع و المنتوجات و المحاصيل الزراعية المتنوعة و المختلفة، لتعود محملة بالمنتوجات المحلية الفلاحية من قمح و شعير و قطن و حناء و مواشي و خيل و سمك الشابل... إلخ.
و خلال فترة التواجد البرتغالي بآزمور عقد حاكم مدينة آزمور اتفاقية تجارية مع الحاكم البرتغالي نصت في مجملها على حصول البرتغاليين لجزء كبير من المحصول الزراعي السنوي و الخيول و المواشي و أطنان من سمك الشابل، بالمقابل حماية تجار آزمور من هجمات القبائل المجاورة و إعتداءات التجار الأجانب و منهم البرتغاليين. فكان وصول بواخرهم عبر البحر مرورا بمصب نهر أم الربيع إلى ميناء آزمور بوابة دكالة. و قد عرفت مدينة آزمور نفس النشاط التجاري في البدايات الأولى لفترة الحماية الفرنسية قبل تراكم الرمال على مصب نهر أم الربيع، و التي منعت البواخر الأجنبية للوصول إلى ميناء آزمور.
كل هذه الإشارات التاريخية تظهر ارتباط مدينة آزمور بشاطئ البحر.
و ليس ببعيد عن هذه الحقبة الزمنية التي نعيشها، و بالضبط زمن حكم الملك الحسن الثاني رحمه الله برحمته الواسعة، أكد في خطابه خلال مؤتمر المهندسين المعماريين بمدينة مراكش سنة 1989م، على أن مدينة آزمور مدينة شاطئية...و هذه حجة دامغة و دليل قاطع على ارتباط مدينة آزمور ببحرها منذ فجر التاريخ، حيث قال: "إن المرء لا يمكنه أن يتيه إذا ما وضعناه في أزمور، يكفي أن يرى وادي أم الربيع و الأسوار العتيقة، ليعرف بأنه في المغرب، وليدرك بأنها من المدن الشاطئية التي كانت بها قصبات بناها الملوك المغاربة."
و يبقى السؤال المطروح: كيف تم إغفال كل هذه المعطيات التاريخية و الجغرافية و المجالية التي تؤكد على ارتباط مدينة آزمور بالبحر خلال التقسيم الترابي لدائرة آزمور؟
لقد اصبح يشكل شاطئ البحر القريب من مدينة آزمور حاليا محطة تهريب المخدرات، و مجالا خصبا للهجرة السرية، و ذلك يعود إلى الانفلات الأمني الحاصل بسبب قلة الموارد البشرية من الدرك الملكي، التي تتحكم في مجال ترابي قروي شاسع.
و في ظل هذه المتغيرات الأمنية الخطيرة، أصبح من الضروري على وزارة الداخلية إعادة النظر في التقسيم الترابي لدائرة آزمور، و إدخال شاطئ البحر القريب من مدينة آزمور في مجالها الترابي، إلى جانب مصب نهر أم الربيع الذي يعاني اليوم من كارثة بيئية لا يمكن حلها إلا بتنسيق وزارة التجهيز والماء و وزارة الداخلية مع جماعة آزمور بصفتها الشريك الأمثل لايجاد حلول بديلة، قادرة على خلق تنمية مستدامة على ضفاف النهر و محاربة كل أشكال مظاهر الانفلات الأمني بالشاطئ البحري.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة