الجديدة: دور شباب ومرافق مقفلة في وضعية كارثية والمدينة تعاني من نقص حاد في هذا الاختصاص
الجديدة: دور شباب ومرافق مقفلة في وضعية كارثية والمدينة تعاني من نقص حاد في هذا الاختصاص

 
في اطار عمليات البحث والاستقصاء التي تقوم بها فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية من اجل تحيين ملفها الترافعي في مجالات عدة   فوجئنا بوجود عدة منشئات وبنايات مسجلة في سجل ممتلكات بلدية الجديدة حسب تقرير مكتب الدراسات الخاص ببرنامج عمل الجماعة كدور الشباب وقاعات متعددة الاختصاصات، هذه البنايات اغلبها مقفول او يشتغل بشكل اعرج وروتيني كما هو حال دار الشباب بناني بالسعادة، البنايات  الأخرى المقفولة توجد في وضعية كارثية في حين تعاني المدينة من نقص حاد  على مستوى دور الشباب ...  ويمكن ان نسرد في هذا الاطار  الدور المقفلة وهي دار الشباب الضحى278م2-قاعة متعددة الاختصاصات الضحى124م2- -دار الشباب المستقبل132م2-دار الشباب العالية383م2. ومن بين هذه البنايات المشيدة بشكل باهر على مساحة  2056م2 دار الشباب المنصور  التي تتوفر على مرافق عدة كملعب وغرف وقاعات متعددة اعدت حسب معايير عصرية لخدمة الشباب،  فبعد ان ضلت مقفولة لسنوات عدة وضعت مؤخرا في عهد العامل السيد محمد الكروج  رهن إشارة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتستغلها بشكل جزئي منصة الابتكار المقاولاتي ودعم التشغيل لفائدة شباب إقليم الجديدة التي تحتل حيزا صغيرا من الفضاء في حين تبقى باقي المرافق مهملة كالملعب مثلا حيث كان من المفروض ان توضع رهن إشارة هذه المنصة دار بمساحة صغيرة كافية لأنشطتها.  
لابد ان نشير بالمناسبة الى امرين اثنين أولهما  وجود بناية أقيمت من اجل إقامة ملحقة إدارية ثامنة  بحي المطار ، لكن هذه البناية في وضعية كارثية بل أصبحت نقطة سوداء تحيط بها الحشائش والقاذورات من كل جانب خصوصا وان  التقطيع الإداري بالمدينة جعل الملحقة الإدارية الثالثة  تغطي مساحة جغرافية كبيرة تشمل بالإضافة الى عدة أجزاء من الاحياء حيي المطار والسلام  وهما من الاحياء الشاسعة  بكثافة سكانية عالية  . مما يجعل هذه  الملحقة امام اكراهات كبيرة في تتبع الأوضاع على ترابها من حيث المخالفات المختلفة كما ان اداءها الإداري يتسم بضغوطات كبيرة نتيجة العدد الكبير للساكنة على ترابها  وهو ما يتطلب إعادة النظر في التقطيع الإداري الحالي للمدينة بأنشاء المقاطعة الإدارية الثامنة لتخفيف الضغط على الملحقة الإدارية الثالثة
الامر الثاني  هو وجود بنايات  تشبه دور الشباب ملحقة ببعض الاقامات لكنها مستغلة من طرف الخواص وهو ما يقتضي فتح تحقيق للتأكد من انها لا تدخل ضمن ممتلكات جماعة الجديدة كما هو حال دور الشباب الضحى والمستقبل  .  
اننا في فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية نعي جيدا النقص الملاحظ في الموارد البشرية الكفؤة لتسيير هذه الدور ونعي الاكراهات المتعددة ووجود أولويات أخرى امام القائمين على الشأن المحلي لكن لابد ان  نعي بانه لا يمكننا  
ان نبني  صرحا حضاريا بالإسمنت  والحجر فقط  بل لابد  من مشاريع لبناء الإنسان لتحويله  من شخص خامل إلى شخص منتج، من شخص محدود الأدوار إلى شخص صاحب تأثير على نفسه ومحيطه ومجتمعه. من شخص  عادي بسيط  أقصى تفكير له هو كيف يوفر لقمة عيش يومه إلى أداة إنتاج ومشروع متحرك ، ليحيي الأرض وبيئتها  ويسعد الانسان الذي فوقها .
اذا كانت حاجتنا ماسة الى دور لإيوائنا  والى معامل ومصانع تحول المواد البدائية من مواد خام إلى منتجات مفيدة ، فان حاجتنا اكثر الى مصانع من نوع اخر لبناء الإنسان وتحويله من شخص كسول  سلبي  همه  تحقيق متطلباته البيولوجية ومن انسان متقوقع حول ذاته منبطح او منتقد عنيف معاد  لما حوله، إلى شخص إيجابي  منتج متصالح مع نفسه ومع محيطه مستخدم لإمكاناته فيما يفيده  ويفيد مجتمعه. انسان لا  يستعمل  جهده وعمله  لنفسه فقط بل يشارك في العمل الجماعي الذي ينتج الثروة والحضارة ويبعث الحياة فيما حوله.
حاجة الانسان  ليست فقط  اشباع  رغباته ومطالبه البيولوجية من مأكل وملبس  ومسكن ... فالاكتفاء بذلك رغم اهميته  يجعلنا  نتشابه  في اوجه كثيرة  مع عالم الحيوان ،لا بد اذن من الارتقاء من هذا المستوى  الى مستوى  الإنسان بصفاته الكاملة جسديا ونفسيا وعقليا  ، لان أي عمل واي تقدم واي حلم بالتطور  أساسه عمل  الإنسان الراقي  في ميادبن  التكنولوجيا و الصناعة  والفلاحة والتجارة..وكل اشكال الانتاج المختلفة التي سيبدع  فيها هذا الإنسان السوي  بإيجابية عالية وروح وطنية متميزة .
وتلعب المجالات الرياضية والثقافية والفنية  والترفيهية والاهتمام بالطفولة والشباب بالإضافة الى مؤسسات التربية والتعليم والتنشئة دورا بارزا في صناعة الانسان المنشود لأنها من جهة تحافظ على توازنه  النفسي والوجداني وسلامته الجسدية والعقلية وتدمجه في النسيج العام للمجتمع   وتهيئه الى تحمل مسؤولية المواطنة الحقة .ومن جهة اخرى تساهم في وقاية المجتمع من شتى الأمراض بحماية  الشباب من الانحراف وسلك سبل الضياع والتيه  
تأسيسا على ما سبق فان مدينتنا ملزمة بتدارك الخصاص المهول  في التجهيزات الرياضية والثقافية والفنية والترفيهية...واذا كان  مطمح اصلاح منظومة التربية و التعليم يبقى  مطروحا باستمرار على المستوى الوطني لتدارك عمليات التخريب التي طالتها في  الشكل والمضمون لاعتبارات ليس هنا  مجال التفصيل فيها فان الاهتمام وصيانة وتطوير الموجود  تبقى مسؤولية الفاعل المحلي الذي يجب ان يتحمل مسؤوليته كاملة في فعل كل الممكن وبث روح الثقة والامل والتعامل مع الواقع كما هو من اجل اصلاحه وتغييره   وليس الاقتصار على الانتقاد وتضخيم وابراز  الجوانب السلبية .
 لقد خبى دور النخبة الواعية وتوارى المثقفون وتغيرت ادوار  اغلب رجال التربية والتعليم والتنشئة والتأطير  الذين انسحبوا من العمل في الفضاء العام  للمجتمع  ليهتموا بفضائهم  الضيق الخاص  لأسباب شتى ليس هنا مجال الخوض فيها .
الملاحظ  كذلك ان المسؤولين   لا يعطون القيمة اللازمة  للشأن الفني والثقافي والرياضي والترفيهي الجاد  ولا يلتفتون الى متطلبات الطفولة والشباب الا قليلا .لذلك نرى ان تفريغ طاقات هؤلاء  الشباب في غياب هياكل التأطير تذهب في اتجاهات مختلفة تصل حد الاجرام  وعالم المخدرات او الانسياق الاعمى نحو الانعزال ومعادات المجتمع  والتطرف بمختلف انواعه واشكاله  لتحقيق الذات وكسب الاعتبار . ان مدينة كالجديدة التي تضاعف عدد سكانها عدة مرات لا زالت تتوفر فقط على دورين للشباب موروثين  من الحقبة الماضية كما ان التجهيزات الرياضية ودور الثقافة والمسرح  لم ترافق التمدد الذي تعرفه المدينة في كل الاتجاهات  وهو ما سيصعب  في المستقبل عملية تأطيرها  فالأحياء اصبحت تنتج ظواهر جديدة خطيرة على مستقبل المدينة وامنها وطمأنينتها  حيث  تسود ثقافة سطحية استهلاكية ومصلحية انعزالية وعنيفة تتوارى معها تدريجيا  الاخلاق والقيم النبيلة   الى الخلف وتتقدم المصلحة الخاصة بشكل قاس على حساب المشترك والمصلحة العامة بل اننا نجد تنامي العنف المادي والرمزي في كل فضاءات المدينة بتخريب الممتلكات العمومية وعدم الاهتمام بالشأن العام وتنامي السلوكات العدائية والسلبية كرمي النفايات كيفما اتفق وعدم الاهتمام بواجهات المساكن والاقامات ونظافة محيطها واعتبار الشارع والفضاء العام امرا يخص الاخر و فوضى التجوال في الشوارع سواء تعلق الامر بالراجلين او السائقين....الى غير ذلك من السلوكيات والمظاهر السلبية التي ترسم صورة قبيحة للمشهد العام بالمدينة .
ان الثقافة والفن والترفيه ....ليست من الكماليات انها من اساسيات العيش ومؤشر على التحضر والحياة المدنية السليمة  غيابها قد يؤدي الى نتائج غير محمودة وكارثية على المدى المتوسط والبعيد كما ان تمييعها  وتسطيحها واستغلالها في غير اهدافها يؤدي ايضا الى نفس تلك النتائج السلبية  ان الجديديبن والجديديات في حاجة  ماسة للذهاب كل نهاية اسبوع لمشاهدة عرض مسرحي  او نشاط فني  جاد ،انهم في حاجة ايضا للكثير من الندوات الثقافية ومعارض الرسومات وحفلات الموسيقى والمشاهدة الجماعية للأفلام ومناقشتها ... حياة الناس اصبحت محصورة في الصراع مع متطلبات  المأكل والملبس والجلوس في المقاهي ....  .الرياضة هي كذلك اداة من ادوات التنشئة والتهذيب والاندماج الاجتماعي  ولا نقصد بالرياضة استهلاك مباريات البطولات الوطنية والدولية المقصود هو تجهيز فضاءات وقاعات  للشباب لممارسة الرياضة ان مشاهدة اطفال يلعبون وسط الشوارع والفضاءات الغير مخصصة لذلك دليل  على تقصير واضح وعدم اهتمام بهم .ان المدينة في حاجة ماسة الى العشرات من القاعات و ملاعب القرب بمختلف الاحياء  لتدارك الخصاص المهول في هذا المجال  
واذا كان التأطير من المهام الاساسية  لمؤسسات التنشئة التربوية والاخلاقية والدينية  فان  الفاعل السياسي والمدني  يتحمل كذلك مسؤولية هذا التقصير وهو ما يتطلب من الهيات المعنية ان تعيد النظر في ادائها على هذا المستوى وان لا تكتفي بالأنشطة الموسمية الجافة   التي تغيب عنها اية مردودية .ان التأطير يقتضي عملا حيويا  مستمرا  قريبا من المواطنين والمواطنات  يهتم بمشاكلهم ويتفاعل عن قرب  مع رغباتهم ومتطلباتهم .انها من جهة مسؤولية هذه الهيات كما هي مسؤولية السلطات المختلفة التي عليها ان تيسر عمل المجتمع المدني الجاد  وتدعمه وتوفر له البنية التحتية والتجهيزات والبنايات  الضرورية للقيام بواجبه الوطني والدستوري .  
من اجل كل ذلك نلتمس من كل المتدخلين من منتخبين وسلطات ومختلفة ومصالح مختلفة  وعلى راسهم السيد عامل الاقليم بالالتفات لوضعية هذه المنشات التي صرفت عليها اموال طائلة لكنها اصبحت خربا بالمدينة   
 
خلية الاعلام والتتبع لفيدرالية جمعيات الاحياء السكنية

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة