يبدو أن تفعيل الجهوية المتقدمة في قطاع التربية والتكوين،
لم يأت إلا بالمتاعب والإحباطات التي انعكست سلبا على موظفي وزارة التربية الوطنية،
من أطر إدارية ومساعدين تقنيين، زاول جلهم، منذ حوالي 15 سنة، مهامهم لدى الأقسام والمصالح الداخلية، التابعة لأكاديمية
جهة دكالة–عبدة (سابقا)، التي أصبحت خاضعة، بعد حلها، للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين
لجهة الدارالبيضاء–سطات، طبقا للظهير الشريف رقم: 1.16.04، الصادر في 26 يناير
2016، بتنفيذ القانون رقم: 71.15، المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم: 07.00، القاضي
بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية، في عددها: 6437، بتاريخ: 08 فبراير 2016.
معاناة الأطر الإدارية والمساعدين التقنيين الذين ناهز
عددهم ال100، العاملين بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين دكالة–عبدة (سابقا)، الكائن مقرها في شارع
"فيكتور هيكو" بالجديدة، بدأت مع إشكالية تنقيلهم أو نقلهم أو انتقالهم،
في إطار إعادة الانتشار، رغم أن المرسوم الوزاري كان دقيقا في مقتضيات المادة 11 مكررة من القانون رقم: 71.15، التي نصت
على ما يلي: "ينقل الموظفون المرسمون والمتدربون المزاولون عملهم بإدارة الأكاديميات
الجهوية للتربية والتكوين القائمة في التاريخ المشار إليه في المادة 15 أدناه، بناء
على طلب يعبرون فيه عن رغبتهم، يقدمونه داخل أجل أقصاه ثلاثة (3) أشهر، إلى إدارة الأكاديميات
الجهوية للتربية والتكوين المحدثة وفق التقسيم الجهوي الجاري به العمل، أو إلى مصالحها
الإقليمية، أو إلى المؤسسات التعليمية التابعة لها.. غير أنه في حالة عدم تقديم المعنيين
بالأمر لطلبهم، يتم نقلهم تلقائيا لحاجات المصلحة.. وتعد الخدمات المنجزة من قبل المعنيين
بالأمر، بما في ذلك مدة العمل في الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين التي كانوا
يعملون بها، كما لو أنها أنجزت بالأكاديمية
الجهوية للتربية والتكوين التي تم نقلهم إليها".
وطبقا وتطبيقا لمقتضيات المرسوم الوزاري المرجعي، تقدم
موظفو أكاديمية جهة دكالة–عبدة (سابقا)، بطلبات عبروا فيها عن رغباتهم في الانتقال،
وكذا، الأماكن المرغوب فيها، إلى مدير أكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات، تحت إشراف الرئيس
السابق لقسم الشؤون التربوية بأكاديمية دكالة–عبدة (سابقا)، الذي تم تكليفه مؤقتا لشغل
مهمة منسق جهوي. وقد توصل مدير أكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات، بتاريخ: 04 أبريل
2016، بآخر دفعة جماعية من طلبات الانتقال.
هذا، ونصت المادة 13 مكررة من القانون رقم: 71.15، على
ما يلي: "تحل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المحدثة وفق التقسيم الجهوي
الجاري به العمل في تاريخ نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية، والمحددة قائمتها ومقرات
ودوائر نفوذها الترابي، بنص تنظيمي، محل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين القائمة
في التاريخ المذكور، في جميع الحقوق والالتزامات، وذلك وفق الكيفيات المحددة بنص تنظيمي".
وقد دخل موظفو أكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة، ومدير
أكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات، في شد الحبل بشأن الانتقالات، رغم أن المرسوم الوزاري
كان صريحا وواضحا ودقيقا في مقتضياته، ولم يترك مجالا للاجتهاد الإداري أو للتأويلات التي قد يترتب عنها حيف ومس بحقوق ومصالح
الموظفين. وأفضى شد الحبل إلى مسلسل من التصعيد
والنضال، كانت أبرز محطاته الوقفة الاحتجاجية الناجحة التي خاضها الموظفون المتضررون
أمام مقر الأكاديمية بالدارالبيضاء. ودخلت النقابات الخمس، الأكثر تمثيلية، على الخط،
وأصدرت بلاغات استنكارية.
وتجدر الإشارة إلى أنه رغم كون أكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات،
كانت توصلت بآخر دفعة جماعية من طلبات الانتقال
التي تخص موظفي أكاديمية دكالة–عبدة (سابقا)، بتاريخ: 04 أبريل 2016، حسب المراجع المدرجة
في سجل الواردات بمكتب الضبط، فإن اجتماع اللجنة
الجهوية التي تم تشكيلها للنظر في هذه الطلبات، لم ينعقد إلا بتاريخ: 19 ماي 2016،
أي بعد مضي حوالي شهرين.
هذا، ورغم أن قرارات الانتقال كانت جاهزة في ال20 ماي
2016، فإن المكلف بالتنسيق الجهوي، الرئيس السابق لقسم الشؤون التربوية، لم يتسلمها
في مقر أكاديمية الدارالبيضاء–سطات، إلا في حدود الساعة العاشرة من صباح الجمعة 29
يوليوز 2016، والذي صادف بالمناسبة يوم الجمعة. ولم يتسلم من ثمة موظفو أكاديمية دكالة–عبدة
(سابقا) قرارات انتقالهم إلا بعد ظهر اليوم
ذاته (الجمعة). ما عطلهم عن موعد صلاة الجمعة.
ولم يوقع الموظفون محاضر الالتحاق بالعمل في المديرية
الإقليمية للتربية والتكوين بالجديدة، إلا في حدود الساعة الرابعة ظهرا، في ظروف مهينة
للكرامة والاعتبار الذاتي والمعنوي، بعد أن امتلأت بهم مكاتب المصالح الإدارية والممرات
بطوابق المديرية الإقليمية، التي عرفت عملية إنزال غير مسبوقة لأزيد من 50 موظفا. وما
زاد من حدة الإحساس بالإهانة والذل، بعض موظفي المديرية الإقليمية الذين كانوا يسرقون
من خلف النوافذ وشقوق الأبواب، نظرات ملئها الاحتقار، حسب ما صرح به بتذمر
للجريدة بعض الموظفين "غير المرحب بهم".
وقد كان بالإمكان تفادي هذه الإهانات.. لو أنه جرى تخصيص
اجتماع في قاعة الاجتماعات بالمديرية الإقليمية، تلقى فيه أولا وقبل كل شيء كلمة ترحيب
بالموظفين القادمين لتوهم من أكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة.
هذا، وتضمنت قرارات الانتقال التي توصل بها موظفو أكاديمية
دكالة–عبدة (سابقا)، في فقراتها الأخيرة، الملحوظة التالية: "وبناء عليه، يتعين
عليكم الاتصال بالمديرية الإقليمية المذكورة .. فور توصلكم بهذه الرسالة، وموافاة قسم
تدبير الموارد البشرية بهذه الأكاديمية، بثلاث نسخ من محضر التحاقكم بالعمل"..
إلا أن الموظفين الذين تم انتقالهم إلى خارج مدينة الجديدة، وجدوا صعوبات في الالتحاق بمقرات عملهم الجديدة،
للتوقيع على محاضر الالتحاق بعملهم، في اليوم ذاته (الجمعة 29 يوليوز 2016)، على غرار
من تم نقلهم أو انتقالهم إلى مؤسسات تربوية، تجدر الإشارة إلى أن أطقمها الإدارية كانوا
في عطلتهم الصيفية، ابتداء من ال15 يوليوز 2016.
ومن جهة أخرى، تزامنت عملية تسلم الموظفين، أو بالأحرى تسليمهم قرارات انتقالهم،
مع يوم الجمعة 29 يوليوز 2016، وذلك مباشرة عشية عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد)،
وأساسا يوم السبت 30 يوليوز 2016، الذي شهد الاحتفالات الرسمية المخلدة للذكرى ال17 لتربع الملك محمد السادس على عرش أسلافه
الميامين.
وقد اضطر الموظفون للرجوع، الاثنين فاتح غشت 2016، وكان
يوم عطلة، لكونه صادف أول يوم من إجازتهم السنوية
(الصيفية)، التي تبتدئ في الفاتح غشت، وتنتهي في ال31 منه، (اضطروا للرجوع) إلى مقر
المديرية الإقليمية بالجديدة، للتوقيع على محاضر الخروج، وملء بطاقات الرغبات الخاصة
بالمصالح الإدارية التي يرغبون في العمل لديها.
وبالمناسبة، فقد كان بالإمكان تفادي هذه الارتباكات،
وما تولد عنها من إهانات ومس بالاعتبار الذاتي والمعنوي، وإحباطات واستياءات عارمة، لو أن الموظفين توصلوا بقرارات انتقالهم في الوقت
المناسب، سيما أن اللجنة الجهوية المشكلة، بتت فيها منذ أزيد من شهرين. وبالمناسبة،
فإنه ليس ثمة البتة ما يبرر احتفاظ مدير أكاديمية الدارالبيضاء–سطات بقرارات الانتقال
في مكاتبه، وعدم تسليما إلى المنسق الجهوي (المكلف)، إلا يوم الجمعة 29 يوليوز
2016. ما اعتبره الموظفون فعلا متعمدا ومقصودا، وبنية مبيتة، وحيفا واستفزازا في حقهم،
زادت من حدته ظروف التحاقهم بمقر عملهم الجديد بالمديرية الإقليمية بالجديدة.
ومن جهة أخرى، وقع الموظفون على عريضة، جراء إقصائهم
من الاستفادة من التعويضات الجزافية، إسوة بزملائهم في باقي الأكاديميات الجهوية للتربية
والتكوين، ومصالحها الداخلية والخارجية، بما فيها المديرية الجهوية الدارالبيضاء–سطات،
والمديرية الإقليمية بالجديدة.
وفي اتصال بالجريدة، أفاد موظفو أكاديمية دكالة–عبدة
(سابقا)، أن لجنة مثلتهم، كانت التقت بمدير الأكاديمية بالدارالبيضاء، ووعدهم بأنهم سيتقاضون تعويضاتهم
المستحقة. وعلى إثر ذلك، سلموا شيكات تحمل أرقام حساباتهم البنكية (RIB)، إلى المنسق الجهوي
بالجديدة (المكلف)، والذي سلمها بدوره إلى الكتابة الخاصة لمدير أكاديمية الدارالبيضاء–سطات
(الموظفة نزهة). إلا أنهم تفاجئوا بإقصائهم، دون سابق إشعار، من الاستفادة. وأضافوا
أنهم كانوا يلتحقون يوميا وبشكل اعتيادي، خلال الستة أشهر الأخيرة، بأقسامهم ومصالحهم
الإدارية بأكاديمية دكالة–عبدة (سابقا)، وأنهم كانوا "في وضعية قانونية"،
و"غير منقطعين عن العمل".
ووفق المنسق الجهوي (المكلف)، فإن مدير أكاديمية الدارالبيضاء–سطات
أعاد إليه شيكات الموظفين التي كان تسلمها في تاريخ سابق، والتي كان مقررا أن يتم تحويل
التعويضات الجزافية المستحقة، إلى حسابات أصحابها البنكية.
هذا، واعتبر الموظفون أن محمادين إسماعيلي، مدير الأكاديمية
الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدارالبيضاء–سطات، "أخلف وعده، وخرق القاعدة القانونية".
وهددوا، في حال عدم الاستجابة لمطلبهم المشروع، وتمكينهم من تعويضاتهم المستحقة، بخوض
مسلسل من النضالات التصعيدية، بدءا بمحطة وقفات احتجاجية أمام مقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين الدارالبيضاء–سطات، ومقر ولاية
جهة الدارالبيضاء–سطات، ومقر وزارة التربية الوطنية بالرباط. وهذا ما قد ينذر بانطلاقة
الموسم الدراسي 2016 – 2017، بالجديدة، على إيقاع موجة الاحتجاجات والاعتصامات.. على
صفيح ساخن.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة