بتعليمات من الوكيل
العام باستئنافية الدارالبيضاء، وضعت المصالح الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن
الدارالبيضاء، أمس السبت، طبيبا تحت تدابير الحراسة النظرية، على خلفية اااشتباه في
تورطه في ما يعرف ب"مافيا العقار"، التي استولت بطرق تدليسية، وبمشاركة مسؤولين
نافذين، على عقارات في مدن ومناطق حضرية في
المغرب (الجديدة – الدارالبيضاء – بوسكورة – الرباط ..). عقارات تدر ملايير الدراهم.
ومن ضمن ضحايا
"مافيا العقار"، مهاجرة مغربية (أحلام. ق.) مقيمة في بلجيكا، حكت للجريدة
معاناتها مع الطبيب الذي هو من أقاربها، اتهمته بالاستيلاء على بقعة أرضية في ملكيتها
بالجديدة، بعد أن عمد، حسب تصريحاتها، إلى عملية تزوير في عقد الإراثة.
وأضافت الضحية
أن مسؤولا أمنيا (نور الدين)، من أسرة الطبيب المتهم، برتبة عميد شرطة في الاستعلامات
العامة، ساومها، ومارس عليها ضغوطات بمعية برلماني سابق. وبالمناسبة، فقد رفعت الضحية،
المهاجرة المغربية، شكاية في حق المسؤول الأمني، إلى المدير العام للأمن الوطني عبد
اللطيف الحموشي.
هذا، وتوافد على
المصالح الشرطية بالدارالبيضاء، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، العشرات من
ضحايا مافيا العقار، قصد الإدلاء بتصريحاتهم وشهاداتهم وإفاداتهم أمام الضابطة القضائية.
وينتظر الرأي العام
والمتتبعون للشأن الأمني والقضائي أن يعهد الوكيل العام إجراء البحث والتحريات في هذه
القضية الجنائية من العيار الثقيل، والتي عمرت طويلا، وخلفت ضحايا كثر، منهم من فارق
الحياة، أو أصيب بأمراض مزمنة، (أن يعهد) إلى المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أو
الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
ومن المرتقب أن
يكشف البحث القضائي عن مافيا منظمة، تضم في صفوفها مسؤولين نافذين، ورفيعي المستوى،
منهم من يحظى بحماية خاصة.
هذا، وكان قصر
العدالة بالجديدة على موعد، شهر مارس 2014، مع وقفة احتجاجية عارمة، خاضها العشرات
من المواطنين ممن اعتبروا أنفسهم "ضحايا عصابات مافياوية"، استولت على عقارات
هي في ملكيتهم، عن طريق التزوير والتحايل والنصب".
وكانت الجريدة
واكبت هذه التظاهرة التي دعت إلى تنظيمها "اللجنة التحضيرية لضحايا مافيات ولصوص
العقار بالجديدة"، ضمت في صفوفها محامين وفعاليات حقوقية وجمعوية. وقد اصطف على
جنبات قصر العدالة الذي يحتضن محكمتي الدرجتين الأولى والثانية، حوالي 200 مواطن قدموا
من تراب إقليم الجديدة، كانوا يحملون اللافتات، ويرددون شعارات منددة بالاستيلاء بدون وجه حق على عقاراتهم، من قبل أشخاص
ذكروهم بالاسم والصفة. وقد شكلت هذه الوقفة الاحتجاجية غير المسبوقة وغير المعهودة
في تاريخ التظاهر في الشارع العام بعاصمة دكالة، زلزالا مدويا، استنفر السلطات المحلية
والأمنية، والأجهزة الموازية بمختلف تلويناتها.
وعلم من مصدر لدى
السلطات المحلية، أن أعداد الذين اعتبروا أنفسهم "ضحيا مافيات العقار بالجديدة"،
ناهزت ال70 ضحية، استحوذ أشخاص على عقاراتهم، حسب ادعاءاتهم واتهاماتهم، عن طريق النصب
والاحتيال والتزوير في الملكيات، وفي الإجراءات المسطرية والقانونية التي تخص التحفيظ
العقاري.
وأعلنت "اللجنة
التحضيرية لضحايا مافيات ولصوص العقار بالجديدة" في "بيان للرأي العام الوطني والمحلي"،
أصدرته وقتها، شه مارس 2016، عن إدانتها لما اعتبرته عمليات مدبرة، تلجأ إليها جهات
محترفة، للسطو على العقارات غير المحفظة، عن طريق نهج أساليب التزوير والاحتيال والنصب،
بالتواطؤ مع جهة إدارية.
وطالبت اللجنة
التحضيرية في بيانها، السلطات القضائية المختصة بالتعجيل بمحاكمة كافة المتورطين، وإنصاف
الضحايا، وممارسة صلاحيات التحقيق الموسع والعميق، لكبح جماح مافيات العقار التي أصبحت
تعبث فسادا في أملاك المواطنين، مستغلة التسهيلات ذات علاقة بمسطرة التحفيظ.
وأبدت اللجنة التحضيرية
التي تضم أساتذة محامين وفعاليات حقوقية وجمعوية، عن استعدادها للتنسيق مع كافة الفعاليات
المحلية والوطنية، بغاية إطلاق مبادرة المطالبة بتعديل الفصل 62 من قانون التحفيظ العقاري،
الذي يحمي المزورين، ويعطيهم الشرعية، من خلال ما يسمى بتطهير التحفيظ، حساب البيان
الذي يتوفر الموقع الإلكتروني على نسخة منه.
وللوقوف عن كتب
على هذا "الملف العقاري والقضائي الشائك"، وعلى خلفيات تنظيم الوقفة الاحتجاجية،
شهر مارس 2014، أمام قصر العدالة، وما ردده المحتجون من شعارات، عبارة عن اتهامات صريحة
ومباشرة، في مواجهة أشخاص ذاتيين ومعنويين، وكذا، تكريسا لمبدأ الرأي والرأي الآخر،
أجرت الجريدة اتصالات مع أطراف معنية، عينة
من الأشخاص "المستهدفين"، أو "المتضررين"، أو "فاعلين حقوقيين
وجمعويين".
وأفاد الأستاذ
رشيد وهابي، المحامي بهيئة الجديدة، أن أفعال التزوير التي أصبحت تطال عقارات مجموعة
من الناس في عدة مدن مغربية، بالاعتماد على شهود زور، لتحفيظ عقارات معينة، تكون مستغلة من طرف هؤلاء الضحايا، ولديهم
ملكياتها. لكن التزوير وتواطو هذه العصابات الجديدة مع موظفين في المحافظة العقارية،
يجعل كل عمليات التحفيظ من تحديد وإشهار، تكون وهمية، وتكون فقط في أوراق الملف، حتى
لا يعلم المالكون الحقيقيون بالعمليات الجارية لتحفيظ ملكهم، ويتعرضون على المطلب،
بالإدلاء بملكياتهم القديمة والحقيقية. وبعد تحفيظ العقار بطرق التزوير والتضليل، تبدأ عملية طرد المالكين الحقيقيين من هذه الرسوم،
من طرف المستولين عليها زورا. وأخطر ما في هذه الجرائم النوعية، أنه حتى لو أدين المزورون
في هذه الملفات، تبقى العقارات التي حفظوها في اسمهم، باستعمال التزوير، نظرا لكون الفصل 62 من قانون التحفيظ العقاري، يجعل الرسم العقاري المؤسس لأول مرة،"نهائيا ولا
يقبل الطعن"، ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية
المترتبة على العقار وقت تحفيظه، دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة. ووقوع التزوير
لتحفيظ العقار يعطي الحق للضحايا فقط لطلب التعويض، وليس محو تسجيل المزورين، وتسجيل
المالكين الحقيقيين. فالفصل 64 صريح في تنصيصه على ذلك بقوله:"لا يمكن إقامة أي
دعوى في العقار، بسبب حق وقع الإضرار به من جراء تحفيظ".ويمكن للمتضررين في حالة
التدليس فقط، أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية، بأداء تعويضات.وفي حالة إعسار
المدلس، تؤدى التعويضات من صندوق التأمينات المحدث بمقتضى الفصل 100 من هذا القانون.
إذن، فالمشرع المغربي مطالب بتعديل الفصل 62 و64 من قانون التحفيظ العقاري، حتى نوقف
المزورين، ونعاقبهم بحرمانهم من الأرض التي حفظوها بالتزوير، وننصف ضحاياهم.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة