مقر أكاديمية التعليم لجهة دكالة–عبدة المنحلة ''يسيل لعاب الطامعين''
مقر أكاديمية التعليم لجهة دكالة–عبدة المنحلة ''يسيل لعاب الطامعين''

لا يخلو تفعيل الجهوية المتقدمة في قطاع التعليم، من مشاكل  قد تنعكس سلبا على المنظومة التربوية بإقليم الجديدة، جراء المتاعب والإحباطات التي ولدتها لدى موظفي الوزارة، من أطر إدارية ومساعدين تقنيين، زاول جلهم، منذ حوالي 15 سنة، مهامهم  لدى الأقسام والمصالح الداخلية، التابعة لأكاديمية جهة دكالة–عبدة (سابقا)، التي أصبحت خاضعة  لنفوذ أكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات، طبقا للظهير الشريف رقم: 1.16.04، الصادر في: 26 يناير 2016، بتنفيذ القانون رقم: ،71.15 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم: 07.00، القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

هذا، وبدأت معاناة حوالي 100 موظف بالأكاديمية المنحلة، مع دخول الجهوية المتقدمة حيز التنفيذ في قطاع التعليم،  ابتداء من 8 فبراير 2016، تاريخ نشر الظهير المرجعي بالجريدة الرسمية،  في عددها: 6437.

وبالمناسبة، فقد وقع مع أجرأة الجهوية المتقدمة، وعلى عكس الانتظارات، "الانفجار الكبير والانشطار" (le big bang et la déflagration)، اللذان زعزعا الخريطة الجغرافية لجهة دكالة–عبدة. ما واكبه تغيير في تسمية الجهة  (دكالة–عبدة) التي أصبحت أثرا بعد عين، وكذا، في تسمية "النيابة الإقليمية"، وصفة "النائب الإقليمي"، اللتين طرحتا لعقود، إشكالا قانونيا وتنظيميا في العلاقات المهنية والتراتبية، كان يتم التغاضي عنه، (تغيير) على التوالي بتسمية "المديرية الإقليمية"، وبصفة "المدير الإقليمي". وهكذا، أصبحت المديريتان الإقليميتان لآسفي واليوسفية تابعتين لأكاديمية جهة مراكش–آسفي. فيما أصبحت المديريتان الإقليميتان للجديدة وسيدي بنور خاضعتين للنفوذ الترابي لأكاديمية جهة الدارالبيضاء–سطات (الجهة السادسة)، التي عينت وزارة رشيد بلمختار على رأسها محمادين إسماعيلي ، الذي شغل بالإدارة المركزية، منذ سنة 2007 (مدة 9 سنوات)، منصب مدير مكلف بالحياة المدرسية والتعليم التقني.

ولعل أبرز المشاكل التي أفرزتها الجهوية المتقدمة في قطاع التعليم بجهة دكالة–عبدة المنحلة، مشكل "الإرث" (ممتلكات ومنقولات، وموارد بشرية، وبنايات وبنيات تحتية..)، خلفته الأكاديمية المنحلة، و"لمن يؤول شرعا ؟"، والطريقة "الشرعية" (القانونية والمسطرية والإدارية)، التي يتعين اعتمادها في تدبير وتدبر هذا  "الإرث". وهو ما طرح إشكاليتين جوهريتين:

1/  الإشكالية الأولى: تتعلق بتنقيل أو نقل أو انتقال الموظفين المستهدفين، أو الذين شملتهم  عملية إعادة الانتشار، وتحديدا العاملين لدى الأقسام والمصالح الداخلية لأكاديمية التعليم دكالة–عبدة المنحلة؛

2/ الإشكالية الثانية: وتتعلق بتدبير الممتلكات والمنقولات، بما في ذلك أساسا وتحديدا مقر الأكاديمية المنحلة، الكائن في زنقة "فيكتور هيكو" بعاصمة دكالة (الجديدة).

تدبير الموارد البشرية:

فبالنسبة لإشكالية تدبير الموارد البشرية، فقد تم حلها. لكن "بأي ثمن؟".. بعد نضالات مستميتة خاضها موظفو الأكاديمية المنحلة، الذين كان مدير أكايمية جهة الدارالبيضاء–سطات  دخل معهم في شد الحبل.. رغم أن المرسوم الوزاري المرجعي كان واضحا وصريحا ودقيقا، ولم يترك مجالا للاجتهاد الإداري أو للتأويلات، أو التذرع ب"المصلحة العامة"، التي قد يترتب عنها حيف ومس بحقوق ومصالح الموظفين، وإصدار قرارات تعسفية، غير مبررة من الوجهتين الواقعية والقانونية، يمكن الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية. وبالمناسبة، فقد رفع القانون رقم: 71.15، في مادته الحادية عشرة (11)  مكررة، كل لبس أو التباس من شأنه أن يشوب الفهم الصحيح والتطبيق السليم لمقتضيات المرسوم الوزاري المرجعي.

تدبير الممتلكات والمنقولات:

نصت المادة 13 مكررة من القانون رقم: 71.15، على ما يلي: "تحل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المحدثة وفق التقسيم الجهوي الجاري به العمل في تاريخ نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية، والمحددة قائمتها ومقرات ودوائر نفوذها الترابي، بنص تنظيمي، محل الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين القائمة في التاريخ المذكور، في جميع الحقوق والالتزامات، وذلك وفق الكيفيات المحددة بنص تنظيمي".

ونصت المادة 13 مكررة مرتين من القانون رقم: 71.15، على ما يلي: "تنقل بدون عوض الممتلكات والمنقولات والقيم الموجودة في ملكية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المحدثة، وفق التقسيم الجهوي الجاري به العمل، التي تحل محلها

بكامل حقوق ملكيتها، وذلك في حدود دائرة النفوذ الترابي لكل أكاديمية. ولا يترتب عن نقل الملكية المذكورة أعلاه، أداء أي رسم للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.

وفي السياق ذاته، عممت وزارة رشيد بلمختار مذكرة وزارية على مدراء الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بتاريخ: 7 أبريل 2016، تحت عدد: 255/16، في موضوع: "تقسيم الممتلكات والمنقولات المتواجدة بمقرات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين القائمة، التي لم تعد مقرات بالجهات المحدثة".

مقر لا يساير تطور المنظومة:

يعود تشييد مقر المديرية الإقليمية بالجديدة (النيابة الإقليمية سابقا)، إلى سبعينيات القرن الماضي. وهي بناية من طابقين سفلي وعلوي. عرفت توسعا محدودا بإضافة قاعة للاجتماعات، وجناح من طابقين سفلي وعلوي. بنيتها التحتية ذات هندسة معمارية قديمة، بمواصفات متجاوزة. إذ لم تعد تساير التطور المتسارع، الذي مافتئت تعرفه المنظومة التربوية وطنيا وجهويا وإقليميا. فمكاتبها التي تناهز الأربعين،  تضيق عن استيعاب حوالي 90 موظفا عاملين لدى المصالح الداخلية، ناهيك  عما يقارب 40 موظفا لدى مصالح ومكاتب خارجية، ملحقة بالمديرية الإقليمية.

هذا، فإن مكاتب المديرية الإقليمية، يتداخل فيها في ازدحام الموظفون مع "البيروات" والتجهيزات و"الكراطن" و"الأرشيف". وحتى مرات الطابق العلوي بالنواة الأصلية، ضيق، وهو بمثابة "قاعة الانتظار"، يكتظ بالوافدين من أسرة شغيلة التعليم، ومن المتدخلين في الحياة المدرسية.. على مكتب المدير  الإقليمي، الذي لا يتناسب  واعتباره المعنوي، وحجم المسؤوليات والمهام الملقاة على عاتقه، وكذا، مكانة المنظومة التربوية، القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية

إلى ذلك، وجراء تفعيل الظهير الشريف رقم: 1.16.04، الصادر في: 26 يناير 2016، بتنفيذ القانون رقم: ،71.15 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم: 07.00، فإن الوضع بات مرشحا  للتأزم، سيما في ظل موجة الانتقالات التي همت أزيد من 50 موظفا، كانوا يزاولون مهامهم لدى الأقسام والمصالح الداخلية لأكاديمية التعليم بجهة دكالة–عبدة المنحلة، والذين التحقوا، في ال29 يوليوز 2016، للعمل لدى المديرية الإقليمية بالجديدة، والتي تضاعف عدد مصالحها الداخلية، وانتقل إلى 9 مصالح. أزمة وتأزم بدت معالمهما واضحة للعيان، الجمعة 29 يوليوز 2016، عندما التحق  موظفو الأكاديمية المنحلة، في أضخم عملية "إنزال"، بمقر المديرية الإقليمية بالجديدة، للتوقيع على محاضر الالتحاق بالعمل

مقر"يسيل لعاب الطامعين":

لقد وقف عن كثب محمادين إسماعيلي، المدير الجهوي لأكاديمية الدارالبيضاء–سطات،  خلال الزيارة الخاطفة التي قادته في وقت سابق إلى أكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة، على حقيقة وواقع مقر وبناية المديرية الإقليمية بالجديدة.

ومن ثمة، فلعل المسؤول الجهوي محمادين إسماعيلي، يملك بين بيديه حل "المشكل"، الذي لا يرقى حقا إلى "إشكالية" حقيقية. حل يكمن في مقر  أكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة، الكائن في زنقة "فيكتور هيكو"،  على بعد أقل من كيلومتر من مقر المديرية الإقليمية بالجديدة. هذا المقر الذي "أثار شهية الحالمين"، و"أسال لعاب الطامعين"، أملا في وضع اليد عليه، واستغلال بنايته مقرا لإداراتهم ومرافقهم. وهذا أمر لا يخفى على مدير أكاديمية الدارالبيضاء–سطات، الذي وجب تذكيره أن في ذلك تراميا على ممتلكات عمومية، تابعة لوزارة التربية الوطنية، وبأن الظهير الشريف رقم: 1.16.04، الصادر في: 26 يناير 2016، بتنفيذ القانون رقم: ،71.15 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم: 07.00، واضح وصريح ودقيق في مقتضياته.

وهذه بالمناسبة معطيات لا بد من استحضارها، وأخذها بعين الاعتبار، عند إقدام من يهمهم الأمر  وصناع القرار، على اتخاذ أي قرار غير صائب، قد تكون له تبعاته وما بعده، وانعكاساته على المنظومة التربوية بإقليم الجديدة:

لقد كان في الأصل مقر أكاديمية دكالة–عبدة المنحلة، مؤسسة داخلية لصيقة ببناية الثانوية–االتأهيلية ابن خلدون، أعرق مؤسسة تعليمية، تخرج منها (ثانوية ابن خلدون)، منذ فجر الاستقلال، شخصيات مدنية وسياسية ودبلوماسية وعسكرية،  تقلدوا مناصب المسؤولية في الحكومات المتعاقبة.

 هذا، وخضعت هذه الداخلية لعمليات تأهيل وإعادة التأهيل، منذ أن دخلت الخدمة، باعتبارها مقر لأكاديمية التربية والتكوين لجهة دكالة–عبدة. وقد عرفت توسعا أفقيا وعموديا في بنايتها وبنيتها التحتية. إذ أصبحت تتكون من 4 طوابق علوية، وطابق تحت أرضي، وقاعات كبيرة ومتوسطة للاجتماعات، وجناح تحت أرضي، وجناح أرضي إضافي، وجناح خاص بالمسؤول الأول.. بمواصفات ومعايير عصرية، تساير تطور المنظومة التربوية، القضية الوطنية الثانية.

 فالمكاتب التي تناهز السبعين، جميعها مجهزة، على خلاف مكاتب المديرية الإقليمية بالجديدة، وحتى مكاتب أكاديمية جهة الدارالبيضاء الكبرى (المنحلة)، بمعدات وتجهيزات "آخر صيحة" (ناظمات إلكترونية، وآلات الطبع والاستنساخ..). كما تستفيد من خدمات الربط بوسائل الاتصال والتواصل (الأنترنيت..). ناهيك عن كونها تتوفر على أحدث مطبخ تحت أرضي، الأضخم من نوعه، ربما في جهة الدارالبيضاء–سطات المحدثة، وحتى في جهة الدارالبيضاء الكبرى المنحلة.. علاوة على مراقد مؤثثة عصريا، لاستقبال وإقامة الوافدين من داخل المغرب، ومن الدول الشقيقة والصديقة (..). 

ولعل مكاتب المسؤول الأول بأكاديمية  جهة دكالة–عبدة المنحلة،  قل نظيرها في المغرب، وحتى داخل الإدارات المركزية، ومقرات الوزارات في الرباط.

هذا، وكلفت عمليات تأهيل وإعادة تأهيل مقر أكاديمية دكالة–عبدة المنحلة، التي باتت في مرمى "الطامعين"، اعتمادات مالية ضخمة بملايين الدراهم، تم رصدها من ميزانيات الاستثمار الخاصة بالأكاديمية المنحلة، برسم السنوات المالية المتتالية، في عهد ولايات مدراء الأكاديمية الذين تعاقبوا على تسييرها. ومن ثمة، فإن التخلي عن مقر الأكاديمية بالجديدة، أو تفويته إلى أية جهة كيفما كانت، باستثناء المديرية الإقليمية للتعليم بالجديدة، يعتبر خرقا للقانون، وتبذيرا للمال العام، وبالتالي جريمة مالية.

هذا، وينتظر المتدخلون في الحياة المدرسية، والمتتبعون للشأن التعليمي والعام، من مدير أكاديمية الدارالبيضاء–سطات محمادين إسماعيلي، أن يتخذ، مع انطلاقة الموسم الدراسي 2016 – 2017، قرارا جريئا، يقضي باتخاذ مقر أكاديمية جهة دكالة–عبدة المنحلة، مقرا للمديرية الإقليمية بالجديدة.


الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة