لا حديث بين ساكنة مدينة آزمور خلال الأسابيع الأخيرة إلا حول ظاهرة الباعة المتجولين الذين باتوا يغطون معظم شوارع و أزقة المدينة محولين إياها إلى أسواق يومية عشوائية بدون ترخيص من السلطات المحلية ولامصالح المجلس البلدي، هذا الأخير الذي اصبح بقوة موقعه بالمدينة من المناصرين و المدافعين عن هذه الظاهرة لا لشيء سوى أنها مجلب و مكسب اصوات انتخابية لها، دون علمه ان جلهم لا يتوفر على بطاقة الناخب.
باعة متجولون يتناسلون يوما بعد يوم بشاعر محمد الخامس و طريق مولاي بوشعيب، معرقلين حركة السير و الجولان، إذ قاموا بإغلاق كلا الشارعين في وجه المواطنين، محدثين فوضى و أزبال مختلفة اشكالها و روائحها من خضر و اسماك و قواكه و غيرها دون أن تتدخل السلطات المحلية والمنتخبة لتحرير هذه الشوارع رغم الاحتجاجات التي خاضتها الساكنة المجاورة لهذه الشوارع و الأزقة ونقابة تجار وأسواق بلدية آزمور.
لقد استوطن هؤلاء الباعة المتجولون بعرباتهم الفريدة أحيانا في الشكل و اللون أغلب أرصفة شوارع المدينة و خاصة شارع محمد الخامس القلب النابض لمدينة آزمور الذي اضطر معه تجار سوقه المركزي من إخراج سلعهم و خاصة منها السمك للشارع حيث يتم عرضه و بيعه و تقشيره مخلفين مخلفاته النتنة التي حولت الشارع لبرك أوحال يستحيل معها المرور فبالأحرى الاستنشاق، إلى جانب تحويل فضاء الأرصفة التي أمام المحلات التجارية لفضاءات تكترى لمن يود عرض سلعته باجر يتفاوت بين 10 و 20 درهما لليوم، وضع اصبح يتعين معه من جانب الراجلين اتخاذ كامل الحيطة والحذر لتفادي مشاكل الازدحام التي تركت الحبل على الغارب، فوجدها الباعة فرصة لاتعوض لاحتلال المزيد من ساحات الشارع بتناسل عددهم يوما بعد آخر.
هي إذن تجارة غير متكافئة بين أصحاب المحلات التجارية الذين يؤدون ضرائب سنوية و آخرون لا ضريبة لهم سوى ضريبة المخازنية و بعض المستشارين الجماعيين إما نقدا أو مادة قد لا تغني و لا تسمن من جوع، عربات يدوية وطاولات وصناديق خشبية ومنشورات من البلاستيك تؤثث الشوارع يوميا، تعرض أنواعا شتى من السلع، وخلفها يقف شباب و شيوخ و نسوة ، حتى الأطفال لديهم موقعهم بينهم، تتعالى صيحاتهم لإثارة اهتمام المارة لأهمية مايعرضون من بضائع وسلع مختلفة. قد تكون صالحة أو قد انتهت مدة صلاحيتها، منهم الواسع المزاج و منهم الضيق لدرجة أن بعضهم يحمل اسلحة بيضاء تحت ثيابه قد يستخرجها في اي لحظة غضب مهددا بها حى رجال الأمن إن استدعى الأمر ذلك أو للدفاع عن المكان الذي اتخذه مستقرا له عنوة ، اكتساح الباعة المتجولين هذا لشوارع المدينة بشكل غير مسبوق أثار استياء وغضب أصحاب المحلات التجارية، و رغم مجموعة من الاحتجاجات التي قاموا بها و العرائض التي تفدموا بها للجهات المعنية نتيجة المنافسة غير الشريفة فمازال الوضع عما عليه بل زاد حدة و سوءا، يقول أحدهم " لقد تأثرت تجارتنا كثيرا، و قل مدخولنا يوما بعد يوم لدرجة أن اغلبنا أغلق محله و اقتنى عربة و خرج هو الآخر للشارع و منا من استغل عطلة ابنائه و سلم لهم بعض سلته لعرضها بالشارع في مزاحمة لهؤلاء الباعة ، مادام المخزن باغي الفوضى ..... تصور معي أننا نظل في كثير الأيام بلا بيع ولا شراء، إنها الفوضى بعينها في هذه المدينة التي غلب عليها ابناء القرى و الدواوير المجاورة " في حين يقول ىخر : " لم نعد نفهم شيئا واش كين المخزن في البلاد و لا لا و فين هما اللي صوتنا عليهم بزاف هذ الشي حيث هما اللي كيشجعوا هذ الشي و منهم اللي شاري الكرارص ليهم و باغين التغيير خاص التغيير يجي منا حنا الأولين راحنا كامونيين و بلا عصا عمرنا منزيدو القدام " فيما ثالث أردف قائلا " كلشي من المجلس البلدي لأنهم بكل بساطة يتهربون من موضوع الباعة المتجولين في كل دوراتهم معتبرين هذه الظاهرة قوة لصالحه مستغلا ذلك في حملاته الانتخابية السابقة لأوانها من اجل كسب أصوات هؤلاء الباعة.
فيما استنكر عدد من متتبعي الشأن المحلي بالمدينة و جمعيات المجتمع المدني، الصمت المطبق و التجاهل التام من قبل السلطات المحلية بالمدينة و كذا الإقليمية و الإقليمية، التي لم يعد يهمها سوى إحياء السهرات و المهرجانات لتميع صورتها لا غير بدل إعادة الاعتبار لهذه المدينة و إخراجها من عنق اللامبالاة التي أغرقتها في جملة من المعاناة، فهل ما يحدث مع الباعة المتجولين سكوتا عن الحق و تشجيعا للظاهرة لأسباب لا يعلمها إلا مشجعوها أم أنها تشجيع لاحتلال الملك العام و تواطئ مع من يسيرون مجلس بلدية آزمور.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة