تحت اشراف عمالة اقليم الجديدة، ومن تنظيم جمعية الصيد بالصقر القواسم أولاد فرج، وبتعاون مع الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية والمديرية الجهوية للثقافة، تستعد منطقة السماعلة بالجماعة القروية لزاوية القواسم لاحتضان "الدورة الأولى لمهرجان الصقارة" (فن تربية الصقور والصيد بها) وذلك من 19 إلى غاية 21أبريل الجاري.
وتتمحور هذه التظاهرة الثقافية الاستثنائية، التي تحمل شعار "الصقارة : موروث تقليدي وتراث عالمي" والتي تصادف الذكرى الثانية لتصنيف الصقارة ضمن القائمة التمثيلية لليونسكو كتراث إنساني حي، حول هدفين رئيسيين. إنها تسعى من جهة إلى الإشادة بالقدماء، الذين عرفوا كيف يحافظون على آثار موروث تقليدي، وتجسد من جهة أخرى تتويجا للجهود المتظافرة التي أبان عنها جميع جنود الظل الذين حملوا المشعل ليوصلوا إلى بر الأمان هذا الموروث الذي كان قد اعتبر مفقودا إلى الأبد.
كما أن المنظمين يطمحون من خلال احتفالهم بإحياء الصقارة عبر هذا المهرجان في إعادة جوانب أخرى من هذا التراث إلى دائرة الضوء، خاصة مظاهر الخبرة في مجالات أدوات القنص، اللباس التقليدي، الموسيقى، الغناء، الرقص وفن الطبخ، ودون نسيان الفرس، ذلك العنصر الأساسي الذي كان قديما جزءا لا يتجزأ من ممارسة القنص بالصقور في الهواء.
وتجدر الإشارة إلى أن فن الصقارة بالمغرب عرف لمدة طويلة عصرا ذهبيا حقيقيا، إلا أنه لابد من الرجوع بعيدا عبر الزمن لفك رموز كل نجاحاتها كفن للعيش تنظمه قواعد خاصة وطقوس شبه مقدسة.
وبحرصهم على تنظيم المهرجان الأول للصقارة، لا يقتصر أصحاب المبادرة في عملهم على إنتاج الفرجة. إنهم في الواقع يشاركون في إعادة كتابة قصة قديمة وجميلة، قصة تراث يجب على الأجيال الجديدة فهمه والافتخار به، قصة حلقة رائعة من حضارتنا استطاع شرفاء القواسم الحفاظ لنا على جوهرها بالرغم من تقلبات الزمن و مخاطر النسيان.
جمعية الصيد بالصقر القواسم أولاد فرج
في قلب أرض دكالة المعطاء (إقليم الجديدة) و على بعد مسافة قليلة من المركز القروي أولاد افرج، تقطن قبيلة الشرفاء القواسم، المنحدرين من الولي الصالح مولاي الطاهر القاسمي، التي تعتبر من آخر حماة صرح البيزرة بالمغرب، هذا الموروث التاريخي الذي عرف قديما شهرة واسعة.
بعد اعتبارها لوقت ما مجرد غرابة محلية لا تصلح إلا للاستعراضات و الظهور الشرفي في مختلف المناسبات، تعرف من جديد تربية الصقور و الصيد بها على طريقة القواسم اهتماما و تقديرا كبيرين.
في هذا الأفق ، برزت إذن بعض الجمعيات من ضمنها جمعية الصيد بالصقر القواسم مولاي الطاهرلأولاد فرج والتي رسمت أهدافا تنم عن روح مبادرة جد محمودة، قادرة على إعادة الثقة إلى حاملي أسرار هذا التقليد العريق و على تكوين الخلف من جيل جديد جدير بالثقة وملتزم.
و لعل الرغبة القوية في النجاح لدى هذا الجيل الجديد هي التي ترجمت ميدانيا بعدة أشكال من الأعمال الجادة مثل تحفيز وضمان استقرار الشباب، القيام بحملات تحسيسية، تبادل الخبرات مع العارفين المدربين المنتمين لبلدان الخليج العربي و أوروبا، تكثيف أنشطة الصيد بالصقور على مستوى جهات مختلفة داخل البلاد و خاصة إعادة إدماج القنص على الهواء في ثقافة الصقار القواسم لأولاد افرج.
لن يكون من السهل جرد كل الأنشطة والأعمال الوضاءة التي انصبت عليها جهود هذه الجمعية طوال ما يقارب ثلاتة عقود من وجودها. لقد تطلب ذلك نفسا طويلا ومازال يتطلب مثله لإعادة البريق إلى الصقارة الأصيلة التي كانت على وشك الدخول في طريق الانقراض.
ويمكننا اليوم أن نعتبر بأن كل هذه التضحيات لم تذهب سدى مادام أن الأهداف المتوخاة قد تحققت إلى أقصى مدى من المتمنيات. كما أن الصقارة لدى القواسم قد نضجت بشكل صحيح ولم تكف عن استمالة المحترفين من مختلف الآفاق ، أولئك الذين عرف عنهم تعلقهم برياضة القنص النبيل هاتهوبقواعدها وخفاياها المهنية التي تنظمها كعلم يظل في نفس الوقت أسلوبا للحياة وموروثا يحتفظ بالعديد من الأسرار الدقيقة.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة