فلاحو منطقة الوليدية الساحلية بين مطرقة البقاء بأراضيهم وسندان الهجرة نحو المدن
فلاحو منطقة الوليدية الساحلية بين مطرقة البقاء بأراضيهم وسندان الهجرة نحو المدن

 

حتى الأمس القريب كان اسم الوليدية الساحلية الممتدة من جماعة أيير التابعة لإقليم آسفي إلى مدينة الجديدة مرورا بجماعة أولاد غانم وجماعة سيدي عابد ، مرتبط بوفرة الإنتاجية في  الخضروات وعلى رأسها الطماطم ، ذات الجودة العالية والصبغة التصديرية.. اسم يعود بك إلى ما قبل العقدين الأخيرين ، حين كانت هذه المنطقة المتاخمة للمناطق الحدودية لإقليم آسفي ، ذات ميزة خاصة في تغذية الأسواق الداخلية والخارجية ، حيت تجاوزت صادراتها ال 400 ألف طن في السنة آنذاك ، إلى حين ظهور المنافسة الشرسة لدولة إسبانيا حول الأسواق الأوروبية ، فتضرر المنتوج المغربي بصفة عامة  ومنتوج الوليدية بصفة خاصة ، إنه التراجع الكلي لفلاحي المنطقة وتقهقرهم ، الشيء الذي زج بالفلاح إلى الاستغناء عن البيوت المغطاة واللجوء إلى الزراعة الخريفية كبديل لها .. الآثار السلبية خيمت على جميع المستويات لتطال يدها إلى حل التعاونيات الفلاحية ، التي كان لها دور كبير في عملية التسويق ، كما كانت تحتضن آنذاك الآلف من الطبقة الشغيلة ، واليوم تحولت إلى أطلال لا تحتضن إلا المتشردين والمتسولين   .   

 

لعل عدم الاستفادة من الدعم  المخصص للفلاح في إطار مخطط الأخضر المغربي لم يشمل جميع فلاحي منطقة الوليدية ، بدعوى أن وضعيتهم المادية لم تسو بعد تجاه القرض الفلاحي ، أو أن هناك مشاكل إدارية قد تعيق مسارهم التنموي ، حيت أن بعضهم أصبح حلمه الكبير هو الهجرة نحو المدينة ،عله يجد ضالته هناك ، ومنهم من تحول حلمه إلى حقيقة ، حيت أفضت به الهجرة نحو المدينة إلى مشاكل اجتماعية عديدة ( طلاق ، لا عودة إلى الأصل ، الجريمة بشتى أنواعها ...) كما أن عملية التجميع  عرقلت بسبب النزاعات العقارية . وفي الإطار ذاته يطالب الفلاحون بإيجاد حلول ناجعة لوضعيتهم التي لا تزداد إلا سوءا . فهل سينقطع حبل الأمل في وجه هؤلاء المتضررين ؟

 

وعلى بعد 25 كيلومتر شمال الوليدية تصادفك منطقة أولاد غانم ، التي أصبحت هي الأخرى تعاني من مشاكل جمة أهمها  غياب الإرشاد والتأطير الفلاحي ، وكذا غياب مراقبة الغش في الأدوية والأسمدة مع احتكار أسواقها ، وحسب بعض المتتبعين للمجال الفلاحي فإن وصول بعض الأدوية المهربة إلى عين المكان زاد الطين بلة ، وحتى روث البهائم « المازير»  أو« الغبار» كما يطلق عليه البعض ، أصبح يعانق 1200.00 درهم  لحمولة الشاحنة الواحدة . فما عسى الفلاح أن يعمل في ظل الارتفاع الصاروخي للسوق الملفوف بالتزوير والغش (!!)

 

الغلاء واحتكار السوق دفعتا الفلاح إلى استبدال أسلوبه في معاملته مع الأرض ، حيت أصبح يعتمد في ضخ مياه الري من البئر على مادة غاز البوطان ، ذات التكلفة وصفت ب «الضعيفة جدا» أمام تكلفة البنزيل والكازوال ، هذا في حالة بقاء صندوق المقاصة على ما هو عليه ، أما في حالة إلغائه فتلك هي الطامة الكبرى (!!) 

 

على مستوى التسويق فإن منتوج الفلاح بات يعاني ضيق الخناق من طرف الوسطاء / السماسرة الذين يتلاعبون بالأسواق. 

 

 أحمد زاهيدي  "الجديدة 24"

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة