يصاب المغاربة في شهر رمضان الأبرك، وقت الإفطار، ب"التخمة" (!!). ليس "تخمة" الأكل و"الشهيوات"، التي تتفنن في تحضيرها، أيادي المغربيات "الحادكات"، والتي تؤثث وتزين موائد الإفطار الرمضاني، سواء في المدن أو القرى أو البوادي، وفي طليعتها "لالاهم الحريرة"، والمسمن، والبغرير، والشباكية، والمخرقة (...)، وإنما ب"تخمة" الوصلات الإشهاراية، التي تعرضها القناة التلفزية "SOREAD 2M"، سواء الأرضية أو الفضائية (الرقمية)، مباشرة بعد أن يقول المؤذن "الله أكبر"، إيذانا بقطع الصيام، والشروع في الإفطار. فهذه طبعا لحظة الذروة في مشاهدة القناة الثانية. ومرد ذلك إلى برمجة السلسة الفكاهية المثيرة "الكاميرا الخفية / جار ومجرور"، التي تبتها القناة الثانية، على الساعة السابعة و50 دقيقة مساءا.
إن المغاربة أذكياء وذوو حس فني رفيع. كما أنهم يقدرون وضع القناة الثانية، ويفهمون ويتفهمون أن من حقها البحث عن مداخيل مالية، لتغطية منتوجاتها الرمضانية، وغير الرمضانية، ومصاريف أخرى. لكن يبدو أن "2M" لا تقدر ولا تحترم ذوق وحس المغاربة الممسكين عن الأكل والشرب، طيلة 16 ساعة / اليوم، من خلال "فتح شهيتهم"، وقت الإفطار، بوصلات إشهارية متميزة، طبعا بالصورة والصوت. فالمقصود هنا، دون لف أو دوران، إشهار يروج لمنتوج "حفاظات الأطفال"، وما يرافق تقديمه من عبارات تزيد في "فتح شهية" الصائمين، من قبيل "تمتص البلل ...!"، وكذا، لقطات "متحركة"، توحي بأشياء تتمادى في "فتح الشهية".
اعتادت "2M"، منذ أول أيام رمضان، بث الوصلة الإشهارية ذاتها "حفاظات الأطفال"، في موعدها المحدد، أي مباشرة بعد عرض لقطات تشويقية من السلسلة الفكاهية "جار ومجرور"، بغية استمالة المشاهدين، حتى "تتخمهم" بشتى أنواع وأشكال "الشهيوات" الإشهارية.
إن رمضان الأبرك، هذه السنة، لا يشكل الاستثناء لا بالنسبة ل"دوزيم"، ولا بالنسبة للمغاربة. فقناتنا المتميزة، أطال الله في عمرها، وزاد من وصلاتها الإشهارية، وجودها وسخائها على المغاربة، أينما كانوا وتواجدوا، وحلوا وارتحلوا، داخل أو خارج أرض الوطن، دأبت على عرض وصلة الإشهار "حفاظات الأطفال"، في ما مضى من أشهر رمضان المعظم، في موعد البث ذاته، عند أوقات الذروة في المشاهدة الرمضانية، أي مباشرة عقب شروع الصائمين في الإفطار ... والإصابة ب"التخمة".
كم يكون جميلا أن تعمد القنوات التلفزية، إلى برمجة بعض الوصلات الإشهارية، من قبيل "حفاظات الاطفال"، و"الفوطات بالأجنحة"، و"مبيدات سراق الزيت والحشرات" (...)، إلى ما بعد الأوقات التي يقبل فيها المغاربة على تناول الوجبات الغذائية، سواء خلال شهر رمضان، أو في الأيام العادية!!
كم سنكون من الممتنين والشاكرين لقنواتنا، التي تحمل مثلنا "الجنسية المغربية"، إن هي باتت عند حسن ظننا، نحن ملايين المشاهدين، التواقين إلى منتوجات وإنتاجات تلفزية، تكون في مستوى التطلعات والانتظارات (!!). إنتاجات يجب علينا نحن المغاربة، أغنياء كنا أم "مزاليط"، "كليميني" أم "بوزبال"، في "الفيلات" أم في "البراريك"، أن لا ننس أننا نشارك ونساهم في دعمها من "جيوبنا"، ومن مالنا "الخاص". فهذه حقيقة قد يجهلها أو قد لا يعيها الكثير من أبناء جلدتنا، الذين يتعين عليهم بالمناسبة أن يتفحصوا "فوترة الكهرباء"، التي يتوصلون بها شهريا، وأن يدققوا بإمعان وتمعن في تفاصيلها، سيما خانة معنونة (مكس ا.ف. س. ب.)، يقابلها بالفرنسية(TPPAN). فخانة (مكس ا.ف. س. ب.) هذه، تخص مستحقات مالية، على كل مقيم على أرض الوطن، مغربيا كان أم أجنبيا، ويشغل بيتا يملكه أو يشغله على وجه الكراء، أن يدفعها للقناتين الوطنيتين، قناة "دار البريهي"، وقناة "سورياد دوزيم". وكما يلاحظ ، فإن حجم المستحقات المترتبة "قانونا"، لفائدة القناتين المغربيتين، قد تزيد قيمتها أو تنقص من شهر لشهر، ومن سكن لسكن، حسب قدر الكيولواتات الكهربائية المستهلكة.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة