لم يسعد عبد الحق بنشيخة مدرب الدفاع الحسني الجديدي كثيرا بالفوز الأول الذي حققه فريقه في "البطولة برو" خلال منافسات الجولة الثالثة على حساب الكوكب المراكشي بثلاثية نظيفة ، رغم أنه كان في أمس الحاجة إليه لتأكيد الصحوة الدكالية الأخيرة ، وبدت النرفزة بادية على محيا مروض الفرسان وهو يجيب عن أسئلة الزملاء الصحفيين الذين تحلقوا حوله لأخذ ارتساماته عن المباراة في الهواء الطلق بملعب العبدي بعد إلغاء المؤتمر الإعلامي المنصوص عليه في كناش التحملات الخاص بالبطولة الاحترافية ، وذلك بسبب بعض النقاط الخلافية بين ممثلي الجسم الإعلامي بالجديدة ، وبعدما هنأ نفسه وفريقه على النتيجة الإيجابية ضد الكوكب ، وجه بنشيخة الذي يجمع كثيرون بأنه محاور جيد وليس من أولئك الذين يطلقون الكلام على عواهنه ، عبر هذا اللقاء الصحفي السريع الذي دام بضع دقائق ، ثلاث رسائل مشفرة إلى من يهمهم أمر الدفاع وتحمل بين ثناياها دلالات كثيرة .
أولى هذه الرسائل وجهها المدرب الجزائري إلى لاعبيه، حينما لامهم وبشدة على إفراطهم في اللعب الاستعراضي ، خاصة بعد تسجيل الدفاع للهدف الثالث في مرمى الكوكب ، وبدا هذا الانفعال واضحا عندما أقدم بنشيخة على تغيير الثلاثي الجديدي : حذراف ، قرناص ونابي في الجولة الثانية ، وهي إشارة واضحة من المدرب إلى "الأولاد" كما يحلو له مناداتهم ، من أجل التحلي بالحكمة والرزانة ، وإبقاء أقدامهم ثابتة على الأرض احتراما للفريق المنافس ، والابتعاد بالمقابل عن الأسلوب الفرجوي الزائد عن اللزوم لجبر خاطر الأنصار في المدرجات ، متناسين بأن كرة القدم العصرية لا تؤمن إلا باللعب الواقعي الذي وحده الكفيل بتعبيد الطريق للنادي نحو الألقاب .
ولأنه خبر تضاريس كرة القدم التي أحيانا تدير ظهرها للفريق الذي قد تخاصمه النتائج الايجابية وسط البطولة ، مادام أن في هاته الرياضة كما في سائر المجالات الحيوية الأخرى "يوم لك ويوم عليك " ، فقد بعث المروض السابق لثعالب الصحراء ب "ميساج " مباشر إلى الجماهير الجديدية بمختلف فصائلها التي اصطفت بعد نهاية المباراة وهنأته على الفوز العريض والمقنع على الكوكب ، وأشادت بالعمل الاحترافي الذي يقوم به داخل الدفاع ، من أجل الاستمرار في دعم الفريق الدكالي بنفس الحماس وبنفس الكثافة العددية أيضا ، خاصة في أوقات الشدة التي يكون فيها اللاعبون بحاجة ماسة إلى دعم سيكولوجي من جماهيره لتجاوز حالة الاستعصاء .
وثالث الرسائل التي مررها المدرب عبد الحق بنشيخة في اللقاء الإعلامي بالجديدة ، تجاوزت أسوار ملعب العبدي ، وكانت موجهة بالأساس إلى جهات لم يحددها بالاسم ، لكنه ألمح بلكنة جزائرية إلى بعض الأشخاص الذين يختبئون وراء ألوان سياسية ويسعون إلى تسييس الفريق المحلي لحاجة في نفس يعقوب ، داعيا إياهم إلى ترك السياسة جانبا والالتفاف حول الدفاع ، ((هذه أمنية جزائري خوكم - يقول بنشيخة – إلى "ولاد الجديدة " بمختلف شرائحهم إن كانت تهمكم مصلحة "البلاد" وفريقها الأول ، حان الوقت لوضع اليد في اليد وإبعاد الدفاع عن كل الحسابات السياسوية الضيقة لكسب رهان التحدي هذا الموسم ، وأخشى أن يستمر الوضع على ما هو عليه فتقع صخرة سيزيف مستقبلا على رأس الفريق وهو ما لانتمناه )) .
انتهى تصريح المدرب الجزائري بنشيخة ، لكن رسائله التي مررها في هذا التصريح المقتضب ، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، بأنه اكتشف خلال مدة شهرين ونصف التي قضاها على رأس الإدارة التقنية لفارس دكالة أن محيط هذا الأخير ليس على ما يرام ، ويغيب التضامن والتلاحم بين مكوناته الأساسية ، مما يهدد مشروعه الرياضي الذي يحمله معه إلى الجديدة بالفشل ، ومن ثمة سيضيع الدكاليون عن أنفسهم فرصة تاريخية للمصالحة مع الذات وبناء فريق قوي يصارع من أجل الصعود إلى البوديوم الذي أخفق الدفاع في بلوغه منذ تأسيسه قبل نحو خمسة عقود ونصف .
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة