سيدي بنور... الأسود يليق بك
سيدي بنور... الأسود يليق بك

بعيدا عن العالم الوردي والرومانسي في رواية "الأسود يليق بك" للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي الموسومة بحالة عشق وردية حالمة، وقريبا من عالمنا الصغير "سيدي بنور"، مدينة  يليق بها السواد حقا، بعد  أن أضحت تتموقع في صدارة المدن بأخبارها الصادمة.

 

السواد يليق بها حقا، وهي تسوق أبناءها إلى المقابر أو السجون، تعيش حدادها، من حزن إلى حزن، سرادق العزاء لا تتوقف، في أحشائها أوهوامشها المتخمة بأخبار الدم، جرائم بشعة، وحوادث وقحة (قتل وانتحار واغتصاب واختطاف وهتك العرض و الخيانة التي لا تنتهي) حتى أضحى اسمها أكثر ترددا بردهات محكمة الجنايات بالجديدة، والاسم المرعب على صدر الصفحات الجرائد الوطنية والمواقع الاليكترونية، تعلن مدينة سيدي بنور صرختها المدوية عن براءتها من هذه الأفعال الإجرامية المشينة.

 

سيدي بنور هذا الاسم الجميل الذي يسكن ذاكرتنا بطفولته البريئة ولمسات حنان الجدة وضحكات الأم وصفاء المرحلة العمرية المرافقة لهذه الفترة الزمنية، بات ملطخا بدم الغدر ونجاسة الجرائم وأضحى اسما متلبسا بالجناية، بعد أن كان عبر سالف الحقب الزمنية يحمل في طياته اسم مشعا بنور العلم،" سيدي بنور" نسبة لدفينها العلامة عبد الله بن وكريس، القطب الملقب بأبي النور الذي عرف بورعه وتقواه وتتلمذ على يديه أبو شعيب الدكالي دفين مدينة أزمور، وأبو النور الذي أخذت هذه البلدة الطيبة اسمها منه؛ كان يعتبر أبرز شخصية صوفية بالمغرب، كل هذا يدفعنا لنتساءل وبإلحاح عن من غير مسار هذه المدينة عن طريقها المشع بالعلم والمعرفة والورع والتقوى والجود والكرم عبر التاريخ حتى بات اسمها مرعبا، ويخجل أبناؤها من ذكره أو الانتساب إليه، بعد هذه الضجة من أخبار الحوادث الشنيعة التي هزت ساكنتها، وباتت تعيش كابوسا حقيقيا في اليقظة، وتوقفت بوصلتها نحو اتجاه واحد: ضحايا الدم.

 

أوقفوا حروبكم لتعلن المدينة سلامها..  أيقظوا فيكم الإنسان البنوري الحقيقي الذي يعشق السكينة والطمأنينة والعيش في سلام  رغم قصر ذات اليد، في سالف الزمان، حقبات تاريخية  ماضية تميزت بضعف الإمكانيات المادية والاقتصادية مقارنة مع هذه الفترة التي تعرف  فورة اقتصادية، لم تنعكس نهضة حضارية تسمو بالإنسان إلى أعلى المراتب، أعلنوا بأعلى أصواتكم أن بهذه المدينة وجوه أخرى، ليست من هواة الجريمة والأخبار الأليمة، وجوه تنير طريق الإنسانية بالعلم والمعرفة والسلوك الحسن، حديثهم عن مدينة سيدي بنور في أبهى صورها وأجمل حللها، مدينة فاضلة بأناسها الآخرين الذين يشكلون ألوانا أغنت الإنسانية بكل صفاء، بعيدا عن السواد الذي ترتديه عبر أخبار الجرائد والمواقع الالكترونية:

 

سيدي بنور المدينة السامية بنخبها المثقفة كالروائي والكاتب الكبير لحبيب الدائم ربي، والشاعر المبدع الطاهر لكنيزي، والتلميذة المتفوقة سارة بوشوش، سيدي بنور المتميزة وطنيا بإبداع الخط العربي من خلال الفنان عبد العزيز مجيب الذي يحلق بها عاليا في الملتقيات الوطنية، سيدي بنور العلم من خلال الدكتورة دنيا القرشي المتخصصة في قسم الأبحاث "المايكرو بيولوجية" بالمستشفى الجامعي بهامبورغ الألمانية، مدينة التميز الإعلامي من خلال التكريم الوطني للصحفي البنوري المصطفى أسعد مع ثلة من خيرة المشتغلين في الحقل الإعلامي بالمغرب...

 

مدينة المبادرات الإنسانية لشباب "باقي الخير" التي تتألق بأعمالها الإنسانية، مدينة الكرم والجود والتآخي والتآزر...

 

مدينة الشرفاء والعظماء الذين يوشحون اسمها بالتميز والرقي، مدينة سيدي بنور التي تقف اليوم في قفص الاتهام أمام الإعلام بكل أشكاله، تصرخ عاليا ببراءتها من التهم الموجهة لها، أمام الله وأمامالمجتمع وأمام التاريخ، فلم تلقنكم سوى دروس العلم والمعرفة بعيدا عن المسار الذي اخترتموه لها عبر السنوات الأخيرة فعل أرضها ما يستحق الحياة، فالتاريخ لا يحاكم الأماكن أكثر ما يحاكم أهل الأماكن، فيا أهل المكان: أوقفوا حروبكم لتعلن المدينة براءتها وسلامها أمام جبروتكم الواهم...

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة