بعد ما انتقل المرحوم الجاري بوشعيب إلى دار البقاء هجرت دار الشباب "لبريجة" من روادها وظلت مغلقة لسنوات حتى ظن العديد أنها لن تعود إلى أنشطتها وحيويتها التي كانت عليها في عهد المرحوم وسابقيه.
لقد فرخت دار الشباب "لبريجة" مواهب كبيرة أذيع صيتها على المستوى الوطني وكونت شباب وجيل تفتخر بهم المدينة لقد كانت الملاذ الوحيد لشباب المدينة لصقل مواهبهم الفنية.
وبعد ما أصبحت مهملة ومغلقة تأتي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتفتح أبوابها من جديد وتعين فيها مديرا من المجتمع المدني وهو السيد منير لما يتصف به من نزاهة واستقامة وحسن التسيير .
وفي هدا الصدد لم تجد مندوبية الشباب والرياضة بدا إلا أن تبارك هذه المبادرة وتنخرط فيها بوسائلها اللوجيستية لإعادة مجدها وفتح المجال لشباب المدينة وجمعيات المجتمع للرقي بمواهبهم .ورغم كل هذه المبادرات تبقى حالة الدار تبعث على الحزن واليتم تتطلب وقتا لإعادة عافيتها.
وبما أن الليالي في خصوصيتها الإبداع من حيث تفاعلها مع الإلهام في كل زمان ومكان اختارت جمعية الزهور ليلة السبت الأول من رمضان أن تنقلنا على أجنحة الإبداع إلى جمالية اللون وحنين اللقاء بين الفنانين باختلاف مدارسهم وميولاتهم الفنية التي تتسم بالموضوعية الإبداعية المحروسة بالرصانة التخيلية المرتبطة بالواقع والاقتراب إلى الرونق الجمالي الذي يسحر المكان.
بالفعل استطاعت المبدعة الفنانة زهور المعناني بمعية الفاعل الجمعوي نبيل فهمي الذي حرك عجلة التشكيل بالجديدة أن ترد الروح لهذه الدار وتستضيف مجموعة من الفنانين من مدن مختلفة تطوعوا لخلق هذا الحدث بتجاربهم الفنية المختلفة ومساراتهم الإبداعية المتنوعة والرؤى الجمالية المتعددة وجعل دار الشباب تبدو كمتحف يزغرد بتلاوينه حيث أينما نقلت بصرك فثمة ألوان وأينما وليث وجهك فثمة فنان يتلاعب بريشته مبدعا لوحات تجدب الجدران وتنير ظلاميتها مما زاد بريقا زاهيا للمكان.
لم يبخل هؤلاء الفنانون بعطائاتهم فجعلوا من الجداريات تأتي لنا فوق اللاواقع لتمارس علينا فوضى التشويق إلى الاضطراب الحسي فتخلق مصالحة مع السريالية الإيقاعية والفعل التجريدي.
هكذا بدت دار الشباب لبريجة في ليلة الإبداع. ليلة شبيهة بالأحلام التي لا تنتهي مع بزوغ شمس الرؤى وهكذا أضحت بهجة العيون مضمونة ومتعة الأفئدة مصونة بهمة فنانين مكرسين وآخرين صاعدين.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة