اضطر أحد المواطنين القاطنين بمدينة الجديدة، أول أمس الجمعة، العودة الى منزل الاسرة دون ان يتمكن من الحصول على جثة ابنه الرضيع (5 أشهر) لدفنها، بعدما وافته المنية اثر مرض عضال لم ينفع معه علاج.
وكان والد الطفل، قد نقل ابنه المتوفي، مساء يوم الجمعة، الى مستودع الاموات بمستشفى الجديدة، من أجل مباشرة عملية التشريح الطبي، في أفق دفن ابنه بالجديدة، الا ان ادارة المستشفى رفضت تسليمه الجثة، بأمر من النيابة العامة، الى غاية اجراء التشريح الطبي يوم الاثنين المقبل.
وعللت إدارة المستشفى قرارها لعدم وجود الطبيبة المكلفة بالتشريح، لأن الوقت تزامن مع عطلة نهاية الاسبوع، وأن بإمكان والد الطفل، ان كان مستعجلا بدفن ابنه، الالتحاق بالدار البيضاء لتوفرها على مستودع بلدي للأموات يشتغل طوال أيام الاسبوع.
هذا وتجدر الاشارة الى وزارة الصحة تتوفر على 13 طبييب فقط بالمملكة مختصين في التشريح الطبي، من بينهم الطبيبة المكلفة بمستشفى الجديدة، وهي بالمناسبة الوحيدة بجهة دكالة عبدة.
الى ذلك عزا مصدر طبي رفيع بالجديدة في اتصال مع "الجديدة 24" سبب تأخر دفن الموتى بمدينة الجديدة الى عدم وجود مستودع بلدي للاموات بالمدينة للقيام بهذه المهمة، لان المستودع المتواجد قرب قصر العدالة بالجديدة (الصورة)، مغلق منذ سنة 1982، وهو التاريخ الذي رأى فيه النور في عهد المجلس البلدي الذي كان يرأسه، آنذاك، المرحوم محمد أرسلان الجديدي. ولم يتم تشغيله منذ ذلك الحين لعدم وجود كوادر طبية لتدبيره. هذا في الوقت الذي تتوفر فيه مدن مجاورة كآسفي ومراكش والدار البيضاء على مستودعات للاموات تابعة للمجالس الجماعية تشتغل طوال أيام الاسبوع وأيام الاعياد.
وأضاف نفس المصدر أن مستودع الاموات بمستشفى الجديدة الذي تصل طاقته الاستيعابية ل 12 جثة، استقبل برسم السنة الجارية (2014) أكثر من 450 جثة، من خارج المستشفى، من اقليمي الجديدة وسيدي بنور، رغم أن هذا المستودع مخصص فقط للمتوفين داخل المستشفى، لكن، يضيف المصدر، ولعدم وجود مستودعات بلدية للأموات، فان ادارة المستشفى تضطر لاستقبال كل جثث الموتى بأمر وموافقة مسبقة من النيابة العامة بالجديدة.
هذا وتتساءل ساكنة مدينة الجديدة عن السبب الحقيقي وراء عدم تشغيل هذا المستودع وتحويله إلى ملحقة لبلدية الجديدة خاصة بقسم الصحة البلدي، رغم كون الإقليم في حاجة ماسة إلى خدماته، فيما تطرح علامات استفهام كبرى بخصوص إخفاق كل المجالس المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي بالإقليم منذ أزيد من 30 سنة في إيجاد حل لهذا المشكل، وهو ما يؤكد بحسب العديد من المهتمين ״كون المسؤولين لا يتوفرون على إرادة حقيقية للخروج بقرار جريء في شأن هذا الإغلاق غير المبرر״.
وحسب مصادر مطلعة فإن المستودع الإقليمي للأموات كان قد تعرض في سنة 1994 لسرقة أجهزة تبريد تبلغ قيمتها 40 مليون سنتيم في ظروف غامضة، دون أن يتم تحريك مسطرة البحث عن مرتكبي هذه الجريمة من طرف المسؤولين آنذاك، ليتم اقتناء محركات تبريد جديدة قدرت قيمتها ب 30 مليون سنتيم، دون أن يتم استغلالها في تشغيل المستودع لحد الساعة.
وأكد مصدر مسؤول أن هذه الآليات أصبحت بدورها عرضة للتآكل والإهمال، وهو ما اعتبرته العديد من الفعاليات هدرا للمال العام وجب فتح تحقيق حوله واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل وقف نزيفه ومعاقبة المسؤولين عنه.
معتبرا أن التفكير الإستباقي في إمكانية وقوع كوارث أو حوادث مميتة يروح ضحيتها عدد كبير من الأرواح أمر ضروري، وبالتالي فالتفكير في إعداد مستودع للأموات بطاقة استيعابية مهمة يبقى أمرا ملزما، سيما وأن الجديدة باتت قبلة سياحية وصناعية وعمرانية رائدة وأن تعداد سكانها لن يتوقف في المليون نسمة وقد يتضاعف في مدة قصيرة، ما يستوجب الإسراع بفتح المستودع الإقليمي للأموات وتجهيزه بالآليات اللازمة لاستقبال أموات المنطقة وتخفيف الضغط عن مستودع المستشفى الإقليمي.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة