وضعت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، في عملية نوعية، حدا لشبكة وطنية، كانت تنشط في ترويج المخدرات الصلبة (الكوكايين).
وقد استغرق فك لغز هذه العصابة حوالي شهر من التحريات الميدانية، واستجماع المعلومات اللازمة بشأن أحد المنتسبين إليها، ويتعلق الأمر بالمدعو (بوشعيب)، الذي كان يشتغل بحريا، بعد أن تناهى إلى علم رئيس الشرطة القضائية خبر مفاده أنه يتعاطى بحيطة وحذر للاتجار في المخدرات بمختلف أنواعها، سيما الصلبة منها.
ولتحديد طريقة تزود المروج بالمخدرات، وتعامله مع الزبناء، وإيقافه من ثمة في حالة تلبس، كثفت فرقة مكافحة المخدرات أبحاثها وتحرياتها الميدانية، إلى أن حصلت على هاتفه النقال، واهتدت إلى محل سكناه بعاصمة دكالة.
ولاستدراج الهدف، استغل المتدخلون الأمنيون هاتف الأخير. حيث ربط الاتصال به هاتفيا ضابط من الفرقة الشرطية، وأوهمه أنه زبون يرغب في اقتناء كمية من مخدر الشيرا والمخدرات الصلبة (الكوكايين).
وبالموازة، ضرب عناصر فرقة مكافحة المخدرات حراسة سرية ومراقبة لصيقة في محيط منزل المروج، الكائن بدرب الحاج الشاوي، بعد أن تناهى إلى علم رئيس الشرطة القضائية أن المروج المستهدف بصدد تسلم كمية مهمة من المخدرات، من عند مروج آخر قادم لتوه من العاصمة الاقتصادية.
وبشكل احترازي كان البحري (بوشعيب) يراقب بحذر محيط منزله، درءا لأي خطر أو تدخل أمني مباغت. وفي تلك اللحظة، استقبل شخصا قدم راجلا، وكان يحمل حقيبة ظهرية. وانطلق الاثنان صوب المنزل.
وقد حاصر المتدخلون الهدفين، حيث تم إيقاف المروج (بوشعيب) عند الباب. فيما تخلى الثاني عن حقيبته، وصعد عبر درج المنزل إلى السطح، ومنه قفز إلى سطح منزل بالجوار، قبل أن يلوذ بالفرار من بابه الرئيسي. لكن المتدخلين الأمنيين تعقبوا خطواته، وطاردوه إلى أن أوقفوه على بعد بضعة أمتار. ويتعلق الأمر بالمدعو (عبد الكريم)، ويتحدر من الدارالبيضاء.
وبحضور المروجين، أجرت الضابطة القضائية عليهما تفتيشا وقائيا، وفق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، أسفر عن ضبط هاتفين نقالين بحوزتهما، كانا يستعملانهما في ترويج السموم، وتسهيل عمليات التواصل مع شركائهم والزبناء. ولدى المروج الثاني (عبد الكريم)، تم العثور بحوزته كذلك على قطعة متوسطة الحجم من مخدر الشيرا، ومبلغ مالي قيمته 220 درهم، متحصل عليه من مبيعات السموم.
وضبط المتدخلون الأمنيون عند إخضاع الحقيبة الظهرية للتفتيش، على كمية مهمة من مخدر الشيرا، عبارة عن 30 صفيحة. كما أسفرت عملية التفتيش داخل منزل (بوشعيب) عن ضبط كبسولتين من الكوكايين، كانتا موضوعتين في المطبخ، وسط الأواني. ناهيك عن سكين صغير عليه أثار كي المخدرات، وأكياس بلاستيكية من مختلفة الأحجام، كانت معدة لاحتواء المخدرات وتعليبها على شكل صفائح، وعلى جهاز تحديد الأماكن والمواقع الجغرافية(GPS) من نوع "إيتغيكس".
هذا، وحجز المتدخلون الأمنيون كمية المخدرات بوزن كيلوغرامين والنصف من الشيرا، و12 غراما من المخدرات الصلبة (الكوكايين)، علاوة على باقي الأغراض والمعدات التي تم ضبطها إثر عمليات التفتيش.
وبمقتضى حالة التلبس، تم تصفيد مروجي السموم، واقتيادهما إلى مقر أمن الجديدة، حيث أودعتهما فرقة مكافحة المخدرات تحت تدابير الحراسة النظرية، من أجل البحث معهما، وإحالتهما في إطار مسطرة جنحية تلبسية، على النيابة العامة المختصة.
واسترسالا في الأبحاث، توصلت فرقة مكافحة المخدرات بمعلومة تفيد بتواجد سيارة خفيفة من نوع "رونو ميكان"، مستوقفة على مقربة من درب الحاج الشاوي، حيث منزل المروج (بوشعيب). وعلى الفور تشكل فريق أمني، انتقل إلى المكان المستهدف بالتدخل، حيث عثروا على عربة خفيفة من نوع "رونو ميكان" مصفدة، تحمل لوحة معدنية بترقيم يخص الدارالبيضتء. كان المروج (عبد الكريم) قدم على متنها، بمعية شريك آخر يتحدر من منطقة الشمال، شن أفراد الفريق الأمني حملة تمشيطية بحثا عنه، بعد أن لاذ بالفرار إلى وجهة مجهولة، قبل حضور الشرطة.
وقد جرى قطر العربة إلى مقر أمن الجديدة، حيث عمدت الضابطة القضائية إلى إخضاعها للتفتيش، بعد الاستعانة بصانع للمفاتيح، لفتح أبوابها المصفدة، جاءت نتائجه سلبية فيما يخص ضبط مزيد من كميات المخدرات.
هذا، وتم العثور بداخل هذه السيارة على وثائقها وأوراقها متمثلة في شهادة التأمين، وشهادة البطاقة الرمادية، وشهادة الضريبة السنوية ل2015، وشهادة الفحص التقني. والبطاقة الرمادية مسجلة باسم امرأة تدعى (نوال)، بطاقة تعريفها الوطنية تحمل رمز الدارالبيضاء(AB).
وأبانت التحريات والتنقيط على الناظمة الإلكترونية والمحفوظات الإقليمية، أن المدعو (عبدالكريم) من ذوي السوابق القضائية، وكانت المصالح الشرطية أحالته، سنة 2005، على النيابة العامة المختصة، على خلفية "تكوين عصابة إجرامية، واستهلاك المخدرات، والتزوير"، وكذا، "المشاركة في التزوير، واستعماله، وعدم التصريح بالأموال". فيما المروج (بوشعيب)، كان سجله خاليا من أية سابقة قضائية.
واسترسالا في البحث والتحريات، عملت الضابطة القضائية على ضبط أرقام السيارة المحجوزة لفائدة البحث، من خلال مقارنة رقمها المضمن في شهادة التأمين، ورقمها الظاهر على هيكلها (الشاسي). ولمزيد من الإيضاحات، عمدت إلى التنسيق مع مركزي تسجيل السيارات المحلي والوطني. وقد تبين أن رقم صفيحتها المعدنية لا ينطبق مع رقم السيارة المحجوزة، وأنه يخص سيارة من نوع "داسيا"، باسم شخص يدعى (معاد)، بطاقة تعريفه الوطنية تحمل رمز فاس(C)، ويسكن بعين الشق بالدارالبيضاء. وبتنقيط رقم بطاقة التعريف باسم (نوال)، والمضمن في البطاقة الرمادية التي تم ضبطها بداخل السيارة المحجوزة، اتضح أنه لا ينطبق مع هذا الاسم، وأنه يخص امرأة تدعى (أمينة).
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة