بات ملعب العبدي بالجديدة ساحة حرب "قذرة"، يخوضها قاصرون "بالوكالة" عمن لهم المصلحة. حرب يدبرها ويديرها في الخفاء انتهازيون "براغماتيون"، كال"ماريوتنيست"، محركي الكراكيز. إذ تجري علانية على المدرجات، أمام أعين "مركز القيادة العملياتي"، وأعين الجميع، سلطات ومتدخلين في الشأنين الرياضي والأمني. ومادامت "الغاية تبرر الوسيلة"، فقد أضحى كل شيء في هذه الحرب، في سابقة خطيرة، مباحا، وأعرض الناس وكرامتهم مستباحة.. ضدا على الأخلاق والروح الرياضية، وعلى قانون مكافحة الشغب في الملاعب (القانون رقم: 09/09).
حالة العود:
لم يكد يجف الحبر الذي فضحت به وسائل الإعلام (جرائد ومواقع وطنية ومحلية وازنة)،
على قلتها وجرأتها، التحريض على "الثورة"
في الشارع الجديدي، والتهديد على أعضاء المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي،
وسلوكات الجمهور اللارياضية التي شاب المقابلة التي جمعت، الثلاثاء 1 مارس 2016، على
أرضية ملعب العبدي بعاصمة دكالة، فريق الدفاع الحسني الجديدي والوداد البيضاوي.. حتى
أعادت ثانية الكرة "فئة" من جمهور فارس دكالة، في مباراة الجولة ال20 من
الدوري الاحترافي لكرة القدم،التي جمعت، الأحد 13 مارس 2016، الفريق المحلي وفريق حسنية
أكادير.
الرياضة.. والتشهير:
مرة ثانية، خلقت "فئة" من مشجعي الفريق الجديدي، الأحد 13 مارس
2016، الحدث والتميز في ملعب العبدي. فمن أعلى سور المدرجات المعروفة ب"شميشة"،
رفع الجمهور الدكالي لافتة بطول حوالي 40 مترا، سوداء اللون، دونت عليها بلون أبيض
عبارة: "صحافي رخيص أسكتته أموال الرئيس وأعمته عن فساد الكواليس".
فبعد استهداف المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي، وتهديد الأمن والاستقرار
في المجتمع، من خلال التحريض على "الثورة" خارج أسوار الملعب، يبدو أن الجمهور
الجديدي، أو بالأحرى الانتهازيون "البراغاماتيون" الذين يدبرون ويديرون
"اللعبة" في الخفاء، استهدفوا مجددا في
حملتهم المسعورة، المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي، في شخص رئيسه،
واتهامه بالفساد، وكذا، استهدفوا "الصحافة".. الأقلام "الوازنة"،
المشهود لهم بالمصداقية والنزاهة، والدين كان ذنبهم أنهم انحازوا بشكل مكشوف ل"الحقيقة"،
وكانت لهم الجرأة في فضح ممارسات جهات معروفة، تصطاد في المستنقعات، والتي (الممارسات)
لا تشرف الرياضة في المغرب. جهات تسعى جادة
إلى الإبقاء على الفريق المحلي في مصاف مؤخرة الترتيب في البطولة الوطنية، أو إنزاله
إلى القسم الوطني الثاني. فهؤلاء مافتئوا يفتحون جبهات الصراع، الواحدة تلو الأخرى،
لإخراس الأصوات التي لا تسايرهم. وهم بذلك وفي ذلك ينهجون أسلوب الإقصاء والديكتاتورية
والتطرف الفكري والممارساتي، باعتمادهم مقولة
: "إما أن تكون معي.. وإلا فأنت عدوي".
الجمجمة والعظمتان:
في الوقت الذي كانت اللافتة المكتوب عليها "صحافي رخيص أسكتته أموال الرئيس
وأعمته عن فساد الكواليس"، كانت راية أكثر خطورة واستفزازا، ملصقة على السياج
داخل ملعب العبدي، مكان شعار فارس دكالة، وقبالتها اصطف عناصر من الأمن الوطني بالزي
الرسمي، كما يظهر في الصورة رفقته. راية سوداء اللون، بطول حوالي مترين، وعرض يناهز
المتر والنصف، رسمت عليها جمجمة وعظمتان.. وهو رمز الخطر والتهديد والتحدي. راية تحمل
في الآن ذاته رسائل واضحة ومشفرة، بعث بها من يهمه الأمر وله المصلحة، إلى السلطات
والمتدخلين في الشأن الرياضي.
فالرمز هذا، الذي استعمله القراصنة عند اعتراض السفن في البحار والمحيطات حول
الكرة الأرضية، قريب من حيث الشكل والمظهر، من الشعار الذي اعتمدته "جمعية الجمجمة
والعظام" (Skull
and Bones)، الذي هو عبارة عن عظمتي
ساق، تعلوهما جمجمة، وفي الأسفل الرقم 322. وقد تأسست بالمناسبة هذه الجمعية، كما يحمل
رقمها، سنة 322 ق. م.. وقد أعاد "الماسون" إحياءها في ألمانيا، ، سنة
1832. وسنة 1882، تم إحياؤها في أمريكا. وكانت الغاية إحكام السيطرة على العالم. ويشاع
أن هذه الجمعية هي القلب المعتم لحكومة العالم السرية. فهي وإن كانت أقل عددا من التي
من قبلها، أعمق دموية وممارسة شيطانية، كما يوحي شعارها (الجمجمة والعظمتان).
ولعل الجذور الصهيونية والمسيحية الوثنية، وكتب "الكبالا"، لها أكبر
الأثر في بناء شخصيات المنتسبين إلى هذا التنظيم "الماسوني"، الذي يحيك المؤامرات،
ويحارب الإسلام.
حديث مسؤول:
في تصريح صحفي خص به "الجديدة24"، أعرب مسؤول رفيع المستوى من المكتب
المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي، عن استنكاره لظاهرة اللافتات التي تحرض على العنف،
وتشهر بالأشخاص المعنويين، والتي كانت آخرها شعار القراصنة (الجمجمة والعظمتان)، واللافتة التي استهدفت في الآن ذاته الجسم الصحافي، ورئيس المكتب المسير، خلال اللقاء الذي جمع، الأحد
13 مارس 2016، على أرضية ملعب العبدي، الفريق المحلي وحسنية أكادير. وهي سلوكات وممارسات
قال أنها تكرس التطرف والإقصاء ورفض الاختلاف وعدم تقبل الآخر. حيث إن ثمة انتهازيين
يسخرون "فئة" من الجمهور، من القاصرين، في هذه الحرب القذرة "بالوكالة".
وعن استهداف الصحافة، أفاد المسؤول الرياضي أن التغطية التي ماانفكت تقوم بها أقلام إعلامية
وازنة، على قلتها، لم ترق للانتهازيين الذين يحاربون المكتب المسير، سيما بعد أن أصبح
الفريق الجديدي ينتعش، جراء النتائج الإيجابية التي حققها.
وشدد المسؤول ذاته على التحلي في الاحتجاجات
المشروعة، بالسلوكات المدنية، وبالروح الرياضية، وبالأساليب الحضارية، بعيدا عن التحريض
والتهديد والتشهير، الذين يحرمهم ويجرمهم قانون مكافحة الشغب.
وقد أبدى تخوفه من أن تتطور الأمور، وأن يقع ما لا تحمد عقباه، في حال إذا استمر الجمهور،
أو بالأحرى الانتهازيون "البراغماتيون"، في تبني الأساليب الدنيئة.
وحمل بالمناسبة السلطات والجهات المعنية المسؤولية، مهددا بصريح العبارة وبلهجة شديدة،
أن المكتب سيعمد بدوره إلى التصعيد، ويلجأ إلى الجهات العليا، للمطالبة بإجراء تحقيق
حول من يمول اللافتات المحظورة، ومن يكتب عليها شعارات وعبارات التحريض والتهديد والتشهير،
ومن يسهل عمليات مرورها وإدخالها إلى الملعب، ومن يستغل القاصرين في الحرب القدرة
"بالوكالة" (...).
الرياضة.. و"الثورة":
تعود أول مرة خلق فيها الجمهور الدكالي، في سابقة خطيرة، الحدث والتميز، إلى
المقابلة التي جمعت، الثلاثاء 1 مارس 2016، على أرضية ملعب العبدي بعاصمة دكالة، برسم
الجولة ال18 من الدوري الاحترافي، فريق الدفاع الحسني الجديدي والوداد البيضاوي. حيث
رفع مشجعو الفريق الجديدي في المدرجات الأمامية، لافتة سوداء اللون، بطول ناهز ال40
مترا، كتب عليها بأحرف بيضاء: "إن لم تستقيلوا من تسيير النادي، فانتظروا أكبر
ثورة في الشارع الجديدي".
فأن يتم في سابقة خطيرة وغير معهودة البتة محليا ووطنيا، التحريض، طيلة عمر
المباراة (105 دقيقة باحتساب فترة الاستراحة)، وبصريح العبارة في لافتة بطول زهاء
40 مترا، يحظر إدخالها إلى الملعب، قانون مكافحة الشغب، وأمام أعين عامل إقليم الجديدة،
وممثلي السلطات الأمنية والمحلية، و"مركز القيادة العملياتي" (PCO)، (أن يتم التحريض)
على "الثورة" في الشارع الجديدي، وأن يتم استهداف المكتب المسير لنادي الدفاع
الحسني الجديدي، في أمن وسلامة أعضائه (...)، فذلك جرس إنذار، وأمر في غاية الخطورة،
بحكم كونه ينطوي على أخطار تهدد أمن وسلامة وممتلكات المواطنين، رعايا صاحب الجلالة
الملك محمد السادس، وتهدد من ثمة أمن واستقرار المجتمع، وبالتالي أمن الدولة، بالنظر
لما يواكب عادة "الثورة" من عصيان وأعمال عنف وشغب وتخريب، واصطدامات مع السلطات والقوات العمومية.
هذا، وخلفت عبارات التهديد والوعيد والتحريض على "الثورة، المضمنة في اللافتة،
ردود فعل لدى الرأي العام، والفعاليات الرياضية، والمتتبعين للشأن الرياضي والأمني،
ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، أجمعت على استنكار سلوكات الجمهور الجديدي، التي
لا تمت بصلة للرياضة، النبيلة في غاياتها. هذا الجمهور الذي كانت قسمته الانشقاقات،
وشاء القدر أن توحد صفوفه مقابلة الدفاع–الوداد، وأن يتحد – من سخرية القدر (ironie du sort)– حول اللافتة المحرضة
على "الثورة".
النقد المباح:
أوردت جريدة "الصباح" أن جمهور كرة القدم، في الغالب، ينتقد ويغضب،
مثلما يشجع ويفرح. واستغربت الأمر، عندما يصل حد التهديد والوعيد، وإرهاب الناس، وتهديد
استقرار المدينة.
وتساءلت "الصباح" عن الكيفية التي سمح بها رجال الأمن بإدخال اللافتات
المهددة لاستقرار المدينة، والمرهبة للناس، إلى الملعب، سيما أن عدد الجماهير الحاضرة
وطبيعة الملعب، متحكم فيهما. وأضافت الجريدة أنه "ومع ذلك ظلت اللافتات ترفرف
من بداية المباراة، حتى نهايتها، وكأنها تحتفل بنصر".
الخروج عن الصمت:
كان ل"الجديدة24" اتصال بمسؤول في المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني
الجديدي، حمل المسؤولية في ما حصل، للمصالح الأمنية، وخص بالذكر "الاستعلامات
العامة"، التي لم يكن لها علم بشكل قبلي واستباقي باللافتة، التي يمنع قانون مكافحة الشغب إدخالها إلى الملعب، لكونها
تحرض، بعيدا عن الروح الرياضية، على العنف، وتستهدف المكتب المسير لفريق الدفاع، وتهدد
بالتالي الأمن والاستقرار، ناهيك عن تسخير قاصرين.
واستغرب المسؤول الرياضي الكيفية التي عبرت بها هذه اللافتة بوابة ملعب العبدي،
أمام أعين رجال الأمن. كما استغرب الصمت والحياد
السلبيين اللذين لزمهما رجال الشرطة الذين غص بهم الملعب، والذين لم يتدخلوا لسحب تلك
اللافتة التي ظلت ترفرف في المدرجات، طيلة عمر المباراة، أمام أعين و"مركز القيادة
العملياتي"، وعامل إقليم الجديدة، والسلطات الأمنية والمحلية.
هذا، وكانت "الجديدة24" نشرت على أعمدة موقعها مقالا صحفيا تحت عنوان:
جمهور ال"DHJ" يهدد ب"الثورة"
في الجديدة.
بوادر "الثورة":
في الوقت الذي كان فيه المغاربة لم يستفيقوا بعد من هول صدمة "الكارثة
الرياضية"، جراء "الحرب الأهلية" التي اندلعت في المركب الرياضي محمد
الخامس بالدارالبيضاء، والتي خلفت ضحايا وأسرا مكلومة، إذا بشعار في غاية الخطورة،
فيه تحد وتحريض وتهديد ووعد وعيد، زلزل، صبيحة أمس الأحد، اليوم الموالي ل"السبت
الأسود" ( ال19 مارس 2016)، سكينة عاصمة دكالة. إذ تضمن عبارة: "الأنطراس
شمعة الملاعب، إذا حاولتم إطفاءها، حرقتكم". شعار كتب بأحرف كبيرة على الأسوار
الخارجية للحي البرتغالي (الملاح)، المطلة على أهم شوارع الجديدة، قبالة محطة حافلات
النقل الحضري (ترمينيس)، على بعد بضعة أمتار من دورية شرطية ثابتة (نقطة مراقبة أمنية
ثابتة)، تابعة لمجموعة التدخل السريع (جير)ـ ترابط ليل–نهار (24 ساعة / 21 ساعة)، عند
البوابتين الرئيسيتين للحي البرتغالي، هذه المعلمة التاريخية التي صنفتها منظمة ال"يونسكو"،
سنة 2004، تراثا حضاريا وإنسانيا.
وبالمناسبة، فإن "الجديدة24" كانت التقطت، في الساعات الأولى من صبيحة
أمس الأحد، صورة فوطوغرافية لشعار التحريض
والتهديد، الذي كتب على أسوار "الملاح"، ثم أعادت، في ساعة متأخرة من ليلة
الأحد-الاثنين الماضية، التقاط صورة ثانية للشعار ذاته، والذي ل، إلى غاية اليوم الاثنين،
قائما في مكانه، وكأنه فعلا يتحدى الجميع، دون أن تتحرك السلطات من أجل إزالته. وهذا
دليل على كونها لم تأخذ علما بما حصل، وأنها كانت خارج التغطية أو في حالة شرود.
وعلق مسؤول رفيع المستوى من المكتب المسير لنادي الدفاع الحسني الجديدي، في
حديث صحفي خص به "الجديدة24"، على هذا الشعار الخطير الذي كتب على أسوار
الحي البرتغالي، بالقول أن ما كان الخوف والتخوفات سائدة بشأنه، قد يصبح حقيقة، بعد
أن خرجت الشعارات من دائرة مدرجات ملعب العبدي،إلى الشارع العام، وإلى واجهة الحي البرتغالي،
هذه المعلمة التاريخية-السياحية. ودعا المسؤول الرياضي السلطات والمصالح الأمنية بالجديدة،
سيما الاستعلامات العامة، إلى التحرك لمواجهة الانفلاتات، حتى لا يحدث مثل ما حدث في الدارالبيضاء، ونعد قتلانا ومصابينا..
في إشارة إلى "السبت الأسود".
صناعة العنف:
أن يحدث انزلاق متعمد أو غير متعمد، في مقابلة تجمع فريق الدفاع الحسني الجديدي،
بأحد ضيوفه من الفرق الرياضية الوطنية، على أرضية ملعبه (العبدي)، وأن تعمد السلطات
في حينه إلى تدارك ذلك الانزلاق، أو في المقابلة اللاحقة، فالأمر يبدو طبيعيا، ويشكل
من ثمة "الاستثناء". لكن أن يتكرر الانزلاق ذاته، وبشكل "ممنهج"،
وبالطرق والأساليب ذاتها، وأن يصبح بالتالي "قاعدة"، فذلك أمر في غاية الخطورة،
يدق ناقوس الخطر.
هذا، فقد يصير التحريض على العنف والشغب، واستهداف الأشخاص، معنويين وذاتيين،
في سلامتهم الجسدية، وفي كرامتهم واعتبارهم المعنوي والتشهير بهم، وتهديد الأمن والاستقرار
في المجتمع، ومن ثمة أمن الدولة، أمرا اعتياديا ومألوفا على أرضية ملعب العبدي، في
عاصمة دكالة.
وبالوقوف على اللافتتين المحظورتين
اللتين رفعهما الجمهور الجديدي في مدرجات ملعب العبدي، فإن أول ما يثير الانتباه
فيهما من حيث الشكل، كونهما تحملان المواصفات ذاتها، من طول وعرض، ولون وكتابة. ما
يعني أن العقول المدبرة واحدة، وهي من وفرت التمويل وخططت وفعلت، وجندت القاصرين، وتواطأت
مع "جهات" سهلت لها المامورية، ووفرت لها الأرضية و"المناعة" ضد
القانون.
ومن حيث الخلفيات، فإن الشعارات التي رفعها الجمهور فيها تحريض على العنف والفوضى
والشغب، واستهداف أشخاص معنويين، وتهديد سلامتهم الجسدية، والتشهير بهم. وقد جاءت اللافتة
الثانية لتكرس التحدي وخيار العنف والتعصب الفكري والممارساتي. وهي (اللافتة الثانية)
تحمل في طياتها رسائل واضحة ومشفرة في الوقت ذاته، إلى كل من يعنيه أو لا يعنيه الأمر.
وهي كمن يضرب عصفورين بحجر واجد.
ومن جهة أخرى، فإن تلك اللافتة (الثانية) قد تحمل بصمة "جهة" معينة، بحكم أنها أشفت غليلها..
وإلا فكيف ومن سمح لهذه اللافتة الوحيدة، التي تستهدف "الصحافة"، بالعبور
إلى ملعب العبدي، وإشهارها من أعلى سور المدرجات ؟
إن طبيعة اللافتات ومواصفاتها، بما فيها شعار "الجمجمة وعظمتين"،
واللونان الأكحل والأبيض ذوا رمزية ودلالة جد خاصتين، تنم بالواضح والملموس عن خلفيات
خطيرة.. عن تطرف في الفكر والتفكير، وعن سلوكات وممارسات استثنائية، جرى فيها استقطاب وتعبئة قاصرين، هم أطفال "أبرياء"،
تم غسل أدمغتهم، واستغلالهم وتسخيرهم في حرب قذرة "بالوكالة". يحدث هذا،
في المغرب، بلد تسامح الديانات السماوية، وتعايش الأجناس والجنسيات البشرية. والغريب
أن هذا يحدث في الجديدة، التي يشهد فيها الحي البرتغالي على ذلك التسامح والتعايش التاريخيين،
من خلال انتصاب مسجد وكاتدرائية ومعبد لليهود (سيناكوك)، في فضاء جد محدود.
هذا، فليس ثمة أي مبرر للسلوكات والممارسات التي باتت مسرحا لها مدرجات ملعب
العبدي. كما ليس ثمة ما يبرر الحرب القذرة والشرسة التي تستهدف المكتب المسير لنادي
الدفاع الحسني الجديدي. فكما أوردت جريدة "الصباح"، فإن فريق الدفاع الحسني
الجديدي غير مدربه، وقبله غير مكتبه الذي يقضي سنته الأولى في التسيير. وفي هذه الحالة،
عادة ما يحاول الفريق ومعه جماهيره التطلع إلى صفحة جديدة، لمصلحة الفريق، قبل التفكير
في أي عتاب. لكن عندما يحاول البعض في هذه الظروف، سلك طريق معاكس بالتهديد والعنف، فهذا يعني أن شيئا ما يحدث
في الخفاء، ربما أشبه بالتحريض الذي جعل المدرب جمال السلامي يقول في تصريح وداعه،
أن محيط الدفاع يحب أن ينظف. فماذا ينتظرون؟
مسؤولية من؟
إذا كان القانون رقم: 09/09 حازما في
مكافحة الشغب في الملاعب، وأوجد الأرضية وترسانة قانونية من أجل تفعيل ذلك، فإن تجليات
الفوضى الرياضية لا يمكن حصرها فقط داخل الملعب، وعلى المدرجات. فالشغب أصبح
"صناعة"، ثمة جهات لها المصلحة، تعمد إلى التخطيط له، وتمويله، وتدبر وتدبير
أمره في الخفاء. وهذا ما يستدعي تدخل الجهات الوصية والمعنية، وتحمل السلطات مسؤولياتها،
وعلى رأسها السلطات الأمنية والقضائية.
فمسؤولية المصالح الأمنية، وأساسا الاستعلامات العامة والخلية الأمنية المكلفة بالملاعب، قائمة بالقوة والفعل. فمن المستحيل أن تكون ثمة صناعة "ممنهجة" للافتات المحظورة، والشعارات والعبارات التي تدون عليها، دون أن تأخذ المصالح الأمنية علما مسبقا بذلك، سيما أنها تنسق بشكل قبلي مع قادة ومسؤولي "الألتراسات" والفصائل المشجعة، ولها علاقات وطيدة مع مخبرين من الجمهور. فإن كانت الاستعلامات العامة لا تعلم بذلك بشكل قبلي واستباقي، أي أنها تكون آخر من يعلم، فإن ذلك هو المصيبة في حد ذاته.. وإن كانت تعلم ولا تحرك ساكنا، فتلكم الطامة الكبرى.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة