نظم
المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم والتضامن الجامعي المغربي ندوة علمية تربوية
يوم السبت 26 مارس بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالجديدة، تحت عنوان: العنف
في المؤسسات التعليمية والشغب في الملاعب الرياضية، أية علاقة؟
وقد افتتح أشغال هذه الندوة كل من رئيس التضامن الجامعي
المغربي الأستاذ عبد الجليل باحدو و رئيس المرصد المغربي للدفاع عن حقوق المتعلم الدكتور
عز العرب إدريسي أزمي بكلمة ترحيبية وتذكيرية بأهم الأنشطة التي ستنجز خلال هذا اليوم،
والتي تستهدف خلق نقاش واسع وثري حول ظاهرتي الشغب بملاعب كرة القدم والعنف بالمؤسسات
التعليمية، واقتراح الحلول والبدائل التي يمكن اللجوء إليها للحد من تنامي هاتين الظاهرتين
اللتين أصبحتا تهددان المجتمع المغربي وتقلقان الجميع بسبب انعكاساتهما الخطيرة على
كل المجالات الحياتية الحيوية ببلادنا.
بعد
ذلك تناول الكلمة الدكتور جواد ارويحن مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين حيث
تطرق إلى أهمية الموضوع وراهنيته باعتباره قضية من القضايا التي تشغل بال الجميع وتقلق
الرأي العام الوطني، ليؤكد في الأخير على ضرورة تكثيف العمل على مثل هذه اللقاءات والندوات
العلمية والتربية التي تساهم في إثراء النقاشات الجادة وتنويع الآراء ووجهات النظر
المختلفة. ليمر الحاضرون إلى الاحتفال بتوقيع اتفاقية شراكة وتعاون بين المرصد المغربي
للدفاع عن حقوق المتعلم والتضامن الجامعي المغربي.
وقد
ركز السيد عبد العزيز بوحنش المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني
بالجديدة عند انطلاقة المداخلات، على أهم الوثائق
الوزارية والمذكرات الرسمية التي تنظم الحياة المدرسية داخل مختلف المؤسسات التعليمية
وتحسس بمخاطر السلوكات الانحرافية والعنيفة التي تصدر عن بعض المتعلمين لتخلق جوا متوترا
لا يسعف لممارسة تعليمية تعلمية فعالة تروم تمكين المتعلمين من امتلاك الموارد الضرورية
التي تنمي كفاياتهم الأساسية.
كما
شدد على بعض الأطر التربوية والادارية التي تلجأ إلى اعتماد أساليب عقابية جسدية أو
نفسية تتنافى والتوجهات التربوية والبيداغوجية التي تؤطر الممارسة التعليمية والتعلمية داخل التعليمية والتكوينية.
تلا
هذه المداخلة عرض للدكتور صلاح الدين مقتريض الذي أكد على الأسباب التي تؤجج الجماهير
داخل الملاعب وتدفع ببعضهم إلى ممارسة سلوكات عنيفية وتصرفات شغبية قد تصل في بعض الأحيان
إلى استخدام وسائل ممنوعة وخطيرة كالعصي والهراوات والحجارة والسكاكين، وكذا استثمار
شعارات تحريضية عبر يافطات ترفع أمام أعين المسؤولين دون أدنى رد فعل ردعي أو منعي
لذلك، ولم يكتف المحاضر بسرد أسباب الشغب لينتقل إلى تحميل المسؤولية المباشرة إلى
جهاز الأمن الذي يتواطأ مع "الإيلترات" التي يلجأ بعض زعمائها إلى مناصرة
مسيرين ضد آخرين. وقد تخلل هذا السرد الكرونولوجي لأحداث الشغب التي عرفتها مختلق ملاعب
كرة القدم، توثيق بالصور يؤرخ لأهم اللقطات الخطيرة التي تعكس همجية وبلطجية بعض مخترقي
الجماهير المتفرجة ممن يسخرون من لدن جهات معينة لها مصالح خاصة.
بعد
ذلك تمحورت مداخلة الأستاذ محمد مغودي الإعلامي الرياضي حول أهم الإشكالات الجوهرية
التي ترتبط بقضية تنامي ظاهرتي العنف بالمؤسسات التعليمية والشغب في الملاعب الرياضية،
ووقفت عند الأسباب الحقيقية التي تشجع على انتشار الشغب بالملاعب وتدكي الحماس السلبي
للأشخاص الذين يتفننون في انتهاج الأساليب والسلوكات التي تخلق البلبلة والفوضى بالمدرجات،
كما أشار بأصابع الاتهام إلى الجهات الرسمية التي اعتبرها المسؤول الأول على اتساع
رقعة العنف والشغب الرياضي، واقترح حلولا إن تم اعتمادها يمكن تفادي الكثير من الانزلاقات
التي تطال العملية التنظيمية داخل الملاعب وخارجها بالشكل الذي يضمن سلامة وأمن الجماهير
الرياضية المتفرجة وعموم المواطنين المتواجدين بمحيط الملاعب، وشدد على الخلفيات الإيديولوجية والسياسية
التي تسعى إلى شيطنة الإيلترات والركوب عليها لتبرير الاخطاء الجسيمة التي يرتكبها
المسؤولون المنظمون المهتمون بتدبير الشأن الكروي.
تناول
الكلمة بعد الأستاذ مغودي الدكتور عبد اللطيف الجابري الذي تحدث في موضوع مشترك مع
الأستاذ خليل البورقادي، عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تنامي بمختلف مؤسساتنا التعليمية والمتحددة أساسا في أسباب اجتماعية وأسرية وذاتية
ومدرسية تفرز مختلف أشكال العنف التي تنتشر في هذه المؤسسات وتعطل أعمالها التربوية
والتعليمية وتخلق بيئة مضطربة وجوا غير موات لمزاولة المتعلمين للأنشطة الصفية والمندمجة
التي تساهم في تنمية كفاياتهم الأساسية وتطوير قدراتهم الذاتية والابتكارية وتحول دون
تمكنهم من الترقي التعلمي والاندماج الإيجابي في المحيط السوسيواقتصادي.
وأضاف
المتدخل أنه لكي تتمكن هذه المؤسسات التعليمية من القيام بأدوارها ووظائفها المتنوعة
يجب توفير فضاءات مدرسية مفعمة بالحيوية تيسر لهؤلاء المتعلمين ممارسة مختلف الأنشطة
التي تلبي حاجياتهم وتستجيب لانتظاراتهم وتتصدى
للممارسات الانحرافية والعنيفة التي قد يلجأ إليها البعض منهم.
وفي
الاخير توقف الدكتور عطا الله الأزمي في عرضه عند الإحصاءات التي تمخضت عن الدراسات
التي أنجزتها عدد من المنظمات الدولية والوطنية حول ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية
والاجتماعية وبسط سلسلة من الاقتراحات العلاجية التي يعتقد أن اعتمادها من شأنه أن
يخفف من تنامي هذه الظاهرة المرضية التي أصبحت تهدد مجتمعنا.
تمخض
عن هذه المداخلات والتدخلات المتنوعة والغنية سلسلة من التوصيات، نجمل أهمها فيما يلي:
1ضرورة تكثيف الندوات
واللقاءات والمنتديات التي تزيد من تعميق النقاش وتوسيع دائرته حول ظاهرتي الشغب في
الملاعب والعنف في المؤسسات العمومية، بالشكل الذي يساهم في توسيع وعي المواطنين بخطورة
هاتين الظاهرتين وآثارهما السلبيةعلى المجتمع والآفاق المنتظرة لهذا المجتمع.
2مقاربة ظاهرتي الشغب
بالملاعب والعنف بالمؤسسات التعليمية ينبغي أن تكون شمولية ينخرط في معالجتها السياسي
والسيكولوجي والاقتصادي والتربوي... وأن يتحمل الجميع مسؤولية العواقب الوخيمة التي
تترتب عن تنامي هاتين الظاهرتين وانتشارهما السريع بالملاعب والمؤسسات التعليمية.
3ضرورة إعادة النظر بشكل
جذري وجدي في مختلف المناهج والبرامج الدراسية بالكيفية التي تجعلها بالقيم الإيجابية
والمبادئ الإنسانية التي تخدم إنسانية الإنسان وتزرع ثقافة التسامح والتضامن والتآزر
والتجاوز بين الأفراد والجماعات.
4الإسراع بإيجاد حلول واقعية وممكنة التطبيق توضع رهن إشارة التنظيم المحكم والمضبوط لمختلف العمليات التي ينبغي أن تمر بها سيرورة ولوج الملاعب.
5الابتعاد عن التوظيف الانتخابوي للرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة. فقد تبين للجميع أن هناك جهات تستغل الممارسة الرياضية لأهداف خاصة وتستثمر الإيلترات لتصفية الحسابات والتحريض على العنف والفوضى والبلبلة.
6ضرورة تحمل جهاز الأمن مسؤوليته فيما يقع من أحداث خطيرة داخل الملاعب وخارجها، فالملاحظ أن أغلبية عناصر الأمن تتنصل من المهام الموكلة إليها قبل وخلال وبعد إجراء مباريات كرة القدم مما يزيد في تفاقم المشاكل وتعاظم الأحداث التي قد تصل إلى ارتكاب الجرائم بمختلف أشكالها وأنواعها.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة