حال تقصير القسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية
أزمور، في أداء المهام المنوطة به، أو بالأحرى عدم مباشرة بحث قضائي وتحريات ميدانية، وفق الإجراءات المنصوص
عليها في قانون المسطرة الجنائية، علاقة بنازلة قتل بشعة، وقعت فصولها الدموية، السبت
19 مارس 2016، (حال) دون الكشف عن ارتكاب جريمة الدم، التي اندثرت
كليا معالمها وآثارها في مسرح الجريمة.
هذا، وكانت الضابطة القضائية وضعت النيابة العامة
في صورة غير دقيقة لحقيقة ما حصل. ما حملها على اتخاذ قرار ب"الحفظ""،
بتعليل "انعدم العنصر الجرمي". الأمر
جعل القاتل يفلت من العدالة والعقاب.
اختفاء.. شكوك وتخوفات:
بالرجوع إلى النازلة التي عرضت وقائعها المسماة
(نجاة غ.)، في حوار صحفي خصت به الجريدة، فإن
والدها المسمى قيد حياته (محمد غ.) كان يقيم
بمفرده في منزل مستقل بالطابق الأول، بدرب الجديد، بمدينة أزمور، بعد أن كانت زوجته
المسماة (خديجة ب.)، والتي هي والدتها، رحلت، شهر فبراير 2016، عند بناتها في ديار المهجر. وعلى إثر انقطاع أخبار
والدها وتواريه عن الأنظار، خاصة بعد أن تخلف، على خلاف عادته، عن التوجه، الجمعة والسبت
18 – 19 مارس 2016، في مواعيده وأوقاته المحددة والمضبوطة، إلى مقهاه المفضل بالجوار.
وقد تعذر على بنتي الهالك بالتبني، (فاطنة غ.) و(فاطمة ع.)، اللتين تسكنان بمعية أسرتيهما
غير بعيد في أزمور، ربط الاتصال به على هاتفه النقال. ما قوى شكوكهما وتخوفاتهما من
أن يكون أصابه مكروه. الأمر الذي حدا بهما إلى الانتقال، في حدود الساعة العاشرة من
صباح السبت 19 مارس 2016، إلى منزل والدهما بالطابق العلوي، بغية تفقده والاطمئنان
عليه. لكن طرقاتهما على الباب الخارجي، المطل مباشرة على الزنقة، كانت بدون جدوى.
ولتبديد الشكوك والتخوفات، طلبت الشقيقتان بالتبني من ابن الجيران أن
يلج إلى منزل والديهما، من بابه في السطح، والذي أفادت بشأنه (نجاة غ.) أن والدها اعتاد
أن يبقي عليه مفتوحا ليل–نهار، باستثناء عندما كان يغيب في سفر
لم يتأخر ابن الجيران في العودة، وإطلاع الشقيقتين
على الحالة التي كان عليها والدهما في مسرح النازلة، بعد أن شاهده من "ضواية"
المنزل. ولم يتأكد ما إن كان حيا أم ميتا.
محضر الانتقال والمعاينة:
حسب ما جاء في محضر الانتقال والمعاينة، الذي أنجزته
الضابطة القضائية، بتاريخ: 19 مارس 2016، في
موضوع النازلة، والتي كيفتها على اعتبارها "قضية إسعاف مريض"، فإن ضابط الشرطة
بالقسم المحلي للشرطة القضائية، المصطفى أكريم، رئيس الديمومة بمفوضية أزمور، انتقل
رفقة طاقم سيارة النجدة، فور تلقي إشعار من قاعة المواصلات المحلية، على الساعة العاشرة
و30 دقيقة من صباح السبت 19 مارس 2016، إلى المنزل بالطابق الأول، المستهدف بمقتضى
حالة التلبس، بالتدخل الأمني. حيث ولج إليه
رفقة المسمى (أيوب أ.)، ابن (فاطنة غ.)، بنت الهالك بالتبني، بعد الصعود عبر درج منزل الجيران. وبداخل المنزل، وجد، حسب محضر الانتقال والمعاينة، شخصا مسنا (محمد
غ.)، ملقى على ظهره، عاري الجسم من الأسفل، لازال على قيد الحياة، وبجانبه بقع من الدم،
وطاقم أسنانه، بالإضافة إلى بقعة من الدم بمدخل المنزل. كما عاين عليه أيضا خروج الدم
من دبره.
وانتدب ضابط الشرطة المصطفى أكريم، سيارة إسعاف
تابعة للوقاية المدنية، عملت على نقل المعني بالأمر إلى المستشفى المحلي بأزمور. وبعد
إعطائه الإسعافات الأولية، أفاد الدكتور جمال جابري، الطبيب المداوم بقسم المستعجلات،
أنه من المحتمل أنه يعاني من مرض الكبد (...). ولمعرفة حالة مرضه، سيتم نقله إلى المستشفى
المتعدد الاختصاصات بالجديدة، لأجل المزيد من الفحوصات الطبية، والتأكد من حالته المرضية.
وختم ضابط الشرطة القضائية المصطفى أكريم، محضر الانتقال والمعاينة الذي أنجزه، على
حاله ووقعه، ليرفق بباقي الإجراءات المسطرية التي ستنجز في الموضوع، حسب ما جاء في
المحضر المرجعي.
اندثار معالم وآثار النازلة:
عمدت لتوها الضابطة القضائية جراء إحالة الضحية، صباح السبت 19 مارس
2016، على المستشفى المحلي بأزمور، إلى إغلاق الباب الخارجي للمنزل، مسرح النازلة،
مع الإبقاء على معالم الواقعة على حالها. وطلبت من أفراد أسرة الضحية عدم الولوج إلى
المنزل، حتى إشعار آخر.
وفي اليوم الموالي، الأحد 20 مارس 2016، التحقت
السيدة (خديجة ب.) وبناتها (رشيدة غ.) و(لطيفة غ.) و(نجاة غ.)، وهن من زوجها الضحية
(محمد غ.)، العائدات في اليوم ذاته، من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا، (التحقن)، بمصلحة الديمومة
بمفوضية أزمور. وبعد أن أطلعهن المسؤول الأمني بالمصلحة الشرطية، على وقائع النازلة،
رخص لهن، دون قيد أو شرط، بالدخول إلى منزل الأسرة، مسرح النازلة.
وهكذا، ولجت الوالدة وبناتها إلى المنزل بالطابق
الأول. حيث قمن بتنظيفه، بعد التوثيق لمعالم وأثار النازلة في مسرحها، بالتقاط
"فيديو"، تتوفر الجريدة على نسخة منه، مضمنة في قرص مدمج. وهي المعالم والآثار
التي لم تضمنها الضابطة القضائية في محضر الانتقال والمعاينة الذي أنجزته.
ومن ثمة، وبالسماح لأفراد الضحية بالدخول إلى المنزل،
مسرح النازلة، والذي لم شمعه الضابطة
القضائية (mise sous scellé)،، والقيام بتنظيفه، تكون معالم وأثار النازلة قد اندثرت
كليا.
إحالة الضحية على الإنعاش:
أحال الطبيب المداوم لدى قسم المستعجلات بمستشفى
الجديدة، السبت 19 مارس 2016، الضحية (محمد غ.)، في حالة حرجة، على قسم الإنعاش، لخطورة
الإصابات والجروح التي كان يحملها في أنحاء متفرقة من جسده، سيما في الرأس.
ويومي الاثنين والثلاثاء 21 – 22 مارس 2016، ومن
داخل قسم جراحة الرأس، تواصل الضحية بصعوبة مع أفراد أسرته، بالإشارة البطيئة، بعد
أن فقد القدرة على الكلام. حيث حاول وضعهم في صورة ما تعرض له.. مستعينا تارة بأصابع
يده اليمنى التي كان يحك بعضها على بعض، للتعبير عن سرقة المبلغ المالي الذي كان بحوزته؛
وتارة بقبضة يمناه، التي كان يصوبها إلى جسده، للتعبير عن تعنيفه من قبل من عرضه للسرقة؛
وتارة بنظرات عينيه صوب السقف، للتعبير عن كون المعتدي تسلل إلى المنزل، عبر الباب الكائن في السطح، والذي
كان يبقي عليه مفتوحا ليل–نهار.
وجراء تشفير الرسالة التي أوصلها إليهم الضحية،
بلغة الإشارة، التحقت الزوجة (خديجة ب.) و بنتها (نجاة غ.)، الاثنين 21 مارس 2016،
بالقسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، حسب تصريح المسماة (نجاة غ.). وأبلغتا
ضابط الشرطة القضائية، المصطفى أكريم، بحقيقة النازلة الإجرامية التي استهدفت الضحية،
على حد تعبيره بلغة الإشارة. وطلبتا منه الانتقال إلى مستشفى الجديدة، للقيام بهذا
الإجراء المسطري الحاسم في تحديد ظروف وملابسات وأسباب الجريمة. لكنه امتنع عن القيام
بالمتعين.. إلى أن يستعيد الضحية قدرته على الكلام، حسب تعقيب المسؤول الأمني. لكن
المنية لم تمهل طويلا الضحية، بعد أن تدهورت بشكل خطير حالته الصحية. حيث قضى نحبه،
الأربعاء 30 مارس 2016، داخل قسم الإنعاش، حاملا معه إلى مثواه الأخير صورة وملامح
قاتله، وربما هويته، والتي كان سيفيد الضابطة القضائية في تحديدها، والاهتداء إلى الجاني.
الدائرة الأمنية على الخط :
بعد مضي 10 أيام عن وقوع النازلة، التي كان ضابط
الشرطة القضائية المصطفى أكريم، العامل بالقسم المحلي للشرطة القضائية، أنجز بشأنها
محضر الانتقال والمعاينة، استمع عميد الشرطة عثمان مرشان، رئيس مصلحة الدائرة بالنيابة
بمفوضية أزمور (الأمن العمومي)، الثلاثاء 29 مارس 2016، وتحديدا على بعد أقل من 24
ساعة عن وفاة الضحية، في محضرين إلى المسماة
(فاطنة غ.)، بنت الضحية بالتبني، وابنها المسمى
(أيوب أ.).
وفي اليوم ذاته، الثلاثاء 29 مارس 2016، أحالت مفوضية
أزمور الإجراء المسطري الذي تضمن محضر الانتقال والمعاينة ومحضري الاستماع، على وكيل
الملك بابتدائية الجديدة، تحت عدد: 538/ج.ج./د، بتاريخ: 29/03/2016.
تقرير التشريح يحسم في سبب الوفاة:
أجرت الضابطة القضائية لدى الدائرة الثالثة بأمن الجديدة، المعاينة على
جثة الهالك (محمد غ.). ووجهت إلى الوكيل العام
باستئنافية الجديدة، تقريرا إخباريا في موضوع وفاة، تحت عدد: 767/د 3، بتاريخ: 30 مارس
2016.
وبعد أن أخضعت الطبيبة الشرعية بمستشفى الجديدة،
بتعليمات نيابية، الجثة للتشريح، وافت النيابة العامة المختصة، بتاريخ: 29 يوليوز
2016، بتقرير مفصل، جاءت نتائجه كالتالي:
1/ الفحص الخارجي للجثة: أظهر أنها تحمل جرحا
في فروة الرأس (scalp)،
بطول 1.4 سنتمتر، وتحديدا في الجهة الخلفية اليمنى من الرأس، إلى جانب خدوش في الخد
الأيسر والصدر، و"زروقية" في الذراع الأيمن، وحروقا في الذراع الأيسر (...). .
2/ الفحص الداخلي للجثة: أظهر وجود كسر عظم
في الجهة الخلفية اليمنى من الجمجمة (...).
3/ وخلص تقرير التشريح الطبي إلى أن الوفاة
"غير طبيعية"، وناجمة عن صدمة دماغية، والنزيف والكسر في الجمجمة، وإصابات
عنف خارجي في الوجه والأطراف العليا، وأن مركب الإصابات التي تم حصرها، يصب لفائدة
"الاعتداء الجسدي".
"القتل بدافع السرقة":
تشبثت المسماة
(نجاة غ.) بكون الهالك والدها تعرض
لاعتداء إجرامي، بدافع السرقة. واستحضرت معطيات ملموسة تقوي من الوجهة الواقعية والعملية،
هذا الطرح الموضوعي والمنطقي، أوردتها كالتالي:
1/ كون والدها سحب من وكالة تحويل خاصة للأموال بأزمور، قبل وقوع النازلة، مبلغا ماليا
توصل به من بناته المقيمات في ديار المهجر.
2/ كون والدها كان يعتزم سحب مبلغ مالي بقيمة حوالي 40 مليون سنتيم، من الخزينة
العامة بالرباط، كانت المحكمة قضت به لفائدته، كتعويض عن نزع ملكية بقعة أرضية بأزمور، استفادت منها وزارة التربية الوطنية، في إطار المصلحة
العامة.
3/ كون والدها الذي شاع خبر تحوزه بالمبلغ
المالي الذي يسيل اللعاب، كان يقيم بمفرده
وقت النازلة، في منزل مستقل بدرب الجديد بأزمور، بعد أن كانت والدتها المسماة (خديجة
ب.) رحلت مؤقتا عند بناتها في ديار المهجر بأوربا. وهذا أمر كان يعرفه الجميع في محيطه
الأسري، ومعارفه وأصدقائه، ومن كانوا يجالسونه في المقهى، الذي كان يتردد عليه يوميا،
في أوقات محددة ومضبوطة.
4/ كون الباب الخارجي، المدخل الرئيسي للمنزل،
المطل على الزنقة، والمؤدي عبر الأدراج، إلى المنزل بالطابق الأول (مسرح النازلة)،
كان مغلقا من الداخل. حيث كان فتحه من الخارج، يتطلب استعمال مفتاح. وهذا ما جعل ابن
الجيران، وضابط الشرطة القضائية المصطفى أكريم، بمعية المسمى (أيوب أ.)، يلجون إليه،
في وقتين متفرقين، عبر بابين منفصلين: الباب الأول بالسطح، وكان الهالك يبقي عليه مفتوحا
على مصراعيه ليل–نهار، باستثناء عندما كان يغيب في سفر. والباب الثاني، بالطابق الأول،
والذي كان وقتها مفتوحا بدوره على مصراعيه.
5/ كون والدها لم يكن يعاني قطعا قيد حياته
من مرض الكبد، وأن النزيف الدموي الذي حصل له، لحظة العثور عليه في مسرح النازلة، كان
نتيجة الاعتداء الإجرامي، وإصابته بجروح جسمانية خطيرة، سيما في فروة الرأس (scalp)، بطول 1.4 سنتمتر، في الجهة الخلفية اليمنى من الرأس، وكسر عظم في
الجهة الخلفية اليمنى من الجمجمة (...). وهذا ما أكده تقرير التشريح الطبي الذي كان
حاسما في تحديد سبب الوفاة.
6/ كون والدها الهالك أفصح لأفراد أسرته بلغة
الإشارة، عن واقعة الاعتداء الإجرامي الذي تعرض لها، ووضعهم في صورة ظروف وملابسات
وقوعها، والدافع لارتكابها.
خروقات تحت المجهر:
إن ثمة خروقات وعيوبا مسطرية شابت تدخل وعمل الضابطة
القضائية، التي قامت بإنجاز محضر الانتقال والمعاينة ومحضري استماع
(نوع القضية: إسعاف مريض)، دون غيرها من المحاضر والإجراءات المسطرية، التي
نص عليها قانون المسطرة الجنائية، من قبيل التحري والحجز، وأخذ البصمات..، التي يتعين
القيام بها بمقتضى حالة التلبس، في مسرح النازلة.
وتجدر الإشارة إلى أن الضابطة القضائية قدمت في
محضر الانتقال والمعاينة، صورة باهتة ووصفا غير دقيق لمسرح النازلة. حيث لم تشر أو تضمن
محضرها ما يلي:
1/ عدم ذكر الحالة التي كان عليها باب السطح
وباب المنزل بالطابق الأول.. اللذان ولجت عبرهما تباعا الضابطة القضائية إلى مسرح النازلة،
المنزل بالطابق الأول، المستهدف بالتدخل.. هل كانا مفتوحين أم مغلقين..؟ والحال أنهما كانا مفتوحين على مصراعيهما،
حسب التصريحات التي خصت بها بنات الضحية الجريدة.
2/ عدم ذكر الوضعية التي كان عليها باب المنزل بالطابق السفلي، المدخل الرئيسي
الذي يطل مباشرة على الزنقة، والذي يؤدي عبر الأدراج إلى مسرح النازلة، المنزل بالطابق
الأول.. هل كان مغلقا من الداخل بشكل عادي، أو بمفتاح أو ب"الزكروم" ... ؟
3/ عدم تحديد مسرح النازلة، والمكان الذي وجدت
فيه الضابطة القضائية الضحية .. هل في غرفة، أم في "المراح"، أم في المطبخ،
أم في المرحاض.. ؟
4/ عدم ذكر الإصابات والجروح التي كان الضحية يحملها في أنحاء
مختلفة من جسده، والتي أوردها تفصيليا تقرير النتشريح الطبي.
5/ عدم ذكر إن كان الضحية، وقت العثور عليه
في مسرح النازلة، في حالة غيبوبة، أو فاقدا
القوة على الكلام..
6/ عدم وصف دقيق لمسرح الجريمة، والحالة التي
كان عليها، من قبيل ذكر وجود أشياء مبعثرة في "المراح"، وفي غرفة بالجوار،
وبقعة دم عند مدخل المنزل بالطابق الأول، والذي كان مفتوحا على مصراعيه.. مع عدم الإشارة
إلى أن بقعة الدم هذه، كانت تبعد بحوالي مترين عن الضحية، وعدم ذكر أن الأخير والذي
كان بجواره طاقم أسنانه (dentier)،
الذي لم يكن في مكانه الطبيعي (فمه)، كان ظهره متكئا على كرسي (فوتاي)، ورجلاه ممدتين
فوق زربية، تغطي أرضية "المراح"، وعدم ذكر أنها (الزربية) لم تكن تحمل أي
أثر دم. وبالمناسبة، فإن هذه المعالم والآثار، وثقت لها بنات الضحية، وهي مضمنة في
"فيديو" التقطناه، فور الولوج، الأحد 20 مارس 2016، إلى مسرح النازلة، بترخيص
من الضابطة القضائية.
ومن جهة أخرى، أورد محضر الانتقال والمعاينة أن
الدكتور جمال جابري، الطبيب المداوم بقسم المستعجلات لدى المستشفى المحلي بأزمور، أفاد
أن الضحية يحتمل أن يكون يعاني من مرض الكبد. وهذا أمر تنفيه نفيا قاطعا أسرة الهالك،
التي أكدت أنه لم يكن مصابا أو يعاني قيد حياته،
بهذا المرض.
وتجدر الإشارة إلى أن تشخيص مرض الكبد يستدعي كشفا
مختبريا، يتطلب عدة أيام، وليس 10 دقائق. فكيف لطبيب أن يعمد ويعتمد هذا الاستنتاج
الصحي والطبي السريع ؟ وكيف له أن لا يلاحظ بالعين المجردة الإصابات والجروح الجسمانية
البليغة، التي كان الضحية يحملها في رأسه وأنحاء متفرقة من جسده، والتي أفضت، بعد حوالي
12 يوما، إلى وفاته ؟
وبالرجوع إلى الجريمة ومسرحها:
1/ فلماذا تعاملت الضابطة القضائية بمفوضية
أزمور، مع النازلة، على اعتبارها "قضية تتعلق بإسعاف مريض"، وليس "جناية
سرقة موصوفة، مقرونة بالاعتداء بالسلاح الأبيض، المفضي إلى الموت".. سيما في ظل
وجود معطيات ملموسة على ذلك ؟
2/ ولماذا لم تربط الضابطة وقتها الاتصال بالمصلحة
الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، لطلب تدخل وإيفاد عناصر مسرح الجريمة (مصلحة
الشرطة العلمية والتقنية)، من أجل مباشرة التحريات الميدانية في مسرح النازلة، واستجماع
الأدلة، وأخذ البصمات.. ؟
3/ ولماذا ربطت الضابطة الاتصال مباشرة بوكيل
الملك بابتدائية الجديدة، وليس بالوكيل العام للملك لدى استئنافية الجديدة.. ؟
4/ ولماذا لم تشمع الضابطة باب المنزل بالطابق
الأول (mise sous scellé)،
من أجل الحفاظ على معالم وآثار النازلة، سيما أن ثمة، حسب ما يستشف من الفقرة الأخيرة
من محضر الانتقال والمعاينة، الذي أنجزته في حينه، مواصلة للإجراءات المسطرية: "وبه نختم هذا المحضر على حاله ونوقعه، ليرفق
بباقي الإجراءات المسطرية التي ستنجز في الموضوع" ؟
5/ ولماذا لم تستمع الضابطة إلى كل من المسماة (فاطنة غ.)، بنت الضحية بالتبني، وابنها (أيوب أ.)، إلا بتاريخ:
29 مارس 2016، أي قبل يوم واحد عن وفاة الضحية، التي حصلت في ال30 مارس 2016، علما
أن محضر الانتقال والمعاينة تم إنجازه في يوم النازلة ذاته، السبت 19 مارس 2016 ؟
6/ ولماذا عهد بإنجاز محضري الاستماع اللذين
يخصان (فاطنة غ.) و(أيوب أ.)، إلى عميد الشرطة عثمان مرشان، رئيس مصلحة الدائرة بالنيابة
بمفوضية أزمور (الأمن العمومي)، وليس إلى ضابط الشرطة المصطفى أكريم، العامل بالقسم
المحلي للشرطة القضائية، والذي كان أنجز محضر الانتقال والمعاينة ؟
7/ ولماذا لم تتابع الضابطة القضائية بمفوضية
أزمور، بأي شكل من الأشكال، باقي الإجراءات المسطرية، وخاصة الانتقال إلى المستشفى
بالجديدة، وربط الاتصال بالطبيب المعالج، والاطلاع على الحالة الصحية الحرجة التي كان
عليها الضحية.. وربط الاتصال بالنيابة العامة المختصة، والتنسيق معها.. ؟
8/ ولماذا لم تقم الضابطة القضائية بإنجاز
تقرير إخباري في موضوع وفاة الضحية، وإحالته على النيابة العامة المختصة.. ؟
الإفلات من العدالة والعقاب:
من باب التذكير، وبعد أن تواصل الضحية (محمد غ.)
بصعوبة وبلغة الإشارة، الاثنين والثلاثاء 21 – 22 مارس 2016، مع أفراد أسرته، ووضعهم في صورة ما تعرض له داخل منزله، من اعتداء
وسرقة، التحقت الزوجة (خديجة ب.) و بنتها
(نجاة غ.)، الاثنين 21 مار 2016، بالقسم المحلي للشرطة القضائية بمفوضية أزمور. حيث
أشعرتا ضابط الشرطة القضائية، المصطفى أكريم، بحقيقة النازلة الإجرامية التي استهدفت
الضحية. وطلبتا من ثمة من المسؤول الأمني الانتقال إلى مستشفى الجديدة، للقيام بهذا
الإجراء المسطري الحاسم في تحديد ظروف وملابسات وأسباب الجريمة. لكنه امتنع عن مباشرة
المتعين، بذريعة: "إلى أن يستعيد القدرة
على الكلام".
وقد رفعت الشقيقتان (لطيفة غ.). و(نجاة غ.)، عن
طريق دفاعهما، إلى الوكيل العام باستئنافية الجديدة، شكاية في مواجهة مجهول، بتاريخ:
28 مارس 2016، تحت عدد: 144/3101/16، في موضوع: "السرقة والتهديد بالقتل والضرب والجرح"، التمست فيها
العارضتان، بيومين قبل وفاة والدهما، لتي حصلت الأربعاء 30 مارس 2016، أمر الضابطة
القضائية لدى مفوضية أزمور، بالقيام بالتحريات اللازمة..مع ربط الاتصال بالطبيب المعالج،
حول الوضعية الصحية للضحية..
هذا، وعمد وكيل الملك بابتدائية الجديدة، في شخص
نائبته خديجة هليل، بتاريخ: 26 أبريل 2016، وتحديدا بعد 27 يوما عن وفاة الضحية، إلى
حفظ الإجراء المسطري الذي وافته به مفوضية أزمور، بتاريخ: 29/03/2016، تحت عدد:
538/ج.ج./د، والمتضمن لمحضر الانتقال والمعاينة ومحضري استماع، معللا قرار الحفظ ب"انعدام العنصر الجرمي".
وهكذا،
تكون جريمة دم مدبرة، قد أقبرت إلى الأبد، يعد إقبار المجني عليه في مثواه الأخير،
ليظل الجاني حرا طليقا، بعيدا من أن تطاله يد العدالة.
ومرة أخرى، فإن جريمة القتل، تكون قد أقبرت، جراء
عدم الكشف عنها، واندثار معالمها وأثارها في مسرح ارتكابها، بعد أن قامت أسرة الهالك بالولوج إلى مسرح النازلة،
المنزل بالطابق الأول، بترخيص من الضابطة القضائية، وبتنظيفه بنية غير مبيتة. ما بات يعيق أي بحث قضائي، قد تأمر النيابة العامة
المختصة بفتحه، سيما بعد أن مضى وقت طويل عن وقوع الجريمة، حوالي 10 أشهر.
كما أن
الضابطة القضائية التي تكون بوضعها النيابة العامة في صورة باهتة وغير دقيقة
لمسرح النازلة، ولحقيقة ما حصل، قد حالت دون تحقيق العدالة، بعد أن اتخذت نائبة وكيل الملك خديجة هليل، قرارا يقضي
ب"حفظ" القضية، بررته من الوجهة الواقعية ب"انعدام العنصر الجرمي".
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة