لقد أجهرت هذه الاستقالة الأعطاب التي
تعاني منها إدارة المؤسسة، لعله يتم تدارك الأمر مستقبلا، ربما بعميد وطاقم إداري جديد يخوض معركة
الإصلاح بشكل بنيوي. و نسرد هذه الأعطاب على الشكل التالي:
1- التسليك والترقيع اليومي في إدارة
المصالح التي تشكل العمود الفقري للمؤسسة، فمصلحة الشؤون الطلابية مثلا، لا تتوفر
على رئيس مصلحة و فريق متكامل، كما أن أغلبية الموظفين الملحقين بالمصلحة ليست لهم
الخبرة في الاشتغال بنظام أبوجي، و مصلحة الامتحانات تفتقر إلى رئيس مصلحة و قسم
شكايات خاص بها، إذ يحال تصحيح النقط على رؤساء الشعب، مما يتسبب في فوضى في
التصحيح. كيف يعقل أن تنتهي المداولات، و يتم الاحتفاظ بالنقط والأوراق داخل
الشعب، ثم يعود بعض الأساتذة لمراجعة نقطهم وإضافة نقط لبعض الطلبة في إطار
التضامن الإنساني، و المداولات قد انتهت. كان من المفروض أن تسلم أوراق الامتحانات
إلى المصلحة المكلفة بذلك، و هي المسؤولة على تصحيح الأخطاء الواردة في نظام إدخال
النقط، أما تغيير النقط بعد المداولات في إطار التضامن مع بعض الطلبة، هذا عبث
قانوني، يفتح الباب أمام فوضى التنقيط وعدم تكافؤ الفرص، ثم نعرّج على مصلحة
البرامج التي تعمل بشخص واحد يقوم بمهمة التنسيق مع رؤساء الشعب، و هكذا يتم تسيير
الإدارة عن طريق الاعتماد على أشخاص مفاتيح للقيام بالمهام الإدارية، و ليس عن
طريق المصالح، إذ تجد في كل مصلحة موظفا مفتاحا فريدا من نوعه "يتقاتل"
لحل المشاكل، و يشتكي عبء المسؤوليات، بالرغم من أن هذا ليس ضروريا، إذ عوض ذلك،
يجدر تفعيل عمل المصالح و توزيع المهام بشكل مسؤول في إطار المراقبة والمحاسبة
الإدارية، وهنا نتساءل عن دور باقي الموظفين والمهام المنوطة بهم؟ هذا هو السؤال
الذي يراود السيد العميد نفسه، حيث قال ذات يوم أنه عبارة عن ناخب وطني فُرض عليه
هذا الفريق ليلعب به، لكن نُجيب السيد العميد بالاستعارة نفسها: إن عناصر الفريق
تخضع لتدريب و تغيير في المهام وأمكنة اللعب، كما قد تطرأ عليها مجموعة أخرى من
التغييرات. هذا هو دور الناخب، و إلا سوف يفشل، و عند فشله في مهمته في دول الغرب،
يجب أن يقدم استقالته.
- اختزال مؤسساتي لمهام رئيس الشعبة في وظيفة
"مشاوري"، يطوف بين مصالح الإدارة في مهام روتينية ممكن أن يقوم بها أي
إداري أو بالأحرى كاتبة الشعبة، لكن نظرا للأعطاب السالفة الذكر وغياب مصالح بمعنى
الكلمة، يقوم رئيس الشعبة بملء الفراغات و
القيام بمهام ليست من اختصاصه، تلك، نكررها مرة ثانية، مهام روتينية تقنية يمكن أن
يقوم بها أي طاقم إداري مؤهل، مما يعتبر هدرا جزافيا للوقت بالنسبة لرئاسة الشعبة،
و هدرا كذلك لفرص انكبابها على مناقشة
القضايا البيداغوجية والعلمية التي تهم تحصيل المعرفة و تقويمها. وهكذا تجد الإدارة
تبحث على من "يجلس في الحانوت"،
عبر وضعها لأولويات تتجلى في تصريف أعمال تقنية، نذكر منها إعداد جدولة
حراسة الامتحانات، و إرسالها إلى الإدارة، و السهر على المداولات و توقيع محاضر
النتائج ، و مراجعة الأخطاء الواردة في النقط و إعداد استعمالات الزمن و حل مشاكل
التسجيل في الوحدات و المقابلات، ألخ...)، مهام
روتينية إدارية تقنية تستهلك غلافا زمنيا من المفروض استغلاله في تطوير
العمل البيداغوجي والمسارات العلمية للشعب.
و بناء عليه،
نعتقد أن مهمة رئاسة الشعبة بهذه المواصفات لا تحتاج أستاذا باحثا للقيام بوظائفها،
ذلك لأن موظفا إداريا مدربا على نظام أبوجي وتحضير استعمالات الزمن يستطيع أن ينسق
عملها و يخبر السادة الأساتذة بوقائع اجتماعات مجلس الكلية.
وأخيرا، نمر للنقطة التي أفاضت الكأس،
و دفعت رئيس الشعبة إلى استقالته دون تردد، كما أخبرنا بذلك بعض الزملاء، ألا وهي
قرارات مجلس الكلية المرتجلة أحيانا، مثل ما قام به المجلس مؤخرا من تمرير
لميزانية المؤسسة برسم سنة 2017 دون الاطلاع عليها قبليا من طرف أعضائه و مناقشتها
لملائمتها مع الحاجيات البيداغوجية والعلمية للشعب والمختبرات، هذا بالإضافة إلى
عدم إيلاء أهمية لهذه النقطة من طرف مجموعة من أعضاء مجلس المؤسسة، إما عن طريق
الانسحابات المتكررة أو الغياب الكلي عن الاجتماع. إن الطريقة التي تمت بها تسطير
ميزانية المؤسسة لسنة 2017، و المصادقة عليها، تبين أن تركيبة المجلس متجانسة، و
تم اختيارها حسب المقاس، إذ تلبي مطالب اللوبي المهيمن الذي يسير شؤون الكلية
بذكاء، و أمام واقع الحال هذا، يعتبر أي صوت معارض فريد عبارة عن بيلياتشو أو
بهلوان المجلس، إذ يتركه رئيس الجلسة، يعبر عن رأيه و يتحفظ كما يحلو له.
إن استقالة رئيس
الشعبة هذا هي رسالة تنطق بلسان حال الإدارة المغربية التي تتخبط في جملة من
الأعطاب، فالمجالس التي تسيرها مفبركة بديمقراطية مغربية على المقاس، و كل متهور
يرفع سيف الإصلاح من داخل المنظومة، قد يدق عنقه على مقصلة هذه الديمقراطية
الزائفة، و هكذا نُجَبر على الاستمرار في الترقيع والتسليك والارتجال. مادامت
الإدارة تعمل و حوانيتها مفتوحة، فهي إدارة، هذا هو الشعار السائد الآن.
مرحباً بك أيها
الزميل المستقيل في جبهة محاربة الفساد من خارج المنظومة... و حتى هذا الطريق
نهايته مجهولة...لكنه الصمود في مواجهة المصير...!
جامعيون بجامعة
شعيب الدكالي
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة