إنها
اليوم و أكثر مما مضى دعوة إلى كافة القوى الحية من أبناء مدينة الجديدة منهم المثقفين
و الفاعلين الإقتصاديين و الغيورين على المدينة و المسؤولين عليها و الناطقين باسم
ساكنتها من أحزاب و نقابات و جمعيات مستفيدة من دعم مال المدينة إلى ضرورة التفكير
في إطلاق حوار جماعي محلي على صعيد مدينة الجديدة
بين مختلف القوى الفاعلة من أبناء المدينة داخل و خارج البلاد لتجاوز أزمة "الاحتقان"،
معتبرة أن مرحلة حراك الحسيمة أصبحت تجبر كل جماعة حضرية أو قروية أن تحصي خيراتها
و كفاءاتها و مواردها البشرية و أملاكها الترابية لإعادة النظر في التسيير و التدبير
و التوجيه، منبهة إلى ما قد يترتب عن الوضع القائم الهش بين المشهد الحزبي و أعضاء
المجلس الجماعي الذين هم اليوم مجبرون على الخضوع لتقييم و تقويم برامجهم و أسباب مشاركتهم في تمثيل أبناء المدينة
و طريقة حصولهم على التزكية الحزبية على ضوء شريط صوتي لمكالمة هاتفية قد روج لها إبان
تكوين المجلس البلدي.
وفي
هذا الإطار سبق لي أن كتبت مقالا عن انتخابات 7 أكتوبر تحت عنوان ' كن ما قلتَ و لا
تتلوز عفوا و لا تتلون ' اطلع عليه 25588 قارئ ، لأني و كإبن هذه المدينة كنت أعلم
أن مدينة الجديدة أصبحت تعيش مشاكل عويصة، من ضمنها عزوف كبير عن المشاركة في الانتخابات
الأخيرة، و أن المجلس المنتخب ليس مبنيا على ديمقراطية حقيقية يمكن أن تمنح للسكان
حقوقا واقعية ملموسة لولوج مؤسسات قوية و مرافق عمومية بدون محسوبية و لا ' أباك صاحبي
' ؛ وهو ما بات يؤكد ضرورة فتح حوار بمشاركة السكان و الفاعلين و كل القوى السياسية
بشكل صريح وصادق، لأن لا الإدارات الحكومية قادرة على إحصاء و معرفة مشاكل الساكنة
و لا الجماعة المحلية قادرة حل مشاكل المدينة.
كما
أنني سبق لي أن شددت في رسالة مفتوحة عبر جريدتي لوبنيون و لبيراسيون في 2002 لبرلمانيينا
على ضرورة ربط علاقات ود و محبة مع مواطنينا و إطلاق حوار بقلب مفتوح "لبناء أرضية
ديمقراطية حقيقية لمستقبل المدينة و ساكنتها، تتجاوز منطق شراء الضمائر و إعطاء المنح
، رغم مطالبة المواطنين بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية قبل دستور 2011 إلا أن جل
المبادرات كانت بأمر ملكي و بتمويل ملكي و
بقي المجلس البلدي مبنيا على ديمقراطية عرجاء، لا عضو فيه قادر على تحمل المسؤولية
ما عدا الإحتجاجات و التراشق بالكلمات التي لا علاقة لها بالمسؤولية .
كما
أصبحت كل المواقع الإجتماعية تشدد على ضرورة "حوار جدي"، مشيرا إلى أن
"مشاركة المجلس الجماعي فيه تقتضي الالتزام بشروط، أهمها تقديم أجندة عمل على
المدى العاجل و القريب و المتوسط و البعيد مع توفر إرادة المبادرة الحقيقية في التطبيق،
إضافة إلى تهييء أرضية ديمقراطية تمتاز بالصدق و حب المدينة و ساكنتها.
لأن
المجلس الجماعي بقوة الدستور جزء من الدولة و المنتمين إلى مكوناته الحزبية جزء من
الحكومة لا بد من مشاركتهم بقوة القانون و بدون عنف للحرص على استقرار المدينة و أمن
و تأمين ساكنتها للحفاظ على شرعية و مشروعية الدولة و التربية على المواطنة و حب الوطن.
فكلنا لنا رغبة حقيقية في الحوار، لأن وضع المدينة يدعو
بإلحاح إلى توفير إرادة جماعية، لتجاوز هذا التناقد الموجود على المستوى الاجتماعي
والسياسي بشكل سلمي يجنبنا كوارث وأعطاب كبرى و يرجع إلى السلطة هبتها و إلى المدينة
مكانتها مع التفكير في إعادة تقسيم الثروات و المقالع الرملية و المأذونيات البرية
و البحرية و إعداد هيكلة مجموعة من البنايات المتآكلة و الأملاك التي هي جزء من التراب
الجماعي و استغلالها سيفتح أوراشا للعمل و مجالات للإستثمار و مناصب للشغل ' كمستشفى
محمد الخامس الذي لم يبق فيه إلا جناح الأمراض العقلية ' و ' كالمحكمة الإبتدائية التي
لم يبق فيه إلا جناح قضاء الأسرة ' و ' كمدرسة التريعي التي أصبحت نوافذها مغلقة بالإسمنت
' و ' كحبس الصوار الذي لم يبق فيه لا حباس و صوار ' و أمكنة كثيرة منها ما أصبحت آيلة للسقوط و منها
ما تنتظر، و هذه الأمكنة يمكن لها في إطار المبادرة الوطنية أن تصبح تنمية بشرية حقة
كما يصبو لها عاهل البلاد. و كلنا حماس و رغبة حقيقية للعمل يدا في يد لمحاربة الإقصاء
و لفضح عملاء الشر المتسلطين على تربيتنا الوطنية و على سياسة مدينتنا، العاصمة الدكالية.
و لقد سبق لأحد أعضاء المكتب الجماعي عبر جريدة إلكترونية بتصريح سياسي خطير حمل انتقادات
لإخوانه ' إخوان الأمس اللذين أصبحوا أعداءه اليوم' ، تصريح اعتبره المثقفون يدخل في
خانة "إذا تخاصم لصان ظهر المسروق " لاستكمال شريط الضحك على المواطنين"
لتكريس الكذب على واقع الحياة السياسية بالمدينة للهروب من تحمل المسؤولية في قرارهم
و مبادرتهم للترشح لتمثيل المواطن لا التمثيل عليه. فنحن كلنا مغاربة لنا رب واحد و
ملك واحد و وطن واحد، فعلى كل أبناء هذه المدينة الغيورين أن يقفوا وقفة رجل واحد لما
فيه مصلحة المدينة و ساكنتها. ليبدأ الحوار..
فكلنا اليوم مع ثقافة الحوار، لأن الحوار ينتج أشياء إيجابية،
و نحن في حاجة إلى حوار جاد بين المثقفين و الأحزاب و النقابات و الجمعيات و الغيورين
لإخراج المدينة مما آلت إليه من تدني و وضع ميثاق شعبي حقيقي يحفظ جميع الحقوق و يحقق
جميع الواجبات.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة