يبرز فضاء فنون
الفروسية التقليدية (الفانطازيا)، الذي يؤثث فعاليات الدورة العاشرة لمعرض الفرس
المقام حاليا بمركز المعارض محمد السادس بمدينة الجديدة، تحت الرعاية السامية
لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الاهتمام البالغ بتقاليد الفروسية وموروثها كرمز
للذاكرة الثقافية المغربية.
ويعد الفضاء
رمزا للتواصل بين الأصالة والتقاليد، التي تشكل جزءا من ثقافة المملكة وتاريخها
التليد، والحداثة باعتبار أن هذا الثراث يلتف حوله الشيوخ كما الشباب مما يضمن
انتقاله من الرعيل الأول إلى الجيل الصاعد.
وتشهد منافسات الفروسية التقليدية المغربية، التي تقام يوميا برسم الجائزة
الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى جانب الأنشطة المتنوعة والغنية
للمعرض ، المنظم هذه السنة تحت شعار "معرض الفرس .. عشر سنوات من الولع
والاعتزاز"، مشاركة "سربات" تمثل مختلف جهات المملكة، وهو ما يعكس
تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة بالتبوريدة، التي تشكل جزءا من ثقافة المملكة
وهويتها الحضارية.
وتتضمن منافسات الفروسية التقليدية عروضا تقدمها السربات، التي تضم كل
واحدة منها 14 فارسا وفرسا إضافة إلى "العلام" أو "المقدم"،
وتكون في غاية الانضباط لتنفيذ "التبوريدة" بدقة متناهية.
ويحرص الفرسان على ارتداء الزي التقليدي الذي يتكون من "الجلابة"
و"السلهام" و"العمامة" و"السروال الفضفاض"،
ويتمنطقون بالخنجر "الكمية" فيما ينتعلون نعلين من النوع العالي، أما
السلاح التقليدي لفنون الفروسية التقليدية فيتمثل في البندقية المعروفة ب
"المكحلة" وتكون مرصعة بخطوط ونقوش متموجة.
وتضفي السروج، التي تبدع أيادي صناع مهرة في تطريزها برسومات مستمدة من
التراث المغربي الأصيل، على صهوات الخيول رونقا وعلى الفرسان وقارا وتبرز مكانتهم
الاجتماعية وحظوتهم في القبائل التي ينتمون إليها.
وقبل أي انطلاقة (محاولة) يستعرض المقدم فرسانه قبل أن تدخل المجموعة إلى
فضاء العرض (المحرك) وتبدأ بتحية الجمهور (الهدة أو التشويرة أو التسليمة). إثر
ذلك يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاقة، حيث يصطفون في خط مستقيم في انتظار إشارة
"المقدم"، لتنطلق الخيول في سباق بديع يبرهن خلاله الفرسان عما يتوفرون
عليه من مهارات سواء بالنسبة للسيطرة على الجياد لإبقائها في الصف أو في ما يخص
الحركات الدائرية التي يؤدونها ببنادقهم قبل تنفيذ الطلقة بالبارود.
ويأتي معرض الفرس كل سنة إيذانا بانطلاق موسم مهرجانات ومسابقات التبوريدة،
التي تحتضنها مختلف جهات المملكة وتتبارى فيها القبائل من أجل اختيار أحسن
"سربة" لتمثيلها في أسبوع الفرس، الذي أضحى موعدا سنويا لا محيد عنه،
بفضل المجهودات التي تبذلها الجامعة الملكية المغربية للفروسية حرصا منها على
تشجيع الإقبال على ممارسة هذه الرياضة المتجذرة في الثقافة المغربية خاصة من طرف
الشباب. ولضمان الخلف وحرصا على استمرارية هذا الموروث الثقافي
الأصيل وانتقاله من الرعيل الأول إلى الجيل الصاعد، تم تخصيص مسابقة للناشئين
يتبارون بدورهم ضمن سربات تخضع للمعايير والضوابط ذاتها كمل لدى الكبار.
ولم تعد تظاهرات فنون الفروسية التقليدية في المواسم والمناسبات الدينية
والوطنية فضاء فلكلوريا يحتكره الرجال، حيث أصبح للمرأة حضورا متميزا وباتت بدورها
تقود سربات الخيالات بالكفاءة والحماس ذاته.
وكانت أول فرقة نسوية "للتبوريدة" بالمغرب قد تأسست سنة 2003
وتنتمي لإقليم الجديدة قبل أن تنضم إلى ركب "الخيالات" فرق نسوية أخرى
أبانت عن علو كعبها في هذا الميدان، خاصة من أقاليم بنسليمان والمحمدية وإيفران،
وهو ما يعتبر تجربة جاءت لإضفاء روح جديدة على هذا الفن الأصيل، لكن بصيغة المؤنث.
ومع تزايد الاهتمام بتقاليد الفروسية وموروثها كرمز للذاكرة الثقافية المغربية،
تم إحداث جائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية التي انطلقت دورتها الأولى
عام 1999 وتقام كل سنة بمناسبة أسبوع الفرس ، الذي تقام فعالياته بالمركب الملكي
للفروسية والتبوريدة دار السلام بالرباط ، قبل الإعلان رسميا السنة الماضية عن
إحداث الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،التي تقام
بمناسبة معرض الفرس لمدينة الجديدة
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة