قضت عاصمة دكالة ليلة غير عادية و اعتيادية، تحت رحمة غضب الطبيعة. فليلة الأربعاء – الخميس الماضية، بدت أحياء وشوارع المدينة خالية من الناس، الذين أرغمتهم الرياح العاتية على التزام بيوتهم، كما فعلت مع الحيوانات الضالة (القطط والكلاب..)، التي اختفت بشكل غريب، بعد أن كانت تؤثث في مشهد مألوف المدينة.
هذا، فعندما كانت الجديدة تخلد للنوم، كانت الطبيعة في أوجه غضبها.. ظهرت معالمه وأثاره، صباح اليوم الخميس، بعد أن استفاقت على هول الخسائر التي تم تسجيلها، والتي لم تمتد لحسن الحظ إلى البشر. فالرياح القوية، التي زادت سرعتها عن 60 كيلومتر/الساعة، اقتلعت أشجار النخيل وأشجار أخرى، من جذورها في العديد من الشوارع، وألقت بها أرضا، لتصبح من ثمة حاجزا طبيعيا في وجه حركات السير والمرور، كما حصل في شارع الجيش الملكي، وشارع المختار السوسي، والشارع المؤدي إلى إقامة عامل إقليم الجديدة. وسقطت بشكل مائل شجرة على مدرسة إبراهيم الروداني، بحي المطار. كما اقتلعت الرياح العاتية من سطح بناية سكنية، لاقطا لاسلكيا تابعا لشركة للاتصالات الهاتفية، على غرار "باربولات" مختلفة الأحجام، تطايرت في السماء، قبل أن تستقر في الشوارع وعلى الأرصفة.. وكذلك لوحات إشهارية مثبتة على جنبات الطريق.
وفي ميناء الصيد البحري بالجديدة، لزمت بواخر وقوارب الصيد أمكنتها، إثر النشرة الإنذارية التي حذرت من أخطار الرياح القوية، وهول الأمواج الذي زاد ارتفاعها عن 7 أمتار. وقد دمر غضب الطبيعة الأدراج المؤدية من "نادي الدفاع الحسني الجديدي للبيئة والرياضات البحرية" إلى البحر.
الغضب امتد إلى تمثال فرس من الحديد، كان منتصبا وسط مدارة، على مقربة من الملحقة الإدارية الرابعة، واقتلعته الرياح من منصته الإسمنتية، ليقع من ثمة أرضا في منظر حزين.. حزين لكون الفرس هو رمز فخر واعتزاز منطقة دكالة، الفرس الحاضر في تظاهراتها الشعبية والرسمية (موسم مولاي عبد الله – أسبوع الفرس..).
هذا، وقد استنفر غضب الطبيعة المصالح الجماعية والسلطات المحلية، ممثلة في باشا مدينة الجديدة بالنيابة، وفي قياد الملحقات الإدارية السبعة، وأعوان السلطة من شيوخ ومقدمين، تدخلوا، في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، كل في منطقة نفوذه الترابي، لإزالة بقايا الخراب والدمار، التي أحدثتها الطبيعة في عاصمة دكالة، ، في ليلة غضبها.
وبالمناسبة، تمكن خفر السواحل، بعد التنسيق المحكم بين البحرية الملكية، والقيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، في عملية مشتركة، جديرة بأفلام الإثارة الهوليودية، من إنقاذ صياد مفقود، من موت محقق في عرض سواحل الجديدة، بعد أن خرق تحذيرات السلطات والنشرة الجوية، وغامر، الثلاثاء الماضي، على متن قارب صغير، بحياته وسلامته، من أجل استرجاع شباك الصيد، كان ألقى بها في أعماق البحر، قبالة ميناء الجرف الأصفر.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة