تحديات المهندس المعماري في ظل النموذج التنموي الجديد
تحديات المهندس المعماري في ظل النموذج التنموي الجديد


شهدت بلادنا خلال العقود الأخيرة تحولات عميقة وبنى كبرى في عدة قطاعات، ومن أجل مواكبة دينامية التطور والتغيير أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش عن إنشاء لجنة خاصة بالنموذج التنموي الجديد والتي قدمت تقرير يتضمن تشخيص معمق حول الوضعية الراهنة، علاوة أن هذا التقرير يعد وثيقة استشرافية لطموح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي   لبلادنا في أفق 2035، بغية الحصول على المغرب المنشود، مغرب الجرأة والكفاءات، المغرب الدامج.
 
من هنا نتساءل كيف للمهندس المعماري أن يساير تطلعات النموذج التنموي الجديد؟
 
 ومن الجدير بالذكران العمارة لم تكن يوما مجرد اختصاص جامعي أو بطاقة مهنية أو موقع اجتماعي، فالهندسة المعمارية تعد من المهن التي تجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل ويبقي لها دور كبير في التنمية المجالية والاقتصادية والاجتماعية، فلنفكر ماليا حول الطرق التي ستسمح بمواكبة النموذج التنموي، والذي قسم اختياراته استراتيجية إلى أربع محاور أساسية الأول اقتصادي، المحور الثاني يتعلق بالرأسمال البشري، الثالث متخصص بالإدماج والتضامن، والرابع يتجلى في محور المجالات الترابية والاستدامة.
ولعل كان من المألوف أن المهندس المعماري يستعين بدراسة سلوكيات المواطنين قبل التهيئة أو التأهيل أو تعمير مجال جغرافي، لذلك يقتضي على المهندس المعماري التفكير في عمارة تكون أداة اقتصاد سلوكي وذلك بتحويل الأماكن العامة الى الأماكن التجارية لتحقيق الاستهلاك، أيضا من اللازم في الفترة الأنية أن تستعمل العمارة كوجهة سياحية وكأداة لتحفيز وأخيرا العمل على بناء هوية معمارية مشتركة   للشركات بالحصول على معمار دو خصوصيات تجارية تميزه عن باقي البنايات.
 
للمهندس المعماري مسؤولية اجتماعية، ودور أساسي في تحقيق الرفاهية للمجتمع، من خلال العمل الدائم مع القطاع الثالث " القوة الحية "وذلك بالرفع بالوعي الجماعي، بالقضايا الاجتماعية والبيئية، وهذا يتطلب انخراط في عملية التوعية والتحسيس، فضلا عن ذلك تحلي بالنزعة التطوعية بالمشاركة داخل اللجن المكلفة بصياغة السياسات الهادفة إلى تحسين جودة السكن الاقتصادي والمتوسط، وأخيرا إشراك المهندسين المعماريين في مختلف اللجان العلمية لتطوير نسق جديد من القرى الصحية من أجل الرفع من جودة القطاع.
 
 فيما يتعلق بمحور الإدماج قامت وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة بوضع استراتيجية لتطوير تكوين المهندس المعماري بحلول عام 2030 وذلك بالمرور من 201 خريج هندسة معمارية   سنويا الى 1015 وهذا يعتبر طفرة نوعية في مجال التكوين العالي للمهندس المعماري، المشروع انف الذكر يتطلب التزام جملة من خبراء في الميدان لمواكبة وإدماج الخريجين الجدد من أجل تأطير وتنمية معارفهم في القطاع ووضعهم في سياق سوق الشغل الحالي.
 
 ويبقى المجال الترابي من المجالات الأكثر حماسة نظرا لمساهمته مباشرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمجالية، يعد المهندس المعماري من أهم الفاعلين في هذا المجال نظرا للعمل الدائم الذي يقدمه من تتبع وتنزيل المشاريع المحلية بشراكة مع الجماعات الترابية ومؤسساتها   العمومية لتحقيق الحيوية والنشاط الاقتصادي على الصعيد المحلي.
 
 كما أن للمعماريين دور أساس في تقدم نحو مغرب الجهات وترسيخ ورش الجهوية الموسعة ذلك بضمان إعادة تنظيم مبتكرة على المستوى الترابي وتحقيق العدالة المجالية، وتعزيز المقاربة التشاركية الداخلية بين مختلف الفاعلين في القطاع من أجل تعمير حامي للموارد الطبيعية ومستجيب لمجموعة من التحديات المناخية في المجالات الترابية من أجل تنمية مستدامة وبلوغ إلى المغرب المتطور والمغرب القوي الذي نسعى من أجله. 

*  رئيس جمعية الشباب من أجل الهندسة المعمارية     
 
 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة