بالصور.. كُتاب الكوثر ضواحي سيدي إسماعيل ينظم عرسا قرآنيا بهيجا تحت إشراف المجلس العلمي
بالصور.. كُتاب الكوثر ضواحي سيدي إسماعيل ينظم عرسا قرآنيا بهيجا تحت إشراف المجلس العلمي


عاشت ساكنة دواوير لوراردة، لعليوات، اولاد ساسي، لمضينقات، التريعات، لمناصرة وغيرها هذا الأسبوع حدثا متميزا، قد يكون الأول من نوعه بالمنطقة بهذا الحجم، تمثل في تنظيم كُتاب مسجد الكوثر عرسا قرآنيا، يوم الأربعاء الماضي 26 يوليوز 2023، احتفاء بثلاثة طلبة حفظوا القرآن الكريم كاملا، وتكريما للشيخ المحفظ أحمد العيساوي، وذلك تحت إشراف المجلس العلمي المحلي للجديدة، وبتنسيق مع المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بالجديدة.

وتجند شباب وشيوخ ونساء المنطقة، لخدمة الضيوف وتقديم ما يلزم، لإنجاح هذا العرس القرآني، الذي عرف حضور رئيس وأعضاء المجلس العلمي المحلي، والسيد المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية، والشيخ عبدالله بن المدني، والأئمة المرشدين والمرشدات، وأئمة المساجد، وأزيد من 800 شخص من محبي القرآن الكريم وأهله، بعضهم أتى من مدن بعيدة، رغبة في مشاركة الساكنة الفرح والسرور بتخرج الحفظة الجدد.

وتم إلباس حفظة القرآن الكريم الجدد لباسا أبيض، وإركابهم على الخيول حاملين ألواح الحفظ مزينة ومزركشة، ليتقدموا الموكب الذي انطلق في اتجاه مسجد الكوثر، الذي احتضن هذا العرس القرآني، وفق التقاليد المغربية في الاحتفاء بحفظة القرآن الكريم.

بعد ذلك دخل الجميع المسجد المحتضن للحفل، حيث تم الافتتاح بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها الطالب أنس عبقري، قبل أن يقدم رئيس المجلس العلمي المحلي للجديدة كلمة بالمناسبة، بين فيها السياق الذي جاء فيه هذا الحفل، موضحا أنه يرتبط بإنزال القرآن الكريم المنزلة التي تليق به، وإنزال الحفظة الجدد وشيخهم المكانة اللائقة، مؤكدا أن المجلس العلمي المحلي، جعل على رأس أولوياته العناية بالقرآن الكريم حفظا وضبطا وفهما وتدبرا، مشيرا إلى أن المجلس العلمي يعتبر كتاب الكوثر من حيث التقييم، من الكتاتيب المتميزة من جميع الجوانب، داعيا إلى جعل هذا الحفل بمنزلة تقليد سنوي، يُحتفى فيه بالخريجين الجدد، لتأكيد العناية المولوية السامية للقرآن الكريم، لمولانا أمير المؤمنين محمد السادس، قبل أن يضيف أن هذا الحفل جاء في سياق الاحتفال بعيد العرش المجيد، فهو سياق طيب ومبارك.

وفي كلمة للمندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بالجديدة، السيد محمد آيت بلا، عبر في مستهلها عن سعادته بالاحتفاء بهؤلاء الطلبة، مشيرا إلى أن هذا اليوم صادف ذكرى تربع مولانا أمير المؤمنين على عرش أسلافه الميامين.

وأكد المندوب الإقليمي، أن الوزارة تولي عناية كبيرة للكتاتيب القرآنية، لدورها التاريخي وإشعاعها، الحضاري، و وتعزيزا للهوية المغربية وتربية الناشئة على القيم الإسلامية الأصيلة للمغاربة منذ قرون، المبنية على التسامح والوسطية والاعتدال، مضيفا أن الكتاتيب القرآنية كانت مصنعا للعلماء، ومشتلا للفقهاء، لذلك كان سلاطين المغرب يعتنون بها، ويحتفون بفقهائهم، مضيفا أن هذا الحفل ما هو إلا امتداد لهذا الاحتفال بالقرآن الكريم عبر السنين.

وأضاف السيد المندوب أن هذا الاهتمام الرسمي امتد إلى أن خصص مولانا أمير المؤمنين محمد السادس أعزه الله جائزة للكتاتيب القرآنية بهدف تشجيعها على القيام بدورها في تحفيظ القرآن الكريم وتطوير طرق التلقين لأجل أن ينشأ جيل قرآني يحفظ عرى الإسلام، قبل أن يقدم بعض الأرقام المتعلقة بعدد الكتاتيب القرآنية بالإقليم، حيث يبلغ عددها خلال هذا الموسم أكثر من 230 كتابا، ومراكز التحفيظ التي يشرف عليها المجلس العلمي أكثر من 30 كتابا.

وفي مداخلة للدكتور عدنان زهار، عضو المجلس العلمي المحلي للجديدة، حول فضل تعلم القرآن الكريم وتعليمه، مهّد لها بحديث: " حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تحدثون فيحدث لكم وتعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله لكم وما رأيت من سوء استغفرت الله لكم"، موضحا أن هذا الحديث يؤنس القلوب، لما تضمنه من البشارة والتبشير، فقوله صلى الله عليه وسلم: "فما رأيت من خير حمدت الله لكم"، يوافق ما نحن فيه من خير، فرسول الله فرح مسرور، ويحمد الله على أمته، لأننا في حفل فرحين مسرورين بوارثين محمدين، لأن حافظ القرآن وارث محمدي، موردا قول أبي حامد الغزالي "إنا نحن معاشر حملة القرآن نسأل عن ما يسأل عنه المرسلون يوم القيامة".

وأشار الدكتور زهار أنه لا حد لحصر الآثار الواردة في فضل القرآن الكريم، فلا تكفي الكتب الضخام لجمع هذه المادة العلمية التي وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، في فضل حامل القرآن وقارئه ومقرئه.

واختار المتدخل من بين تلك الآثار حديث عقبةَ بنِ عامرٍ الجُهنيِّ الذي قال فيه : خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ، فَقالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: "أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ"، ليوضح معانيه بالشرح والتفصيل، قبل أن يختم مداخلته بقول الشاطبي: 

هَنِيئاً مَرِيئاً وَالِدَاكَ عَلَيْهِما ... مَلاَبِسُ أَنْوَارٍ مِنَ التَّاجِ وَالحُلا

فَما ظَنُّكُمْ بالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ ... أُولَئِكَ أَهْلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلَا

بعد ذلك قدم الأستاذ عبدالله كميدي نبذة عن كُتاب الكوثر، حيث بين في عرضه الغاية من بناء مسجد وكتاب الكوثر، قبل أن يقدم بعض الإحصاءات المتعلقة بطلبة الكتاب، إضافة إلى بيان منهجية التدريس، وإجراءات القبول به، ليختم عرضه بما تطمح إليه الجمعية المعتنية بمسجد الكوثر؛ حيث تطمح إلى بناء مدرسة للتعليق العتيق جوار المسجد.

وعرف الحفل تقديم مجموعة من الفقرات المتنوعة أبدع فيها طلبة كتاب الكوثر، منها ترديد متن ابن بري بطريقة جماعية، وإنشاد "ياقارئ القرآن" بصوت الطالب يوسف الصافي، إضافة إلى قراءة قرآنية جماعية، وقراءات فردية للطلبة المحتفى بهم، الذين قُدمت لهم جوائز نقدية من طرف المجلس العلمي المحلي، تشجيعا وتحفيزا لهم على مواصلة تعلم العلوم الشرعية، كما تم تكريم الشيخ المحفظ أحمد العيساوي، نظير ما قدمه من مجهودات جبارة للرقي بكُتاب الكوثر.

وختم البرنامج الرسمي للحفل بقراءة برقية مرفوعة إلى السدة العالية بالله، تلاها الدكتور أحمد فاضل، عضو المجلس العلمي المحلي للجديدة، ليرفع الدعاء الشيخ عبدالله بن المدني لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ولكل من أسهم في تنظيم الحفل القرآني.

وواصلت اللجنة المنظمة إمتاع الحاضرين بفقرات أخرى بعد صلاة الظهر؛ حيث استمعوا لقراءة قرآنية بقراءة سيدي حمزة، وأخرى فردية خاشعة للقارئ إدريس الشريف، قبل أن يتدخل فضيلة الشيخ عبدالله بن المدني بكلمة أخرى حول المناسبة، عبر في بدايتها عن سروره بهذا الحفل الجميل الذي هو أجمل ما في دنيا الناس، وأفضل ما يسعى إليه الساعون، إنه مشهد قرآني يرتبط بالسماء، ليوضح أهمية الاحتفاء بالقرآن الكريم، ويبين فضل حفظ القرآن الكريم، وآثاره على صاحبه، الذي هو أشرف ما يمكن أن يتعلمه المؤمن، حاثا قارئ القرآن الكريم على تدبره، بحضور الروح (الباطن) لا بحضور الأجسام والجوارح.

وواصل الشيخ الشرح بقوله إن الله جعل في باطن كل إنسان روحا، لها سمع ولسان وبصر، تسمع وتبصر ما فوق الكون المادي، وهذا هو مفهوم الحياة والممات في غالب ما يرد في القرآن الكريم، فالمقصود بهما حياة وموت القلوب، أما الموت المادي أو الحياة المادية فإن القرآن يقيدهما، ضاربا المثال بقوله تعالى في سورة الأنعام : " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها"، حيث أن المقصود بالحياة هنا، الحياة الروحية التي لا يمكن أن تحيا إلا بروحها الذي هو القرآن، والمقصود بالموت المذكور في هذه الآية الروح الميتة التي لم يتجل فيها القرآن ولم تتجل فيها حياة القرآن، فقوله تعالى "ميتا" أي: ميت الروح والقلب، وقوله : " أحييناه": أحييناه بروح القرآن.

وأوضح الشيخ بن المدني أن في القرآن حلا لمشاكل العالم، فلا يضل من تمسك بخريطة الهداية التي تضمنها القرآن الكريم، داعيا إلى إزاحة الحواجز التي بيننا وبين كتاب الله تعالى، ليغير من حالنا، ويصنعنا من جديد صناعة أخرى، ويكوّننا تكوينا آخر.

وجدير بالذكر أن كتاب الكوثر تابع لمسجد الكوثر الذي شيد وافتتح أوائل 2016، ولم يلتحق به الشيخ المحفظ إلا سنة 2019، وصادف قدومه بعد أشهر وباء كورونا الذي حل ببلادنا، حيث توقفت الدراسة بالكتاب، لتستأنف بعد رفع الحظر.











الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة