''مافيا'' كفتة الدجاج المغشوش تغزو شوارع مدينة الجديدة
من شارع سوق لالة زهرة إلى سوق علال القاسمي مرورا بساحة الحنصالي وصولا آلى شارع محمد الخامس قرب المحطة الطرقية ، ينتشر باعة متجلون يركنون عرباتهم ، وشكلوا تجمعات صغيرة، لتقديم وجبات سريعة متنوعة تبدأ من سندويشات الطون إلى سندويشات الكفتة والصوصيص، القاسم المشترك بينهم هو توفير أكلات رخيصة، تمكن زبناء قارين أو عابرين من سد جوع بعد ملء المعدة بما تيسر من هذه السندويشات.
كثيرة هي حالات التسمم التي راح ضحيتها مواطنون وصلوا بهم الأمر إلى دخول مستعجلات المستشفى الإقليمي بالجديدة، ليبقى السؤال من أين يأتي كل هذا التموين غير المراقب ؟ من أين يتمكن المتلاعبون الحصول على خلطة تمكنهم من جني أموال طائلة دون مراعاة الشروط الصحية للزبناء؟ الجواب تجده عند باعة الدجاج .بأحد المحلات المعروفة والتي لها سوابق في الغش في كفتة الدجاج المكونة من بقايا اللحوم والأمعاء وكل ما يتخلص منه باعة الدجاج جانبا، ليصلح طعاما للقطط والكلاب، لكن يعرف جيدا أن مشترين متخصصين سيأتون في نهاية النهار لحمل البضاعة.
منظر هذه الخلطة التي يطلق عليها «الجلافط» بشع، تجمع من الأمعاء والشحم وقطع لحم الدجاج غير صالحة للأستهلاك، تظل جانبا تزورها الحشرات بشكل مسترسل، يتم فرمها (طحنها) بشكل بشع في أوعية بلاستيكية وكأن الأمر يتعلق بجمع النفايات، يصعب على من تابع هذا المشهد أن يصدق بأنها البضاعة التي تفوح رائحاتها بالعربات المخصصة للأكلات السريعة.
كثير من المداهمات عرفتها بعض المحلات لبيع كفتة الدجاج ، وكثير من السلع التي صودرت، واكتشف أنها غير صالحة للإستعمال، مئات الكيلوغرامات من الكفتة المغشوشة كانت في طريقها لهذه العربات المجرورة ، ولنا أن نتصور شكل ما يباع منها بالطريقة المذكورة، هي كارثة على صحة المواطن تمارس يوميا دون حسيب ولا رقيب.
من الصعب اعتبار هذه التجارة بطالة مقنعة، يلجأ إليها أناس للتعويض عن غياب شغل، بل على العكس، تجد من بين الممارسين لهذه التجارة أناس راكموا ثروات، يعرفهم الجديدييون بالإسم، تحولوا إلى ملاك عقارات ومحلات تجارية متعددة، رسموا خرائط للبيع والتموين، وتحكموا في السوق، ومنهم من دخل المهنة وهو لا يملك تمن سندويش كفتة دجاج اكتشف أن باب الثراء يعبر عبر تجارة لا قوانين فيها، الثابت فيها تكديس لمدخول يومي يمر عبر سلعة رخيصة وعمال يكدحون بلا قانون، وزبناء يدفعون بلا سؤال.
وللتدليل على رواج هذه التجارة يشرح بائع تطوع للبوح للجديدة 24 بأسرار الحرفة قائلا «الخبزة وحدها هي اللي غاليا فهاذ الشي» يعني بالوضوح أن سندويشا يباع بسبعة دراهم، ثمنه الحقيقي لا يتجاوز درهمان، والباقي أرباح يجنيها هؤلاء التجار، وبالنسبة لتاجر يبيع حوالي 100 سندويش يكون هامش الربح في الليلة الواحدة هو 1000 درهم خالية من الضرائب.
ولأنها تجارة مربحة فقد تشكلت مافيا متحكمة في نشاطها، فليس من السهل الولوج إليها، بل تخضع لقانون يفرضه المتحكمون في السوق، يبدأ بضبط مصادر التموين، وينتهي بضبط أماكن البيع، ولا يبقى للصغار منهم سوى زوايا صغيرة بدروب ضعيفة الإستهلاك، في حين تسيطر هذه المافيا على المناطق الأكثر رواجا.
وعلى الرغم من وجود لجن قارة بعمالة الجديدة مهمتها حفظ الصحة، وبالرغم من وجود آليات متعددة لديها للمراقبة سواء على مستوى منح التراخيص أو محاربة البيع العشوائي، فإن المؤكد هو أن هذه التجارة تمارس بشكل عادي أمام أعين السلطة، ولا نعرف تدخلا إلا في الحالة التي يحصل فيها تسمم، يكون التدخل بدرجة الخطورة وانتشار الخبر ، فقد يعود ذات الشخص لممارسة عمله بعد أن تهدأ العاصفة، وقد يلجؤون إلى الإغلاق أو المتابعة إذا تجاوز حد الفضيحة جلاليب التواطؤ والتستر.
المؤكد أن ملفات ترويج مواد غذائية فاسدة توجد بالمحاكم، والأكيد أنه تم اكتشاف من يبيع لحم الكلاب والحمير للزبناء، وتم حجز أطنان من المواد الفاسدة، لكن المؤكد هو أن طوفان هذه المواد يغزو شوارع مدينة الجديدة، فهل تتحرك لجن المراقبة لوقف هذا العبث بصحة المواطنين ؟؟
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة