مديرية التجهيز بآسفي تفسخ لأسباب غير معلومة عقد إصلاح 'طريق العار' بجماعة لبخاتي
استبشر المواطنون بإقليم آسفي، سيما بالجماعات الترابية لبخاتي، الكرعاني، لحدار، لمصابيح، وسيدي عيسى، التي تتشكل منها، إلى جانب جماعات بوكدرة، شهدة، ولمراسلة، دائرة عبدة، الكائن مقرها بمدينة جمعة سحيم، ومعهم المتتبعون للشأن المحلي والرأي العام، (استبشروا) خيرا بعد أن أقدمت المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك بآسفي، على إثبات لوحة إشهارية، إيذانا بانطلاق أشغال توسيع وتقوية الطريق الإقليمية 2331، الرابطة بين مركز سبت المعاريف (جماعة كريديد)، التابعة لإقليم سيدي بنور، ومركز جماعة لبخاتي، التابعة لإقليم آسفي.
بيانات تقنية تخص الطريق الإقليمية
تضمنت اللوحة الإشهار، الطويلة والعريضة، المثبتة بارتفاع زهاء مترين، على جنيات الطريق الإقليمية 2331، عند النقطة الحدودية الفاصلة بين تراب الجماعتين القرويتين، كريديد ولبخاتي، وتحديدا زهاء كيلومتر جنوبي دوار "الخويرات"، (تضمنت) باللغتين العربية والفرنسية، بيانات تقنية تتعلق بمشروع توسيع وتقوية الطريق الإقليمية (RP 2331)، من النقطة الكيلومترية 450+9، إلى النقطة الكيلومترية 030+16، بإقليم آسفي، مع الإشارة إلى صاحب المشروع والمشرف على تتبع ومراقبة الأشغال (المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك)، ومختبر المراقبة (من الدارالبيضاء)، والمقاولة التي رست عليها الصفقة العمومية (من مراكش)، ومدة الإنجاز التي حددت في 8 أشهر، وكذا، مصدر التمويل (وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك)، مع إغفال إدراج قيمة الغلاف المالي، الذي رصدته الوزارة الوصية لإنجاز المشروع.
فرحة بعمر قصير
بعد أن استبشر الجميع خيرا، سيما بعد أن سارعت وسائل التواصل الاجتماعي، من مواقع محلية و"صفحات فايسبوكية"، إلى نشر الخبر وتداوله على "الشبكة العنكبوتية"، إذا بالفرحة لم تدم طويلا؛ فسرعان ما تبددت الأحلام والآمال، التي تحولت إلى سراب، جراء إزالة اللوحة الإشهارية، وسحب آليات الحفر (النيفلوز..) من الورش، وما واكب ذلك من توقف مفاجئ للأشغال التي همت، عند انطلاقها بأقل من شهر، تسوية أرضية الطريق (terrassement).
صمت مطبق في غياب التواصل
بعد أن كانت المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك بآسفي، أعلنت عن صفقة توسيع وتقوية الطريق الإقليمية 2331، على بوابتها الإلكترونية، وعلى صفحات جريدتين ورقيتين، صادرتين باللغتين العربية والفرنسية، سجل المتتبعون والمهتمون بالشأن العام، غياب صدور أي بيان، تنويرا الرأي العام، بشأن توقف الأشغال فجأة.. وحتى أن المتدخلين بجماعة لبخاتي، صاحبة الاختصاص الترابي، بما فيهم السلطة المحلية، والذين يفترض أن يتوفروا على نسخة من دفتر التحملات، لم يأخذوا علما في حينه، سواء بتوقف الأشغال المفاجئ، أو أسباب توقفها، ناهيك عن مآل المشروع المتوقف. توقف يكون بعضهم استنتجوه، من خلال السحب المفاجئ، دون سابق إشعار، لآليات الحفر من الورش، وإزالة اللوحة الإشهارية من مكانها، بعد أن ظلت صامدة في شموخ، في تحد لعوامل الطقس والتعرية، والتقلبات الجوية، من عواصف ورياح وتساقطات مطرية، وأشعة شمس حارقة. حيث لزمت الصمت حتى مواقع التواصل و"الصفحات الفايسبوكية".. التي كانت بالمناسبة سارعت لتوها، عند انطلاق أشغال التأهيل، إلى نشر الخبر، الذي اعتبره بعضهم سبقا إعلاميا "سكوب" (scoop).. حيث أسهبت الكتابات في التفاصيل، وكأن الأمر قد قضي، والصفقة العمومية قد أنجزت، والغايات قد تحققت على أرض الواقع.
فتح الباب على مصراعيه للتاويلات
في غياب أية معلومة تساعد على فك لغز اختفاء اللوحة الإشهارية، سيما جراء الصمت الرسمي المطبق، تضاربت التأويلات والتبريرات؛ إذ ثمة من ذهب، في بادئ الأمر، إلى حد الاستنتاج بتلقائية بكون تلك اللوحة الإشهارية قد امتدت إليها في غفلة، تحت جنح الظلام، أيادي المخربين.. على غرار ما حصل ل"السكن الوظيفي" بجمعة سحيم، المخصص لرجال السلطة المحلية، الذين تعاقبوا، على امتداد حوالي عقدين، على تدبير الشأن الترابي بقيادة وجماعتي لبخاتي ولحدار. هذا السكن الذي عبث "الوندال" (les vandales) واللصوص بمحتوياته وتجهيزاته، واستولوا على أبوابه ونوافذه.
هذا، وفي غياب أية معلومة أو توضيحات، لانعدام التواصل وقنواته، تساءل بإلحاح مهتمون ومتتبعون للشأن العام، عن مآل مشروع تأهيل الطريق الإقليمية 2331، وما إذا كان مصيره مشابها لمشروع خلق مركز الدرك الملكي بتراب جماعة لبخاتي، الذي كان مبرمجا، منذ 10 سنوات، والذي طاله النسيان أو التناسي؛ إذ لم يعرف طريقه إلى التفعيل إلا في أعقاب تحقيق صحفي، نشرته الجريدة بتاريخ: 29 يوليوز 2024، تحت عنوان: "مركز للدرك بنقطة سوداء طاله النسيان.. بعد برمجة إحداثه منذ 10 سنوات"؛ هذا التحقيق الذي تفاعل إيجابيا الجنرال "دوكوردارمي" محمد حرمو، قائد القيادة العامة للدرك الملكي، مع الوقائع والمعطيات المضمنة فيه.
"الفتات" نصيب المنطقة من "التنمية"
لقد جاءت الطريق الإقليمية 2331، "طريق العار"، التي ورثتها منطقة عبدة عن حقبة "البروتكتورا"، والتي بقيت على حالها، لتنضاف إلى البنية الطرقية المهترئة بالمنطقة، والتي تحول دون تحقيق التنمية المتوخاة، في "مغرب 68 سنة بعد الاستقلال"، أو "مغرب 68 سنة بعد الاستقلال"، من قبيل المسالك الطرقية "الكارثية"، التي تربط مركز لبخاتي بدوار أولاد بوشعيب، أو دوار المراحات بدوار أولاد فارقو، مرورا عبر دوار أولاد موسى.. أو المسلك الطرقي المتفرع عن الطريق الإقليمية 2302، الرابطة بين مركز لبخاتي (الطريق الإقليمية 2331)، والطريق الإقليمية 2306، الرابطة بين جمعة سحيم واليوسفية، والمؤدي (المسلك الطرقي) إلى دوار السكاكمة، مرورا عبر دوار المحاميد. وضع طرقي مزر ومقلق، أصبح يضطر مستعملي المسالك المتصدعة، ليس فقط السيارات والشاحنات والجرارات والدراجات النارية، وإنما حتى العربات المجرورة بالدواب،لمغادرة تلك المسالك، والسير بشكل مواز معها (parallèlement)، على المسالك التي أوجدوها لأنفسهم في الحقول المحروثة، على طول امتدادها، غير مكثرتين بإتلاف الزراعات والمحاصيل الفلاحية.
هذا، فقد أغرقت "البنية الطرقية" الكارثية، الجماعة الترابية لبخاتي في العزلة؛ هذه الجماعة التي كان نصيبها "الفتات" من "التنمية" بمختلف مسمياتها، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، "عنوان الهشاشة والإقصاء"، التي تتخبط في مستنقعها، والتي توحي بأن عقارب الساعة، وكأننا في فيلم للخيال العلمي (سفر في الزمن) أو (سفر إلى الماضي)، قد عادت بنا إلى الوراء، إلى حقبة الاستعمار الذي ظل مدة 45 سنة، جاثما على صدور المغاربة، وفرق وقسم الوطن إلى ما كان يعرف ب"المغرب النافع" و"المغرب غير النافع"، ونهب خيرات البلاد، وأدخلها في مجاعة قاتلة، حملت مسميات "عامية"، منها عام الجوع – عام القحط – عام البون – عام 45، اضطرت أجدادنا وآباءنا، كما يظهرون في الأفلام الوثائقية "بالأبيض والأسود"، في جلاليب قصيرة وعريضة، تغطي أجسادهم النحيفة، للاصطفاف ساعات، في طوابير بشرية لامنتهية، في الدروب والأزقة والساحات، بغية تلقي حفنة معونة، لا تسمن ولا تشفني من جوع!
"الرأي والرأي الآخر"
عملا بمقتضيات الفصلين 27 و28 من دستور المملكة، ولتنوير الرأي العام، وتكريسا لمبدأ "الرأي والرأي الآخر"، حاولت الجريدة جاهدة الاتصال بمسؤولين ومستشارين جماعيين، على هواتفهم النقالة، غير أنها ظلت ترن ولا من يجيب؛ إذ أحجموا للأسف عن الرد.. بعد أن كانوا استحسنوا في مناسبات سابقة ما نشرته الجريدة على أعمدة الموقع الإلكتروني، من وقائع وحقائق.
مقطع طرقي بمواصفات "كارثية"
إذا كانت المديرية الإقليمية لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك بسيدي بنور قد سارعت إلى توسيع وتقوية الطريق الإقليمية 2331، التي تمر عبر تراب جماعة كريديد، في مقطعها الطرقي الممتد على طول حوالي 4 كيلومترات، انطلاقا من المدارة المؤدية إلى اتجاهات جماعة جمعة سحيم (RP 2331)، وجماعة اثنين الغربية (RP 3430)، وجماعة أولاد عمران (RP 3440)، وإلى غاية زهاء كيلومتر جنوبي دوار "الخويرات"، أي وصولا إلى النقطة الحدودية الفاصلة بين الجماعتين الترابيتين، كريديد، بإقليم سيدي بنور، ولبخاتي، بإقليم آسفي، (إذا كانت سارعت إلى إصلاحها)، وكانت المقاولة التي رست عليها الصفقة العمومية، قد أنجزت الأشغال طبقا لبنود دفتر التحملات، داخل الأجل المحدد، وبمعايير ومواصفات الجودة المتوخاة، فإن مركز سبت المعاريف مازال يتخبط في مستنقع الطريق "الكارثية" التي تمر من وسطه، على امتداد كيلومتر. وضع مزر ومقلق يستدعي تدخل عامل إقليم سيدي بنور، بغية تفعيل اختصاصاته وصلاحياته العاملية، صونا لمصالح الساكنة والمواطنين، رعايا صاحب الجلالة.
تحقيقات تفضح المستور
مواكبة للشأن العام، فقد كان للجريدة السبق والانفراد بإنجاز تحقيقات صحفية "مزلزلة" حول الجماعة التربية لبخاتي، تمحورت إحدى المواد الإعلامية، التي نشرتها، الأحد 29 يوليوز 2024، على أعمدة موقعها الإلكتروني، حول البنية الطرقية، ومن ضمنها الطريق الإقليمية 2331، "وصمة العار"، في "مغرب الألفية الثالثة"، والتي تفاعلت معها بإيجابية السلطة العاملية (l’autorité gubernatoriale)، ممثلة في عامل صاحب الجلالة على إقليم آسفي.
فسخ العقد.. والإعلان عن الصفقة
هذا، والمادة الإعلامية تحت عنوان: "مديرية التجهيز بآسفي تفسخ لأسباب غير معلومة عقد إصلاح طريق العار بجماعة لبخاتي"، جاهزة للنشر، كان للجريدة اتصال بمصدر مسؤول، في موضوع صفقة توسيع وتقوية الطريق الوطنية 2331، التي كانت رست على مقاولة من مراكش، أفاد أن المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك بآسفي، قد عمدت إلى فسخ العقد (résiliation du contrat) مع المقاولة المتعاقد معه.. دون ذكر أو تبيان أسباب الفسخ المفجئ.. وأنها ستعيد الإعلان قريبا، قد يكون ذلك في أقل من أسبوعين، عن هذه الصفقة العمومية.
هذا، فإن كانت بالمناسبة ثمة خروقات أو اختلالات قد تكون شابت إنجاز المشروع وأشغال الصفقة العمومية، التي رصدت لها الدولة اعتمادات من المال العام، ما أفضى إلى فسخ العقد، الذي قد تكون تبعاته أضرت ب"المصلحة العامة"، مصلحة الدولة ومصلحة المواطنين، فيتعين تفعيل مقتضيات "دفتر الشروط الإدارية العامة" (CCAG)، والإجراءات والمساطر الجاري بها العمل.
عندما تستقي السلطات "المعلومة" من الإعلام
إن "قطع الشك باليقين" بشأن توقف أشغال صفقة تأهيل الطريق الإقليمية 2331، والذي واكبه عدم معرفة أسباب التوقف المفاجئ، ومآل المشروع، يكون قد تأتى "لمن يهمهم الأمر"، ليس من القنوات الرسمية التي من المفترض والمفروض أن تتبعها الجهات المسؤولة والرسمية، وإنما من خلال هذا "المنبر الإعلامي". وهذا ما يحيلنا على أمر مشابه، عندما كانت "اللجنة المحلية المكلفة بعملية الضم البور لجماعة لبخاتي"، بأعضائها الذين ناهزوا 20 عضوا، يجرون، طيلة 15 سنة متتالية، الاجتماعات والدراسات، علاقة بعملية الضم البور، التي همت 6500 هكتار، بجماعة لبخاتي، دون توفرهم، بما فيهم رئيس اللجنة، ممثل السلطة المحلية، قائد قيادة لبخاتي السابق، على دفتر التحملات، والذين لم تتح لهم فرصة الاطلاع على بنوده، حتى عقب المصادقة على المشروع (l’approbation)، التي تمت في غضون سنة 2023، جراء تدخل عامل إقليم آسفي. حيث أن هناك، حسب الشهادات والارتسامات التي كانت الجريدة استقتها، من لم يتسن لهم معرفة معطيات ذات صلة، إلا من خلال تحقيق صحفي، نشرته الجريدة على أعمدة موقعها، بتاريخ: 21 نونبر 2022، تحت عنوان: "عملية الضم البور بجماعة لبخاتي.. مشروع مشلول عاصر 4 عمال على إقليم آسفي".
وعليه، وعلى ما يبدو، فقد "انقلبت الآية" على أرض الواقع؛ فعوض أن تستقي وسائل الإعلام بعض أخبارها من السلطات المعنية والمختصة، مصادرها المحتملة، فإن هذه السلطات قد أصبح يتم توجيهها عبر وسائل الإعلام، التي تستقي منها "المعلومة"، أكانت الأخبار المتعلقة بتدبير الشأن العام، أو حتى تلك ذات الطابع الحساس والخاص. ما بات يحتم على الدولة، في شخص وزارة الداخلية ووزيرها لفتيت، التدخل لمعالجة المسألة، في أفق تعميم دوريات داخلية في الموضوع، على مصالحها اللاممركزة بتراب المملكة، وكذا، على مؤسسات الدولة، كي لا تظل "المعلومة" محتكرة وحكرا على "شخص معنوي" بذاته، وحتى يتم تقاسمها لتوها، وفور توفرها والتوفر والحصول عليها، لكل غاية مفيدة، مع باقي المؤسسات والمتدخلين، الذين "يعنيهم الأمر".
مشروع "تحت المجهر"
تعد الجريدة بالعودة، من خلال إعداد تحقيقات ومواد إعلامية، إلى مشروع تأهيل الطريق 2331، عند الشروع في أشغالها، التي ستضعها، من موقع اهتمامها ومواكبتها للشأن العام، "تحت المجهر"، للوقوف على مدى تقيد المقاولة والجهة المكلفة بالتتبع والمراقبة، ببنود دفتر التحملات، ومدى مطابقتها لمعايير ومواصفات الجودة المتوخاة، وكذا، بالرجوع إلى المتدخلين والمسؤولين والسلطات العمومية، و"ذوي الخبرة والاختصاص"، لاستقاء شهاداتهم وارتساماتهم وآرائهم.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة