في ظل الضغوط المجتمعية المتزايدة لتحقيق معايير الجمال والرشاقة، يعاني العديد من الأفراد من اضطرابات الأكل، ومن أبرزها اضطراب الشراهة عند تناول الطعام هذا الاضطراب النفسي المعترف به طبيا غالبا ما يُساء فهمه، مما يدفع المصابين به إلى البحث عن حلول سريعة للتخلص من الوزن الزائد. للأسف، يستغل تجار المكملات الغذائية وبرامج الحمية التجارية هذه الحالة، محولين معاناة الأفراد إلى فرصة لتحقيق أرباح طائلة، دون تقديم حلول علاجية حقيقية للمشكلة الأساسية.
فهم اضطراب الشراهة عند تناول الطعام
يُعرَّف اضطراب الشراهة عند تناول الطعام بأنه تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة، مع شعور بفقدان السيطرة وعدم القدرة على التوقف، غالبا ما يشعر المصابون بهذا الاضطراب بالذنب والضيق بعد نوبات الأكل الشرهة، مما يزيد من تعقيد حالتهم النفسية.
أسباب الاضطراب متعددة، وتشمل:
عوامل نفسية: مثل الاكتئاب، القلق، والتوتر المزمن.
عوامل بيولوجية: تتعلق باختلالات في المواد الكيميائية بالدماغ التي تنظم الشهية والمزاج.
عوامل اجتماعية وثقافية: كالضغوط المجتمعية المتعلقة بمظهر الجسم، والتعرض للتنمر أو النقد بشأن الوزن.
العلاج العلمي لاضطراب الشراهة عند تناول الطعام
تُشير الدراسات الحديثة إلى أن العلاج السلوكي المعرفي يُعتبر من أكثر العلاجات فعالية لهذا الاضطراب، حيث يساعد المرضى على تحديد أنماط التفكير المشوهة وتطوير استراتيجيات للتعامل معها. بالإضافة إلى ذلك، قد تُستخدم بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب، للمساعدة في تقليل نوبات الشراهة.
استغلال تجار المكملات الغذائية وبرامج الحمية للمصابين باضطراب الشراهة
نظرا للضغوط الاجتماعية والثقافية المتعلقة بمظهر الجسم والوزن، يلجأ العديد من المصابين باضطراب الشراهة عند تناول الطعام إلى حلول سريعة للتخلص من الوزن الزائد، مما يجعلهم فريسة سهلة لتجار المكملات الغذائية وبرامج الحمية غير المعتمدة علميا. تُروّج هذه المنتجات والبرامج بوعود زائفة بفقدان الوزن السريع دون مراعاة الأسباب النفسية الكامنة وراء الاضطراب، مما قد يؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة الشعور بالذنب والفشل.
حجم السوق العالمي للمكملات الغذائية وبرامج الحمية:
سوق المكملات الغذائية: بلغت قيمة السوق العالمية للمكملات الغذائية 86.77 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 182.52 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.73%.
سوق منتجات إدارة الوزن: من المتوقع أن يسجل سوق منتجات إدارة الوزن العالمي معدل نمو سنوي مركب قدره 8.6% خلال الفترة المتوقعة، مع زيادة الوعي بالمخاطر الصحية المرتبطة بالسمنة.
هذه الأرقام تعكس حجم الصناعة والاهتمام المتزايد بمنتجات إنقاص الوزن، مما يفتح المجال أمام استغلال الأفراد الباحثين عن حلول سريعة
تصحيح المفاهيم الإعلامية والتوعية بالحلول الحقيقية
اضطراب الشراهة عند تناول الطعام ليس مجرد مشكلة سلوكية أو ضعف إرادة، بل هو مرض نفسي معترف به في الأدبيات الطبية، ويحتاج إلى تدخل متخصص من خبراء علم النفس والتغذية العلاجية، وليس إلى حلول تسويقية مؤقتة تزيد من تعقيد المشكلة.
ما يجب التركيز عليه إعلاميًا وتصحيحه:
التوعية بأن اضطراب الشراهة ليس مجرد إفراط في الأكل، بل اضطراب نفسي له جذور عميقة تستدعي العلاج.
تسليط الضوء على العلاجات العلمية المثبتة مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الدوائي عند الحاجة.
فضح أساليب استغلال تجار المكملات الغذائية وبرامج الحمية الوهمية للمصابين بهذا الاضطراب.
توجيه المرضى نحو الحلول الصحيحة عبر استشارة مختصين في الصحة النفسية والتغذية العلاجية بدلا من الاعتماد على الدعاية التجارية.
رسالة أخيرة:
لا ينبغي أن يكون البحث عن الصحة بابا للاستغلال التجاري. من يعاني من اضطراب الشراهة عند تناول الطعام يحتاج إلى الدعم النفسي والعلاج المتخصص، وليس إلى مكملات غذائية غير معتمدة أو حميات قاسية تترك آثارا نفسية وجسدية مدمرة. الحل يبدأ بالوعي، ونشر الحقائق، وكشف الاستغلال الذي يمارسه تجار الأوهام!
بقلم: عبد العزيز إدريوة
كوتش أسري وتطوير الشباب
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة