منتجع سيدي بوزيد.. بين جاذبية المكان واستفحال ظاهرة البداوة
منتجع سيدي بوزيد.. بين جاذبية المكان واستفحال ظاهرة البداوة

لا بد للزائر لمدينة الجديدة أن تغريه جماليتها ويقع في عشقها وتسحره بجاذبيتها، ليرحل منها مصرا على العودة إليها في الصيف المقبل، و لا يمكن الحديث عن هذه المدينة الساحلية دون إغفال سيدي بوزيد، وهو عبارة عن منتجع سياحي تابع للجماعة القروية مولاي عبد الله.

 و يتوفر هذا المنتجع على شاطئ ذي رمال ذهبية يحج إليه المغاربة كما الأجانب ليفسحوا المجال لذواتهم بأخذ قسط من الراحة مستمتعين بزرقة البحر، وبهدوء المكان ليسمح السائح لنفسه بتعبئة طاقة تخول له تقديم الأفضل.

 وكان سيدي بوزيد قد عرف قبل سنوات قليلة، إصلاحات جذرية شملت البنية التحتية من توسعة للكورنيش ومواقف السيارات، و إعادة هيكلة جميع الشوارع والأرصفة مع تجديد الانارة العمومية بميزانية كلفت عشرات الملاييير من السنتيمات، كما عملت الجماعة أيضا على تنظيف الشاطئ وتنقيته من النفايات، وكل هذه الإمكانيات اللوجستيكية مكنت الزائرين من الاستمتاع بمياه البحر وممارسة أنشطتهم ورياضتهم بكل أمن وأمان، وهذا كله يحسب في سجل مجلسي الجماعة السابق والحالي.

لكن ما يعكر جمالية المكان ويسلبه شهامته تدخل الأيادي البشرية التي ما تنفك أن تدخل على شيء حتى تخضعه لأمرين، فإما أن تصلحه ويستفيد من ذلك الإصلاح البلاد والعباد وإما أن تفسده وتغلو فيه غلوا كبيرا،  ومن مظاهر هذا الإفساد الذي يغلب على المشهد استغلال الشاطئ بشكل فضيع ليملأ بالخيام والمظلات ويكترى للمصطفين ويتربع بذلك المكري على عرشه فارضا أثمنة قد تتجاوز المئة وخمسين درهما للخيمة مع بعض الكراسي،  وهذا كله بطبيعة الحال دون رخصة أو أدنى شرعية تبيح له ممارسة العمل،  ومما يزيد الطين بلة والأمر تعقيدا الثمن العشوائي في موقف السيارات إذ يصل إلى العشرة أو العشرون درهما في حين أن الثمن القانوني ثلاثة دراهم للسيارات

   ومما يثير انتباهك انتشار العربات التي يسوقها بغل اتقلت جسده الهش الحمولة الزائدة من الأجساد البشرية المتلاصقة فوق العربة الخالية من كل شروط السلامة والتي بات تزاحم وسائل النقل الأخرى، لتحاول بذلك" الكرويلة" كما يصطلح عليها، نزع الإعتراف حتى ولو كان على حساب الراكبين فيها بدراهم معدودات تجعل الإنسان سلعة رخيصة  .

   قد ينتقد البعض كل ماتم  استدراجه من السلوكيات المخلة بالتحضر والتقدم لمدينة آبت أن تكون قدوة لغيرها من المدن، ويرفع المعارض صوته ليدافع عن الفئة التي نحن بصدد الحديث عنها ليقول بأن العمل عبادة، وكل ما تم انتقاده ضرب من العمل المباح ، يكسب بها العاملون فيها الأجر بعرق الجبين  فكيف نحرمهم من العمل مقابل مظاهر لا تسمنهم ولا تغنيهم من جوع ؟؟؟ وأتفضل بالرد هنا على الفئة المؤيدة  لكراء المظلات والأثمنة الزائدة عن اللزوم لمواقف السيارات، لأنهج الموضوعية في الدفاع عن حقوق  الفئات المشتغلة والتدخل من قبل المعنيين بالأمر لتوفير البديل لتحقيق التوازن دون إضرار بقيم التقدم والتحضر مع استحضار للوعي الجماعي، الذي يروم تحقيق غايات كبرى وجعل المصلحة العامة فوق كل الإعتبارات الفردية. وكان لزاما على السلطات المحلية التدخل لتقنين ما يمكن تقنينه وإيجاد حلول ناجعة ومنصفة تحفظ ماء وجه المدينة ومعه كرامة كافة شباب المدينة الذين يبحثون عن عمل أيا كان حتى ولو على حساب جمالية مدينته.

وخلاصة القول هنا، لابد من تغيير سلوكنا حتى لا تظلَ هاته المشاهد وصمة عار وطرفة يحكيها الزوار لبعضهم البعض ،عن مدينة  داع صيتها في المغرب وخارجه، أبى بعض أفرادها إعلان القطيعة مع سلوكات توارثوها وأصرَوا على توريتها لأبنائهم، فكفانا جهلا وتجاهلا حتى نصنع لمدينتنا حاضرا مشرقاً وغدا مزدهراً


أسماء الطويل

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة