في دفء ذاك المساء 26 ماي 2011 و بين أحضان قاعة الندوات بثانوية أم الربيع بآزمور التي تحولت لصالون مغربي بكل مقوماته و التي زينت جنبات جدرانها لوحات تشكيلية نسجت من أنامل تلميذات و تلاميذها، حط الصالون الشعري لمنظمة الطلائع أطفال المغرب فرع آزمور ، في دورته الرابعة رحاله بنخبة من ألمع شعراء و أدباء إقليم الجديدة و خارجها.
فكان الاحتفاء المتميز بالكلمة المعبرة و الإيقاع الكلاسيكي السابح في أجواء الخطاب الشعري المرفوق أحيانا بتشكيلة الكلمة القصصبة في متجاز روحي ألهب المكان و حرك الأحاسيس حتى كاد لأن يتحول الجمهور لشاعر و الشاعر لجمهور.
بعد استهلال اللقاء بكلمة كل من محمد الصفى رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب فرع آزمور و عبد الرزاق قشاب مدير المؤسسة الثانوية تقدما من خلالها بالشكر و الامتنان لضيوف الصالون الشعري و لكل عاشق للكلمة و تشكلاتها الملتزمة، انطلق العرس الإبداعي من خلال الشاعرة و المبدعة مليكة الستان التي برعت في اجتداب النفوس و الخواطر و هي تحاكي سر الوحدة و غموضها كعناوين تائهة تحتاج لمدائن تحتويها و تتغنى بها، فيما جاءت قراءات الشاعر الستاذ عبد الفتاح الفاقيد ممزوجة بين القصيدة المعاصرة و القصيد الزجلية ككلام " زوين " تجاوب معه المتتبعون لهذا اللقاء الحميمي بكل المواصفات مدويا في أعماق الشباب راسما خطوطا بكل التشظيات، و كأنه يقول أن لهذا الوطن رب يحميه و للإنسان ضمير يآخيه، و عن مدينة آزمور الحبلى بكل الطاقات و الهوادج عاشقة المجانين، انساب بكل تلقائية مشاغب الكلمة و المتمرد على كل التلاوين الكتابية، القاص الحائز على جائزة القصة القصيرة بإيطاليا، عبد الحميد شكيب ابن نهر أم الربيع و جار أسوارها العتيقة، من خلال قصة تحاكي أحداثا درامية من داخل دروب المدينة و تلاويح فضاءاتها الخارجية بضفاف النهر و على مشارف سيدي وعدود و للاعائشة البحرية، متمردا ثارة و حنونا تارة أخرى جاعلا من هذا الصالون مقاما بدون أبواب و لا نوافذ، هكذا أراد لها أن تكون و هكذا أرادت أن يستجيب لها، و بلغة الشعر الفياض و من أغوار الكلمة الجميلة صدح صوت الشاعر أبو طالب لمتوب بلغة خالف ما تواضع عليه الباقون و نسج من الحدث القومي ياسمينته المتدلية بأهدابها على كل الحضور لتعبر به كل الجسور الممكنة و المستحيلة محولا الفراغ لثنايا سرمدية متعانقة بخيوط الود و الوئام و المحبة، و حتى يعطي الصالون الشعري النتائج المرجوة منه كأداة تشجيعية و تنويرية في مجال الكتابة بكل دروبها، فقد فتح الأستاذ محمد الصفى الذي أدار هذه الأمسية الباب لكل الطاقات الشابة التي أبدعت بكل عفوية و صدق من خلال الكلمة المعبرة و البريئة، التي شملت كل المجالات سيما المتعلقة بهمومهم و إرهاصاتهم متحدين هاجس التقاطعات و الانكسارات، لتليها مجموعة من النصائح و التوجيهات التي قدمت لهم من قبل ضيوف الصالون كبادرة نحو الاستمرارية و كتيمة لهذا العرس الثقافي الذي تغنى بالإنسان و بكل مكان، ليختم اللقاء بتقديم بعض الهدايا الرمزية و الشهادات التقديرية على المشاركين على حد سواء، على أمل اللقاء في صالون خامس مفحوم بالجديد و بكل ما يعطي للشاعرية قيمتها الإنسانية.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة