آزمور: المدينة التي تحلم بأن تصبح مدينة
آزمور: المدينة التي تحلم  بأن تصبح مدينة

ليس بالأمر الغريب عندما يعتقد زائر مدينة آزمور أن ساعة الزمن قد توقفت بهذه المدينة و هو يجول بشبه شوارعها و أزقتها أو يبحث عن متنفس لقضاء بعض الوقت فيه من قبيل منتزهات أو حدائق أو فضاءات ترفيهية و سوسيوثقافية، عقارب توقفت منذ عقود من الزمن تمتد نحوالثلاثين سنة  أو أكثر..

 

فجل شوارعها يعود تاريخ تعبيدها إلى سنوات الستينات أوالسبعينات  أوالثمانينات من القرن الماضي، إلا من بعض الروتوشات التي تحين بها من وقت إلى آخر سيما عند سماع زيارة ملكية مرتقبة لتعود حليمة إلى وضعها العادي مع أول قطرات المطر. فالشوارع مليئة بالحفر ولم تقم أية جهة من الجهات المسؤولة على الشأن العام هناك بأية إجراءات جادة ومسؤولة لإعادة تعبيدها ، أو على الأقل بترميمها وردم تلك الحفر وتسويتها حتى تصبح حركة المرور بها سلسة .  

أما النظافة  يكاد لا يخلو شارع أو زقاق من أكوام الأزبال والقمامات ، لغياب عمال النظافة الذين تم تقزيم عددهم مع حلول الشركة الجديدة التي فوت لها القطاع وحتى إن وجدوا فينقصهم التكوين في معايير النظافة وكيفية التنظيف، كما هو الحال مع القائمين على الشأن المحلي بهذه المدينة الذين لا يجيدون سوى فن الخطابة الانتخابية و خدعها وآليات  المراوغة لاستمالة الناخبين ليصوتوا عليهم بدون دراية لمضامين التسيير الجماعي و حكامته و هو ما أفرزته الدورات العادية للمجلس البلدي التي لم تسفر سوى اللاشيء لهذه المدينة، آخرها هو انسحاب المعارضة من دورة فبراير 2012 بعد تصويتها ضد الحساب الإداري ليبقى السؤال هل احترمت مسطرة إعداد مشروع الميزانية، وتقديمه، ومناقشته، ثم التصويت عليه ؟ وهل مشروع الميزانية يهدف لتحقيق مشاريع التنمية المسطرة في المخطط الجماعي للتنمية ،أم ان أنه مجرد بيانات رقمية ؟ وهل الميزانية البلدية ميزانية تسيير، أم ميزانية تدبير ؟ وهل المداخيل المقترحة في مشروع الميزانية حقيقية، أم وهمية ؟ وهل النفقات المقترحة يطبعها الترشيد، أم التبديد ؟

مجموعة أسئلة يمكن للشارع الأزموري الإجابة عنها من خلال الوضع الذي باتت تعيشه في ظل التهميش و الإقصاء الممنهج في غياب تصورات بناءة يمكنها قيادة المدينة لمصاف المدن السائرة في الاتجاه الصحيح و التي نالها العطف التنموي على المستوى الأفقي و العمودي و لعل من النقط التي أججت التسيير الجماعي و الذي جعل المعارضة تطالب لجن تفتيش و افتحاص مالي للجماعة هو صفقة بيع أرض السوق الأسبوعي التي لم تحترم القانون المنظم للصفقات العمومية حيث حسب العديد من المصادر أن الثمن المصرح به ليس هو الثمن الحقيقي للبيع مقارنة مع موقع هذه البقعة و مساحتها . تصوروا معي كيف تكون مدينة ضربت بجذورها في التاريخ وولدت أسماء في العلم و القافة و الفكر و التصوف و الحضارة أن تتحول لمدينة أغلب شوارعها مليئة بالأزبال و الحفر بالإضافة إلى مستوطنات تحف بها من كل جانب من البناء العشوائي وعربات الباعة المتجولين التي تحتل الشوارع معرقلة حركة المرور ، ولا أحد من المسؤولين يحرك ساكنا لإيجاد حلولا لهؤلاء الباعة المتجولين وإخلاء الشوارع من عرباتهم المزعجة . ونظرا للتهميش  والإقصاء الذين تعاني منهما مدينة آزمور وسكانها ستبقى مدينة الفوضى بامتياز لأن كل من فيها يعمل على هواه .

الاختلالات ظاهرة للعيان وفي كل جوانب الحياة ولا تحتاج إلى أي مجهود لرصدها ،و تحتاج إلى مجهودات جبارة ومسؤول جريء لمواجهتها وإصلاحها . فهل آزمور مدينة كما هو متعارف عليه من خلال مفهوم المدينة أم أنها شيء آخر، لأن من بين المعايير المحددة لمفهوم المدنية هناك الكثافة السكانية لكن هناك المعيار الإداري الذي يعتبر أنه كلما توفرت المؤسسات ( المستشفيات، الأسواق الحدائق، المنتزهات، الإدارات، المدارس، المعاهد....) اعتبر المجال حضريا. وكلما قل تواجد هذه المؤسسات اعتبر المجال قرويا، كما نجد كذلك المعيار الضريبي الذي يعتبر أنه إذا كانت الضرائب عقارية وذات مداخل متعددة تدفع عن المباني والمنشآت الصناعية والتجارية اعتبر المجال حضريا، إلى جانب تواجد حدائق ومؤسسات خدماتية وأسواق، فمدينة آزمور تفتقد للكثير من كل هذا لما يعتريها من مشاكل تجسد واقعها المر سواء على المستوى الاجتماعي ، الاقتصادي،الثقافي أو الرياضي رغم ما تتوفر عليه من مكونات طبيعية هائلة تخول لها أن تكون من أولى المدن السياحية، إن واقع المدينة يبدو جليا. فإذا استمرت العقول المتحجرة في نهج سياستها التخريبية و التفويتية لجملة من المرافق و العقارات الجماعية وعرقلة سير التنمية، وإذا لم تستشعر الفشل الذريع الذي آلت إليه، فانها ستستمر في نومها.

أما آن الأوان لولائك الذين تقادموا و شاخوا فوق كراسي مجلس هذه المدينة دون أن يعطوها ذرة أمل فسح المجال للذين يريدون الاشتغال بإرادة حقيقية و للنهوض بأوضاع هذه المدينة كما أنهم لا يسعون وراء  تحقيق أهداف شخصية بقدر ما يريدون خدمة الصالح العام٬ حتى تصبح مدينة آزمورمن بين المدن المغربية التي لها رجالاتها و طاقاتها .

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة