اهتزت ساكنة المدينة القديمة بآزمور عصر يوم أمس الخميس 19 يوليوز 2012 ، على انهيار جزء هام من السور التاريخي المحادي لباب سيدي المخفي، مخلفا هلعا شديدا لدى الساكنة الملاصقة له.
فاجعة الانهيار هذه لم تخلف لحسن الحظ أي خسائر على مستوى الأرواح وفق ما أعلنت عنه مصالح السلطات المحلية التي حضرت و بقوة بعين المكان رفقة رجال الوقاية المدنية، بحكم أن الحادث وقع حوالي الساعة الرابعة و النصف بعد الزوال و هي الساعة التي لا يتجمهر فيها قاطنو الأحياء المجاورة بالقرب منه، علما أن هناك مدينة للألعاب مقامة بمحاذاته.
و على خلفية الانهيارات المتكررة التي أضحت تعرفها أسوار المدينة العتيقة بآزمور و التي يعود تاريخ بنائها لبدايات العصر الوسيط، فقد استنكرت ساكنة المدينة صمت السلطات التي لم تتخذ أي إجراء لإنقاذ أرواح المواطنين التي أصبحت مهددة في أي وقت، علما أنه سبق لفريق المعارضة بالمجلس البلدي بآزمور و المتمثل في مستشاري حزب التقدم و الاشتراكية أن تقدم بنقطة بجدول أعمال دورة أبريل 2010 تتعلق بالحالة المزرية لهذه الأسوار مطالبا بإدراجها ومناقشتها وقد تمت الاستجابة لهذه النقطة على أساس أن يتم تقديم ملتمس لوزارة الثقافة للعمل على إصلاح ما تهدم وإعادة الاعتبار لهذه المعلمة التاريخية، التي بات من الأساسي إعداد ملف لتقديم طلب لليونسكو بإدراج مدينة آزمور ضمن التراث العالمي وقد قوبل هذا الطلب بالتجاهل من طرف المكتب المسير وكأن الثقافة لا تعنيه في شيء.
و يأتي انهيار هذا الجزء الهام من سور أعرق المدن المغربية في وقت تتعرض فيه آزمور لأبشع جريمة ترتكب في حق اسوارها العتيقة الشاهدة على حضارتها و تاريخها، حيث يعرف السور الجنوبي الشرقي والسور الشمالي الشرقي المحاذي لأم الربيع من جهة باب الجياف، أشغالا لا تنطبق و المعايير الفنية و التقنية الخاصة بترميم المدن الأثرية، حيث عمد المشرفون على الترميم على استعمال الإسمنت المسلح و الآجور و الحديد، مما يطمس معالم الأسوار التاريخية، مما حدى بعدد من الجهات المدنية كجمعية خريجي المعهد الوطني لعلوم الآثار و التراث و منظمة الطلائع أطفال المغرب فرع آزمور و حركة الطفولة الشعبية فرع آزمور و جمعية بيئتي تنميتي إلى جانب مركز التراث المغربي البرتغالي بالجديدة، إلى المطالبة بوقف هذه الجريمة و الاعتماد على المعايير المنصوص عليها دوليا في عملية الترميم هذه.
لتبقى الإشارة أنه من الأسباب الحقيقية لتهاوي اسوار المدينة العتيقة بآزمور هو الإهمال الذي طالها لعدة سنوات منذ آخر عملية ترميم عرفتها في عهد المغفور له الملك الحسن الثاني سنة 1986 و التي استهدفت الواجهات فقط دون السطوح، حيث تآكلت بفعل الاختلافات المناخية الكبيرة من حرارة و زخات مطرية عنيفة، بالاضافة الى هشاشة المواد المستعملة في بنائها من طين مدكوك وانعدام أعمال الصيانة، حيث أصبحت مع مرور الزمن تتخللها الحفر، بسبب تسرب المياه إلى أسفلها مما يؤدي الى حدوث شقوق وشروخ واضحة، هذا دون أن ننسى إلى ما ارتكبته أيادي البشر في ظل البناء غير المراقب بالحزم المطلوب من طرف المصالح المعنية وهو ما سمع بانتشار بنايات عشوائية ملاصقة للأسوار مع ما تمثله عملية أشغال البناء من تهديد واضح لسور المدينة عبر الحفر في أسسها و الذي يشكل خطرا واضحا سواء على هذه الأسوار أو المباني المشيدة بطرق عشوائية منافية لكل القوانين.
فإلى متى ستظل أسوار مدينة آزمور تنتظر الذي ياتي أو الذي لا يأتي من إصلاحات و ترميمات تعيد للأسوار هيبتها ورونقها التاريخي الممزوج بعبق المكان و ساكنته، ترميمات وفق المعايير المعمول بها دوليا و إقليميا في مجال ترميم المآثر التاريخية من خلال تكليف مصالح وزارة الثقافة و مركز الدراسات و الأبحاث و إحياء التراث و مركز التراث المغربي البرتغالي و السلطات المحلية بتحضير استراتيجية عمل و تصور لكيفية الاشتغال تروم احترام كل المقاييس و المعايير المعمول بها حفاظا على هذه الثروة التاريخية و حفاظا على سلامة و أرواح المواطنين.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة