ظل رسميا منصبا رئيس الأمن الإقليمي والعميد المركزي لدى أمن الجديدة، شاغرين منذ 10 ماي 2010، وإلى غاية 04 شتنبر 2012، بعد أن ألحقت المديرية العامة للأمن الوطني، المسؤول السابق مصطفى الرواني، بمصالحها المركزية. وشاب تدبير الشأن الأمني والإداري–الشرطي تدبدب وضبابية، خلال السنتين الماضيتين. ما انعكس سلبا على الأداء المهني الشرطي، وعلى مكافحة الجريمة.
لعل فترة 5 أشهر و17 يوما، التي قضاها المراقب العام نورالدين السنوني، على رأس الأمن الإقليمي للجديدة، كانت جد كافية لتقييم مدى نجاعة أدائه المهني، وانخراطه في محاربة الجريمة، واستتباب الأمن والنظام العام. وهذا ما يستشف بلغة الأرقام والإحصائيات، ومن حصيلة مكافحة تجليات الانحراف، والمساطر القضائية النوعية، التي أنجزتها الضابطة القضائية، ناهيك عن مساهمته في مصالحة "الدكاليين" مع جهاز الأمن الوطني، بإحداث قطيعة مع ممارسات وسلوكات الماضي (...). غير أن نازلة "اختفاء" أزيد من 25 طنا من "الأمونترات 33"، من ميناء الجرف الأصفر، في ظروف وصفت ب"الغامضة"، جاءت لتدق ناقوس الخطر، وتضع المقاربة الأمنية، وأمن الدولة ومنشآتها الحساسة، وأمن وسلامة المواطنين، في صلب اهتمامات "الأجهزة" بالجديدة، بمختلف تلويناتها، ولتطرح ضرورة تكثيف تنسيقها، وتبادل المعلومة، وحتمية إعادة النظر في الإجراءات الأمنية الاحترازية، التي يتعين اتخاذها أو اعتمادها، مع ضرورة استحضار تجارب الماضي القريب، والاستفادة منها(...).
إن الحديث عن الإجراءات الأمنية في ميناء الجرف الأصفر، الأكبر في القارة الأفريقية، باعتباره منشأة اقتصادية استراتيجية، تحتوي على وحدات صناعية وإنتاجية لمواد كيميائية جد حساسة، غاية في الخطورة، كونها بمثابة قنابل موقوتة، ذات قوة انفجارية وتخريبية كارثية، (إن الحديث) يجرنا إلى استحضار المتدخلين الأمنيين، وفي طليعتهم مفوضية شرطة الحدود، نظرا لكونها باتت تستدعي إعادة تأهيلها، بترشيد وتخليق ظروف الاشتغال فيها، و"تشبيب" العقليات، و"انتقاء المسؤول المناسب في منصب المسؤولية المناسب"، و"أنسنة" العلاقات المهنية التي تربط الرئيس بمرؤوسيه.
لقد أجمعت بعض وسائل الإعلام، من صحافة وطنية، وإذاعة وتلفزة، ومواقع إلكترونية، تناقلت خبر "اختفاء ما يزيد عن 25 طنا من "الأمونترات 3" القابل للانفجار، على تقصير المفوضية الخاصة لميناء الجرف الأصفر، إثر تلقي المسؤول بها شكاية من الشركة المستهدفة، حتى أنه لم يشعر، حسب سلطته التقديرية، المسؤول الأمني الإقليمي إلا بعد مرور يومين. ما عقد مجريات البحث والتحريات التي مازالت تباشرها الأجهزة الأمنية، وجعل تحديد هويات الضالعين، والاهتداء إليهم، أمرا عسيرا. فعامل الوقت يكون، حسب خبراء الجريمة، حاسما في فك لغز جرائم مستعصية، ضمنها الجرائم "الكاملة"، رغم أنه ليس ثمة جريمة "كاملة". وهذه الحقيقة يعرفها حق المعرفة، المراقب العام نور الدين السنوني، بحكم خبرته الاستعلاماتية الواسعة، كونه كان على رأس مديرية الاستعلامات العامة ب"لا دي جي إس إن"، كما أنه يعي قيمة عامل الوقت، ويستحضر أهميته ودوره في فك طلاسم الجريمة، إثر تجربته المثمرة التي اكتسبها خلال مشواره المهني الطويل، سيما عندما كان على رأس المنطقة الأمنية الرابعة بالرباط (المحيط). ناهيك عن تقصير مفوضية الميناء فيما يخص التحقق من الشاحنة، التي قد تكون ولجت إلى الميناء بترقيم معدني مزور، وكذا، التحقق من هوية سائقها، عند نقطة المراقبة الثابتة المقامة، عند البوابة الرئيسية للميناء (شرطة الحدود)، وعدم رصدها بالكاميرات، والقائمين على نقاط التفتيش، وحراسة أمن الميناء، عند معبري الدخول والخروج، أو خلال عملية الشحن. وفي إطار التحريات الميدانية، انتقل فريق المحققين، إلى ميناء الجرف، واستمع إلى رئيس مفوضية شرطة الحدود، في انتظار ما ستسفر عنه نتائج البحث.
وعلمت "الجديدة 24" من مصادر أمنية جد مطلعة، أن المديرية العامة للأمن الوطني، كانت أوفدت على التوالي الاثنين 04 يونيو، والثلاثاء 03 والأربعاء 18 يوليوز 2012، ثلاثة لجن تفتيش مركزية، إلى مفوضية ميناء الجرف، محملة بملفات وصفت ب"الساخنة"، على خلفية تقارير "مشتعلة"، كانت تقاطرت على رئيس الأمن الإقليمي بالنيابة(par intérim)، وعلى الإدارة المركزية للأمن، في ظل تدبير شؤون المفوضية الحساسة، وكذا، إثر خلافات رئيس المفوضية مع بعض مرؤوسيه من موظفي الأمن، ومع بعض رؤساء الأجهزة الأمنية الموازية، ناهيك عن توثر علاقاته مع السلطات المحلية والبحرية بالجرف الأصفر.
وحسب المصادر ذاتها، فإن المفوضية عرفت، خلال الفترة ما بين سنتي 2010 و2012، انتقال 7 موظفين أمنيين من مختلف الرتب، هربا من أجواء وظروف العمل المشحونة، كان آخرهم الضابط (ي)، الذي "نزح" إلى أمن الجديدة، حيث التحق للعمل لدى المصلحة الإقليمية للاستعلامات العامة. كما أن ثمة طلبات انتقال ظلت تراوح مكانها، على مكتب المسؤول الأمني السابق، ولم تكن عرفت بعد طريقها إلى المديرية العامة للأمن الوطني. فيما تم التصدي لطلبات مقابلة المدير العام للأمن الوطني، التي لم تأخذ وجهتها القانونية، عبر السلم الإداري. وكان ضمن الملفات "المشتعلة" التي أجرت بشأنها لجن التفتيش المركزية البحث، "المسجري"، وملف سيارة الخدمة من نوع "بيرلانكو". كما باشرت لجن التفتيش بحثها كذلك بشأن التعويضات "المنتفخة' التي تخص"La prime de vacation"، والتي وصلت حد 7000 درهم/الشهر، فيما لم تتعد بالنسبة لموظفين آخرين ، 850 درهم/الشهر.
ومن جهة أخرى، وعلى إثر الأوضاع "المشحونة والمكهربة"، اضطر المسؤول الأمني الإقليمي (بالنيابة)، للانتقال شخصيا، في عدة مناسبات، إلى مفوضية شرطة الحدود، بغاية تلطيف الأجواء، واحتواء الأزمات، وكانت إحدى زياراته، حسب المصادر ذاتها، بغرض مصالحة المسؤول الأمني مع مساعده (ب.).
وحسب مصادر مطلعة، فإن رئيس المفوضية كان اشتغل لدى مصلحة الاستعلامات العامة بولاية أمن فاس، قبل أن ينتقل للعمل في شرطة الحدود بمدينة طنجة. وإثر قضية تتعلق بالهجرة السرية، ألحقته الإدارة العامة بمصالحها المركزية، دون مهمة. وسنة 2009، عينته إدارة الأمن، في عهد مدير الموارد البشرية عبد العزيز السامل، على رأس المفوضية الخاصة لميناء الجرف الأصفر.
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة