أكملت شاحنة حمراء اللون من نوع "طامس ترادير"، إنجليزية الصنع ، 50 سنة في عمرها أو نصف قرن بالتمام والكمال، إذ تؤكد بطاقتها الرمادية أنها شرعت في التحرك على طرقات إقليم الجديدة سنة 1964 .

وهذه الشاحنة التي هي من جيل شاحنات "موريس" و"فاركو" و"أنتيرناسيونال" الأمريكية و"فولفو" الهولندية ، اقتنيت أول مرة سنة 1964 بثمن 25 ألف درهم ، وكانت تستعمل لأغراض نقل المنتوجات الفلاحية وخاصة الطماطم من منطقة أولاد غانم والوليدية نحو ميناء الدارالبيضاء لتصديرها نحو فرنسا بصفة خاصة، لكون هذه المنطقة كانت رائدة في إنتاج الخضر والبواكر وتضم يومذاك 50 تعاونية تلفيف لم يبق منها الآن سوى واحدة ، لما تكبدته المنطقة من خسائر منذ حرب الخليج الأولى سنة 1990 واشتداد المنافسة في الأسواق الأوربية التقليدية عقب دخول إسبانيا والبرتغال إلى الإتحاد الأوربي، بالاضافة الى سبب آخر وهو انتشار آفة الذبابة البيضاء.

الشاحنة "طامس" عاشت المرحلة الذهبية لمنطقة الولجة وما كانت تذره هذه الأخيرة على الاقتصاد الوطني من عملة صعبة .

ويحكي صاحب الشاحنة المعمرة التي أضحت الآن تعد أقدم شاحنة ببلادنا ،أنها كذلك شاحنة مناضلة على خلفية أنها سنة 1975 نقلت متطوعي دائرة الجديدة في المسيرة الخضراء نحو طرفاية وكانت سرعتها آنذاك 110 كيلومتر في الساعة .

ويحكي "باهيا" مالكها الحالي أنها وبرغم مرور 50 سنة ، لازالت تتمتع بنفس حيوية الماضي وهي الآن تؤمن رحلات يومية من منطقة الولجة بأولادغانم نحو سوق الجملة للخضر بالدارالبيضاء محملة بنوع واحد من الخضر هو الكرعة .

وعن سرعتها الحالية يقول باهيا أنها تصل إلى 90 كيلومتر في الساعة وهي تسير على الطريق السيار وبين الجديدة وأولادغانم بنفس عنفوان الماضي غير آبهة بنصف قرن من التحركات على طرقات المملكة .

ألا تستحق إذن هذه الشاحنة المناضلة بل المتطوعة من المسؤولين لحظة تكريم ، ومن خلاله هو تكريم لكل المغاربة الذين استرخصوا أعمارهم ليعيش الوطن موحدا من طنجة إلى الكويرة ؟