الزمامرة.. موسم الهجرة إلى الشمال
الزمامرة..  موسم الهجرة إلى الشمال

لا يتعلق الأمر باستنساخ أو قرصنة لرواية المبدع السوداني الطيب صالح ولكن برصد لظاهرة اجتماعية سلوكية تعيشها ساكنة الزمامرة حتى أصبحت تشكل ركنا تابثا من السلوكات اليومية التي يضطر المواطنون بالزمامرة إلى ممارستها رغما عنهم. ولأجدني  من كثرة تأملي لهذه الظاهرة أرى في كل مواطن قاطن بالزمامرة أو ساقته الظروف الحياتية إلى هناك أرى فيه صورة توحي على بطل رواية " موسم الهجرة إلى الشمال" مصطفى سعيد .

 

بالزمامرة  ، مدينتي التي أفتخر بالإنتساب إليها ، تنسمت أوكسجينها   فحملت همومها بين احشائي ، بين دروبها تهت ، وتحت سمائها لفحتني أشعة شمسها الحارقة ، إذا أردت نسخة من عقد الإزدياد أو شهادة إدارية أو التصديق على الإمضاء عليك أن تشد الرحال إلى شمال المدينة حيث يتواجد مقر بلدية الزمامرة.

 

بمدينتي ، إذا أردت تسجيل أحد أبنائك بمؤسسة تعليمية عليك  أن تشد أزرك وتتجلد لتسافر إلى شمال المدينة حيث المؤسسات التعليمية.

 

بمدينتي ، إذا اردت أن  بعد انتظارك الطويل لمولودك الجميل ليزدان فراشك به ، عليك ان تكتري "كوتشي" وتتوجه صوب النصف الشمالي من المدينة لتعيش مآسي مخاض الولادة وتردي الخدمات الصحية  هناك في الشمال حيث تنتصب تلك المؤسسة الصحية البائسة وهي تغني أنشودة الوحدة والضياع والإهمال والنقص الحاد في الموارد البشرية.

 

في مدينتي ، إذا ما أراد الملزم أداء الضريبة فعليه أن يقصد مقر القباضة بشمال المدينة بالحي الإداري.

في مدينتي ، إذا أردت صلة الرحم ، وفكرت يوما في كتابة رسالة  وإرسالها إلى أحد أقاربك ، فلا بد لك أن تتوجه صوب شمال المدينة حيث مقر البريد.

في مدينتي إذا ما أردت تسديد فاتورة الماء والكهرباء ، فما عليك إلا تأبط فواتيرك والرحيل إلى وكالتي الماء والكهرباء بشمال المدينة المحظوظ.

في مدينتي ، إذا ما حملتك الظروف إلى ردهات المحاكم ، فيتوجب عليك التوجه إلى مركز القاضي المقيم المنتصب شامخا بشمال المدينة.

في مدينتي كل شيء يتكلم لكنة شمالية، فدار الثقافة في الشمال ، ودا رالطالب ، ودار الطالبة في ، وثكنة الوقاية المدنية.

في شمال مدينتي أشجار باسقة وظلال وارفة وحدائق غناء وتجزئات سكنية ، ومساكن فاخرة ......

وفي جنوب مدينتي أزبال متراكمة واكواخ بائسة ووجوه مغبرة شاحبة ومدن من القصدير والبناء العشوائي،

في جنوب مدينتي عشش التهميش  ، وهيمن الفقر،  وأحكمت الهشاشة والنسيان قبضتهما على دروب الجنوب المتخلف .

في الجنوب من مدينتي ، جيش عرمرم من الذباب والجرذان .

في مدينتي شمال متقدم وجنوب متخلف،

في مدينتي شمال نافع ، وجنوب غير نافع.

فهلا أدرك المسؤولون رسالتي ، وهل لديهم بديلا لهذه التنمية العرجاء؟

 

 

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الجريدة